الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماهية العقل الإسلامي

ثائر الناشف
كاتب وروائي

(Thaer Alsalmou Alnashef)

2010 / 9 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ثمة تعريفات عديدة للعقل في الإسلام، لا حصر لها، سواء ما تعلق ذكره في النص أو في السنة النبوية.
فالقاعدة الأساسية في لإيمان أي مسلم، تتجلى في العقل، فهو وبحسب القاعدة الشرعية، مناط التكليف، عليه ينعقد الإيمان، ودونه يسقط التكليف.
فالعقل الإسلامي، وطبقاً لقاعدة التكليف، هو أساس الإيمان وجوهره، فإذا ما كان العقل سليماً معافى من أي قصور أو خلل في وعيه وإدراكه، كان إيمان الفرد المسلم بالوحي (النص) أشد رسوخاً،وأكثر يقينية، وأقل شكاً في إدراك الذات الإلهية.
العقل بهذا المعنى، يعني القلب المُبصر، وليس مجرد تلك العضلة ذات الهيئة الصنوبرية، لحقائق الكون وآلاء خلقه، ولا يعني ذلك العقل المستقر في المخ داخل الدماغ، الذي يتولى القيام بعمليات التفكير والتحليل والتركيب.
وطالما أن القلب في شخصية الفرد، مركزه القلب، بما يعني العقل في الإسلام، فإن العقل يبدو في هذه الحالة، مقسوماً إلى قسمين.
القسم الأول: العقل المُبصر، ومركزه القلب استناداً إلى النص التالي " أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الحج : 46]
القسم الثاني: العقل المفكر، ومركزه المخ .
وعلى الرغم من عدم ركون الشرع الإسلامي إلى هذه التقسيم، بل ونفيه جملة وتفصيلاً، بحجة أن للإنسان عقلاً واحداً وقلباً واحداً، طالما كان هناك في عالم الغيب ووراء سجفه، إله واحد، إلا أن هذا التقسيم حقيقة واقعة في يقين كل مسلم.
1. والعقل في الإسلام، لا يعني الحجر أو النهي أو ضبط النفس عن التورط في ارتكاب الفواحش والمعاصي، بقدر ما هو دعوة صريحة للتعقل والإبصار، بما يعني الإيمان برب السماء والأرض والإذعان له والامتثال لمشيئته، وليس للتفكر بما يعني إنتاج الفكر، ودعوة التبصر والتعقل هذه، موجهة أساساً لمن خلى عقله ( قلبه) من البصيرة، والمقصود بذلك شعب الجزيرة العربية قبل نزول الوحي بفترة وجيزة "إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ " [يوسف: 2]
فهذه الآية تشير بجلاء إلى أن الوحي، اختار العرب من بين كل الأمم السالفة قبل 1400 سنة، ليبلغهم الرسالة السماوية من خلال نبي مرسل منهم، النبي محمد (ص) "وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " [ إبراهيم : 4] وذلك لجملة أهداف، كان من أهمها :
1- قهر اللغة العربية، من خلال نزول النص الإلهي بالعربية.
2- كسر احتكار العرب للغة التي فاخروا بها الشعوب الأخرى.
من هنا، فإن معنى سورة يوسف السالفة تشتمل على معنيين.
المعنى الأول: أن العرب الذين نزل عليهم الوحي، لم يكونوا البتة جاهلين أو بلا نظر، وإلا لما اختارهم الوحي وحدهم دون سواهم، لقهر ما أبدعته عقولهم وقلوبهم من نظم الشعر والقوافي.
المعنى الثاني: أن المرادف الدلالي لجملة " لعلكم تعقلون" أي لعلكم تبصرون بقلوبكم للهدى وللدين الحق، الذي لم يبصره أحد من عرب الجزيرة، إلا من كان من الأحناف على شريعة إبراهيم الخليل، وهم قلة، فضلاً عن أن تأثيرهم كان محدوداً، نظراً لشدة بأس العرب، لأي دعوة أو فكرة تستهدف تغيير معتقداتهم، إذا ما خبرنا أن أساس المعارضة، هو اللغة، خصوصاً ما يتعلق بالأدب والشعر.
وبالعودة إلى تقسيم العقل، لابد لنا قبل الخوض في عملية التقسيم، من طرح السؤال التالي: بما أن العقل المبصر يعني الإيمان، فهل يعني العلم أيضاً؟.
الإجابة عن السؤال السابق، تضعنا أمام احتمالين.
الاحتمال الأول: العقل المحسوس، يعني العلم بصفات الأشياء، والتمييز بين الغث والسمين، والحسن والقبيح، وهذا الاحتمال يتماشى مع وظيفة العقل الإسلامي " وهديناه النجدين".
الاحتمال الثاني: العقل المجرد، وهو الذي يدرك الكليات والجزئيات، والإدراك هو الوجه الآخر للمعرفة، التي تعني العلم في المقام الأول، كما أن العلم يؤدي إليها من خلال الإدراك.
لكن السؤال الجوهري، إذا كان العلم كأحد مفرزات العقل المجرد أو حتى المحسوس، فأي علم يحصل عليه المسلمون اليوم من عقولهم، وبصيغة أخرى، ما هو العلم الذي يفرزه العقل الإسلامي؟.
لفهم الآلية التي يعمل عليها العقل الإسلامي، لا بد من تحديد طبيعة عمله الأساسية في إطار الدين والتعامل مع نصوصه في سياق الوحي، لأننا لا نستطيع أن نحكم على طبيعة العلم الذي يفرزه العقل، إذا ما أخذنا في الحسبان، أن العلم نفسه مقسوم إلى جزئين.
الجزء الأول: العلم النظري، والذي يرتبط باستنباط القوانين والأحكام والشرائع التي تحكم الكون.
الجزء الثاني: العلم العملي، أي العلم التطبيقي الذي يضع القوانين والشرائع موضع التطبيق والتفعيل.
إن طبيعة عمل العقل الإسلامي، سواء ما ارتبط منها في سياق الوحي أو في سياق النص، يمكن ملاحظتها في مجالين، بحيث يمكن من خلالهما، معرفة أي نوع من العلم يفرزه العقل الإسلامي.
المجال الأول: ما يتصل بالإدراك.
المجال الثاني: ما يتصل بالأخلاق.
ففي المجال الأول، يقترب الإدراك، بوجهيه الحسي والمجرد، من العلم العملي، بما يعني الاختراعات والاكتشافات وقوانين الفيزياء والرياضة.
بينما تقترب الأخلاق في المجال الثاني، بشقيها العملي والنظري، من العلم النظري، الذي يعني القوانين والأحكام التي تضبط السلوك والنفس البشرية.
الشرح السابق، يوضح لنا، ماهية العقل الإسلامي، ويبين طبيعة عمله في طار النص، كخطوة أولى على طريق فهمه فهماً موضوعياً، وتبيان الوظائف التي يؤديها، إن على مستوى النص أو خارجه.
من هنا نستطيع القول، إن ماهية العقل الإسلامي، أقرب ما تكون إلى العقل النظري – المحسوس في سياق إبصار الوحي، منه إلى العقل العملي – المجرد في إدراك الشيء ونقيضه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تنــــويــــــــــه
ثائر الناشف ( 2010 / 9 / 17 - 13:44 )
إن تناولي للعقل في الإسلام هو من قبيل فهمه من وجهة نظر محايدة
ربما قد يجدها البعض من وجهة علمانية
وقد يجدها البعض الآخر من وجهة فلسفية
ولا أسعى في سياق هذا البحث أو في الأبحاث القادمة الى نقده
فمشاريع نقد العقل كثيرة ومتنوعة
الهدف هو البحث عن المدخل المناسب لكيفية إصلاحه


2 - Non-sense!
Saif Askar ( 2010 / 9 / 17 - 14:34 )
I could hardly get myself to read your article to the end and with all due respect, I was disappointed. I do not know what resources you have used to arrive at your conclusions about the so called, islamic mind. All what you have mentioned is nothing but personal views/openion which can not be subsantiated (unless you think that cutting and pasting a couple of quran verses and trying to overinterpret them to fit your conclusions would do the trick!). Dude, look around you in all muslim countries and tell me where the heck you see any sign for any -intelegent life-!! As a matter of fact, your article is the a very good example of the nature and value of this -islamic mind- -- -


3 - صوتي مع الأحرار و العقلاء
abdul al lat ( 2010 / 9 / 18 - 03:46 )
و أنا أضم صوتي مع صوتي العزيزين و خصوصاً
الأخ سيف عسكر,أتمنى من الأخ سيف يكتب رأية
بالعربي كي يصل لأكبر شريحة ممكنة من المغيبين من
أخوتنا في الإنسانية من المسلمين ,و لا عزاء لهكذا طريقة
في الطرح


4 - !!!!!!
abdul al lat ( 2010 / 9 / 18 - 03:55 )
لكأني أقرأ لأحد علماء الأزهر.


5 - !!!!!!
abdul al lat ( 2010 / 9 / 18 - 03:58 )
و إن لم يكونا جاهلين فلماذا تصورهم أدبياتكم على أنهم
جهلة أجلاف قساة غير متحضرين

اخر الافلام

.. لماذا| ما أثر قانون -مكافحة الانفصالية الإسلامية- على المسلم


.. -السيد رئيسي قال أنه في حال استمرار الإبادة في غزة فإن على ا




.. 251-Al-Baqarah


.. 252-Al-Baqarah




.. 253-Al-Baqarah