الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حسن وسوء استخدام مفهوم التطور في موضوع النقاش حول العلم/ الدين

مازن فيصل البلداوي

2010 / 9 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مقال مترجم
كاتبه:د.دينس ألكسندر
معهد فارادي للعلم والدين
ترجمة:مازن فيصل البلداوي

نشرت صحيفة الهفمنغتون بوست مقال يحمل العنوان اعلاه لكاتبه د.دينس الكسندر ويشغل منصب مدير المعهد المتخصص ببحوث العلم والدين يوم 7/9/2010 هذا المقال فتعالوا نرى ماذا يقول د.دينس:

ان استخدام أفكار العلم غالبا مايكون معقدا عند استخدامها في النقاش في موضوع (الدين والعلم)،لأن النظريات التي يضعها العلماء هي نتاج لطريقة عملية تمت في اروقة المختبرات العلمية لكي يضعوا منطقا مدركا لمعلومات معينة وتساعد على وضع خريطة لتوجهات البحوث العلمية في المستقبل،ولتكون اساسا يستند اليه العالم في الطروحات السياسية او الأجتماعية المتنوعة او الطروحات التي تتكلم مع الدين او ضدّه.وخلال هذه العملية برمتها ينتقل العلم وتجاربه ليصبح ذو صيغة اجتماعية عندما يتداولها الناس بينما المعاني الأصلية للكلمات في الخطاب العلمي تحمل دلالات مختلفة جدا.هذه الأتجاه يرجع الى وقت ليس بالقصير وكما جسّده بعض الكتّاب في الكتاب الذي نشر حديثا تحت أسم(البايولوجي والأيديولوجية من ديكارت الى دارون) والذي اشترك بتأليفه (دينس الكسندر و رونالد ل.نمبر) وطبع في جامعة شيكاغو سنة 2010 .ان المقالات الثلاث عشرة في هذا الكتاب قد وضحت الطرق المتنوعة والمتعددة في كيفية تأثير علم البايولوجي خصوصا والذي قد تم استخدامه بشكل واسع لأغراض سياسية ودينية وأجتماعية منذ عام 1600 م الى يومنا هذا،هذه الأسباب قد تكون مفيدة وحميدة التأثير او مؤذية بنتائجها لكنّها كلّها كانت ذات طابع أيديولوجي بعيدا عن جوهر البايولوجي نفسه.
ومع فائدة الأدراك المتأخر،فقد كان المؤرخون في موقع جيد اكثر من غيرهم لبيان مثل هذه الأستخدامات او سوء أستخدامات الأفكار البايولوجية.في حين ان سوء استخدام علم الوراثة في مجال تحسين النسل والأفكار العنصرية خلال القرن العشرين قد تم بيانها بشكل واضح خلال الكتاب أعلاه،ولكن بأقل وضوح كان بيان الطرق الخفية في استخدام نفس الأفكار البايولوجية وخلال نفس الفترة ولكن لأسباب أيديولوجية معاكسة جدا في بلدان مختلفة،كما وصفت من قبل البروفيسور شيرلي رو،والبروفيسور بيتر هانس ريل.
ان علم الأحياء المادي المفترض قد تم استخدامه من قبل الفلاسفة في فرنسا مثلا لتخريب الوضع الأجتماعي خلال القرن الثامن عشر ولكنه استخدم كمصدر رئيسي لعلم نظريات الطبيعة،فيما كان في ألمانيا قد استخدم سياسيا كمقياس لبناء الأمة الألمانية.اما اليوم فأن الأستخدامات الأيديولوجية للبايولوجي مستمرة كما لم تكن في وقت سابق. وفي الفصل المعنون تحت اسم((الخلق،التصميم الذكي وعلم الأحياء الحديث)) يصف البروفيسور رونالد نمبر،كيف تم استثمار النظرية البايولوجية للتطور بأيحاءات ايديولوجية خاصة في اميركا الشمالية ومنذ ان قام دارون بنشر كتابه (أصل الأنواع عام 1859 ).فقد كان التطور يمثل للبعض فلسفة تهدييدية تعمل على نقض فكرة الأنسان المؤمن،بينما للبعض الأخر كان التطور يمثل تهديدا سياسيا للنظام الأجتماعي ومن الممكن ان يعمل على تخريب الحملات السياسية بتقديم حقوق أعظم للمظلومين.

وكان هذا هو الحال بصفة خاصة للرئيس أوباما الأصولي الذي لم يكن يوما المهزوم ثلاث مرات كمرشح ديمقراطي للرئاسة الأميركية وتخص ايضا صاحب حملة الأصلاح الليبرالي *وليام جينينغز بريان(1860-1925) الذي كان في سنة 1922 كما ذكر البروفيسور تمبر فيقول ان برايان قد ساعد في انشاء حملة ذات سمة دينية هدفها القذف بموضوع (التطور) خارج الكنائس والمدارس في اميركا،لكن حركة برايان هذه كانت ذات هدف سياسي اكثر مما هو ديني،فقد تم انذاره الى الطريقة التي تعمل بها الفلسفة حول أمر ما والقائلة (من الممكن ان يكون صحيحا) وكيف أدت الى شحن طموحات العسكريين الألمان خلال الحرب العالمية الأولى . كتاب بنجامين كدز (علمية القوة / 1918)الذي أثّر على برايان وجعله يفترض الشكل للترابط التاريخي والفلسفي بين الداروينية والعسكرية الألمانية.
لقد كانت حملة برايان تلك التي أنشأت حركة(الخلقيين-المؤمنين بالخلق) في بداية 1920 مؤدية فيما بعد الى *(محاكمة سكوبس 1925) سيئة السمعة،وقد استفادت الحركة من راعي حملة آخر خلال نفس الفترة تلك وهو...الكندي جورج ماكريدي برايس) من طائفة *الأدفنست المسيحية ،والذي اتفق مع برايان في ان الحرب العالمية الأولى وخلال ماوضع الألمان القيم القاسية للداروينية حيز التطبيق فقد قدموا دليلا ناصع الوضوح على تهديد التطور لحرية الأنسان.
أن مااستنتجه نمبرز كان واضحا في الفصل الخاص به واصفا الطريقة التي انتقلت بها نظرية التطور الى المجتمع بمثل صورة الرجل الشرير او عمليا اي شخص يحمل فأسا بيده ليشحذه!بدلا عن تفسير التنوع في أصول البايولوجي بصورة بسيطة،لقد أصبحت أيقونة للمادية او العسكرية او الألحاد او الأشتراكية او الرأسمالية.
في الحقيقة ان التطور قد بدأ ينتشر منذ عام 1859 مع الدعم من كل المصطلحات الموجودة والتي تحمل في نهاية كلمتها على تكملة حرفية بعنوان(ية) كما في الأمثلة السابقة والكثير منها يتعايش بتبادلية حصرية.ان كل انواع التفرعات الأيديلوجية اصبحت برفقة النظرية ولأمتدادات يصبح فيها البايولوجي الحقيقي مبهم او غامض خلال العمل.
وبصلابة كما اوضح البروفيسور (أليستر ماكجراث) في الفصل الخاص به والمعنون ( البايولوجي المتطور في الدفاع عن الألحاد الحديث)، عرض التطور حسب نظرة الملحدين الجدد، هو في الحقيقة مشابه جدا لتلك الخاصة بالــ(الخلقيين او المؤمنين بالخلق) والمدافعين عن فكرة(التصميم الذكي)في الوقت الحاضر.أن الأقطاب(الجهات) المتاضدة او المتعاكسة غالبا ماتكون متشابهه مع بعضها البعض اكثر من امكانية اعتراف احدها بالأخر.
بين يدي البروفيسور ريتشارد داوكنز اصبح التطور فلسفة داروينية عالية المستوى في منافسة فكرة الخلق،لقد صرّح دارون بان في الوقت الحاضر ثلاث طرق فقط لرؤية الوجود فأما الداروينية او اللاماركية او الخالق!والطريقتين الأخيرتين فشلتا في تفسير الوجود بصورة مقنعة،فلا يبق امامنا الا الداروينية.وبموجب هكذا تصريحات فأن ماكجراث كتب قائلا،ان التطور اصبح في مرتبة عليا متعددة المذاهب ومصبوب مع الخطاب الأيديولوجي للألحاد.
أن حسن وسوء الأستخدام الأيديولوجي للعلم هما غير جيدين للتعليم العلمي لن العلم غالبا مايضيع في الخطابة او الكلام،وعلى حد سواء فهما غير جيدين للدين ايضا،لأن نجد النظريات العلمية مؤقتة وتتقبل الدحض،وببساطة فهي لاترقى الى مستوى(هرقلي) عند الرجوع اليها في اي نقاش ضد الدين.ان التطور الدارويني كمثال على ذلك قد حدث فقط ليكون دليلا منطقيا لتفسير الأصول لكل التنوع البايولوجي على كوكب الأرض.وانها نظرية ناجحة أعطت انطباعات ممتازة وقوية وأنه من الأفضل من ان ندع النظريات العلمية تعمل على الأشياء التي تحسن الأداء فيها وان لانستثمرهم مع الأيديولوجيات التي لاتستطيع فعل شيء مع العلم.

++++++++++++++++++++++++++++++++


*(محاكمة سكوبس 1925):او بأسم آخر(قضية تينيسي)هي قضية قانونية اميركية حدثت عام 1925 عندما قام مدرّس الأحياء الأميركي جون سكوبس (1900-1970)الذي اتهم بتدريس(التطور) بطريقة تخرق قواعد التعليم في ولاية تينيسي والتي تحظر على المعلمين والمدرسين بالخروج عن المعنى الأنجيلي لأصل الأنسان واتهم سكوبس بأنه قد قام بتدريس موضوع التطور مأخوذا من احد الفصول لكتاب يظهر افكارا مطوّرة مأخوذة اساسا من كتاب تشارلز دارون (أصل الأنواع)،وقصة المحاكمة بحد ذاتها معبرة ولطيفة.


* ويليام جينينغز برايان:هو سياسي عاش مابين 01860-1925 ) كان يمثل الجناح الليبرالي في الحزب الديمقراطي الأميركي وقد رشح ثلاث مرات عن الحزب الديمقراطي لمنصب الرائاسة الأميركية في السنوات(1896،1900،1896 )،وشغل منصب وزير الخارجية الـ 41 في التسلسل الأميركي تحت أدارة الرئيس (وودرو ويلسون 1913-1916 ) وداعم اساسي لما يسمى بالديمقراطية الشعبية، عدو لدود للذهب والبنوك وسكك الحديد كما انه عدو للداروينية من على اسس دينية،وهو الذي اوجد الحملات الدعائية لمرشحي الرئاسة بينما كان المرشحين الأخرين يجلسون في بيوتهم، ووجد متوفيا وهو نائم بعد انتهاء المحاكمة بخمسة أيام.


*الأدفنست: هي حركة دينية مسيحية بدأت في القرن التاسع عشر الميلادي في أميركا تؤمن بالظهور الثاني او العودة الثانية للمسيح وقد بدأها شخص يدعى وليام ميلير والذي سمي اتباعه بالــ(ميليريين)،وتسمى كنيستهم بــ(كنيسة اليوم السابع للأدفنست) ويطلق على الطائفة أسم السبتيين لأن السبت يعرف بانه اليوم السابع في الأسبوع للكثيرين على اعتبار ان الأسبوع يبدأ يوم الأثنين.

++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
هذا المقال ومعه الكثير من المقالات المشابهة تحمل صفة اساسية مفادها ان التنظير شيء والواقع العملي العلمي شيء آخر،لذا فأنه من الحرص على الأنسان ان يتوخ الحذر فيما يتقبله او يرفضه، فيعرضه على عقله ويستنتج المنطقي منه ويترك ماهو بعيد عن المنطق.فالكلام كثير ومتنوع ومتعدد الوجوه وبألسنة متنوعة تؤتي تأثيراتها حتى بواسطة نغمة الصوت.

تحياتي لكم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السيسي وسلطان البهرة.. من هو زعيم الطائفة الشيعية الذي حضر ا


.. فنيش: صاروخ الشهيد جهاد مغنية من تصنيع المقاومة الإسلامية وق




.. الأهالي يرممون الجامع الكبير في مالي.. درّة العمارة التقليدي


.. 121-Al-Baqarah




.. 124-Al-Baqarah