الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كتب الجنس و العفاريت تربح

دينا قدري
(Dina Kadry)

2010 / 9 / 13
المجتمع المدني


على أرصفة الطريق في شارع النبي دانيال بالأسكندرية و على سور الأزبكية بالقاهرة ينزوي المتنبي خجلا يصطحب معه ابن منظور و النويري و الجاحظ و ابن عبد ربه تاركين الساحة لزيد و عبيد من مؤلفي الكتب الهابطة في الجنس و أسرار ليلة الزفاف و كيف تسعد زوجتك تلك الكتب العازفة على وتر الغريزة المحمومة المثقلة بالمشاهد المثيرة التي أصبحت السمة الأساسية لأغاني الفيديو كليب أو المشدودة إلى كل هذه الزخم من مشاهد العرى و الإباحية في الأفلام الأجنبية و العربية على حد سواء....
و من ينج من خطر الإنزلاق فوق عسل الجنس يتلقفه شمهورش و ملك الجن الأحمر "و حابس حابس عفريت كابس"، فالعقول التائة و الحيرى تجد في كتب العفاريت و السحر مخدرا ينسيها واقعها المرير تأتنس بتغييبها بعدما عجزت عن تفسير أسباب فقرها و فشلها و حرمانها من متع الدنيا .. فقد أكدت رسالة دكتوراة للباحث عبد الله محمد قنديل أن العاطلين "أموات و هم أحياء" لأنهم لن يمكنهم الزواج أو الحلم أو الطموح فكله لديهم ممنوع .. كما أكد الباحث أن البطالة تتركز في سن 26 :30 سنة أكثر من غيرها في الفئات العمرية مشيرا إلى أن معدل البطالة أعلى مع أصحاب المؤهلات المتوسطة حيث يعاني 74% من حملة هذه المؤهلات من البطالة و تقل معدلات البطالة كلما أرتفع المؤهل التعليمي و أشار الباحث إلى أن 64% من العاطلين يقضون أوقات فراغهم إما أمام التليفزيون أو على المقاهي و 62% منهم لم يتزوجوا و هؤلاء هم الزبائن الأكثر إقبالا على تلك الكتب المشبوهه...
و كتب الجنس و السحر و العفاريت تمتلئ بها الأرصفة مما يجعلنا نتساءل إلى أي منحدر خطير ينزلق الوعي الثقافي؟ و خصوصا حينما نعلم أن هذه الكمية المفجعة و المفزعة من هذه الكتب تباع فور صدورها بينما كبار الكتاب لا توزع كتبهم أكثر من ثلاثة آلاف نسخة للإصدار الواحد و ذلك على عدة أشهر... و يقول بائعو الكتب: إن نوعية الكتاب هي التي تحدد أعمار المشترين و مدى إقبالهم عليها فمثلا يقبل الشباب على الكتب الجنسية التي تنفذ بسرعة عجيبة و يكفينا مثلا أن أحد المؤلفين قد ألف وحده أربعة كتب حول مشاكل ليلة الدخلة وحدها وزعت أرقاما قياسية مما دفع بأناس لا صلة لهم بالكتابة إلى تأليف كتب جنسية هابطة ليبدأ سباق مقزز في تأليف أكبر قدر من هذه النوعية.. بل و الأدهى من ذلك أن كاتبا من كتاب السياسة أحجم عن التحليل السياسي (أصلها مش جايبة همها أصل الناس زهقت من كثرة التحليلات السياسية) و تفرغ لتحليل من نوع آخر و أصبح ضمن زمرة كتاب تحليل العلاقات المحرمة ...
كذلك من الكتب التي تلقى رواجا هائلا كتب السحر و الشعوذة رغم أن الذين يشترونها يقولون أنهم غير مقتنعين بها مما يؤكد حالة الخواء النفسي التي تكتنفهم كما تكشف عن مدى قصور الإدراك العقلي و غياب الوعي القيمي و رخص أسعار هذه الكتب يزيد الإقبال الشديد عليها .. و معظم هذه الكتب توزع سرا بعد طبعها بشكل غير قانوني و يدل على ذلك عدم وجود رقم إيداع على هذه المطبوعات.. كما أن مسألة رقم الإيداع هذه مسألة روتينية حيث أن دار الكتب تسجل الكتب التي تزيد صفحاتها عن 48 صفحة و تحتفظ بعشر نسخ منها...
و في كل الأحوال فإن هذه الكتب غير الشرعية تمثل خطرا حقيقيا على الوجود الثقافي و الوعي الحضاري في ظل غياب العين الرقابية و المسؤلون كعهدنا بهم دائما لا يلقون بالا و كأن شباب هذه الأمة لا يعنيهم و لا يدخل ضمن إطار إختصاصهم و لا عزاء للأدب و المتأدبين...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تدين
حمورابي سعيد ( 2010 / 9 / 13 - 08:04 )
ولكن يا ست دينا ...يقال ان الشعب المصري سغب متدين ,فكيف تستقيم الحالتان معا ؟تحياتي


2 - مشكلة العالم العربي كله
حسين الفوعاني ( 2010 / 9 / 13 - 14:53 )
إن هذه المشكلة يعاني منها كل العالم العربي وليس مصر فقط


3 - بيئة خصبة
فواز محمد ( 2010 / 9 / 13 - 15:07 )
عزيزتي الكاتبة زاوية هامة القيت الضوء عليها لندرك خطورة المستوى الثقافي العربي وليس مصر وحسب والدليل انهم لو ترجموا كتبهم هذه الى الانكليزية او الفرنسية وعرضت مجانا في شوارع لندن او باريس لما اقتناها احد


4 - تللسقف
يوسف حنا بطرس ( 2010 / 9 / 13 - 16:36 )
الاخت دينا قدري الاعجب انه قام احد رجال الدين المسلمين بكتابه مثل هكذا كتب وقد عرض على قناه القاهره البيوم والمذيع عمرو اديب اذا كنت قد سمعت بها رجل دين كتب هذا الكتاب عجبا فما حال المواطن العادي سلمت


5 - رد تعليق1،2،3،4،5
Dina Kadry ( 2010 / 9 / 13 - 19:44 )
كل التقدير للمعلقين
الأستاذ حمورابي سعيد
الشعب المصري يحتاج الى فرق من علماء النفس والإجتماع كي يحلل ويفسر لنا تصرفاته..ومع ذلك فهو بالفعل شعب يحرص على التمسك بالدين..لكن ماهو مفهوم الدين لديه وكيف يعبر عنه ؟؟ فهذاشأن أخر
الأستاذ رامز محب
لاخير الا في الخير والقبول بمبدأ أحلى المرين مساومة مقيتة...ولا يصح الا الصحيح
الأستاذ حسين الفوعاني
الأستاذ فواز محمد
بالفعل هذه ظاهرة مست معظم الشعوب العربية وتزيد كلما زاد القمع والقهر (المدني والديني ) وإنما ذكرت مصر لأنها الأكثر عددا والأسبق تثقيفا
الأستاذ يوسف حنا بطرس
لم أسمع هذه الحلقة للقاهرة اليوم وهذا يؤكد نتيجة الفكر الثقافي الزائف أو الفكر الديني الزائف


6 - مجرد رأي
احمد الجوهري ( 2011 / 4 / 9 - 09:08 )
هذا ليس بجديد
وخاصة فى دول العالم الثالث التي يعاني شعوبها الفقر والقهر والمجاعه
ايضا الجهل والذي يمثل اكبر عائق فيها
ولكن مع كل هذا ارجو ان اري مجموعه حلول ضمن الموضوع
لان نحن نطرح مواضيع واراء ووجهات نظر ولكن اين حلولها وان تكون حلول قوية وجذرية وليست مسكنات
وبالتوفيق للكاتبه المميزة

اخر الافلام

.. علم إسرائيل يرفع على الحدود المصرية.. ورفح بين المجاعة والقص


.. نتنياهو: عملية رفح تخدم هدفي إعادة الأسرى والقضاء على حماس




.. شبكات | تفاصيل صفقة تبادل الأسرى ضمن الاتفاق الذي وافقت عليه


.. الدبابات الإسرائيلية تسيطرعلى معبر رفح الفلسطيني .. -وين ترو




.. متضامنون مع فلسطين يتظاهرون دعما لغزة في الدنمارك