الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التاريخ والحضارة

صاحب الربيعي

2010 / 9 / 28
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تعدّ أهم مقومات الحضارة التاريخية الأرض، والزمان، والأنسان، فالأرض مكان حفظ شغل الإنسان وزمانه لأنه باحثاً مجداً عن أصله وشغل أجياله السابقة خلال سلسلة الماضي بعدّه حلقة بسلسلة الحاضر إلى المستقبل. وكلما توغل الإنسان أكثر في عمق التاريخ كشف أسراراً جديدة تهم حاضره، فمازالت هناك أسئلة كثير عن شغل الأجيال السابقة تتطلب التنقيب في حضارات الماضي للإجابة عليها. إن فقدان أحد حلقات سلسلة التاريخ الحضاري للبشرية لا يلغي عقبة زمنية من شغل الإنسان على الأرض، وبغض النظر عن أهميتها تعدّ جزءاً من تاريخه.
لا تكمن أهمية المعالم الأثرية المطمورة في باطن الأرض لتحديد التاريخ الحضاري للبشر وحسب، بل تقييم حجم تطور الإنسان وخبرته عبر الأجيال المتتالية. إنه بناء متواصل وشغل مضني لتحويل الفكرة البدائية إلى فكرة متطورة وتحويل الآلة البسيطة إلى آلة معقدة وفي المحصلة تحويل الانتاج البسيط إلى انتاج متطور ليؤثر ايجاباً في كل تشكيلة اجتماعية خلال مراحل التاريخ.
يعتقد (( فرناند بروديل )) " أن قيمة الحضارة التاريخي لا يمكن إدراكها من دون بحث دقيق بأصوال الأقوام المتوارثين للأرض عبر أجيال متتالية بعدّهم حراساً لكنوزها التاريخية ".
إن قيمة الحضارة بتمايزها عن أقرانها في المراحل التاريخية خاصة في المجال الاقتصادي الذي يؤثر ايجاباً على الأنماط الاجتماعية، لكن لا يجوز عدّه خطاً بيانياً صاعداً خلال كامل المرحلة التاريخية من عمر الحضارة، فمؤشرات التطور الاقتصادي مرتبطة بعوامل متغيرة وليس سهلاً التحكم بها لضمان تطور اقتصادي دائم.
يعدّ ثالوث بناء الحضارة الأرض، والزمان، والإنسان المتشابك ليس بمكوناته الظاهرية وحسب، بل بحالاته القيمية فلكل مكون قيمة مكانية وزمانية ووجودية يؤرخ مرة لذاته بعدّه وحدة مستقلة ومرة أخرى يؤرخ لصلاته بعدّه وحدة مراتبطة مع بعضها لتؤسس فعل التطور والبناء لحضارة المكان والزمان والوجود المؤرخ لشغل الإنسان.
يقول (( فرناند بروديل )) : " إن الحضارة تعدّ نموذجاً لتطور اقتصادي ذي ايقاعات وتذبذبات متباينة يخص مرحلة تاريخية تتخللها حقب زمنية كثيرة غير منفصلة ".
على الرغم من أن كل حالة تطور تعدّ حالة ديناميكية تمتد من الحضارات الغابرة إلى الحاضر والمستقبل البعيد، فمازال المحيط يكتنفه أسرار غامضة ليس في وسع إنسان الحاضر ولا آلياته الأجابة عنها لأن عقله القاصر لا يدرك كل مكونات محيطه الأرضي وصلاته بالمحيط الكوني.
تعدّ الحضارات الإنسانية تراكماً لخبرات ومعارف سابقة اكتسبها الإنسان ووظفها في شغله الحاضر لدفع عجلة التطور إلى الأمام للارتقاء بذاته لمراتب حضارية أسمى، لكن هذا التطور لشغل الإنسان خاصة المنتج للمعرفة لو قدر له أن يعيش حياة أطول من أقرانه البشر في الحياة الطبيعية المرتبطة بالزمن الأرضي لأمكنه إنتاج معارف أكثر تطوراً وذي قيمة علمية عالية يمكنها الإجابة على أسئلة الحاضر وأسرار المحيط الأرضي والكوني. فكلما زادت الخبرات والمعارف المكتسبة للإنسان زادت قدرته على فك أسرار الحياة الغامضة لكنه بحاجة إلى عمر مضاعف يعيشه.
يعتقد (( جوزايا رويس )) " أن المعرفة الإنسانية تعدّ بمثابة جزيرة في محيط الأسرار المترامي، فحياة الإنسان القصيرة الزمن على الأرض لا تمنحه قدرة اكتساب المعارف والخبرات على نحو أكثر للإجابة على الأسئلة الغامضة في حياة البشر ".
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما أهمية مذكرة التوقيف بحق الرئيس السوري من محكمة باريس؟ | ا


.. مربعات سكنية بأكملها تم نسفها .. إسرائيل تقصف غزة وتواجه حما




.. -قرع طبول الحرب-.. إسرائيل وحزب الله في سيناريو مواجهة | #ر


.. الاتهامات الإسرائيلية تنهال على نتنياهو.. ودعوات لرفض إلقائه




.. قراءة عسكرية.. الاحتلال يعلن إصابة 14 جنديا في غزة