الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفهوم العدالة

صاحب الربيعي

2010 / 9 / 30
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


العدالة قيمة أخلاقية من منظومة القيم العامة تحفظ حقوق المجتمع، لكنها تبقى مفهوماً نسبياً لا يمكن القطع بقيتمها المتوارثة والمكتسبة عبر الزمن لأنها عرضة للتغيير ولا يمكن عدّها قيمة تصلح لكل المجتمعات لتباين القيم الاجتماعية والدينية وبذلك فإنها قيمة ملتبسة.
تختلف العدالة بإختلاف طبيعة استخدامها في السياسة والمجتمع والدين فلكل منها مفهوم خاص لذلك لا يمكن تطبيقها من دون إدراك مفهومها العام في المجتمع، فمنظومة القيم العامة تعدّ نتاجاً لعقد اجتماعي بين مجموعة البشر تشترك بمصالح ولغة تتواصل من خلالها لخلق ثقافة مشتركة تحكمها عادات وتقاليد اجتماعية ودينية تشكل منظومة قيمهم الأخلاقية، ليكتسب مفهوم العدالة الصدقية من الجميع بعدّه غرساً تربوياً في اللاوعي الاجتماعي لا يحتاج إلى إعادة توضيح وشرح لاتباطه بقيمهم الأخلاقية العامة.
يعتقد (( رولز )) " أن اتفاق مجموعة من البشر على مفهوم مشترك للعدالة، يتطلب وجود مصالح ولغة وثقافة مشتركة وجملة قيم تعاونية وعادات تفرض إلتزاماً أخلاقياً عليهم ".
يرتبط المفهوم السياسي للعدالة بالمصالح السياسية وليس بالقيم الاجتماعية، فالسياسي يحمل قيماً سياسية لا اجتماعية، لذلك لا يجد ضيراً انتهاكه للعدالة ويعدّها قناعاً يمكن التستر خلفها لخداع الجمهور الجاهل الذي لا يميز بين المفهوم السياسي للعدالة والمفهوم الاجتماعي للعدالة لأنه منصاعاً لإحساسه الفطري بالقيم العامة المغروسة عبر التربية في لا وعيه ويعتقد خطأً أن السياسي يؤمن بها. لذلك يستسلم إلى عواطفه من دون عقله، فيقع فريسة في مصيدة السياسي الذي يستغله أبشع استغلال.
لا يمكن تحقيق العدالة الاجتماعية من دون تطابق مفهوم القيم العامة للعدالة على المستوى الاجتماعي والسياسي، ويتطلب ذلك الإرتقاء بمستوى وعي الجمهور فكلما زاد الوعي الاجتماعي تقلصت مساحة خداع السياسي للجمهور، وإن زاد التخلف الاجتماعي توسعت مساحة خداع السياسي للجمهور. لذلك ليس سهلاً على السياسي في الدول المتقدمة خداع الجمهور الواعي حتى لا يخسر مستقبله السياسي المرتبط بصوت الناخب.
يعتقد (( رولز )) " أن المفهوم السياسي للعدالة لا يؤمن استقراراً للنظام الاجتماعي من دون يتطابق مع القيم العامة للمجتمع ".
وبعدّ السياسة عديمة الأخلاق في الدول المتخلفة، ليس سهلاً على السياسي الالتزام بالقيم العامة للمجتمع لتطبيق العدالة الاجتماعية. وقد يتخذها قناع لستر زيف أخلاقه وتحقيق مصالحه الخاصة، فالكثير من رجال الدين الممتهنين للسياسة يرتدون أقنعة متنوعة ليوهموا من خلالها الجمهور الجاهل بإستقامتهم وتقواهم وحرصهم على تطبيق العدالة وحالما يفوزون بالسلطة تتكشف أقنعتهم المزيفة.
يقول (( كينيون غيبسون )) : " إن السياسين الفاسدين والمجرمين يسبغون مظاهر الاحترام والوجاهة على أنفسهم ليصبحوا مُثلاً ورموزاً فوق الشبهات حتى لا يتجرأ أحد المساس بهم ".
لا يصح الحوار مع السياسي من دون سبر ثقافته ومستوى وعيه والتأكد من إيمانه الفعلي بالعدالة لأن منظومة قيمه مرتبطة بمصالحه الخاصة ولا تمت بصلة لمنظومة القيم العامة للمجتمع وإن تستر خلفها لكسب عواطف الجمهور الجاهل.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل قانون الجنسية الجديد في ألمانيا| الأخبار


.. صحيفة العرب: -المغرب، المسعف الصامت الذي يتحرك لمساعدة غزة ب




.. المغرب.. هل يمكن التنزه دون إشعال النار لطهو الطعام؟ • فرانس


.. ما طبيعة الأجسام الطائرة المجهولة التي تم رصدها في أجواء الي




.. فرنسا: مزدوجو جنسية يشغلون مناصب عليا في الدولة يردون على با