الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إسرائيل دولة غربية بمرجعية يهودية (1_6)

نهرو عبد الصبور طنطاوي

2010 / 9 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


(*الترويج العربي المجاني لإسرائيل*)

لقد بلغت السذاجة والسطحية ببعض أو كثير من العرب حد المرض المزمن الذي لا يرجى له شفاء، ويبدو ذلك حين يروجون بإلحاح مبالغ فيه كل يوم في كتاباتهم وأحاديثهم وإعلامهم ليل نهار بوصفهم لإسرائيل أنها (دولة مارقة، ودولة فوق القانون، ودولة لا تحترم الشرعية الدولية، ودولة ليس لها رادع)، هكذا دون وعي منهم ودون أن ينتبهوا لخطورة ما يرددون وما يقولون. ذلك أن وصفهم لإسرائيل بأنها دولة مارقة ودولة فوق القانون ولا تحترم الشرعية الدولية وليس لها رادع فهم بذلك يقومون بالترويج المجاني ودون مقابل لما تريد إسرائيل أن تروج له عن نفسها في الحقيقة.

فإسرائيل تعي تماما أنها دولة احتلال قامت باغتصاب أرض ليست لها وقامت بطرد شعب بأكمله وتهجيره من وطنه، وكذلك تعي تماما أن ما قام على الباطل لا يمكن أن يستمر ويبقى من دون أن تكون عوامل بقائه واستمراره مستمدة من الباطل ذاته الذي قامت عليه. فإسرائيل لن تبق ولن تستمر إلا إذا آمن واقتنع وأقر العالم كله بأن إسرائيل أمر واقع لا يمكن تغييره أو تعديله أو تجميله، فهي تريد أن تجعل من مروقها التزام، ومن خروجها على القانون قانون، ومن عدم احترامها للشرعية الدولية عين الاحترام، ومن عدم ارتداعها ردعا للآخرين.

وما يجعل البعض يروج لهذا يوميا في إصرار وإلحاح عجيب أن البعض إلى الآن لم يفهم الشخصية اليهودية فهما حقيقيا، وكذلك لم يقف البعض إلى الآن على الأسباب والدوافع الحقيقية لقيام دولة إسرائيل، وبعدم فهم البعض للشخصية اليهودية وفهم حقيقتها وفهم التركيبة الفكرية الدينية لبنية الشخصية اليهودية، وكذلك بعدم فهم البعض للأسباب والدوافع الفكرية والدولية والاجتماعية والإستراتيجية لقيام دولة إسرائيل فهم بذلك يقدمون لإسرائيل خدمة قومية عظمى، لأن عدم الفهم الحقيقي لملابسات نشأة دولة إسرائيل يجعل البعض يستلهم من إسرائيل ذاتها ما تريد هي أن نصفها به من أوصاف تعمل هي جاهدة على تثبيتها في نفوس الشعوب المحيطة بها بل وفي نفوس كل شعوب العالم.

إن ترديد البعض لأوصاف يصفون بها إسرائيل دون وعي منهم لحقيقة هذه الأوصاف ودون فهم لحقيقة مراميها فإنهم حتما يقومون بالترويج المجاني لإسرائيل دون أن يشعروا بذلك، وبهذا الترويج الذي يروجه البعض عن إسرائيل فإنهم يخدعون الناس ويجعلونهم يؤمنون بالأوهام والخرافات والأساطير التي تم نسجها حول دولة إسرائيل، بل إنهم يساهمون في إقناع الجماهير بهذه الأوهام والأساطير دون أن يعوا بأن هذه الأوهام والأساطير هي السبب الحقيقي والرئيسي لوجود إسرائيل، بل وسر بقائها، فإسرائيل دولة تقوم على الأوهام والأساطير والخيالات التي لا وجود حقيقي لها إلا في أوهام البعض.

فوصفنا لإسرائيل بهذه الأوصاف نكون قد قمنا عن سطحية وسذاجة بإقناع الجماهير _قصدنا أو لم نقصد_ بأن إسرائيل دولة متفردة من نوعها أو دولة خارقة للعادة وجودا وقوة وسياسة واقتصادا وشعبا، إننا نوهم الجماهير بأن ما فيه إسرائيل من قوة وسطوة وتكبر وتجبر واستعلاء ولامبالاة بأي شيء هي أشياء ذاتية في التكوين البنيوي لتلك الدولة، وكأن هذه المواصفات التي نصف بها إسرائيل ليل نهار هي مواصفات طبيعية شرعية عادية وأنها بقوتها هذه وخرقها للعادة وجبروتها وعربدتها منفصلة عن العالم بل لا دخل للعالم كله بما فيه إسرائيل وما تفعله إسرائيل، ما أوحي إلى جموع الناس ورسخ في روعهم وقناعاتهم أن كلمة إسرائيل لا تعني سوى الشيء الخارق للعادة وجودا وسطوة وقوة وتأثيرا، وأنها المارد الذي لا يقهر ولا يتراجع ولا ينكسر ولا يمكن النيل منه ولا يمكن حتى تحديه، ما أشعر الناس بالعجز والضعف والخنوع والذل أمام التعامل مع تلك الدولة. بل أشعرهم بالاستسلام والخضوع التام لما تفرضه من واقع تريده هي أن يكون، وللأسف نحن العرب نروج لها ذلك في سذاجة وسطحية وبلاهة منقطعة النظير.
(للحديث بقية)

نهرو طنطاوي
كاتب وباحث في الفكر الإسلامي _ مدرس بالأزهر
مصر_ أسيوط
موبايل/ 0164355385_ 002
إيميل: [email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية خاصة | عمليات نوعية وغير مسبوقة للمقاومة الإسلامية في


.. «توأم الروح والتفوق» ظاهرة مشرقة بخريجي 2024




.. تغطية خاصة | إيهود باراك: في ظل قيادة نتنياهو نحن أقرب إلى ا


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان ترفع مستوى الإسناد




.. لماذا تخشى الكنيسة الكاثوليكية الذكاء الاصطناعي؟