الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكرد هل اساءوا التقدير ؟

تيلي امين علي
كاتب ومحام

(Tely Ameen Ali)

2010 / 9 / 21
القضية الكردية



ابرزت الانتخابات العامة التي جرت في البلاد قبل اكثر من نصف عام ، انقسام المجتمع العراقي على نفسه بصورة واضحة ، وجرى الاصطفاف المذهبي والعرقي بشكل رجحت كفة القوائم الكبيرة والتي جاءت اغلبها بنتائج متقاربة ،نتائج تحول حتى الان دون تشكيل حكومة جديدة . وكان لقانون الانتخابات والذي تم صياغته لصالح الاحزاب الكبيرة دور مؤثر وحيوي في اظهار هذه النتائج والمقاعد التي حصلت عليها القوائم الفائزة .
ان ابرز الملامح التي افرزتها الانتخابات الماضية ، هي احتفاظ المكون الشيعي بموقعه في مجلس النواب وضمانه ما يقارب نصف عدد اعضاء المجلس وهو عدد مقارب نسبيا مع ما كان يتمتع به من مقاعد في الدورة الماضية . اما المكون السني فقد احرز مقاعد اضافية واكتسب موقعا قويا داخل المجلس وعلى عكس المكون الكردي الذي فقد نسبته الماضية وجاء التحالف الكردستاني ومعه القوائم الكردستانية الاخرى في المرتبة الاخيرة من بين القوائم الكبيرة الفائزة فيما كان يحتل المركز الثاني في انتخابات الدورة السابقة لمجلس النواب .
ومع ظهور النتائج وما رافقتها من تجاذبات وخلافات حادة بين اطراف القوى السياسية ونشوب حرب التصريحات الاعلامية حول مفهوم الكتلة الاكبر التي يتوجب تكليف مرشحها بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة ، بدا وكأن القوائم الكردستانية مقتنعة بان موقعها لم يهتز في المجلس وان الاطراف الاخرى ونظرا لخلافاتها المستعصية ستضطر لكسب مودتها بأي ثمن ، لهذا صدرت تصريحات من عدد من ممثلي القوائم الكردستانية تفيد ان الكرد بانتظار ما تسفر عنه المباحثات بين الاطراف الاخرى ، وبمعنى اخر انهم في طمأنينة من امرهم وموقعهم . وعندما تسربت انباء عن صفقات بين هذه القائمة وتلك وامكانية ان يفقد الكرد بعض المواقع ، صدرت تصريحات كردية تفيد بوجوب توزيع المناصب السيادية وفق اساس قومي وليس وفق الاستحقاق الانتخابي ، ثم حمل الوفد الكردي ، شروطه او مقترحاته او مطاليبه، الى بغداد والتي تضمنت ورقة تحتوي حوالي عشرين نقطة من اهمها اعتبار الحكومة العراقية مستقيلة في حالة انسحاب الطرف الكردي منها ، ولم تلق الورقة الكردية تجاوبا مطلوبا وجديا من اية قائمة اخرى بل لاقت معارضة شديدة من بعض الاطراف اضطر معها ممثلوا القوائم الكردستانية الى التراجع بالقول ان الورقة الكردية تتضمن مقترحات وليست شروط او مطاليب ، وفي خطوة ابعد من التراجع اعلن نائب كردي ان الوفد المفاوض الكردي يتمسك بنقطتين فقط لايساوم عليها وهما ( منصب رئيس الجمهورية والمادة 164 الخاصة بالمناطق المتنازعة عليها ) ، واخيرا اعلن السيد جلال الطالباني الرئيس المنتهية ولايته انه يمكن حتى التفاوض حول منصب رئيس الجمهورية ولا يمكن المساومة فقط على المادة الدستورية 164 .
اليوم حيث عاد الوفد الكردي المفاوض الى بغداد وهو يحمل مبادرة من الرئيس مسعود البارزاني لتجاوز ازمة تشكيل الحكومة العراقية ، وتتضمن هذه المبادرة على ما قيل ، تقليص صلاحيات رئيس الوزراء وخاصة الامنية منها وتحويلها لمسؤولين اخرين او هيئات اخرى . انا لا اشك مطلقا ان البارزاني اطلق مبادرته بداعي الحرص على مصلحة العراق والشعب العراقي ، لكن لا ارى ان الاطراف العراقية السياسية ستقتنع بها ، انما سيؤكدون التزامهم بالدستور الذي منح الصلاحيات الواسعة لرئيس الوزراء ، والدستور ليس مرن التعديل ولا امكانية لتعديله في غياب الحكومة ، وبمعنى لا بد من تشكيل حكومة في ظل الدستور القائم حتى ان تطلب الامر اجراء انتخابات جديدة ووفق نفس قانون الانتخابات النافذ ، او لا سامح الله حدوث انقلاب سياسي او عسكري وتعطيل الدستور والقوانين وحل مجلس النواب واصدار دستور مؤقت .
ليست المبادرة موضوع هذا المقال ، انما حالة طمأنينة البال التي تعيشها القوائم الكردستانية والوفد المفاوض الذي لا زال ينتظر ردود القوائم الاخرى على شروطه ومقترحاته واعلانه انه سيختار التحالف مع الجهة التي تكون اقرب الى هذه الشروط . بينما تستدعي الحالة ان يتحرك الوفد المفاوض بسرعة ويختار الجهة التي يراها اقرب الى الكرد للاعلان عن تحالف وتشكيل الكتلة الاكبر والدخول معها مشتركا في مفاوضات مع الكتل الاخرى .
انا اسأل الوفد الكردي المفاوض ، هل يتوقع ان يكون الائتلاف الوطني برئاسة الحكيم وزعامة الصدر الفعلية ، قريبا الى شروط الكرد في الوقت الذي يرفض فيه الصدر حتى مبدأ الفدرالية ؟
او هل يتوقع ان تكون مكونات العراقية الاكثر تاثيرا داخله ( عراقيون – التوافق – الحوار الوطني – الحزب الاسلامي – الجبهة التركمانية) قريبة من تبني المطاليب الكردية .
يتوجب على الوفد الكردي ان يضع هذه السيناريوهات امام اعينه ، سيناريوهات التحالفات المقبلة والمتوقعة وهي اما :
اولا – ان يتم الاعلان فعليا عن تشكيل التحالف الوطني بين دولة القانون وائتلاف الحكيم والصدر وتامين مقاعد قريبة من الاغلبية ، في هذه الحالة سيتوجه التحالف الوطني للتحالف مع العراقية وليس اساسا مع الكرد ، لان الحكيم اعلن في وقت سابق انه لن يشترك في حكومة لا تضم العراقية .
ثانيا – ان يتم التحالف بين العراقية والائتلاف الوطني ، وتأمين حوالي 160 مقعد ، هذا التحالف ايضا لا يحتاج الى اكثر من اربعة مقاعد لتشكيل الحكومة ولن يتقبل السقف العالي من المطاليب الكردية ، ثم يكون تحالف يضم جميع خصوم الكرد السياسيين والذين سيقررون الامور ، ان رغب السيدان علاوي والحكيم او لم يرغبا .
ثالثا – ان يتم التحالف بين العراقية ودولة القانون ، هذا التحالف المفترض يؤمن الاغلبية ( اكثر من 164 ) مقعد ، وهو غير مضطر لتقبل الشروط الكردية .
ليس هناك اية توقعات او احتمالات اخرى ، فماذا ينتظر الكرد ، وعلام يراهن وفدهم المفاوض ؟
في مقال اخر ، قلت ان لدولة القانون مشاكل مع اقليم كردستان ، لكنها مشاكل ادارية او مالية او اختلافات حول تفسير الدستور والقوانين ، ويمكن معالجة هذه المشاكل ، وان دولة القانون وعلى اقل تقدير تعلن التزامها بالدستور ، وعلى عكس الصدريين وعدد من مكونات العراقية المؤثرة التي اشترطت تعديل الدستور للمشاركة في العملية السياسية .
على الوفد الكردي ان يسابق الاخرين للتحالف مع دولة القانون وتشكيل كتلة واحدة معها ومن ثم مفاوضة الكتل الاخرى سوية ، اما انتظار عقد تحالفات على الساحة العراقية من قبل الكرد فليس الا ناجم عن سوء التقدير وعدم قراءة الوضع السياسي والتعلل بالقول لا يمكن تشكيل الحومة من دون الكرد او لا من المستحيل اقصاء مكون عراقي ، وهذا صحيح لكن المشاركة الفعلية في الحكومة العراقية تختلف عن المشاركة الرمزية والصورية التي قد يرغب فيها البعض للكرد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبكات | تفاصيل صفقة تبادل الأسرى ضمن الاتفاق الذي وافقت عليه


.. الدبابات الإسرائيلية تسيطرعلى معبر رفح الفلسطيني .. -وين ترو




.. متضامنون مع فلسطين يتظاهرون دعما لغزة في الدنمارك


.. واشنطن طالبت السلطة الفلسطينية بالعدول عن الانضمام للأمم الم




.. أزمة مياه الشرب تفاقم معاناة النازحين في ولاية القضارف شرقي