الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا الانتقاص من الديانة المسيحية

محمد خضير عباس

2010 / 9 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



في كتابه الموسوم (المدخل لدراسة القانون ) يتطرق مؤلفه الأستاذ عبد الباقي البكري وفي الفصل الثالث منه إلى مسألة مهمة جدا تتعلق بالديانة المسيحية حيث عرف الدين السماوي بأنه مجموعة العقائد والأحكام التي تنزلت من الله تعالى عن طريق الوحي على نبي اصطفاه من بين خلقه والرامية إلى خير الإنسان في الحياة الدنيا والاخره وإسعاد المجتمع . إلا أن الأديان لا تبدو جميعا من طبيعة واحدة وإنما تتأثر طبيعتها بمصدرها وبغرضها المباشر الذي يحدد نطاقها من حيث التنظيم فهي من حيث مصدرها تنقسم الى قسمين الأديان السماوية والأديان غير السماوية فالأديان السماوية هي الدين اليهودي والمسيحي والإسلامي وقسم الأديان السماوية من حيث غرضها المباشر ونطاقها الى فئتين هي الأديان الفردية والأديان الجماعية فالدين الفردي هو الدين الذي يعني بتنظيم واجبات الفرد اتجاه ربه واتجاه نفسه دون ان يكترث بتنظيم العلاقات الاجتماعية تنظيما موضوعيا . وان تنظر إليها من زاوية خلقية بتأكيده على الصدق في التعامل والوفاء بالعهد والسمو على الأحقاد والنميمة والعنف وضرب مثال على هذه الفئة من الأديان بالدين المسيحي وأما الدين الجماعي فهو الدين الذي يعني بتنظيم العلاقات الاجتماعية تنظيما موضوعيا بحكم العقيدة والوجدان كالدين الإسلامي واليهودي ويقصد بالتنظيم الموضوعي الإحكام التي تخص مختلف مجالات الحياة الاجتماعية وتنظم الروابط بين الأشخاص في المجتمع تنظيما دقيقا يسوق القواعد العامة والإحكام التفصيلية ويبدو التنظيم الموضوعي في الدين الجماعي يشبه ما يفعله القانون وان بدا الدين أوسع من القانون نطاقا لأنه يحكم السرائر كما ينظم المظاهر . وقد استند في وجهة نظره هذه على الضرورة الاجتماعية التي اقتضت نزول الدين فهي التي تحدد غرضه وترسم نطاقه فالدين المسيحي من وجهة نظره نزل في مجتمع يشكو تحللا أخلاقيا كبيرا ولكن تتوافر فيه شريعة سليمة تحكم علاقاته الاجتماعية وان تعاليم هذا الدين كانت تهدف الى التأكيد على القيم الأخلاقية ليسمو بالمجتمع من هذا التحلل الاجتماعي والتردي في بؤر الرذيلة مكتفيا بنفخ روح الفضيلة في العلاقات الاجتماعية دون تنظيمها تنظيما موضوعيا على اعتبار ان الشريعة ألقائمه فيه تفي بهذا التنظيم كون القوانين الوضعية الرومانية المتطورة في ذلك الوقت هي السائدة في المجتمع وكذلك الشريعة اليهودية . وانا اعتقد ان هذا التقسيم لوظيفة الدين فيها الكثير من التجني على الدين المسيحي لان الأديان جميعها جاءت لإغراض اجتماعية وهي السمو بالمجتمع روحيا والأخذ بيده في طريق التقدم والصلاح وإحقاق الحق . فهل وصل الفساد الأخلاقي والانحلال في المجتمع آنذاك لدرجة تطلب الأمر فيها من الله ان ينزل نبيه (السيد المسيح ) لكي يقوم بإصلاح المجتمع وتخليصه من هذا الوضع المتردي . ان السيد المؤلف يناقض نفسه بنفسه حين يقول ان المجتمع في تلك الفترة كانت تحكمه منظومة من القوانين الوضعية وكان يقصد بها القانون الروماني السائد آنذاك بما يتمتع به من رصانة ومصداقية وتطور بحيث تطبق لحد الان بعض فقراته في المحاكم الايطالية وكذلك ما كان موجود من أحكام وعبادات انزلها الله على نبيه موسى في الديانة اليهودية التي كانت منتشرة في تلك الفترة مما يجعل المجتمع محصن تحصينا قويا ضد كل العوامل التي تؤدي به الى الانحلال الأخلاقي وكلنا نعلم باننا اذا ردنا النهوض بأي مجتمع الى الإمام فأول شئ يجب توافره هو سيادة القانون وتطبيق الإحكام الشرعية فكيف ينحدر المجتمع آنذاك الى هذا المستوى من التحلل الأخلاقي الذي استوجب من الله اختيار نبي جديد يدعو الناس الى التمسك بالأخلاق الحميدة وفيه هذه المنظومة من القوانين الوضعية والإلهية . انا لست متخصص بعلم الأديان ولكن الذي أحب ان أقوله ان الكتاب المقدس يحتوي على كل تفاصيل العلاقات الإنسانية وليس كما ذكر المؤلف مثل الأكل والشرب والملبس وإحكام الزواج والطلاق والزنا والاغتصاب والشذوذ الجنسي والصحة والمرض والموت بالإضافة الى المعاملات الأخرى التي تخص السرقة والعطاء والزراعة والطب وعلاقات الجيرة والعمل والمال والأعياد وعبادة الأوثان وغيرها ولكنه لا يحتوي على الجزاءات المفصلة على كل اثم يرتكبه الناس حيث لخصها السيد المسيح بمقولته ( ان الرب يغفر خطاياكم فتوبوا إليه ) على العكس ما جاء في القران الكريم من ذكر للجزاءات الإلهية على عباده المذنبين مثل ( قطع اليد - الرجم - القتل - الجلد - الهجر - النفي ) وغيرها . ان الرسالات السماوية الثلاث جاءت لتكمل أحداهما الأخرى حيث قال السيد المسيح في إنجيل متي 17:5 ( اتظنوا اني جئت لانفض الناموس او الأنبياء ما جئت لانفض بل لاكمل ) ويقصد يكمل ما جاء به النبي موسى قبله وكلنا نعرف ان رسولنا محمد (ص) كان خاتم الأنبياء وبوفاته فقد انتهت اخر الرسالات السماوية . ان رسالة السيد المسيح التي بلغ عنها لا تكون بالضرورة شاملة لكل المعاملات التي تنظم العلاقات بين الناس وانما اختار اثنا عشر رسول لمساعدته في تبليغ وشرح هذه الرسالة مثلما ما كانت السنة النبوية في الشريعة الإسلامية إحدى مصادر القانون والتشريع بعد القران الكريم . وأخيرا فليعلم القراء ان هذا الكتاب معتمد من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقية كمادة اكادمية تدرس في كافة كليات القانون الحكومية والأهلية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الديانة المسيحية
سمير عبد الاحد ( 2010 / 9 / 16 - 00:04 )
تحية كريمة . ذكرتني بالفاضل الاستاذ عبد الباقي البكري الذي كان يسيطر على طلابه بابتسامته الكبيرة . اخي العزيز , المسيحية فصلت بين الدين والدولة , اعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله , المسيحية اعتنت بالجانب الروحي وهو الذي كان هابطا في المجتمع اليهودي يومها وليس المقصود هو الجريمة , فالرومان كانوا قساة جدا تجاه من يخرق القانون . في البداية اتجه السيد المسيح الى اليهود وحارب رجال الدين واكتسب العامة الى جانبه ومن ثم اطلق تلاميذه الى العالم كافة لنشر رسالة اخلاقية وترك الامور اليومية للقانون الوضعي في المجتمع الذي يعيش فيه المسيحي , من هذا المنطلق فانت والاستاذ البكري لا تختلفان من حيث تقييم الديانة المسيحية . شكرا للاسلوب الهاديء والطرح الراقي لهذا الموضوع


2 - المسيحيه ليست ديانه
مريم رمضان ( 2010 / 9 / 16 - 05:43 )

عزيزي الكاتب
المسيحيه ليست ديانه إنما هي علاقه روحانيه مع الله وهذا ما لم يستوعبه الأخوه المسلمين.الأحكام الأرضيه والعقائد تأتي من العادات وتقاليد المجتمع في تلك العصور.الله خلق لنا العقل لنميز الخير من الشر وأحكام البلد تأتي من المستوي الثقافي لتلك الشعوب.
الله أعلى من أن يقطع اليدين أو العنق أو يحلل لهذا ويحرم لآخر.
لا يوجد ديانه كما تسمونها إلا المسيحيه فقط ليس من باب التطرف أبدآ.
اليهوديه هي تاريخ الأنبياء الذين كانوا يتنبؤن بمجيء المسيح ،كانوا يعلنون للشعوب بمجيء المسيح
يحضرون طريق الرب
عندما قال لم آتي لأنقض بل لأكمل ،معناه يا أخي أنه جاء ليكمل التنبؤات عن مجيئه وليس لينقضها،لأن هذه التنبؤات محياه من الله.
أما عن الإسلام مع إحترامي لكل الأعزاء المسلمين فهو غير سماوي وليس لله أية علاقه به.الرب يسوع قال أنا البدايه والنهايه،معناه أنه كان قبل الخلق وليس بعده أحد.
الرب لا يناقض نفسه بعد ما أعطانا النعمه بعد موته على الصليب وحررنا من الخطيه بمحبته لا يفرض علينا النقمه مثل الإسلام كله رعب وتجني على الخالق، لا تقدر أن تقارن بين الروحانيات والأرضيات لأنه عمل البشر.


3 - ايما شريعة!؟
كوريا الرابن ( 2010 / 9 / 16 - 06:24 )
بفعل شريعة ما تقوقعت امم وبفعل شرائع اخرى ازدهرت البقية.0


4 - القوانين العلمانية
سعد السعيدي ( 2010 / 9 / 16 - 08:35 )
سيد سمير عبد الاحد سلامآ

ليس صحيحآ بان المسيحية هي التي فصلت بين الدين والدولة. بل هي القوانين العلمانية الفرنسية عام 1905 والعروفة باسم قوانين جول فيري.
تحياتي


5 - السيد المسيح انقى الانبياء
احمد ياس ( 2010 / 9 / 16 - 12:05 )
عزيزي الكاتب ان السيد المسيح لم يكن واعضا اجتماعيا ليبشربالخير واطاعة الله بل كان انقى الانبياء نسبا فمن غير المعقول ان نصف ما جاء به عبارة عن روحانيات وارشادات فلماذا هاذا التقليل من شان الديانة المسيحية وللعلم ان عدد المسيحيين في العالم يبلغ2.2 مليار نسمة وتم اعتناقهم لهذه الديانة بالتبشير لا بالسيف مع الشكر


6 - معارض معارض كل الاوقات
وليد حنا بيداويد ( 2010 / 9 / 16 - 13:52 )
الى المعلق سعيد السعيدى رقم 5 ..... تحية له ولكل القراء الكرام، اخى الى متى تكون معارضا فث كل الاوقات الا يكفى بالله عليك؟؟ .ماذا تريد اكثر ما قاله السيد المسيح عليه السلام وله كل المجد (اعطوا ما لقيصر لقيصر وما للله للله )، اود ان اعلق على ما كتبته هنا لعلك تفهم فان القوانين العلمانية الفرنسية التى صاغها جول فيرى او جان جاك روسو او توماس هوبز وغيرهم من عباقرة الفكر الفرنسى والبريطانى كانت كل تلك الافكار مستمدة من منطلقات الفكر المسيحى وصاغوها بحيادية وقوانين مدنية واخرجوا مجتمعاتهم الى النور بعيدا ان السيف والجزية او القتل
فقبل ان تعترض يا سعيد السعيدى عليك ان تراجع ما تكتبه وكفاك اعتراضا يا رجل فنح امام حقائق دامغة لايمكن نكرانها.. ولك
تحيتى


7 - بعض الواقعيـــــــة
كنعــــان شماس ( 2010 / 9 / 16 - 15:39 )
قال السيد المسيح ان مملكتي في الســـماء فالمسيحية ليست دولة ارضية بينما اليهود لهم وعد عقــارى من الله بان ارضهم الموعودة هي مابين النيـــل والفرات ويبدو طموحهم متواضعا بما يطمح الاســلام فارضهم هي كل الكرة الارضية. دار سلام دار الاسلام ودار حرب دار الكفار والى يوم القيامــة هل هناك شىء من الواقعية لهذه الطموحات العقاريـة التي يربطها اصحابها بالسماء ما مصير وحقوق بقية البشر وهم الاكثريـة اظن ان العقائد التي تتناشــز مع شريعة حقوق الانسان والقانون الدولي مستقبلها مظلم مظلم كثيــــرا


8 - تللسقف
يوسف حنا بطرس ( 2010 / 9 / 17 - 16:27 )
افظل تعليق للاخت مريم رمضان حيث قالت المسيحيه ليست ديانه بل علاقه روحانيه مع الله نعم هي علاقه محبه وبنوه مع الله ولا يستطيع احد ان يزيل هذه العلاقه الا الشخص نفسه اما من ينتقص من المسيحيه فقد حاول الكثيرون وفشلو عبر التاريخ والحاضر لان المسيحيه لم تات بالسيف بل بكلام محبه وسلام عكس الاسلام الذي يعتبر سجن وحراسه الشياطين ومن يحاول الهرب يقتل ..تحيه للاخت مريم رمضان


9 - اقرأوا الأنجيل ثم تكلموا عنة..!!
مينا الطيبى ( 2010 / 9 / 18 - 00:48 )
يحزننى ويؤلمنى كثيرآ عندما ارى كثيرآ بل كثيرآ جدآ من كتابنا الأعزاء وخاصة المسلمين يتحدثون ويكتبون ويقولون ويتفوهون ويعتقدون ويتخيلون و...و...و...
اشياء عن الأنجيل سواء صغير او كبير مهم او غير مهم آراهم لايفهمون اى شىء عنة بالمرة واطلاقآ يدافعون عن الأسلام ايضآ وهم لا يعرفون عنة شىء .
يجب اى شخص يكتب عن شىء يجب ان يعرفة جيدآ حتى يصدق نفسة اولآ بما يكتب وهذا يوصلة الى الأقتناع بما يكتب ....ولكن يكتب كدة وخلاص لمجرد انة كتب بالطبع هذا شىء يحزننى ويؤلمنى ايضآ لأننى اقرأ المقالة ولم اجد اى مصدقية لما يتحدث عنة الكاتب فا أشعر بالأسف لضياع الوقت فى مقالة بدون مصدقية او جهل الكاتب بما يكتب.
رجــــاء الى كل من يكتب شىء عن الأنجيل يجب ان يقرأة اولآ حتى يفهم مضمون هذا الكتاب الذى ياسمى بالأنسانية والبشرية اجمع ملخص هذا الكتاب هو
المحبة أللـــــة محبة لو كل انسان يفهم معنى اللة محبة هو الأنجيل وفية
احبوا اعدائكم باركوا لاعنيكم ماذا بعد ذلك ياعزيزى الكاتب اراك تجرجر من هنا وهناك سياسة وقانون و....و.....وتفسر مفهوم لكتاب قرأتة من وجهة نظرك بمفاهيم خاطئة عن الأنجيل سامحك اللة ياعزيزى .


10 - مجرد اسئله؟؟؟؟
موسى محمد يسوع الله المترصد ( 2010 / 9 / 20 - 07:12 )
من هو يهوه ومن هو المسيح؟؟هل يمثلا نفس الشخصيه؟؟هل هو اله متقلب؟؟مزاجي؟؟مرة يحب ويسامح ويفدي ومرة يأمر بالقتل واغتصاب الاراضي ومنحه لشعبه المختار؟؟هل تصارع المسيح مع يعقوب؟؟؟هل الكتاب المقدس الانجيل فقط ام يشمل حتى التوراة؟؟لماذا يتم تجاهل التوراة من قبل المسيحيين عند الحديث عن كرامة المراه وحقوقها؟؟الا يفعل المسلمون نفس الشيء عند الحديث عن المرأه وحقوقها بانتقاء النصوص وغربلتها؟؟لماذا قال المسيح بانه بعث لخراف بني اسرائيل الضاله ؟؟؟وكيف نفسر دعوته للتبشير لكل البشر؟؟؟هل حقا انتشرت المسيحيه بالتبشير؟؟؟هل بعث الاقباط مثلا مندوبين للمسيح وتلاميذه لتقديم الولاء والطاعه للدين الجديد؟؟؟ام انها اوامر قسطنطين بفرض المسيحيه كديانه وحيده لكافة ارجاء الامبراطوريه؟؟؟كيف تخلى الاشوريين والبابليين عن ديانة اجدادهم؟؟بالتبشير؟؟؟ولماذا خطة الفداء دمويه؟؟هل هو اله متعطش للدماء؟؟لماذا جعل هذا الاله المحب المتسامح جهنم ليعذب بها من خالف تعاليمه؟؟هل توجد جهنم في المسيحيه؟؟كيف سيحاسب المسيح من لا يدين بالمسيحيه؟؟لماذا يعطي ما لقيصر لقيصر هل هو انهزامي؟؟؟وهل كان قيصر عادلا ليتركه على جبروته؟؟ام انه اله عاجز


11 - مقال رائع
علي رضوان داود ( 2011 / 3 / 26 - 18:07 )
الحقيقة مقالكم لم يترك لي باب النقد وقد استمتعت بالقراة به ولا ابالغ اذا قلت انه من اروع ما قرئت بصدد هذا الموضوع

اخر الافلام

.. أول موظفة يهودية معيّنة سياسيا من قبل بايدن تستقيل احتجاجا ع


.. البابا فرانسيس يعانق فلسطينياً وإسرائيلياً فقدا أقاربهما على




.. 174-Al-Baqarah


.. 176--Al-Baqarah




.. 177-Al-Baqarah