الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جغرافية الهوس الديني

حنان بكير

2010 / 9 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لا أمل يلوح في الافق، نحو بناء ثقافة انسانية، بعد ان حوّل بعض مهووسي الدين، الكون الى جغرافية للهوس الديني. ذلك الهوس الذي يلغي الآخر، ما دام كل دين قد حجز الجنة لأتباعه، وأغلق ابوابها في وجه الآخرين، بل وحرّمها عليهم. جغرافية لا ترتوي الا بالدم، ولا طمأنينة لأهلها الا باهانة الأديان الأخرى واذلال اتباعها.
ان موعد احراق نسخة من المصحف الكريم يقترب. وليس منّا من يستطيع التكهن ما ستجرّه من مشاكل ربما تتعمد بالدم والنار! هذا العمل المخطط له، وصفته وزيرة الخارجية الامريكية بالعمل المشين، ربما هو أكثر من ذلك. وقد أعادنا الى الفترة التي دمّرت فيها طالبان تماثيل بوذا، على اعتبار انها نوع من الوثنية وعبادة الأصنام. ولم يجد نفعا تدخل العالم كله، وعلى رأسهم القيادات الاسلامية الرفيعة المستوى، لكن ذلك لم يثن طالبان عن تفجير الرموز الدينية البوذية.
الرسوم الكاريكاتورية للرسام الدنماركي، وما أعقبها من حرق سفارات وأعلام الدول الاسكندنافية، ودوس الصليب عليها بالأحذية، ذيول ومضاعفات تلك الرسوم ما زالت قائمة، من محاولة اغتيال الفنان، واستنكار شديد لمنح الفنان جائزة المانية، دافعت عنها ميراكل، واعتبرتها نوعا من حرية التعبير.
الرئيس الامريكي السابق جورج بوش، تلقى وحيا الله سماويا، فأعلن حربه الصليبية على الارهاب، بعد ان قسّم العالم الى قسمين.. خير وشر ومن ليس معه فهو ضده، اي انه حليف للشيطان!! تبعه الشيخ ابن لادن، وأعلن جهاده المقدس ضد الصليبيين، بعد ان قسّم العالم الى فسطاطين، الخير والشر. وكان ان دفع مئات الآلاف من الابرياء ضحايا الهوس الديني، وتسابق المهووسين الى الجنة، على جثث وجماجم الابرياء، الذين لو خيّروا لانحازوا لخيار الحياة!!
حرق القرآن سوف يقابله حرق للانجيل "المحرّف" بناء على اقتراح شيخ سعودي. يبدو ان المقبل من الايام سوف يحمل لنا حرب احراق الكتب المقدسة، او ربما تدنيسها، او التشهير بها، ولا ندري بعد ماذا تحمل لنا هذه العقول المبدعة والخلاقة، في مجال التحقير والاذلال والدوس على الكرامة الانسانية.
والى جانب هذا الصراع الديني الفريد، ينبت عندنا الصراع الطائفي، بين طوائف الدين الواحد.. اذ تجري المطالبة بسجن شيخ لتطاوله على الصحابة وعلى السيدة عائشة.. اماكن مقدسة شيعية تفجر، وأخرى سنية تلقى ذات المصير، والكل في سباق محموم الى الفردوس السماوي، بتحويل الحياة الى جحيم، يفوق برعبه ورهبته، ما يتحدثون عنه في الآخرة.
مشكلة المهووسين هؤلاء، تكمن في اعتقادهم، انهم لا يدنسون كتبا مقدسة!! فالقرآن ليس كتابا مقدسا عند ذلك الكاهن وجماعته، وبالتالي فان عمله ليس محرما، وانما هو سلوك او تصرف كيديّ، واستفزازي للمسلمين، سيما بعد ردات الفعل العنيفة على الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للرسول الكريم! وكذلك هو الانجيل عند المسلمين، فهو كتاب محرف وبذلك تسقط القداسة عنه " اوتوماتيكيا".. ما يعني "تحليل" ، من الحلال، حرقه، وهو ايضا سلوك استفزازي وكيديّ.. لكنه غير محرم!
أين تقع حدود المحرمات والمحللات عند هؤلاء؟ وعندما يدّعي اصحاب كل ديانة، بأن دينهم قد جاء بالحق، وهو الدين الحق عند الخالق، وكل الديانات الأخرى الى جهنم، فأين تكمن الحقيقة؟ اذا كان التعصب آفة، فان التعصب الديني لهو اسوأ انواع التعصب، كون الانسان لا يختار دينه!!
مع بعض التغيير نستعير من العبقري جبران قولا حكيما" الويل لأمة كثرت فيها طوائفها وقلّ فيها الدين" ! لي صديقة تقيم في لبنان. هي مؤمنة عادية. ولكن بسبب بعض الظروف، فقد اعتادت ان تستضيف بعض الدعاة في بيتها لالقاء محاضرات في الدين، ولم يكن عندها مشكلة، فقد كانت تقول" هو اسلام واحد وقرآن واحد". التقيتها صدفة في بير وت منذ اسبوعين، سألتها عن هوايتها في جمع الدعاة في بيتها. أجابتني وباستنكار" لقد زعزعوا ايماني، وبدأت أشك بكل شيء، ولما خفت ان افقد ايماني، توقفت عن الاستماع لأي داعية، واكتفيت بقر اءة القرآن والصلاة".
ان الخطر على الاسلام ليس من "الكفرة" او من حرق القرآن، وانما من الحركات الأصولية الغير معروف مصادر تمويلها، والغير معروف ما هو الهدف من تكاثرهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رائع
abdul al lat ( 2010 / 9 / 10 - 16:06 )
رائع ما خطتة أناملك مقال عقلاني,اتمنى من النعاج الاسلامية
أن تعمل بمقتضاة


2 - مقالة رائعة
حسن العمراوي ( 2010 / 9 / 10 - 20:55 )
الراسمالية الشريرة تصنع كل شيء من اجل بقائها فهي تشعل الازمات وتغدي التطرف
مقالة متميزة ا اتمنى لك كل التالق والاسترارية


3 - ممارسات الملاحدة ومتطرفي العلمانية
نادر علي احمد ( 2010 / 9 / 11 - 07:58 )
يجب ان لا تغفل الكاتبة التوجهات العلمانية والالحادية والشيوعية التي سادت فترة من الزمن وفيها جرت ممارسات خطيرة على الانسان والعقيدة واماكن التعبد في المنظومة الشيوعية وفي بعض البلاد العربية التي اخذت بالنهج الشيوعي كاليمن الجنوبي مثلا والصومال ومصر والسودان وليبيا وغيرها حيث شنق العلماء واحرقت المصاحف وهدمت المساجد او دنست وتم نشر ثقافة تجديفية كافرة في شتى صنوف الادب والاعلام تطاولت على المقدسات ومجدت الزنادقة والمنحرفين عقائديا .وكلها امور مرفوضة بالطبع


4 - لا تفرقوا فتفشلو وتذهب قوتكم.
mahdi ali libya ( 2010 / 9 / 11 - 18:28 )
اشكر الكاتبة على هذا الاهتمام .يتطلب نبذ التعلصب الديني .الاديان المنزلة الثلاث ينبغى الولاء لها .ا
الوحدة الاسلامية واجب وامر من الله.حيث امرنا بعدم التفرق وعدم تقسيم الدين الى شيع واحزاب.لانه
فيه ضعف وتفتت الامه.


5 - الدين الحق
نزار النهري ( 2010 / 9 / 11 - 20:52 )
كل يدعي ان دينه هو الحق .. هذه مسالة طبيعية ولكن المستغرب هو ادعاء المسلمين ان اليهودية والمسيحية هي من عند -الخالق- الذي هو نفسه -خالقهم-، ولكنهم لا يعترفون بمعتقديها الا اذا اصبحوا مسلمين
موضوع ممتاز
شكرا للكاتبة


6 - ......
علي حيران ( 2010 / 9 / 12 - 02:35 )
التطاول على الديانات ليس بغريب . وحسب النظرية لكل فعل رد فعل يساويه في المقدار و يعاكسه في الاتجاه . ماذا توقع الراعي لحملة بناء مسجد فوق انقاض ابراج التجارة , الم يتوقع ردة الفعل مثلا ام هو غير ابه بالارهاصات المتولدة عن ذلك . وهل من يحاول ان يكون لبنة جديدة للتطرف في امريكا على حساب امول مشبوهة مبنية على تبرعات مثلا . هل مسجده اهم من القران مثلا . لو كان بمسلم صحيح ويدعي النهج كان الاولى به التضحية بالبناء الزائل في سبيل حفظ كتاب الله القران . لكن التعصب الاعمي و التطرف و الغرور و عدم ادراك الامور هو ما يحرك هؤلاء القلة المحسبوبة على الاسلام .
شكرا- لكاتبة المقال على الطرح العقلاني .


7 - ان الدين عند الله الاسلام
نادر احمد علي ( 2010 / 9 / 12 - 06:09 )

المسيحية واليهودية في اصولها هي اسلام ولذلك ماكان ابراهيم يهوديا ولانصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وكل من موسى وعيسى صرح باسلامه ووصف نفسه بانه مسلم وان اتباعه مسلمون
وبهذا يكون كل الرسل مسلمون وكل الرسالات اسلام والاسلام هو خاتم الاديان ومحمد هو خاتم الانبياء
ولذلك ان الدين عند الله الاسلام
اما ما ادخله اليهود والنصارى على الديانتين من تحريف فليس من الاسلام وانما هو شيء اخر لا علاقة لله به
ولذلك امروا باتباع نبي اخر الزمان وبإعتناق اخر الاديان محمد والاسلام


8 - رومنسيات صحراوية والتعميدة السماوية المستبدة
Pythagoras plato ( 2010 / 9 / 12 - 09:12 )

رومنسيات صحراوية والتعميدة السماوية الأستبدادية
قدر هذه المنطقة التعاسة الأبدية لفقر صحاريها الجانبية هذا الجانب الصحراوي أفقد المنقطة الخصوبة العقلية الدماغية إلى حد الدمار الذاتي لإسباب داخلية و خارجية فزحمة تاريخ المنطقة على هذه الجغرافيا الكبيرة الفقيرة بمساحتها الخصبة الضيقة , جعلها خارج التوازن و بتوتر ذاتي دائم لأنها جسر وسطي بين الإتجاهات الأربع بجانب فقرها الطبيعي الجغرافي والإنساني فالبداية كانت إستبداية ديكتاتورية أي بعد النفخة والتعميدة السماوية لتراب أدم كان الأمر الديكتاتوري ب(كنْْْْ فيكون) فكانوا الساميون الأستبداديون الحقيرون وغيرهم فهذه التعميدة بي (كن فيكون)لتراب أدم تحمل بداخلها ثقافة الأستبداد والديكتاتورية والخراب الأبدي وكما تشاهدون


9 - بداية انفجار البركان
نـزار سـلـمـونـي ( 2010 / 9 / 12 - 10:56 )
هذه بداية انفجار البركان وردة الفعل الطبيعية ضد الغزو الإسلامي المتطرف في بلاد الغرب, حيث تكاثرت الهجرات الإسلامية خلال الستين سنة الأخيرة, سواء بسبب الفقر وضيق العيش, أو طلبا للعلم أو هربا من أنظمة سلطوية عربية وإسلامية لا تحترم على الإطلاق أبسط مبادئ الحريات العامة وحقوق الإنسان.أو أن هناك مخططا مدروسا من المنظمات الإسلامية المتطرفة المعروفة لغزو الغرب بأفكار انتقامية وتحضيرا للضغط على أنظمته وقوانينه وتشريعاته, بواسطة التكاثر العددي في هذه البلاد التي تساهلت أنظمتها بشكل مفتوح, ورأت اليوم ونتيجة المطاف, أن هذه الشعوب الإسلامية قد تكاثرت في أحضانه ولا تذوب ولا تتجاوب مع أنظمته وتشريعاته. كما أن جزءا من هذه الهجرات يشكل خطرا على سلامتها الأمنية ومستقبل حرياته العامة. الأمر يستحق التفكير وبشكل جدي من داخل الأندية الإسلامية المعتدلة.


10 - علماني مغاربي
محمد بودواهي ( 2010 / 9 / 13 - 01:03 )
لمن لا زال لديه شك في ظلامية وعدوانية الإسلام السياسي المتطرف فليقرأ التعليقين رقم 3 ورقم 7 للمدعو نادر علي أحمد حيث يتهجم بدون حياء ولا خجل في التعليق الأول على العلمانية والديموقراطية والشيوعية وفي التعليق الثاني على الديانات الأخرى يشكل فج وعدواني
فأمثال هؤلاء الظلاميين الجهلة هم الذين دفعوا القس الأمريكي إلى اتخاد قرار حرق القرآن ودفعوا الشارع الأوربي والأمريكي إلى اعتناق الفكر اليميني المتطرف والدعوة إلى قطع الصلة بكل ما له علاقة بالإسلام والمسلمين
فمن يا ترى يستطيع أن يثق في أمثال هؤلاء الأجلاف الذين لا يتوانون في الدعوة إلى القضاء على كل ما هو غير مسلم بدعوى أن العلمانية والديموقراطية والشيوعية تحارب الدين ، وأن كل الديانات الأخرى باطلة وغير شرعية ، وأن الدين عند الله هو الإسلام ؟؟؟؟؟
نتهم اليمين الأوربي والأمريكي بالتطرف كما نتهم المتشددين المسيحيين بالصليبية ، فماذا عسانا نقول عن معتنقي هكذا إسلام ؟؟؟؟
إنه مجرد سؤال
تحياتي للكاتبة

اخر الافلام

.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية من قوات الاحتلال


.. لايوجد دين بلا أساطير




.. تفاصيل أكثر حول أعمال العنف التي اتسمت بالطائفية في قرية الف


.. سوناك يطالب بحماية الطلاب اليهود من الاحتجاجات المؤيدة للفلس




.. مستوطنون يقتحمون بلدة كفل حارس شمال سلفيت بالضفة الغربية