الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القانون والعدالة

صاحب الربيعي

2010 / 10 / 2
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تحمل ذات الإنسان رواسباً خيرة وشريرة وبزيادة الوعي تقل الرواسب الشريرة الكامنة وتزيد على حسابها الرواسب الخيرة لكنها لا تختفي تماماً من الذات فعند تعرضها للتحريض في ظروف معينة ينحدر سلوك الفرد وتصرفه إلى الحضيض. وقد يرتكب فعلاً منافياً للقانون لكنه سرعان ما يندم عليه لأن وعيه كان مغيباً تحكمه عوامل خفية خارجة على إرادته حرضت رواسبه الشريرة لارتكاب حماقة ما ضد المجتمع.
مهما كانت نوع الدوافع لارتكاب جناية أو جريمة أو حماقة ما في المجتمع يعدّها القانون انتهاكاً تستوجب العقوبة خاصة في الدول المتخلفة بعدّه ليس أداةً للعدالة وإنما أداةً للقصاص، فمن العدالة أن يسري القانون على الجميع لكنه غالباً ما يكون شديداً على فقراء المجتمع بعدّه أداة قصاص، وفي المقابل يمثل مظلة حماية للمتنفذين في الدولة والمجتمع.
حين تنظر العدالة بعين القانون فقط، تعدّ عدالة عوراء لأنها تقتص من المذنب بناءاً على الأدلة الجنائية في موقع الجريمة ولا تنظر إلى عوامل المحيط الاجتماعي المحرضة للرواسب الكامنة في الذات الإنسانية ليختل سلوكها لذلك يجب أن يكون للعدالة عينان، عين القانون وعين الرحمة عند اصدارها الأحكام.
يقول (( ثربانتس )) : " إن المذنب الذي يقع تحت طائلة حكمك، عليك أن تنظر إلى بؤسه كإنسان عرضة للإنحرافات الاجتماعية الفاسدة فكن رحيماً معه من دون أن تنتهك عدالة القانون، لأن صفات الله كلها عادلة لكن رحمته أكثر عدل ".
لا تعني العدالة تراخي حكم القانون ولا شدته بإنزال القصاص بالمذنب وإنما الإنصاف والرحمة لتقويمه، وطالما مبادئ العدالة واللاعدالة نسبية ولا يمكن الجزم الكامل بحيادية القاضي فإن الرحمة تعدّ الصلة الوهمية بين العدالة والقانون خشية إصدار الأحكام الجائرة.
تستند عقيدة أجهزة الضبط والتحكم في المجتمع إلى استخدام العنف والشدة ضد المتهمين لكن عقيدة أجهزة القضاء قائمة على العدالة لحفظ النظام الاجتماعي لذلك ليس إنصافاً أن يكون القاضي شديداً بأحكامه ولا ليناً إلى حد التراخي.
يعتقد (( ثربانتس )) " أنه من العدالة أن لا يلقي القانون بكل ثقله على المذنب، لأن سمعة القاضي القاسي ليست أفضل من سمعة القاضي العطوف ".
كما لا يمكن الجزم أن القضاء نزيهاً تماماً، لأن القضاة ليسوا ملائكة وإنما بشراً يرتشون مثل الآخرين، فالكثير من الأحكام القضائية عدّت جائرة وغير عادلة لأن القاضي كان متساهلاً في أحكامه ليس بدافع الرحمة وإنما بدافع تقاضيه للرشاوى.
حين تفسر مبادئ القانون لصالح المتهم بدافع العطف والرحمة وجهله بمبادئ القانون وتعاظم حجم رواسبه الشريرة الكامنة والمنفلتة من عقالها لتُغيب إرادته فيرتكب مخالفات قانونية خلال حياته اليومية ضد الآخرين لن تضعف القانون ولا تخل بالنظام الاجتماعي، وإنما تجعل منه أداةً للعدالة في إنصاف بؤساء المجتمع.
لذلك على القانون أن يكون عادلاً ومنصفاً ورحيماً ومصلحاً لأفراد المجتمع خاصة الفقراء منهم وأن لا يكون التسامح تحت تأثير تقاضي القاضي للرشاوى وإنما تحت تأثير الرحمة والاصلاح.
يعتقد (( ثربانتس )) " أنه إذا أريد لعدالة القانون أن تكون متسامحة إلى حد ما، فيجب أن لا تكون تحت تأثير الرشاوى وإنما تحت تأثير الرحمة ".
إن جسد القانون عدالته وروحه رحمته، فإن كانت عدالة السماء قائمة على الرحمة لإصلاح البشر فليس إنصافاً ولا عدالة أن يكون القانون الوضعي عديم الرحمة بالبشر.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل قانون الجنسية الجديد في ألمانيا| الأخبار


.. صحيفة العرب: -المغرب، المسعف الصامت الذي يتحرك لمساعدة غزة ب




.. المغرب.. هل يمكن التنزه دون إشعال النار لطهو الطعام؟ • فرانس


.. ما طبيعة الأجسام الطائرة المجهولة التي تم رصدها في أجواء الي




.. فرنسا: مزدوجو جنسية يشغلون مناصب عليا في الدولة يردون على با