الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين والسلطة

صاحب الربيعي

2010 / 9 / 22
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الدين بعدّه سلطة لاهوتية غير منظورة قادرة على تأجيج عواطف العامة من الناس خلال التلويح بالجنة والنار في العالم الآخر كنوع من الثواب والعقاب، ويمكنه أن يؤدي دوراً ايجابياً في حياة البشر بتشجيعهم على الفضيلة وإنكار الرذيلة بعدّها جزءاً من التربية الاجتماعية لإعداد جيل ينبذ العنف والكراهية، وعلى العكس يمكن أن يكون تأثيره سلبي في حياة البشر حين يكون محرضاً على العنف والكراهية. وبذلك فإن العيب لا يكمن في مبادئ الدين ذاته وإنما في القائمين عليه الذين يستغلونه لتحقيق مصالحهم الخاصة أو ينفذون أجندة خارجية لزج العامة من الناس في آتون العنف والكراهية وتعريض السلم الاجتماعي للخطر.
ومع الرفض الكامل تدخل السلطة في شؤون الدين بعدّه حرية شخصية بالقدر ذاته يجب أن لا يسمح للدين التدخل في شؤون الدولة لأن الدين مسؤول عن مناصريه فقط لكن الدولة مسؤولة عن كل أفراد المجتمع وبغض النظر عن دياناتهم وأعراقهم، لذلك يجب فرض الرقابة الشديدة على رجال الدين لمنعهم استغلال الدين لتنفيذ مصالحهم الخاصة أو أجندة مضرة بالدولة والمجتمع للحفاظ على السلم الاجتماعي.
كما على الدين وسدنته أن لا يكونوا وعاظاً للسلاطين يبررون قمع السلطة واضطهادها للمجتمع مقابل رشوتهم بالمال ومنحهم المناصب الدينية على حساب المجتمع، فهؤلاء لا يمكن عدّهم سوى دجالة ومنافقين يسعون إلى تحقيق مصالحهم الخاصة فللدين حرمته وقدسيته لأنه حاجة روحية لا يمكن الاستغناء عنه في ردع أعمال الشر، ما يتطلب حمايته من سدنته المسيئين على نحو خاص.
ويفترض برجال الدين الأسوياء عدم زج الدين في السياسة وإن يكون الدين مدافعاً عن المجتمع لا عن السلطة لأن مبادؤه قائمة على الحق والعدالة، فكلما ترك الدين مسافة آمنة بينه وبين السلطة السياسية أمكنه الحفاظ على مكانته الروحية ونالت مبادؤه الصدقية والاحترام بين أفراد المجتمع وليس فقط عند مناصريه.
يعتقد (( بيخو باريخ )) " أن الدين الذي يبالغ في دنيويته أو يغالي في اقترابه من مراكز السلطة السياسية يفقد خاصته الروحية واحترام الناس، لذلك على الدولة العلمانية أن تمنح الدين مكانة خاصة وتوفر قنوات مؤسسية للتعاون معه في شؤون الاصلاح الاجتماعي لا السياسي ".
وبقدر ما تزيد المطالبة بفصل الدين عن الدولة تزيد المطالبة بمنح الحرية الكاملة للمتدينين ممارسة شعائرهم وطقوسهم الدينية من دون عائق، وفي المقابل تعهدهم الكامل للدولة بإحترام القوانين وعدم التحريض على العنف والكراهية ضد الديانات والطوائف والأعراق الأخرى للحفاظ على السلم الاجتماعي. وبعدّ رجال الدين مواطنين عليهم الخضوع إلى القانون وأن يكون القانون شديداً معهم لمنعهم إثارة النعرات العرقية والطائفية في المجتمع، فالسبيل الأسلم للدين أن يكون بعيداً عن السلطة وإن لا يقحم نفسه في السياسة لأن مبادؤه نزيهة تسعى الخير، لكن السياسة بعدّها عاهرة تسعى لجني المال والشهرة لذلك لا يجوز زج الدين في السياسة.
يقول (( فرناند برويل )) : " إنه لا بد من الإقرار أن الحضارة الغربية كلما تطورت وأزدهرت بدت وكأنها تبتعد عن المعتقدات الدينية وتقترب أكثر من الفكر العقلاني ".
إن الدين يخص فئات اجتماعية متباينة لكل منها تعاليمها ومعتقداتها وسلطتها الروحية على المنتمين إليها، لكن للدولة سلطة واحدة للضبط والتحكم على كل المواطنين وبغض النظر عن دياناتهم ومعتقداتهم وأعراقهم وتعدّ مسؤولة عن حماية كل المواطنين وضمان حرية ممارسة شعائرهم وطقوسهم الدينية من دون خوف أو خشية من الآخرين. لذلك يجب أن يخضع جميع المواطنين إلى سلطة الدولة وقوانينها وعليها احترام الدين وتشديد الرقابة على سدنته لمنعهم استغلاله وتحقيق مصالحهم الخاصة على حساب مصالح المجتمع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما أهمية مذكرة التوقيف بحق الرئيس السوري من محكمة باريس؟ | ا


.. مربعات سكنية بأكملها تم نسفها .. إسرائيل تقصف غزة وتواجه حما




.. -قرع طبول الحرب-.. إسرائيل وحزب الله في سيناريو مواجهة | #ر


.. الاتهامات الإسرائيلية تنهال على نتنياهو.. ودعوات لرفض إلقائه




.. قراءة عسكرية.. الاحتلال يعلن إصابة 14 جنديا في غزة