الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثقافة والبداوة 2 ( تتمة)

محمد نضال دروزه

2010 / 9 / 18
المجتمع المدني


فكيف ظهرت الثقافة العربية وما هي مكوناتها؟
إن الوحدة الجدلية في الحراك الاجتماعي، بين التاريخ والحاضر في المجتمعات العربية، على أراضيها الصحراوية وشبه الصحراوية التي تعاني من ندرة المياه والموارد الطبيعية، كونت المفاهيم والمنظومات الثقافية في واقع الحياة المعاشة.
فقانون الندرة، وعدم قدرة الفرد الحصول على حاجاته إلا بالقليل ولد الخوف وعدم الشعور بالأمان، ففقد العقل قدرته على حب المعرفة والتجريب. فنشأ التكتل القبلي والعشائري، والاستسلام للقضاء والقدر. فتكرست قيم ومفاهيم الجهل والخوف والفقر والخرافة والنفاق والفوضى والفساد، والإتكالية، في البنية الثقافية لهذه التجمعات القبلية المتناثرة المتناحرة الغير مستقرة. هذه البنية الثقافية البدوية، تشد الفرد والجماعة للمحافظة على التقليدي والقديم لسهولته، ونبذ الجديد والتجديد وعدم المغامرة في التغيير لصعوبته، والخوف من خسارة التقليدي والقديم لندرته والتعود عليه، ولشعوره ببعض الأمن والأمان بحوزته.
فاستغلت السلطة الأبوية( القبلية والطائفية) حرص الأغلبية على محاربة التجديد والتطور والتغيير، وسيلة للحكم والتسلط والقمع والاستبداد. بأنظمة سياسية واقتصادية واجتماعية وفكرية قهرية لتدجين الرعية لخدمة مصالح السلطة الحاكمة، فارتمت الرعية في الركود الثقافي، وهي عاجزة عن التخلص من مستنقعات وقيود ثقافة البداوة.
فكلما ظهرت محاولات لاستعمال العقل والعلم والتمدن تكون ثقافة البداوة لها بالمرصاد، تنقض عليها في أقرب فرصة، فتضعف فاعليتها إن لم تقضي عليها. لان قانون الندرة والحاجة يغذي ويقوي ويحرك ثقافة البداوة المدمرة لأي تقدم مدني أو حضاري. فمن أهم مكونات ثقافة البداوة ذهنيات الخوف والعجز والقصور.
وبالتحليل العلمي لأنساق الخطاب الثقافي المتداول، نكتشف أنه مكون من شبكة من ذهنيات الجهل والتخمين، والتردد والكسل والخوف والخرافة. وذهنيات الاضطهاد والاستبداد وذهنيات الفوضى والفساد والنفاق، وذهنيات التبرير والوهم والإتكالية، وذهنيات التطويع والتدجين. وهذه الذهنيات هي أهم مكونات ثقافة البداوة السائدة.
وليس فخرا أن المجتمعات العربية، مجتمعات عاطفية، يحركها انفعال عشوائي أو غوغائي، فهي لم ترب على استعمال العقل المعرفي والسببي والنقدي، وإنما تربت وتثقفت على التخويف من عقاب السلطان، وغواية الشيطان، وعقاب الرحمن، والتسليم بالقضاء والقدر، والقناعة بما تيسر من الأرزاق الشحيحة، والرضا بالجهل والخرافة، وتقديم فروض الطاعة لأولياء الأمور، ونبذ حرية التفكير وحرية التعبير وحق الاعتراض. فأصبحت مجتمعات عاطفية، دون عقل سببي أو تجريبي، ودون إرادة فاعلة، تعمل بالمؤثر والاستجابة.
فكيف تستطيع مؤسسات المجتمع وعلى رأسها الأسر والمدارس والجامعات تخريج أجيال تحمل خطابا ثقافيا تقدميا متجانسا، ينقل المجتمع من ثقافة البداوة الى ثقافة الإصلاح والتغيير والتطور والتحديث؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أطفال يتظاهرون في أيرلندا تضامنا مع أطفال غزة وتنديدا بمجازر


.. شبكات | اعتقال وزيرة بتهمة ممارسة -السحر الأسود- ضد رئيس الم




.. الجزيرة ترصد معاناة النازحين من حي الشجاعة جراء العملية العس


.. طبيبة سودانية في مصر تقدم المساعدة الطبية والنفسية للاجئين م




.. معاناة النازحين الفلسطينيين في غزة تزداد جحيماً بسبب ارتفاع