الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فصل الدين عن الدولة

صاحب الربيعي

2010 / 9 / 20
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تعدّ الدولة الأب الروحي لكل المواطنين والدين أب روحي فقط لعدد محدود منهم، وللدولة مجتمع واحد بفئات متعددة وديانات ومذاهب مختلفة ويمثل الدين فقط أحد فئاتها أو مذاهبها وتعدّ الدولة جميع المواطنين بمثابة أولادها لكن الدين يميز بين المنتمين إليه والمنتمين إلى ديانات ومذاهب أخرى.
تمثل الدولة الأب الروحي لحياة المواطنين الدنيوية والدين يمثل الأب الروحي لحياة المنتمين إليه في عالم الآخرة، ومهام الدولة تسيير شؤون المواطنين الدنيوية بغض النظر عن انتماءهم الديني والقومي بعدّهم مواطنون لهم نفس الحقوق والواجبات، ومهام الدين إسداء النصح والموعظة الحسنة للمنتمين إليه ليصبحوا أقرب إلى أحكام السماء. وبذلك تختلف مهام الدولة كلياً عن مهام الدين، ولا يجوز إقحام الدين في الدولة لأنه سيخرق مبدأ هام من مبادئها إلا وهو مبدأ المواطنة وسيجبر أبناء الديانات الأخرى ومذاهبهم على الانصياع إلى نهج دين الدولة الرسمي ما يضعف درجة المواطنة، وفي المحصلة يحدث خللاً في ماهية الدولة بعدّها الأب الروحي لكل المواطنين حتى إن كانت ضامنة لممارسة شعائر الديانات الأخرى ومذاهبهم لكنها بقصد أو من دون قصد ستفرض نهجها الديني عليهم.
يعتقد (( بيخو باريخ )) " أن التماهي بين الدولة والدين يفسد الأثنين معا، ويعرض الكرامة الإنسانية للمهانة ويقيد حرية التعبير وينتهك حقوق الفرد الأخلاقية والدينية ويحرم من لا ينتمون إلى دين الدولة أو لم تصادق على دينهم رسمياً من حقوق المواطنة المتساوية فيطعن بنزاهتها ".
تمنح الدولة الحقة كل المواطنين حرية ممارسة شعائرهم الدينية والمذهبية من دون الإساءة أو التحريض على العنف والنيل من الديانات الأخرى لأنها الضامن الوحيد لحقوق جميع المواطنين فحين تكون منحازةً إلى دين أو مذهب معين على حساب دين أو مذهب آخر تفقد حياديتها.
إن تبني الدولة رسمياً لدين ما كإجراء شكلي يعبر عن ديانة أغلبية المواطنين لا اعتراض عليه، مع التحفظ ، لكن أن تفرض تعالميه على كل المواطنين بما فيهم المنتمين إلى ديانات أخرى يعدّ استفزازاً لمشاعرهم لأن حقوق المواطنة غير قابلة للتجزأة إلى حقوق الأكثرية والأقلية. ولا يوجد دليل واحد على أن كل المنتمين إلى دين الدولة الرسمي من الأكثرية ملتزمين به ويقبلون بخرق أحد مبادئ الدولة الأساس كمبدأ المواطنة والمساواة بين المواطنين، لذلك على الدولة الحقة الانصياع إلى مبادئها الأساس لإثبات حياديتها ونزاهتها في ضمان حقوق جميع المواطنين من دون استثناء خاصة في الشأن الديني لأنه يمثل المشاعر والعواطف الكامنة لا يجوز المساس به وحسب، بل ضمان عدم التعريض به بعدّه مساساً بمبدأ حقوق المواطنة.
كما أن مشاركة الأحزاب الدينية في الحراك السياسي يجب أن لا يكون تحت غطاء ديني أو مذهبي وإنما تحت غطاء تمثيل مجموعة من المنتمين إلى الدين أو المذهب لا غير، شريطة الإيمان الكامل بمبادئ النظام الديمقراطي من دون أجندة دينية أو مذهبية تفرض مستقبلاً على الدولة عند فوزها في الانتخابات وتسنمها السلطة السياسية. فكلما كانت مؤسسات الدولة منصاعة على نحو دقيق إلى المبادى الدستورية وخرقها يستوجب المحاسبة يتعزز النظام السياسي في صيانة حقوق المواطنة.
يقول (( بيخو باريخ )) : " إنه على المتدنين احترام مبدأ حقوق المواطنة في النظام الديمقراطي بعدّه شرطاً مسبقاً وضرورياً لمشاركتهم في العملية السياسي ".
التجارب السياسية في العالم التي عدّت الدين جزءاً من الدولة تعرضت إلى الانهيار وتضرر الدين على نحو بالغ لذلك عمدت إلى تغيير نهجها لأنها وجدت الدين نقيضاً للدولة ولا يمكن أن يلتقيا على أرضية واحدة في أحكامهما لأن نهج الدين روحاني ونهج الدولة دنيوي ومهام الدين محاكة العاطفة ومهام الدولة محاكة العقل. والدين يخص مجموعة من المواطنين والدولة تخص كل المواطنين لذلك من الأسلم للدين والدولة معا فصل أحدهما عن الآخر لضمان عدم انتهاك حقوق المواطنة.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل قانون الجنسية الجديد في ألمانيا| الأخبار


.. صحيفة العرب: -المغرب، المسعف الصامت الذي يتحرك لمساعدة غزة ب




.. المغرب.. هل يمكن التنزه دون إشعال النار لطهو الطعام؟ • فرانس


.. ما طبيعة الأجسام الطائرة المجهولة التي تم رصدها في أجواء الي




.. فرنسا: مزدوجو جنسية يشغلون مناصب عليا في الدولة يردون على با