الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب المقدسة وحرق القران ومستقبل العلمانية

ئارام باله ته ي

2010 / 9 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



عرف الأسلام والمسلمون طبيعة الحروب المقدسة ، أي الحرب من أجل الدين وبأسم الدين ومن أجل الله و بأسمه ، منذ بدايات ظهور هذا الدين و تكوين كيان لم شمل المسلمين في (يثرب) . (اذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير ..) ( سورة الحج39-40) . هذا على عكس المسيحية التي لم تعرف مثل هذه الحرب طوال حياة يسوع (المسيح) ، الا أن حروب الكنيسة الكاثوليكية تجاه أعدائها وعقد محاكم التفتيش بأسم الرب تملئ هي الأخرى صفحات التاريخ .
في عام 1009 م أمر الخليفة المسلم (الحاكم بأمرالله) بهدم كنيسة (القبر المقدس) في أورشليم القدس ، التي بناها الأمبراطور (قسطنطين) منذ القرن الرابع ، و مقابل هذا الفعل الذي أحدث صدمة انفعالية في الغرب المسيحي ، تذهب بعض المصادر والوثائق الى أن البابا (سيرجيوس الرابع) حرض المسيحيين على الانتقام واعدا اياهم الحياة الأبدية (انه انتقام من أجل الله) ، ويعد البعض هذه الحادثة سببا (بعيدا) للحروب الصليبية التي خطط لها البابا (ايربان الثاني) عام 1095 م تحت عنوان ( فلينطلق المسيحيون بالغرب لنجدة الشرق) و دعا الى تطهير الأماكن المقدسة (القدس) من المسلميين . ألا ينذر ( حرق القران ) بحرب اسلامية (مقدسة) أيضا أبطالها الأصوليون الذين يبحثون عن أية ذريعة لمحاربة الغرب (الكافر) في اعتقادهم ؟ .
ان التاريخ يشهد منذ أيام (سومر) والفراعنة ، على مدى تحكم رجال الدين بالناس وتوظيفهم لخدمة مأربهم و تعزيز نفوذهم و صون امتيازاتهم ، ولا ينكفئ رجال الدين من استغلال الدين لتحريض أتباعهم وشحذ هممهم ضد مخالفيهم . لقد أقنع تنظيم القاعدة مجموعة من الشباب بعاطفة الدين ودفعتهم الى تنفيذ أحداث11 سبتمبر ، و ها هي حماس توظف الدين و تضمن (الاخرة) في دفع الفلسطينين للأنتحار وسط اليهود . هذا في الجانب الأسلامي ، أما في الغرب فان (جورج بوش) الأبن وصف نفسه بموسى العصر ، ثم افتعال قضية الرسوم الكاريكاتورية عن نبي الأسلام في الدنمارك . ورئيس وزراء اسرائيل ( نتنياهيو) لا يقبل حلا قبل الأعتراف (بيهودية) اسرائيل . وأخيرا جاء القس الأمريكي ( تيري جونز) وهدد بحرق القران . ما أدى الى استفزاز العالم الاسلامي .. . هل للعلمانية وجود في هذا العالم ؟ . ألسنا على شفا حروب دينية ؟ . ان صدام الحضارات بات اليوم حقيقة ساطعة . أو لنقل صراع الأديان .
هذا الحدث الأخير (التهديد بحرق القران) هو تقديم خدمة مجانية للتيارات الأصولية الأسلامية التي ستنجح في تجنيد المزيد من شباب المسلميين الذين سيلبون النداء كرد فعل ودفاعا عن هويتهم المتميزة عن غيرها والتي يرسم الدين ملامحها الأساسية . و سيزداد تأثير الدين و تروج بضاعة مدعيه أكثر فاكثر. كما أن ردود الأفعال في الغرب تجاه أعمال المسلميين في أفغانستان ونيويورك ولندن و مدريد وغيرها أدت الى تنامي نفوذ الأحزاب المسيحية في عقر دار أوروبا العلمانية ، وبات المسلمون الأوروبيون والمهاجرون يدفعون ضريبة ازدياد كراهية الغرب للمسلميين .
بعد ثورة مارتن لوثر الدينية وظهورالبروتستانتية والثورة الصناعية فعصر فلسفة الانوار . كان العالم في طريقه ليكون الدين ليس سوى علاقة روحية بين الفرد و خالقه ، الا ان العالم ما لبث أن رد على عقبيه بعد ما يقارب القرنين من الزمن .
استغلت جل حركات التحرر في الوطن العربي (الدين ) كسلاح تعبوي للتخلص من الأستعمار الغربي ، و اصبحت كثير من الأنظمة العربية تحكم تحت عباءة الدين ومن خلال وعاظ السلاطين المفتيين بمنع الخروج على ولاة الأمر . ولوا ليس على صلة بالموضوع ، ولكني أتساءل لماذا لم توظف الحركة التحررية الكوردستانية (الدين) في مقارعة الظلم والأستبداد مع استغلال خصومهم لهذه النقطة وأنفلة الكورد بأسم القران ؟ .
أن الأسلام يمثل مادة دعائية دسمة بالنسبة للأحزاب الأسلامية والتيارات الأصولية ، وحرق القران في نهاية المطاف من قبل (معتوه) لن يدفع ثمنه الا المعتدلون الذين يبغون زرع بذرة العلمانية وابعاد الدين عن الصراعات في هذه المنطقة التي نحن فيها ، والتخلص من هذا الأرث الذي رافق نشوء دول المنطقة ، ورفع غطائه (الدين) عن عري الفاسدين من أنظمة ومنظمات وتيارات وأحزاب وأشخاص ، وبالتالي تضيق مساحة ( المقدس) . الا أن الأستفزاز الديني يولد رد فعل ديني والعلمانية ستدفع الثمن باهظا.


ئارام باله ته ي
ماجستير في القانون
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لتوظيف الدين
كامران عبدالرحمن ( 2010 / 9 / 14 - 19:42 )
تحياتي استاذ ئارام

لتوظيف الدين كسلاح تعبوي يتحتم احتراف اعلى درجات النفاق والخسه لغسل ( الادمغه )ا
وتوجيهها بالشكل المخطط لها كما نرى في القاعده وأشباه القواعد , لكن مع الأسف افتقر
القاده الكورد الى مقومات هذه الحرفه بشكل ملحوظ كما ان الأكراد انفسهم ليسوا ارض خصبه
لينمو فيها طاعون الفكر الديني المتطرف !ا

وشكرا لهذا المقال الرئع

اخر الافلام

.. 34 حارساً سويسرياً يؤدون قسم حماية بابا الفاتيكان


.. حديث السوشال | فتوى فتح هاتف الميت تثير جدلاً بالكويت.. وحشر




.. حديث السوشال | فتوى تثير الجدل في الكويت حول استخدام إصبع أو


.. عادات وشعوب | مجرية في عقدها التاسع تحفاظ على تقليد قرع أجرا




.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس