الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التفكير في بلد التكفير

عصام عبدالله

2010 / 9 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الانتقادات وبيانات الاستنكار وحملات التضامن، هي أبرز ما يميز الاحتفال باليوم العالمي للفلسفة هذا العام 2010. يجري الاحتفال عادة في الخميس الثالث من شهر نوفمبر كل عام، وهو تقليد أقرته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) عام 2002، حيث يتم اختيار إحدي الدول الأعضاء في المنظمة لإجراء هذا الاحتفال، بهدف تشجيع تقاسم مختلف مصادر الإرث الفلسفي عبر العالم، وإثارة النقاش بشأن التحديات التي تواجه مجتمعاتنا الإنسانية .

سبب اللغط والقلق والهرج والمرج هو أن طهران انتزعت موافقة اليونسكو علي إقامة هذا الاحتفال، رغم أن إيران هي أكثر الدول التي يخشي فيه الفلاسفة علي حياتهم . مؤخرا، أعلن مرشد الثورة علي خامنئي : أن الفلسفة خطر، وأنه سيحذف كل أعمال الفلسفة الغربية من المقررات الجامعية في إطار ثورة ثقافية شاملة .

خامنئي يخشي علي شباب إيران من (إغواء الفلسفة)، وعلي خلفية هذه المخاوف أتهم الفيلسوف الإيراني " سعيد هاجاريان " نفس تهمة الفيلسوف اليوناني (سقراط) وهي إفساد عقول الشباب، لكن حظ هاجاريان كان أفضل من سقراط، لأنه لم يعدم حتي الآن وإنما اكتفي النظام الإيراني بإصابته بعاهة مستديمة أثر محاولة اعتقال فاشلة، واضطر هاجاريان إلي الاعتذار في محاكمة صورية العام الماضي، بعد أن اعترف بأنه قرأ بالفعل مع طلابه بعض المؤلفات الفلسفية وأغواهم (بالتفكير) .

السلطات الإيرانية سبق أن أعتقلت الفيلسوف الإيراني " رامين جهانبكلو " عام 2006، وهو من أبرز رواد الحوار بين الثقافات في العالم . تهمة جهانبكلو هي ( التخابر ) مع فلاسفة غربيين، فقد دعا شيخ الفلاسفة يورجن هابرماس ومعه الفيلسوفان ريتشارد رورتي وأنطونيو نيجري لزيارة إيران .

بالتأكيد لن يسمح لأي فيلسوف إيراني ذي بال بالمشاركة في اليوم العالمي للفلسفة هذا العام، أمثال الفيلسوف محمد شبستري، المتخصص في فلسفة هانس-جورج جادامر (1990-2002) والنمساوي لودفيج فيتجنشتين (1889-1951)، والذي أُجبر علي التقاعد. فضلا عن البروفيسور محسن كاديفار، الذي يقيم حالياً في الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن أدانه النظام الإيراني (بالهرطقة) .

هذا الوضع المأساوي لم يكن موجودا في عهد الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي، فقد حضر إلي طهران العديد من الفلاسفة الغربيين للتحاور حول قضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان، وهو ما أثمر في النهاية عن فكرة (حوار الحضارات) التي بدأ التفكير فيها بشكل جدي، مما دفع هابرماس إلي صياغة اشكالية "عدم التكافؤ في علاقات الفهم" بين الغرب والإيرانيين، لأن الايرانيين يملكون اهتماما جوهريا بالخطاب الفلسفي الغربي علي عكس اهتمام الفلاسفة الغربيين بالفلسفة الإيرانية.

هابرماس يقف اليوم في الجهة المقابلة مع شيلا بن حبيب ورامين جهانبكلو، الذي وجه رسالة احتجاج إلي منظمة اليونسكو. وأشار في رسالته إلي أنهم سيعقدون بمشاركة مثقفين إيرانيين آخرين، يعيشون في المنفي بسبب معارضتهم للنظام، مؤتمراً صحفياً الأسبوع المقبل في نيويورك من أجل التساؤل مرة أخري، فيما إذا كان هناك أسخف من إقامة مؤتمر اليونسكو للفلسفة في طهران ؟

الطريف أنه رغم المنع والمطاردة والصاق التهم من وزن ( الإغواء والتخابر والهرطقة )، فإن الفلسفة في إيران تلقي رواجاً كبيراً لدي الشباب، خاصة أعمال هابرماس وحنة أراندت ( 1906 - 1975 )، ليس من باب (الممنوع مرغوب) وإنما باعتبارها أحد أشكال المعارضة للايديولوجيا السياسية، وسلاح المقاومة ضد التعصب الديني، وتلك من أهم مميزات الفلسفة في كل زمان ومكان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الاسلام هو سبب تخلف الشعوب
حكيم العارف ( 2010 / 9 / 27 - 01:07 )
الذى يتطلع ويقراءعن معاملة المحيط الاسلامى لذوى العقول والفلاسفه لايستطيع انكار ان الاسلام هو سبب تخلف الشعوب

واللى يقول غير ذلك يايبقى اعمى او مسلم


2 - مقال رائع
باسم حامد ( 2010 / 9 / 27 - 13:39 )

مقال جدا رائع وأحيك عليه كثيرا وأتمني أن تسهب كثيرا في ذكر معاناة الشعراء والمثقفين الجادين والفلاسفة والمبدعين من معاناة وألم وسحق واستبداد
على مدى التاريخ الإسلامي
وكيف عانوا بسبب افكارهم وتحررهم
أتمني من كل قلبي أن تلبي هذه الطلب منك
فأنا أحد المهتمين بهذا الجانب ولقد جمعت معاناة أكثر من 500 شخصية ثقافية وأدبية وفلسفية
بين سجن وقتل وتعذيب على مدي 1400 سنة
وأتمني أن تتحفنا بالمزيد
وشكرا لك كثيرا

اخر الافلام

.. احتفال الكاتدرائية المرقسية بعيد القيامة المجيد | السبت 4


.. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية برئا




.. نبض أوروبا: تساؤلات في ألمانيا بعد مظاهرة للمطالبة بالشريعة


.. البابا تواضروس الثاني : المسيح طلب المغفرة لمن آذوه




.. عظة قداسة البابا تواضروس الثاني في قداس عيد القيامة المجيد ب