الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إسرائيل دولة غربية بمرجعية يهودية (3_6)

نهرو عبد الصبور طنطاوي

2010 / 9 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


(*أوضاع اليهود في المجتمعات الغربية قبل قيام إسرائيل*)

لقد أثرت التعاليم الدينية التلمودية على الشخصية اليهودية بشكل كبير وأثرت على تفكيرها وسلوكها وعلاقتها بغير اليهود عبر قرون طويلة ما جعلهم يعيشون في مجتمعات شبه منعزلة ومنغلقة على نفسها منبوذة من كل الشعوب ونابذة لكل من حولها من الشعوب، فالتعاليم التلمودية أمرت اليهودي أن يحتقر كل من هو غير يهودي وأباحت قتله وسرقة أمواله وانتهاك عرضه، وأن كل من هو غير يهودي قد خلقه الله لخدمة اليهودي، وأن أرواح غير اليهود هي أرواح شيطانية، راجع باستفاضة كتابهم الشهير: (الكنز المرصود في قواعد التلمود).

فجعلتهم تلك التعاليم الدينية يعيشون في الدول الأوروبية قبل نشأة دولة إسرائيل دون أي شعور بالانتماء الوطني أو القومي لأي دولة أوروبية تواجدوا فيها، بل لم يؤثر عنهم أنهم قد شاركوا أهل البلدان الأوروبية في أي من مناسباتهم الدينية أو القومية أو الوطنية أو العسكرية أو غيرها من المناسبات، مما جعل شعوب البلدان الأوروبية يتوجسون منهم خيفة وجعلهم يظنون بهم الظنون، بل حين بدأت الشعوب الأوروبية تطلع على العقائد والأفكار الدينية التلمودية لليهود أيقنت الشعوب الأوروبية أن وجود الشخصية اليهودية بهذا الفكر الديني الإجرامي بينهم سوف تكون له عواقبه الكارثية على المجتمعات الغربية جميعها، وأدى ذلك إلى تعقب اليهود في الدول الغربية واضطهادهم واحتقارهم ومناصبتهم العداء.

قال الدكتور أسعد رزق في كتابه (التلمود والصهيونية) (ينبغي علينا كذلك أن لا نتجاهل المسئولية التي تقع على عاتق اليهودية التلمودية منذ أن استتبت لها السيطرة على حياة اليهود وحتى أواخر القرن الثامن عشر وقيام الثورة الفرنسية. فالمجتمع اليهودي المغلق من سياج التلمود ليس من صنع العداء المسيحي لأتباع الديانة اليهودية، بل هو التجسيد المتعمد للنظرة الضيقة والانفصالية التي يظهر اليهود من خلالها أنفسهم، فولدت عندهم الاستعلاء والانعزال وجعلتهم لا يلتفتون إلى ما عداهم من الشعوب الأخرى إلا من مقام عليائهم وتفوقهم، ومن خلال القناعة التي رصدوها في كتبهم الدينية عن الصفوة والشعب المختار) انتهى.

ولم يكن العداء بين الشعوب الغربية وبين اليهود عداء دينيا وحسب، بل تحول العداء في القرنين الأخيرين من الألفية الثانية إلى عداء مالي واقتصادي كذلك، قال "وول ديورانت" في كتابه "قصة الحضارة": (إن الخلافات الدينية وإن كان لها أثراً في كراهية اليهود فإن السبب الرئيسي في الحقد عليهم يرجع إلى عوامل اقتصادية وذلك لأن اليهود قد أقبلوا على الذهب، فقد حرم التلمود عليهم زراعة أرض أجنبية فتهافت اليهود على الذهب الذي يسهل نقله وتهريبه، واعتقاد اليهود أنهم الشعب المختار الذي قُدِر له أن يسود الشعوب الأخرى، كان له أثره في إصرار اليهود على الحصول على الذهب وبأي وسيلة، لأنه سبيلهم في تحقيق الاختيار اليهودي وفرض سيطرتهم على الشعوب. وبهذا يكون الذهب وتجارته عامل اقتصادي وقد أضاف سبباً جديداً لاضطهاد اليهود) انتهى. ويقول وليم كار في كتابه (على رقعة الشطرنج): (لقد كان أقصى ما يفعل اليهود _في أوروبا_ هو جمع المال، وإقراضه بالربا الفاحش للمحتاجين، وإيقاع أمراء الإقطاع في الدين ليستولوا في النهاية على ثرواتهم. ولكن تأثيرهم في مجموع الناس كان معدوماً أو ضئيلاً إلى أقصى حد، خاصة واليهود في أوروبا في ذلك الحين محتقرون مهينون، فوق البغضاء الموجهة إليهم والاضطهاد الحائق بهم على أساس أنهم قتلة المسيح كما كان يعتقد المسيحيون) انتهى.

إن كثيرا من المفكرين والكتاب العرب وغير العرب يظنون واهمين أن قيام دولة إسرائيل كان مطلبا يهوديا بامتياز، وأن مساندة الغرب لليهود في قيام دولة إسرائيل كان تلبية لرغبة اليهود في ذلك، إلا أن الحقيقية غير ذلك تماما، إن قراءة التاريخ قراءة واعية تبين أن قيام دولة إسرائيل كان مطلبا غربيا في المقام الأول قبل أن يكون مطلبا يهوديا، والغرب المسيحي هو من قام باستدراج اليهود إلى إقامة دولة إسرائيل وليس العكس، وما يؤكد هذا أن اليهود بحملهم لتلك العقلية الدينية المعادية لكل من هو غير يهودي لم يستطيعوا التعايش مع الشعوب الأوروبية حتى رغم وجود بعض الحركات اليهودية التنويرية الإصلاحية كحركة (الهسكلاء) التي ترأسها (موسى مندلسون) في القرن الثامن عشر الميلادي، فقد حاولت هذه الحركة التنويرية بكل ما أوتيت من قوة وجهد أن تصهر اليهود في المجتمعات الأوروبية إلا أنها فشلت فشلا ذريعا في تحقيق ذلك، والسبب يعود للمعتقدات الدينية اليهودية التي ترسخت وتجذرت في نفوس اليهود، وكذلك ممارساتهم العنصرية الكارهة للبشرية وتعاملاتهم الاقتصادية التي كانت تقوم على امتصاص دماء الشعوب الأوروبية عن طريق الربا والاستغلال الفاحش للمدينين كل ذلك جعل الشخصية اليهودية كالجسم الغريب المنبوذ المحتقر من قبل الشعوب الأوروبية، وقد حال كل ذلك دون تحقيق أي تعايش أو قبول لليهود في المجتمعات الأوروبية، ثم بدأت عمليات الاضطهاد العنصري لليهود في الظهور خاصة في روسيا بعد مقتل القيصر (الكسندر الثاني)، ثم تسارعت عمليات الاضطهاد العنصري ضد اليهود في أوروبا ما بين الأعوام 1890_ 1945 وكانت بداية الأحداث هو التوجه المعادي للسامية في روسيا ومروراً بمخيمات الأعمال الشاقة التي أقامها النازيون في أوروبا وانتهاءً بعمليات الحرق الجماعي لليهود وغيرهم على يد النازيين الألمان إبّان الحرب العالمية الثانية.
(للحديث بقية)

نهرو طنطاوي
كاتب وباحث في الفكر الإسلامي _ مدرس بالأزهر
مصر_ أسيوط
موبايل/ 0164355385_ 002
إيميل: [email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أفكار محمد باقر الصدر وعلاقته بحركات الإسلام السياسي السني


.. مشروع علم وتاريخ الحضارات للدكتور خزعل الماجدي : حوار معه كم




.. مبارك شعبى مصر.. بطريرك الأقباط الكاثوليك يترأس قداس عيد دخو


.. 70-Ali-Imran




.. 71-Ali-Imran