الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جانب من الخلاف بين العلمانية والإسلام السياسي في مسألة الحكم..!

دهام حسن

2010 / 9 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



سأثير هنا بعض المسائل الخلافية بين دعاة العلمانية، وبين الإسلام السياسي، في مسألة الحكم، دون أن أغوص بعيدا في المسائل الشائكة بين الفريقين، وسوف أكتفي بما نقلته عن لسانهم خلال قراءاتي، وما ساقوه من حجج وبراهين، دفاعا عن مواقفهم، أو محاولة منهم لدحض آراء خصومهم، علما أني كثيرا ما لاحظت عدم اتخاذ دعاة الإسلام السياسي للتحاور سبيلا مع خصومهم العلمانيين، وربما أباحوا قتل العلماني لإلحاده حسب زعمهم، ونذكر هنا بمحاولة قتل الأديب الكبير نجيب محفوظ، أو قتل المفكر العلماني المصري الكبير فرج فودة، ربما إثر مناظرة بينه وبين محاورين آخرين من اتجاه الإسلام السياسي، أو ربما جندوا جيوشا من الإرهابيين خلف برنامج غير واضح المعالم والأهداف وهو ما يبرز تعطشهم لإراقة الدم في سبيل السطو على السلطة، والتفرد بها، وبالتالي تكفير العباد للنيل منهم.

يرى الإسلام السياسي، أن الإنسان لكي تكتمل هويته، وتتضح شخصيته، لابد له من العودة إلى القرآن، كتاب الله، وإلى سنة رسوله، والامتثال لإرادة السماء، لذلك فهم يطالبون بحكومة دينية، يكون الإسلام (القرآن السنة) هو مصدر الشريعة أولا، ولا بأس بعده من إعمال العقل تمسكا بالقرآن واقتداء بسنة رسول الله، أو كما يقتضي القياس، أي العمل على هديهما، ومن هذا المنظور فإن الأحكام الوضعية التي يجود بها عقل الإنسان الذي يعاين أية مسألة مستجدة عليه أن يستنبطها ما أمكن من ثنايا الشريعة، أو ما يأتي بها القياس، ويؤكدون عند وجود نص صريح (القاتل يقتل) يبطل الاجتهاد، وتنتفي العملية الديمقراطية في استمزاج الآراء أو حتى الشورى بمفهوم الإسلام، وهؤلاء يصرون أن القرآن يؤكد أن الإسلام دين ودولة، وأن الإسلام هو الحل في كل ما يعترض سبيل الناس من أمور، وهم بالتالي يعترضون على الدولة المدنية، بزعم اللبس في المعنى، أو لتضمينها معاني غامضة، والدولة القائمة لابد لها إلا أن تكون من عقيدة الأكثرية المسلمة، وإن معاناة الدول الإسلامية اليوم من ضعف وتخلف، كان بسبب الابتلاء بالاستعمار، والقعود عن الاجتهاد، والبعد عن أخلاق الإسلام، وعن الدين الحنيف، وهم بالتالي يصرون على إقامة دولة دينية، وأن لا بديل عنها، ويعترضون على الدولة المدنية بقوة كما بينا آنفا.

أما العلمانيون فيرون أن الملوك قديما كانوا يحكمون بالحق الإلهي، كما كانوا يزعمون، هكذا كانت طبيعة الدولة الدينية، لكن عندما أصبحت الشعوب في أي بلد مصدرا للسلطات، سميت الدولة بالدولة المدنية، وقد يكون في الحالتين الحكم استبداديا، وكثيرا ما يكون الداعون للحكم باسم الدين في الدولة الإسلامية، أو باسم الشعب في الدولة المدنية غير صادقين ...، بعض العلمانيين يحاولون أن يميزوا بين المعنى في (الحكم) حكم النبي وحكم الملك، فالنبي كان يحكم بين الناس، أما الملك فهو يحكم الناس، وثمة آيات صريحة في بيان هذا المنحى، منحى حكم الناس، أو الحكم بين الناس، وبالتالي الفارق في وظيفة النبي والملك بيّن، ويرون بذلك أن دعوى الحكم بنظرية الحق الإلهي قد انتهت، وحلت مكانها نظرية، أن الشعوب هي مصدر السلطات، وهي تختار الحاكم، والعلمانيون عندما يتحدثون عن النبي محمد (ص) يخلعون عليه لقب الرسول وليس الملك، وبأن سلطة محمد كانت مقتصرة على الدعوة الإسلامية، وهدي الناس، ولم يشر القرآن إلى وظيفة أخرى للنبي محمد (ص) كالحكم، أما الخلفاء فجاء حكمهم باختيار الناس، فالخلافة بهذا مدنية، لكن الإسلاميين يعترضون على هذه النقطة بحجج وجيهة، فيؤكدون أن محمدا أقام دولة إسلامية، فقد قاد النبي دولة وأسس جيشا، وقام في عهده المكلفون بجباية الضرائب، وتحصيل الزكاة، وهذا دليلهم بأن ذلك لا يتم إلا في أعراف الدول، ومن هنا فهم يصرون من أن الإسلام الأول في عهد الرسول الكريم كان دينا ودولة، الإسلاميون يرون أن العلمانية والقانون الوضعي من آثار المستعمر الأجنبي، بيد أن العلمانيين ينفون هذه التهمة، فالقانون الوضعي، قد وجد في بعض الدول حتى قبل وجود الاستعمار الحديث، لكن النقطة الموجعة والمفحمة التي ينادي بها العلمانيون تتمثل في جانبين، أولا بأي نظام إسلامي سياسي ستهتدون في الحكم، بأي نموذج ديني، في الدول الإسلامية ستقتدون؟. هل يكون الاقتداء بمثال النظام في السعودية أو في إيران أو في السودان؟. هاتوا نموذجا واحدا يمكن أن تتبنوه في إدارة الحكم، حتى نجادلكم فيه، ثم يدلل كيف أن المنادين بالدولة الدينية لا يخرجون ببرنامجهم السياسي، ويشيرون كيف أن الإسلام السياسي بهذه الارتكابات الدموية وهو خارج السلطة، فكيف تكون الحال معه لو استلم السلطة، وتحت إمرته الجيش وقوات الأمن، وهذا ما يبعث على الذعر في نفوس الناس، وسيلان الدماء في بعض الأمصار، وربما أدت طبيعة الحكم إلى انقسام البلاد، ولذلك فالعلمانيون يركزون على الحكومة المدنية، التي تتميز بهوية المواطنة، وتركز عليها كأساس ومقياس الانتماء دون شيء آخر، ويطالبون بفصل الدين عن الدولة .

نقطة أخرى في برنامج بعض دعاة الإسلام السياسي، في مصر مثلا، هؤلاء يدعون قبولهم بما تفرزه صناديق الاقتراع من نتائج الانتخابات النيابية، والحق بالتالي لإدارة البلاد، وأعتقد أنهم واهمون عندما يؤكدون أنهم سوف يفوزون بنسبة أكثرية ساحقة، وهنا السؤال القاصم لظهر البعير: هل هم يقبلون باللعبة الديمقراطية على طول الخط؟، أم هي مناورة منهم وحنكة سياسية للحصول على السلطة، ومن ثمّ الانقلاب على آلية الديمقراطية، والتنكر لها؟. ثم متى كانوا يؤمنون بالديمقراطية؟. ألم يقولوا عنها أنها صنيع الاستعمار؟. ألم ننقل عن لسانهم قبل قليل ما قالوه: من أن الدولة ينبغي أن تكون من دين الأكثرية، ألا يعني ذلك أنهم يطالبون بدولة دينية إسلامية؟. فماذا يكون ردّ فعلهم لو فاز بالانتخابات مناضل قبطي، هل يقبلون به حاكما على جمهورية مصر، لسان حالهم يقول لا بالطبع لأنهم يترنمون دائما بمقولة من أن (الإسلام دين ودولة)، ومن أن الدين الإسلامي هو الحل لكل القضايا المختلف عليها، وبالتالي فهو (الإكسير) الناجع لكل أدواء المجتمع، فهل يمكن الذهاب معهم في ذلك؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أرجو
محمد م ديوب ( 2010 / 9 / 11 - 17:10 )
أرجو أن تكون دهام حسن مدرس اللغة العربية الذي كنت أحبه وأحترمه وكنت أتفق وإياه دوما


2 - قول على قول
دهام حسن ( 2010 / 9 / 11 - 18:36 )
أخي الكريم محمد م ديوب.. شكرا لمرورك..وشكرا للتعبير عن حبك واحترامك لي ..عذرا منك إن لم أتذكرك .. نعم أنا دهام حسن مدرس اللغة العربية في مدينة القامشلي..والآن متقاعد..شكرا مجددا لك مع محبتي.. دهام


3 - نقص معرفي يجب ان يتداركه الاستاذ حسن
عدنان خلف ابراهيم ( 2010 / 9 / 11 - 19:42 )

يبدو ان الاستاذ حسن غير ملم بالتطورات التي جرت على تفكير الاسلاميين ولذلك ادعوه الى الاطلاع على كتب ومقالات الدكتور طارق البشري و الدكتور محمد سليم العوا وفهمي هويدي والشيخ القرضاوي والشيخ الغنوشي وآخرون
يقول الدكتور طارق البشري مثلا ان الرئاسة في عالمنا اليوم نظام مؤسسي ان الرئيس يأتي من حزب يرشحه وهذا المرشح سواء كان مسلما او مسيحيا او امرأة يتقدم للترشيح ويقدم برنامجه الانتخابي الى الامة فإذا اقتنعت الامة به وفاز فاهلا به في مقعد الرئاسة
اما وسواس المناورة فهذا يمد في عمر الاستبداد والفساد الامر الذي دفع كتابا في هذا الموقع الى تفضيل نار الاستبداد على جنة الاسلاميين ؟!
ايضا يا حسن بيه لا يوجد في الاسلام دولة دينية كهنوتية تحكم بالحق الالهي لان الدولة في الاسلام طبيعية في احوالها الطبيعية يمكن محاسبة الحاكم ويمكن عزله لان الدولة في الاسلام دولة مدنية بطبيعتها وبطبيعة الاسلام
على ان القضية الاساسية اليوم التي يجب ان نعمل بها هي في كيفية الخلاص من النظم المستبدة الفاسدة ذات الطابع العلماني من انظمة حزبية وقومية وعائلية وطائفية والتي وصلت اعمار بعضها الى اربعين سنة ؟!


4 - قول على قول
دهام حسن ( 2010 / 9 / 11 - 23:16 )
أشكر الأستاذ عدنا خلف إبراهيم على مروره.. بداية لا أدعي أني ملم إلماما كافيا بأمور الدين ويسرني أن أسمع منه أن تطورات قد جرت على تفكير الإسلاميين .. وأنا سألت هل إن الإسلاميين يقبلون بلعبة الديمقراطية..وأي شكل من الحكومات القائمة يقبلون بها كمثال، أيران، السودان، السعودية.. وما هي مواقفهم حيال التيارات الإسلامية المشددة..ثم أنا مثلك ضد النظم الاستبدادية أكانت علمانية أم دينية.. لكن ثمة نظما علمانية عند بعضهم بعيدة نسبيا عن الاستبداد.. فما هو رأيك فيها.؟ من استطاع عزل الخليفة عثمان عندما تمالأ عليه الناس يطالبونه بالتنحية.. وهل يستطيع أحد أن يطالب ولي الفقيه بالعزل والتنحية.؟ ربما يكون في داخلك صورة لإسلام مثالي لا تطبيق له في الواقع.. أنا أقبل بحكم الإسلاميين في حالة مجيئهم ديمقراطيا وقبولهم باللعبة الديمقراطية خلال حكمهم.. ثم أن الديمقراطية بالنهاية صنو للعلمانية .. الم يقل الشيخ حسن البنا إن الإسلام دين ودولة... فكيف القبول إذن بالعلمانية هذه اللفظة الرجيمة عند بعضهم.. وبالتالي بالديمقراطية إذا كانتا لا تفترقان.. والسلام عليك في الختام


5 - نحن نشك فيكم كما تشكون فينا وهذا يريح الاستب
عدنان خلف ابراهيم ( 2010 / 9 / 12 - 05:11 )

لم نطالبك بالتبحر في الدين ولكن الاطلاع على الادبيات الجديدة لمن ذكرناهم لك من المفكرين الاسلاميين مرة اخرى اقول ان الافتراضات من نوع ماذا ولو تجير لحساب الاستبداد والفساد واطالة عمره
انا اقول ان الاسلاميين في مصر مثلا تعلموا من تجربة الجزائر ومشاركة حماس في اللعبة الديمقراطية ففي الجزائر استئصلوا وفي غزة ضرب عليهم حصار دولي بتحريض من انظمة غربية ديمقراطية ليبرالية حداثية انسانية ؟!
لانريد الوصول الى السلطة ولكننا نريد ان نشارك مع اطياف اخرى من اجل قلع الاستبداد والفساد المتوارث والذي يتوارث
اللعبة الديمقراطية بنت بيئتها والعلمانيون في العالم الاسلامي زمرة ميكروسكوبية في كل بلد ولا يملئون حتى حافلة مواصلات في كل بلد بينما الاغلبية هي مسلمة وهي صاحبة الحل والعقد والعلاقة تفضلوا رشحوا انفسكم ان سمح لكم الاستبداد العلماني العسكري الحزبي الطائفي العائلي وتقدموا ببرامجكم الانتخابية واعرضوها على الامة ومن خلال الاقتراع والشفافية اهلا وسهلا بكم في الحكم ان قبل بكم الشعب لكن نحن ايضا كمسلمين مالذي يضمن لنا انها ستكون اخر انتخابات وان الامر سيتحول الى استبداد علماني استئصالي عنيف

اخر الافلام

.. بايدن يؤكد خلال مراسم ذكرى المحرقة الالتزام بسلامة الشعب الي


.. نور الشريف أبويا الروحي.. حسن الرداد: من البداية كنت مقرر إن




.. عمليات نوعية لـ #المقاومة_الإسلامية في لبنان ضد تجمعات الاحت


.. 34 حارساً سويسرياً يؤدون قسم حماية بابا الفاتيكان




.. حديث السوشال | فتوى فتح هاتف الميت تثير جدلاً بالكويت.. وحشر