الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التفكير الخلاق لإنتاج الفكرة

صاحب الربيعي

2010 / 9 / 8
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


التفكير آلية من آليات العقل لدى كل البشر لكنها ليست بالفعالية ذاتها، فالتفكير بفكرة متداولة يعدّ مسعاً لإدراكها بإيعاز من العقل لحاجته للتوضيح والاستبيان لاصدار أحكامه بما يتوافق وأحكام المجتمع ولا يسبب ضرراً للذات.
التفكير الخلاق يجري فقط حين تكون الفكرة غير متداولة أو متداولة من دون إدراك مغزاها الحقيقي فتُفكك مكوناتها وتُعين صلاتها مع المحيط بصورة أعمق وأشمل، وغالباً ما ينتج عن ذلك فكرة جديدة مخالفة أو محسنة للفكرة القديمة ويرتبط صدقها بمستوى وعي الفرد وإدراكه ومع الزمن تصبح الفكرة متداولة في المجتمع. وليس بالضرورة أن تكون الفكرة الجديدة قابلة للفهم والإدراك من كل افراد المجتمع لاختلاف مستويات وعيهم، وبالقدر ذاته يجب أن لا تكون معقدة يصعب فهمها إن كانت للتداول الاجتماعي.
يكتسب التفكير السليم لانتاج الفكرة مصداقيته من زمن انتاجها ومحيطها، وقد تكون الفكرة المنتجة صادقة لكنها لا تكتسب صدقها لتعارضها مع قيم المجتمع وأعرافه، وقد تكتسبه من مجتمع آخر وفي الزمن ذاته، فالتفكير الذي أنتج الفكرة يعدّ سابقاً لزمانه في المجتمع فيرفضه وقد يقبله في زمن آخر عند تغير أنماط تفكيره فتصبح الفكرة متداولة.
يعتقد (( محمد عبيد )) " يعدّ التفكير الخلاق مسعاً لزعزعة المستقر ورفض السائد، وليس تمرداً على الذات ولا خروجاً على العقل بقدر ما هو تحريراً للذات من قيودها لتمارس حريتها المنضبطة والمنهجية والمخطط لها ".
إن التفكير الخلاق غالباً ما يسبق عصره ويتنبأ بالمستقبل، فمنظومة الجسد تعيش الواقع في زمن الحاضر ومنظومة الروح تعيش خارج الواقع في زمن المستقبل فتكون الفكرة المنتجة لا تصلح للتطبيق إلا في زمن لاحق ولربما لا تكتسب صدقها في الزمن الحاضر لقصور آليات مناقشتها. وبتتطور الآليات مستقبلاً تصبح الفكرة مكتسبة الاعتراف الاجتماعي على الرغم من أنها منتجة في زمن ماضي بدليل أن الكثير من العلماء والمفكرين جرى التعريض بهم بسبب أفكار أنتجوها ورفضها المجتمع لكنهم نالوا اعترافاً بها في زمن لاحق والعكس صحيح.
لا تتحدد قيمة الفكرة المنتجة بزمن التفكير وإنما بصدقها فقد يستغرق التفكير بمشكلة ما زمناً طويلاً من دون التوصل إلى حل، وقد تحل بزمن قصير تبعاً لمستوى وعي الفرد، فالزمن على الرغم من أهميته لتحديد تاريخ انتاج الفكرة للاستدلال على آليات التفكير بها فإن أهميته تقل حين تكون الفكرة منتجة بآليات متقدمة على واقعها الزمني فتكتسب صدقها من المستقبل وإن رفضها الزمن الحاضر.
يقول (( جوزيا رويس )) : " إنه من دون وجود زمن للارتقاء بالتفكير لن يكون هناك وعي ذي قيمة حقيقية أو مثالية للأفكار، فالوعي الزمني بالفكرة ليس قياساً لأحداثه وحسب، بل قياساً لصلاته بأحداث العالم بأسره ".
تعدّ آليات التفكير الخلاق وحدة متكاملة من آليات الجسد والروح وحين تكون الغلبة لآليات الروح على حساب آليات الجسد تكون الفكرة المنتجة عالية القيمة لأن مكوناتها الروحية أكثر، وبما أن الروح أزلية ومقدسة فإنها تمنح جزءاً من أزليتها وقدسيتها للفكرة المنتجة لتكون صالحة لأزمنة قادمة.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل قانون الجنسية الجديد في ألمانيا| الأخبار


.. صحيفة العرب: -المغرب، المسعف الصامت الذي يتحرك لمساعدة غزة ب




.. المغرب.. هل يمكن التنزه دون إشعال النار لطهو الطعام؟ • فرانس


.. ما طبيعة الأجسام الطائرة المجهولة التي تم رصدها في أجواء الي




.. فرنسا: مزدوجو جنسية يشغلون مناصب عليا في الدولة يردون على با