الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعيداً عن السياسة،

فاطمه قاسم

2010 / 9 / 13
المجتمع المدني


بعيداً عن السياسة،
في قطاع غزة المحاصر منذ ثلاث سنوات وثلاثة شهور، يوجد حكومة، حتى وإن كانت حكومة أمر واقع، ويوجد فصائل وطنية وإسلامية، ولكننا رغم ذلك نشهد فوضى سلوكية على مستوى حركة المرور بالنسبة للسيارات الصغيرة، والحافلات الكبيرة، والدراجات النارية التي تعددت أشكالها، وتعددت طرق استخدامها أيضاً، وكذلك يوجد عربات تجرها الخيول والحمير، كما أن الفوضى المرورية تصل إلى الأفراد أنفسهم، وكيف يسيرون في الشوارع، ولا يسيرون فوق الأرصفة، ولا يحترمون القواعد عند النقاط المحددة لمرور المشاة، ناهيكم عن الأعراس وبيوت العزاء التي تصادر الشوارع، والأولاد الذين يزدحمون في بعض النقاط دون أن يعتني بهم أهلهم فيصبحون عرضة للمشاكل المرورية.

أما على صعيد النظافة:
فإن الأوضاع ليست أقل فوضى، فحاويات القمامة حتى في الشوارع التجارية الأكثر أهمية مثل شارع عمر المختار، وشارع الجلاء، وشارع النصر، وشارع بيروت، وغيرها، مبعثرة إلى درجة مؤسفة، يعبث فيها بعض أولاد الشوارع، أو الكلاب الضالة، أو قطيع صغير من الماعز الهاربة من راعيها أثناء التنقل من مكان إلى مكان.
والكثيرون الذين يطلبون من أولادهم رمي القمامة في الحاويات، أولاد وصبية صغار، يقذفونها خارج الحاويات، فيصبح الوضع بالغ السوء.

مظاهر الفوضى السلوكية كثيرة، ومتعددة الأشكال والصور، وإذا كانت الصورة التي نقلتها لكم تحدث في غزة المدينة الرئيسية، التي توجد فيها المقرات الرئيسية، والوزارات، ومقرات الأحزاب، والجمعيات الأهلية، ولكم أن تتخيلوا كيف تكون صورة الفوضى السلوكية في بقية المناطق؟

السؤال هو:
أين هي كل الجهات المختصة؟
أين هي البلديات، وأين هي الإدارات الرسمية، والأحزاب والفصائل على اختلاف أنواعها؟
أين التوجيه الإعلامي والتربوي والسلوكي؟
أين العمل التطوعي الذي يجب أن تقوم به الفصائل عبر أعضائها وأنصارها؟
مع أن هذه الفصائل تتظاهر في المناسبات أنها كبيرة العدد، ولكن عند وقت العمل التطوعي الإيجابي، فإننا لا نجد أثراً لكل هذه الادعاءات.
إذا لم يكن لدينا في قطاع غزة مفاوضات، بدعوى أن الغالبية يقفون ضدها، ويسيرون مظاهرات ضدها، وإذا لم يكن لدينا مقاومة حفاظاً على التهدئة التي تخترق يومياً من قبل الطائرات الإسرائيلية ومن قبل مطلقي الصواريخ، فلماذا لا نرى جهداً في السيطرة على هذه الفوضى السلوكية التي تزيد حياتنا بؤساً؟ أم أن الجميع سلموا أمام حالة العجز، ومن ثما فقدوا القدرة والرغبة في عمل شيء.
السياسة يمكن أن تتغير في لحظة، نرفض شيئاً فنعود ونقبله، نشتم شيئاً ونعود ونبكي عليه، نتسلق الحلم ثم نقفز منه إلى أرض الواقع.
في السياسة هذا شيء مشروع، ولكن هذه الفوضى السلوكية والاجتماعية التي تغزوا حياتنا، كيف نسيطر على تداعياتها، وكيف نمنع أن تتحول إلى ظواهر اجتماعية، وعادات، بل وثقافة متغلغلة في المجتمع؟
إنه سؤال :
ويجب أن نمتلك قدراً من الجرأة و الشجاعة لكي ننظر إلى أنفسنا في المرآة، ماذا حل بنا، كيف باتت صورتنا، ولماذا نسكت، مع أني متأكدة أن بعضنا حين يمر في الشارع يعود كئيباً من هول الفوضى السلوكية التي نراها في شوارعنا وساحاتنا، في الميادين الواسعة وفي الأزقة الضيقة داخل أي حارة أو مخيم.
يمكن لنا أن نفهم، أن كثيراً من فصائلنا لم يعد له دور رئيسي في قرار الحرب أو السلام، في قرار المفاوضات أو المقاومة، وهذا ما صنعته هي بنفسها لأنها ارتبطت برهانات الآخرين وتخلت عن رهانها الوطني الأساسي، أما أن تفقد هذه الفصائل الدور على الصعيد الاجتماعي،وعلى صعيد متابعة سلوك الأفراد اليومي، على مستوى حركة المرور في الشارع، على مستوى أكوام القمامة المبعثرة في شوارعنا، فهذا شيء يثير الحيرة فعلا.

على الجميع أن ينظروا إلى كل مظاهر الفوضى السلوكية، إلى تفاصيل حياتنا اليومية التي تتراجع إلى درجة مخيفة، هل نسكت، هل نوحي لأجيالنا بأنه لاحول لنا ولا قوة، أم نحاول ونحاول حتى لا نسلم بواقع أعماقنا ترفضه. هذه صورة كونتها بمجرد أني قررت أن أتجول في غزة، بعين باحثة من الداخل فهل تجولتم مثلي فقد تصلون إلى قرار بعدم السكوت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هيومن رايتس ووتش تدين تصاعد القمع ضد السوريين في لبنان


.. طلاب في جامعة كاليفورنيا يتظاهرون دعمًا للفلسطينيين.. شاهد م




.. بعد تطويق قوات الدعم السريع لها.. الأمم المتحدة تحذر من أي ه


.. شاهد - مئات الإسرائيليين يتظاهرون ضد حكومة نتنياهو




.. بعد أن فاجأ الجميع بعزمه الاستقالة.. أنصار سانشيز يتظاهرون ل