الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماهية الكلام ( الوظيفية والمدلول )

صاحب الربيعي

2010 / 9 / 13
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


إن مفردات اللغة ومدلولاتها تخزن في الذاكرة بعدّها محمولاً غير منطوق لأرث الأمة التاريخي يتحول عند القراءة إلى كلام منطوق يؤثر في المتلقي على نحو أكبر بسبب محمولها ونوع الفعل الخالي من دالة الإشارة عند فك شيفرتها في ذهن الآخر.
أما المفردة المنطوقة والمؤكدة بفعل الإشارة، تفك الذاكرة شيفرتها على نحو أسرع من المفردة المنطوقة من دون إشارة والأخيرة تفك الذاكرة شيفرتها بسرعة أكبر من المفردة اللغوية الصامتة ، المدونة ، التي تفتقد إلى خاصية النطق والإشارة الكامنة في ذهن الآخر. لذلك يكون رد فعله على المفردة المنطوقة والمُفعلة بالإشارة أكبر من المفردة اللغوية المنطوقة من دون إشارة ويكون رد الفعل قليلاً في المفردة اللغوية الصامتة، المدونة، من دون صائت وإشارة مُفعلة.
إن المفردة اللغوية المنطوقة مع فعل الإشارة تحفز ذهن الآخر على ادراكها بسرعة أكبر وقد يكون فعل الإشارة المصاحب للمفردة اللغوية المنطوقة معاكساً فيصبح تأثيره سلبي في الآخر ما يوهن الذهن ويضعف الإدراك.
يعتقد (( فيغوتسكي )) " أن الإنسان يؤثر عبر الكلام ومن خلاله في الآخر ".
إن اختيار المفردة اللغوية المنطوقة بدقة أكبر مع إشارة صحيحة ومتوافقة معها لتأكيد مدلولها في ذهن الآخر يتطلب أولاً تشخيص مستوى وعي المتلقي، فالمفردة اللغوية البسيطة المنطوقة تأثيرها ووقعها يكون سلبياً على المتلقي ذي مستوى الوعي العالي وإن فعلت بإشارة صحيحة.
على خلافه فإن المفردة اللغوية الصعبة المنطوقة وقعها يكون سلبياً أيضاً على المتلقي ذي مستوى الوعي المتدني وإن فعلت بإشارة صحيحة. إن الكلام ليس فقط وسيلة تواصل بين البشر وإنما وسيلة إقناع لتحقيق المصالح المشتركة فكلما إرتقت وظيفة الكلام زادت صعوبتها وتغيرت إشاراتها المصاحبة لتحقيق هدفها في ذهن الآخر.
يعتقد (( ب. ياكوبسون )) أن للكلام وظائف أساسية منها : " الوظيفة الوجدانية، التعبيرية – الانفعالية ، أي علاقة المتحدث بالآخر مثل للأسف! يا له من مكروه، يتساقط المطر. والوظيفة الإرادية أي حث المرسل إليه على الفعل، والرجاء، والطلب، والأمر. والوظيفة الاسنادية ، المعرفية – الدلالية ، أي التعبير عن الفكرة. والوظيفة الشعرية أي تعين الحدود بين الواقعي والخيالي. والوظيفة الحوارية أي المحافظة على الاتصال مثل ألو، مرحباً، كيف الأحوال. والوظيفة ما وراء اللغوية أي التدقيق، التنظيم، والتعبير الخاص ".
إن وظائف الكلام عادة ما ينجزها اللاوعي على نحو مبسط عند النطق من دون أن يدركها الفرد وغالباً ما تصاحبها إشارة ما إكتسبها الفرد من محيطه الاجتماعي من دون أي يعي مدلولها أو صلتها بالمفردة اللغوية المنطوقة ووظائفها. إن فعل الإشارة اللاإدرادي عند الكلام ليس بالضرورة أن يكون صحيحاً ولربما ينم أحياناً عن سذاجة مفرطة أو فعل لاإرادي مضاد لمدلول الكلمة المنطوقة وفي المحصلة فإن هدفها لا يتحقق إلا في ذهن المتلقي الساذج.
لذلك ينتقي السياسي المحترف كلمات خطابه على نحو دقيق لتخترق عواطف الجمهور الجاهل ويستعين بمستشارين أكفاء لخوض مباحثاته مع أقرانه السياسين، فمعظم الوفود السياسية تضم مختصين في علم حركة الجسد وعلم الإشارة وصلتها بالكلام لتحقق من صدقها فلا توجد حركة جسد أو إشارة عشوائية من دون رد فعل لا إرادي يترافق مع الكلام، حتى الإصغاء إلى الآخر يظهر حركة جسد لاإرادية في وضع الجلوس وحركة الساقين والقدمين واليدين وحالة الشد لعضلات الوجه واسترخائها وحتى شكل المتحدث ولون لباسه ومكان جلوسه، بعده، قربه، ونوع الإضاءة، وزمن اللقاء... وغيرها تؤثر سلباً أو ايجاباً في تحقيق وظيفة الكلام وهدفه في إقناع الآخر.
لا يدرك السياسي الجاهل في الدول المتخلفة أبسط دلالات الكلام ووظائفه لذلك يكون عارياً تماماً أمام السياسي المحترف الذي يجيد وظائف الكلام وحركة الجسد، وعلم الإشارة للمفردة المنطوقة.
يقول (( جورج أورويل )) " إنه لا شيء أفسد اللغة قدر ما أفسدتها السياسة ".
على الرغم من أن الكلام ووظائفه ممارسة يومية لكل البشر على نحو لاإرادي أو إرادي بمدلولاته الخفية، فليس لكل البشر القدرة ذاتها على إدراك ماهية الكلام وعلاقته بالعلوم الحديثة الهادفة إلى تشخيص غاية المتحدث من خلال مسار حديثه وحركة جسده.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل قانون الجنسية الجديد في ألمانيا| الأخبار


.. صحيفة العرب: -المغرب، المسعف الصامت الذي يتحرك لمساعدة غزة ب




.. المغرب.. هل يمكن التنزه دون إشعال النار لطهو الطعام؟ • فرانس


.. ما طبيعة الأجسام الطائرة المجهولة التي تم رصدها في أجواء الي




.. فرنسا: مزدوجو جنسية يشغلون مناصب عليا في الدولة يردون على با