الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأكثر خلوداً علاقة الناس بأسماء أمكنتهم

نقولا الزهر

2010 / 9 / 26
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


يبدو أن ثمة علاقة حميمة جداً تنشأ بين الناس والأمكنة التي نشأوا وترعرعوا فيها. تتفجر هذه العلاقة حامية عند اقتحامها والاعتداء عليها، وحنيناً عند البعاد عنها(النوستالجيا). تبقى أسماء الأمكنة التي انتقلت إلى الناس من آبائهم وأجدادهم عزيزة على أسماعهم؛ وهنالك من يقول أن العلاقة بين المكان واسمه كالعلاقة بين الجسد وروحه. وتتحول الأسماء عبر مئات السنين وربما آلافها إلى علاقة روحية تملأ قلوب الناس و ذاكرتهم فيعز عليهم تغييرها. فتتغير لغة المجتمعات والدول والأوطان لكن الأسماء القديمة للمدن والقرى والأحياء تبقى على الألسنة .. وأحياناً تتغير معالم المكان ويتغير شكله لكن إسمه القديم المتوارث يبقى مسيطراً في لغة الحياة اليومية. وحتى لو كانت أسماء الأمكنة غير مستحبة ومستساغة في اللغة المعاصرة، تبقى متداولة على شفاههم. وعلى سبيل المثال، في دمشق حارة صغيرة تتفرع عن منتصف شارع الملك فيصل في حي العمارة بقيت تدعى حتى منتصف الخمسينات "حارة الزبالين"، ثم عمدت محافظة دمشق إلى تجميل اسمها فدعتها (جادة الشرف الأعلى)، لكن الاسم الجديد المهذب والمرموق جداً، فرغم مضي نصف قرن، بقي حظه من التداول قليلاً وبقي الاسم القديم هو الأشهر. ولماذا نستغرب ففي باريز يوجد سوق لا يزال يدعى حتى الآن بسوق القمل (Marche aux puces) وهو مكان تباع فيه الحاجيات بالرخص. ولم تلجأ بلدية باريس إلى تغيير هذا الاسم الفولكلوري.
وفي أيام الوحدة بين سورية ومصر(1958-1961)، صدرت قرارات تنظيمية من وزارة الشؤون البلدية والقروية بتغيير وتجميل أسماء بعض المناطق والبلدات والقرى فيما دعي آنذاك بالإقليم الشمالي. فسميت منطقة "وادي النصارى" بوادي النضارة، وقرية "المزيبلة" سميت(المزينة) و"الخريبة" سميت (الناصرة)، وفي منطقة القلمون سميت قرية "بخعة" (الصرخة) وسميت "قلدون" التركمانية (المراح) و كذلك في منطقة الجزيرة سميت "تل كوشك" (اليعربية).. وقرية أخرى سميت (القحطانية)....إلخ. لكن كل هذه التسميات الإدارية الآتية من فوق بقي تداولها في إطار السجلات والمعاملات الرسمية.... وهنا يمكنني القول أن اسم المكان يبقي عليه الناس وكذلك يمكن أن يقلع عن تداوله الناس..
وفي حي القيمرية في دمشق، يقال أنه قبل حوالي مائتي عام كانت المنطقة الممتدة بين الكنيسة المريمية وسفل التلة تدعى (الآسية) نظراً لوجود بعض شجيرات الآس فيها، ومن ثم اندثرت أشجار الآس وحلت محلها بيوت السكن وأقامت بطريركية الروم الأرثوذكس مدرسة تجهيزية منذ حوالي 130 عاماً، واشتهرت فيما بعد هذه المدرسة باسم مدرسة(الآسية) أكثر مما عرفت بالمدرسة الأرثوذوكسية، والجادة كلها لا تزال حتى الآن تعرف بالآسية. ويبدو أن (ساحة الدوامنة) قد أتى اسمها من االمسيحيين الدوامنة الذين هاجروا من بلدة دوما إلى هذه المنطقة القريبة من الآسية. وهكذا معظم أسماء الأمكنة فلكل مكان قصة فحارة (بندق) المتفرعة الآن عن شارع العابد كان يمكث فيها البنادقة الآتين إلى دمشق. وحارة (بير التوته) في حي شيخ محي الدين لا تزال محتفظة باسمها حتى اليوم.
وبعد ثورة أوكتوبر عام 1917في روسيا، بقيت العاصمة الروسية على اسم مؤسسها(بيتربورغ) و يلفظها الروس بلغتهم الروسية (بتروغراد) أي (مدينة بطرس) حتى وفاة لينين ، ولكن بعد وفاته أعطي للمدينة اسماً جديداً (لينينغراد) وبقي هذا الاسم متداولاً حتى انهيار الاتحاد السوفييتي، فأرجعت السلطة الجديدة المدينة إلى اسمها الذي سميت به حين تأسيسها (بتربورغ/بطرس بورغ)، وهنا علينا أن نتساءل: ألم يشكل تغيير اسم هذه المدينة في الأساس إساءتين كبيرتين لشخصيتين روسيتين هامتين لعبتا دورين عظيمين في تاريخ روسيا الحديث بطرس الأكبر ولينين.
وهنالك حالة أخرى ليست مماثلة تماماً تتعلق بمدينة القسطنطينية البيزنطية، فقد غير العثمانيون أسمها بعد سقوطها في عام 1453 إلى اسطنبول وهذا التغيير يختلف عن التغيير الذي حدث في روسيا، فالاسم الجديد للقسطنطينية محرف عن الاسم الأصلي للمدينة (CONSTANTINOPLE). فبقيت اسطنبول أو اسطمبول تحيل إلى المعنى القديم (مدينة قسطنطين)، وهذا ربما أدى إلى ان يُلجأ إلى تحريف آخر يعبر عن الحقبة الجديدة وهو (اسلامبول/مدينة الإسلام). أما الاستانة وهوالاسم الرسمي السلطاني الذي اعطي للمدينة فقد اختفى مع سقوط السلطنة العثمانية. وعبر التاريخ أحياناً كانت تتعرض أسماء المعالم الجغرافية للتدخل الإيديولوجي والسياسي ولكن كثيراً ما بقي تأثيره ضعيفاً. لم يلجأ العرب المسلمون لهذا التغيير الإيديولوجي في صدر الفتوحات الإسلامية، فبقيت دمشق وحلب وحمص وحماة و بيروت وصيدا وصور وأورفة والاسكندرية على أسمائها القديمة، وبقيت اللاذقية وأنطاكيا تحملان اسمي القائدين السلوقيين لاوديكوس وانطيوخوس، وكذلك حينما فتحوا شبه الجزيرة الإيبيرية لم يغيروا أسماء المدن الإفرنجية، وإنما حرفوا لفظها بلغتهم العربية فقط، فمدريد صارت (مجريط) ومقاطعة كاستيليا صارت (قشتالة) و توليدو صارت (طليطلة) ومقاطعة (فاندالوسيا/ بلاد الفاندال) صارت(الأندلس) وكاتالونيا صارت (قطالونيا) وسانتاماريا صارت(شنتمرية) وليسبون صارت (اشبونة) و(غرانادا/الرمانة) صارت (غرناطة)، و(كوردوبا) صارت (قرطبة) و(سيفيليا) صارت (اشبيليا )..إلخ. فلم يتغير غير اللفظ.
وإذا عرَّجنا على بلغاريا، فنجد أن اسمها كبلد ووطن ينسب منذ القديم إلى شعب تركي كان يسكن على شواطئ الفولغا(البولغا)، كان قد هاجر إلى أرضها الحالية منذ القديم ، وهذا القوم لا يشكل أكثر من 10% من سكان بلغاريا الحاليين الذين معظمهم من العرق السلافي، وهنالك أقلية تركية وأقلية ماكيدونية، ولكن اسم الوطن لا يزال يحمل اسم قوم قديم حل في هضبة البلقان وجبال ريلا والفيتوشا؛ ولم تغير الأكثرية السلافية الاسم الأصلي للبلاد. وكذلك الحال بالنسبة إلى يوغسلافيا(سلافيا الجنوبية) هذا المصطلح الذي وضع بعد الحرب العالمية الأولى، لم يصمد طويلا وضاع بعد انهيار الاتحاد اليوغسلافي. فيبدو أن أسماء الأمكنة لا تتحمل كثيراً وطأة السياسة والإيديولوجيا. ويبدو أيضاً أن تاريخ أسماء الأمكنة الجغرافية يبعث برسالة تاريخية إلى كل السياسيين المغرمين بالدمج والصهر والتوحيد القسري فتبقى ذاكرة الناس والتاريخ أقوى منهم.
إن اسم كل مدينة في بلادنا واسم كل قرية ومزرعة وجبل وواد وسهل ونهر له قصة وتاريخ، وهذه الأسماء بمجموعها تشكل سمفونية متناسقة بلغاتها ولهجاتها وأوزانها، تتطلب من الباحثين واللغويين والمؤرخين اهتماماً كبيراً. و صمودها على مر العصور ، رغم ما توالى على هذه الأرض من أباطرة وفاتحين وملوك، يجب أن يدفعنا أكثر باتجاه هذا البحث المعمق. وأولا وأخيراً هي تشكل جزءاً حقيقياً من تاريخ منطقتنا بكامل حلقاته وتفاصيله وتعاقباته السومرية والآمورية والكنعانية والفينيقية والآشورية والآرامية واليونانية والرومانية والعربية والتركية والكردية وغيرها... ولقد بذل في هذا المضمار (أنيس فريحة)، الدكتور في الفلسفة واللغات السامية، جهداً مرموقاً في تفكيك ألغاز هذه السمفونية الرائعة، عبر كتابه "معجم أسماء المدن والقرى اللبنانية وتفسير معانيها"؛ وكذلك كان للدكتور(عبدالله الحلو) إسهاماً هاماً على هذا الطريق من خلال رسالة الدكتوراه التي أعدها بعنوان "تحقيقات لغوية تاريخية في الأسماء الجغرافية السورية" في معهد الدراسات السامية التابع لكلية العلوم التاريخية القديمة بجامعة برلين الحرة /وقد صدرت في بيروت بكتاب عن دار بيسان للنشر/1999
نقولا الزهر/ دمشق في 26/9/2010








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية واحترام
حسن العمراوي ( 2010 / 9 / 26 - 16:35 )
شكرا على الموضوع الجميل
موضوع في صلب علم الطوبونوميا او الامامن
اعتقد يحتاج الى مقاربات متعددة لسانية تاريخية انتروبولوجية جغرافية سوسيولوجية نفسية لغوية...
وبالتالي بالضرورة استحضار كل هذه الابعاد في اي دراسة تتوخى نسبة من الموضوعية
اخيرا مجرد سؤال الى الاستاذ الفاضل:
لماددددددداالانسان مولع بتسمية المجال؟؟المكان/


2 - الأسماء إختيار شعبي وتاريخي ´طبيعي
جريس الهامس ( 2010 / 9 / 26 - 20:39 )
لواقع او موقع معين وتاريخ معين أو طبيعة معينة فرضها الواقع المادي لحياة و ثقافة و لغة شعب تلك المنطقة وباختصار أسماء الأماكن والأوابد جزء لايتجزأ من البناء الفوقي لواقع تحتي عاشه الناس في تلك المنطقة وزرعوا فيها اّمالهم وأفكارهم واّثارهم وأحلامهم لايستطيع عامل طارئ أو طفيلي في مسيرة التاريخ تغيير ها حسب رغباته .. ومن النادر جداً أن تقبل هذه الأسماء التاريخية الشوامخ التبديل وفق مشيئة هذا الحاكم أو ذاك ووفق هذه النزعة العنصرية السخيفة أو تلك ... أضرب مثلاً من مقالك العلمي الرائع : بلدة بخعة شمال صيدنايا بدل إسمها إلى الصرخة باسم التعريب وإسم بخعة كلمة سريانية تعني ( المخبأة أو المخفية او المحبوسة بين الجبال ) وهو مطابق لموقعها الجغرافي تماماً لأنه واقعة قلب سلسلة الجبال تحجبها عما يحيطبها ولايراها المسافر إلابعد اجيازمضيقها لذلك أجاد أهلها السريان اختيار إسمها .. لذلك سقط الإسم المصطنع ( الصرخة ) ومثلها إسم جبعذين ا لمجاورة وتعني في الاّرامية والسريانية -- التلال المرتفعة -- ولا يقبل سكانها وأهل المنطقة إصطناع إسم -- العروبة --لها ومثلها معلولا وهي أّرامية تعني - المضيق


3 - تتمة ماسبق
جريس الهامس ( 2010 / 9 / 26 - 20:59 )
ومثلها صيدنايا وتعني في السريانية - الصيادون - او الصيادلة - الياء والألف علامة الجمع في السريانية ومنها وفق استنتاج الدكتور القنواتي -- اّمل ألا أكون مخطئاً في الذاكرة --أن كلمة الصيدلة مشتقة من إسم صيدنايا ,,ومثلها صرغايا --صاهرو المعادن -- وداريا - المذرون .. والقابون -- غابة صغيرة ---الخ الإسم إبن الواقع الجغرافي والمجتمعي وإرادة الإنسان الحر رغم أنف الإستبداد عبر القرون ... أشكرك يا أبانسرين على جهودك العلمية الرائدة ونتمنى لك ولجميع الأحبة الصحة والعطاء الدائم مع كل الحب - لاهاي


4 - في عمق التاريخ والمكان
فلورنس غزلان ( 2010 / 9 / 27 - 10:59 )
تحياتي الصباحية لك..
على الدوام تشد رحالك وتأخذنا في رحلة جميلة تعيد لنا جمال الإسم والمكان والزمان...تعيد الحنين لقلوب قتلها الحنين...اسم الانسان واسم المكان متلازمان لحياة عاشها فوق فسحة من الأرض رمزت لكثير من الأحداث وعبرت عن أناس أقاموا لا تزيلهم السياسة ولا الأيديولوجيا...لأنه التصق بتاريخهم وعبر عنهم في فترة يُراد لها من فوق أن تزول بالقوة..رغم قبح الاسم أحياناً أو ارتباطه بحدث أو عقلية متخلفة سادت آنذاك لكنها تلازمنا ونعيدها على المسامع...ذكرتني وشددتني لحارة في درعا...رغم أنها اجتثت وتحدثت وازيلت كل معالمها القديمة وكانت ترمز - لمزبلة- وأحيانا لعقلية سكان الحي المتخلفة وتسمى - السيبة- وكلما ذكر أحدهم هذا الاسم، اعتبر أن من خرج من ذاك الحي لابد أن يكون متخلف العقل!..رغم أن هذا انتهى وزال ، لكن الاسم ظل يحرس التاريخ ويلازم حتى سكانه الجدد
ما أروع هذا الاختيار الجميل!..أشكرك لأنك تشدنا دوماً لما هو جميل في جذورنا


5 - تحية للأحبة للمعلقين على المقال
نقولا الزهر ( 2010 / 9 / 27 - 22:36 )
إلى الأخ حسن العمراوي تحياتي وشكري لك على مرورك.إني أوافقك بأن البحث في النوموتوبيا شاق، وأن المسألة تحتاج إلى مقاربات لغوية ونفسية واجتماعية وتاريخية،وقد أكد على ذلك انيس فريحة.في رأيي أن المسالة بتستاهل التعب والبحث


6 - تحية للأصدقاء
نقولا الزهر ( 2010 / 9 / 27 - 22:48 )
إلى الصديق والعزيزأبو حنين تحياتي وشكري .ماكتبته يستهويني دائماً وإني أوافقك بان الصيدلة كان اسمها الصيدنة وهذا ماجاء في كتاب الباحث المصري الأب جورج قنواتي في تاريخ الصيدلة والعقاقير.وهذا مايقوله أيضاً الدكتور انيس فريحة وكذلك الدكتور عبدالله الحلو.إن البحث في التوبونوميا شاقا ويحتاج إلى مقاربات لغوية ونفسية وتاريخية واجتماعية.سلام للجميع


7 - تحية وشكر
نقولا الزهر ( 2010 / 9 / 27 - 22:57 )
إلى العزيزة أم رشا شكراً على تعليقك وكلامك الجميل وكتابتك المتألقة وإني مسرور جداً أن كتابتي تلقى بعض القبول لديكم.وبالمناسبة نشاطك على الفيس بوك رائع. سلامات للجميع


8 - تحية واحترام
حسن العمراوي ( 2010 / 9 / 28 - 00:16 )
العزيز نقولا تحية واحترام
فقط اود ان اثير انتباهك الى ظاهرة عندنا في المغرب وهي تسمية الاماكن/ المجال / الفضاء انطلاقا من جسم الانسان فنقول فم الدار وعين الدار وراس الجبل وظهر االجبل...
فهل لذلك من تفسير علمي


9 - أستاذ نقولا الزهر المحترم
ليندا كبرييل ( 2010 / 9 / 28 - 08:07 )
المكان له ذاكرة مخيفة أستاذ وهو الذي يذكرنا لا نحن الذين نتذكر . معناها أن مدرسة اللاييك المتميزة بشارع بغداد لن يصبح اسمها معهد باسل حافظ الأسد ولو انطبقت السما عالأرض , وما زال كل الناس يقولون اللاييك . أرجو أن تسمح لي بتوجيه تحية إلى أستاذي الفاضل جريس الهامس , كذلك أود إبلاغه أني أرسلت للأستاذة مريم نجمة رسالتين للإطمئنان عليها عادتا إلي , أرجوك يا أستاذ إبلاغ صديقتنا قلقنا عليها وتمنياتنا أن تعود للحوار بمقالاتها الشيقة وشكراً . وتحياتي لك أستاذ نقولا وشكراً لك


10 - مقاربة حومفاهيم المكان والمجال والفضاء
نقولا الزهر ( 2010 / 9 / 30 - 23:08 )

لقد أثار اهتمامي تساؤل الأستاذ حسن العمراوي في سياق تعليقه على مقالي الأخير(الأكثر خلوداً علاقة الناس بأسماء أماكنهم) حول ميل المشرقيين لا ستخدام مفهوم المكان والأماكن في الوقت الذي يميل فيه المغاربة لا ستخدام مفهوم الفضاء أو المجال للدلالة على المعنى ذاته ، وفي الواقع تساؤله في محله ومكانه. ولكن تساؤله يحتاج إلى مداخلة وليس إلى مجرد تعليق.
في المشرق العربي يستخدم مفهومان للدلالة على موضع أوحيز ما وهذان المفهومان هما (المكان والمحل). وفي الواقع نقاش هذه المسألة يتطلب مقاربة لغوية ولسانية أكثر من أي مقاربة أخرى. في اعتقادي هنالك فروق بين المفاهيم الثلاثة ولو أن يجمعها بعض التقارب. إن المكان (LIEU)في اللغة العربية يحيل إلى فعلين أساسيين مشتقين من بعضهما في الأساس: فعل الكون (كان) الذي يحيل إلى الكينونة والحدوث والوجود (الأيس/الليس) والحيث والمحايثة؛ وفعل القدرة (مَكَنَ) الذي يحيل إلى الإمكان والتمكن والاستمكان. فنقول مكن مكاناً مكيناً. وكذلك المكان له صفة العمومية فهو يدل على أي موضع أو موقع سواء كان صغيراً أو كبيراً واسعاً رحباً او ضيقاً. وكذلك


11 - تتمة مقاربة حول المكان والفضاء والمجال
نقولا الزهر ( 2010 / 9 / 30 - 23:54 )
وكذلك يستخدم في المشرق العربي بنفس المعنى مفهوم (المحل) وهو اسم المكان من فعل حل يحل. وقد ربط المشرقيون المحل بالزمن ولذلك كانوا يقولون محل الساعة الخامسة أو محل الساعة الثانية أو الثامنة(اخبار دمشق اليومية لأحمد البديري الحلاق(1840-1870 ).
أما الفضاء( Espace)فهو نوع من المكان لكنه يحيل إلى الاتساع والعراء والفراغ، فنقول مكان فَضِي أو فضفاض وفي عامية بلاد الشام نقول مكان فاضي لا يشغله شيء ونقول عامل فاضي أي لا يعمل في هذه الفترة وكذلك نقول جرة فاضية أي فارغة ليس فيها ماء.
وكذلك الحال مفهوم (المجال) فهو من جال يجول ويتجول ويحيل في معناها إلى حقل لحركة الأشياء والأمواج والأشعة وكذلك حركة الناس السياسية والثقافية فنقول المجال السياسي والمجال الثقافي والرياضي والفني . ولذلك أرى ان المكان أو المحل أكثر ملاءمة لعلم التوبو نوميا.

اخر الافلام

.. فورين أفارز: لهذه الأسباب، على إسرائيل إعلان وقف إطلاق النار


.. حزب الله يرفض المبادرة الفرنسية و-فصل المسارات- بين غزة ولبن




.. السعودية.. المدينة المنورة تشهد أمطارا غير مسبوقة


.. وزير الخارجية الفرنسي في القاهرة، مقاربة مشتركة حول غزة




.. جورجيا.. احتجاجات ضد مشروع قانون -التأثير الأجنبي- المثير لل