الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إسرائيل دولة غربية بمرجعية يهودية (2_6)

نهرو عبد الصبور طنطاوي

2010 / 9 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


(*الفكر الديني اليهودي وأثره في تكوين الشخصية اليهودية*)

ما لا يخفى على البعض منا أن الشخصية اليهودية عبر التاريخ هي شخصية مصقولة ومأسورة بالعقائد والفكر الديني اليهودي، تلك العقائد التي تربت عليها الشخصية اليهودية ولعبت دورا كبيرا في السيطرة والتأثير الفاقع على سلوكيات وأفكار اليهود، ومما لا يخفى على البعض كذلك أن اليهود يؤمنون بأسفار العهد القديم للكتاب المقدس، ولا يخفى على البعض كذلك أن هذه الأسفار تحتوي على العديد من النصوص التي قد يراها البعض تشع عنصرية ودموية وإبادة وإحراقا وسفكا لدماء الأعداء والمخالفين بدم بارد طاعة للرب وامتثالا لأوامره وتشريعاته، فقد يرى البعض تلك النصوص بهذه الصورة الدموية الوحشية إذا علمنا أن اليهود يحملون تلك النصوص على ظاهرها ونزعها من سياقها التاريخي دون تسييجها بسياج فكري واقعي يأخذ الواقع الثقافي والاجتماعي الذي نزلت فيه والظروف والأحداث التاريخية بعين الاعتبار. وهذا قد يحدث مع أي نصوص دينية أخرى مشابهة في أي دين وليس الدين اليهودي وحسب.

وهذا بالضبط ما فعله آباء اليهود في القرون الأولى لميلاد المسيح عليه السلام، ففي عهد (عقبيا بن يوسف) الذي قتل على يد الرومان في 132 ميلادية قام يهوذا بإعداد مجموعة من التوراة الشفهية التي أضيفت للأسفار الخمسة المكتوبة، وقد أطلق على هذه المجموعة الشفهية اسم (المنشأ)، وقد اكتمل هذا الكتاب بشكل نهائي في القرن الرابع الميلادي وأطلق اليهود عليه اسم (التلمود)، ويُعْتَبَر التلمود التفسير المعتمد والمقدس لدى اليهود للتوراة، وهو الكتاب الذي اجتمع عليه اليهود من القرن الرابع الميلادي حتى يومنا هذا. ذلك (التلمود) يحتوي على كثير من التعاليم التي تشربتها الشخصية اليهودية وتشبعت بها، وهي تعاليم دموية عنصرية معادية للجنس البشري كله عدا كل ما هو يهودي وحسب، ومن التعاليم التي أسهب هذا الكتاب في شرحها وتفصيلها والتأكيد عليها، وتمارسها إسرائيل حاليا بشكل واقعي فعلي حقيقي هي عقيدة (شعب الله المختار)، التي يرى اليهود من خلالها أن الله فضلهم على الجنس البشري كله حتى أنه قد جاء في بعض فصول التلمود فقرة تخاطب اليهود تقول: (الأمميون _أي جميع شعوب وأمم الأرض من غير اليهود_ هم الحمير الذين خلقهم الله ليركبهم شعب الله المختار، وكلما نفق منهم حمار ركبنا حمارا آخر). وبالتالي فلا نجد أية غرابة حين نرى إسرائيل تتعامل مع العالم بل مع الجنس البشري كله بهذه الطريقة الاستعلائية التي لا تقيم فيها وزنا ولا اعتبار لشيء ولا ترعى حرمة لأحد، لأن الشخصية اليهودية تعتبر تلك الأفعال دينا تتقرب به إلى الله.

وكذلك من التعاليم الأخرى التي صقلت الشخصية اليهودية والتي احتواها ذلك الكتاب أنه قد لا يجد البعض منا أية غرابة أو استنكار حين يرى الجنود الإسرائيليين وهم يقتلون الأطفال والرضع الفلسطينيين بتلك الطريقة الوحشية غير الآدمية دون أن يرف لهم جفن، هذا إذا علمنا أن ما يفعلونه هو تنفيذ وطاعة لأوامر إلهية ونصوص دينية تشربت بها نفوسهم، وأذكر للقارئ نذرا يسيرا من هذه النصوص حتى يعلم الناس الدافع الحقيقي لوحشية ودموية الشخصية اليهودية على النحو التالي: لقد جاء في بعض أسفار التوراة ما يلي: (إِذهَبوا في المدينةِ وراءَهُ واَضربوا. لا تُشفِقوا ولا تَعفوا. اقتلوا الشُّيوخ والشُّبَّانَ والشَّاباتِ والأطفالَ والنِّساءَ حتى الفناء) (حزقيال 9 : 5-6). ومنها: (فَضَرْباً تَضْرِبُ سُكَّانَ تِلكَ المَدِينَةِ بِحَدِّ السَّيْفِ وَتُحَرِّمُهَا بِكُلِّ مَا فِيهَا مَعَ بَهَائِمِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. تَجْمَعُ كُل أَمْتِعَتِهَا إِلى وَسَطِ سَاحَتِهَا وَتُحْرِقُ بِالنَّارِ المَدِينَةَ وَكُل أَمْتِعَتِهَا كَامِلةً لِلرَّبِّ إِلهِكَ فَتَكُونُ تَلاًّ إِلى الأَبَدِ لا تُبْنَى بَعْدُ) (تثنية 13: 15- 17(. ومنها: (فَالآنَ اذْهَبْ وَاضْرِبْ عَمَالِيقَ وَحَرِّمُوا كُلَّ مَا لَهُ وَلاَ تَعْفُ عَنْهُمْ بَلِ اقْتُلْ رَجُلاً وَامْرَأَةً, طِفْلاً وَرَضِيعاً, بَقَراً وَغَنَماً, جَمَلاً وَحِمَارا). (صموئيل الأول). فهل بعد تلاوة هذه النصوص يجد أحدنا أية غرابة إذا شاهدنا اليهود وهم يقتلون أعداءهم الفلسطينيين من الأطفال والرضع والنساء والعجزة والشيوخ والتمثيل بهم وإحراق مدنهم وهدم منازلهم وحرق بهائمهم؟؟، هل نجد عجبا أو غرابة إذا علمنا أن هذه الأفعال هي تعاليم دينية وشرائع إلهية يهودية تشربتها الشخصية اليهودية وتشبعت بها نفوسهم وصارت معتقدا دينيا يمارسونه طاعة وإرضاء للرب.

وكذلك علَّم التلمود اليهود عبر العصور كيف يستمرون ويبقون على قيد الحياة بهذه التعاليم وهذا الفكر الديني العنصري الدموي المعادي للجنس البشري كله دون أن يتعرضوا للفناء والإبادة على يد الأمم الأخرى، وعلمهم كيف يحترفون المكر والخداع والتلون بجميع الألوان للانغلاق علي أنفسهم والتعايش في أي زمان ومكان للسيطرة على القوى الاقتصادية والسياسية والثقافية في المجتمعات التي يعيشون فيها دون أن يشعرن بهم أحداً، لحين قيام دولتهم التي وعدهم بها الرب.
(للحديث بقية)

نهرو طنطاوي
كاتب وباحث في الفكر الإسلامي _ مدرس بالأزهر
مصر_ أسيوط
موبايل/ 0164355385_ 002
إيميل: [email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - علماني مغاربي
محمد بودواهي ( 2010 / 9 / 19 - 01:05 )
وهل الدين الإسلامي أو حتى المسيحي أقل وحشية ودموية من الدين اليهودي ؟؟؟؟
أعتقد أن كل الأديان السماوية تتشابه ، ولا أفضلية لدين على الآخر إلا بتجميل صورته من طرف الاتباع والمعتنقين
تحيتي

اخر الافلام

.. مشروع علم وتاريخ الحضارات للدكتور خزعل الماجدي : حوار معه كم


.. مبارك شعبى مصر.. بطريرك الأقباط الكاثوليك يترأس قداس عيد دخو




.. 70-Ali-Imran


.. 71-Ali-Imran




.. 72-Ali-Imran