الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر من فاطمة وماريكا وراشيل إلى حسن ومرقص

محمود جابر

2010 / 10 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بما أن السينما منتج فني وثقافي يعبر عن رؤية لكاتب ما يعيش فى زمن ما يقوم بإخراج هذا العمل فى شكل سنيمائى مخرج ينتمي إلى بيئته وثقافته التي يعيش فيها، وكذلك كافة فريق العمل هم أبناء ثقافة هذا المنتج ، ولهذا فإن هذا المنتج " الفيلم" يعكس بدرجة أو بأخرى شكل هذا المجتمع .
لهذا فإن المتأمل فى أفلام السينما المصرية فى كل عقد من العقود أو محلة من المراحل السياسية سيجد أن هذا الفيلم انعكاسا لهذه المرحلة، وهذا المقال ليس مقالا فى النقد السنمائى، فالنقد السنمائى له قواعده وأصوله ومرانه وأهله؛ بيد إنها مساهمة فى محاولة المقاربة بين مصر 1949م، ومصر 2008م، وخاصة فى ملف المواطنة والنظرة للآخر الديني، حتى وإن كان يهوديا، وليس قبطيا فقط .
الفيلم الأول " فاطمة وماريكا وراشيل" او يمكن ان نسميه " مسلمه ومسيحية ويهودية" أخرجه حلمي رفلة وقصة وسيناريو أبو السعود الابيارى ، وتم عرضه فى عام 1949م، وجسد دور " فاطمة" الفنانة مديحة يسرى ، وفى دور " ماريكا" الفنانة لولا صدقي، أما " راشيل" فكانت الفنانة نيللى مظلوم.
والفيلم عبارة عن قصة فتى ثرى وجسد دوره الفنان محمد فوزي " بطل الفيلم " يعشق العذارى يلتقي بفتاة يهودية تدعى "راشيل" فيدعى أن اسمه "يوسف" وأنه على ديانتها ويمارس عليه أبوها بخله الشديد ويستنزف أمواله، ثم يتعرف على الخياطة " ماريكا" من خلال " راشيل"، وفى النهاية طلب منه والده الريفي أن يتزوج من فاطمة ابنة صديقه والتي تقيم مع عمها فى القاهرة وإلا حرمه من الميراث، يخطط الفتى مع صديقه أن يذهبا إلى فاطمة ويدعى صديقه أنه العريس حتى تنفر منهما، وتتخذ فاطمة نفس المخطط حتى تتخلص من هذا العريس الوغد فتنتحل خادمتها شخصيتها وبناء عليه ترفض فاطمة العريس ويرفض الفتى العروس وبعد عدة مواقف هزلية ضاحكة يبلغ الفتى أباه أنه سيتزوج من فتاة يحبها وتخبر الابنة أباها أنها ستتزوج ممن أحبت ويعترض الأهل وحين يلتقي الجميع تظهر الحقيقة ويتضح أن الفتاة التي أحبها هي فاطمة والفتى الذي أحبته فاطمة هو الشاب المرشح للزواج منها فيتزوجان برضاء الأهل والثروة ليقدم الشاب دليل استقامته مع زوجته فاطمة.
أما الفيلم الآخر " حسن ومرقص"، فهو من إخراج رامي الإمام، تأليف وسيناريو يوسف أبو النجا، قصة الفيلم تدور حول "مرقص" الفنان عادل إمام الذي يتعرض لمحاولة اغتيال فتجعله الحكمة ينتحل شخصية شخص آخر اسمه " الشيخ حسن"، وفى المقابل " حسن" الفنان عمر الشريف والذي يتعرض لمحاولة تصفية من قبل أحد الجماعات الدينية التي عجزت عن استقطابه، فتجعله الحكومة ينتحل شخصية أخرى وهى " مرقص"، ويدور محور القصة حول هذا الأمر رجل دين مسيحي يعيش فى ثوب شيخ مسلم، ورجل دين مسلم يعيش فى ثوب رجل مسيحي .
ملاحظات هادئة:
ملاحظة أولى : الفيلم الأول وعلى الرغم أن بطله الأوحد هو الفنان محمد فوزي، بيد أن اسم الفيلم جاء انتوى، هذه الحالة اختفت تدريجيا فى السينما المصرية ربما بتأثير وزيادة جرعة الثقافة الأبوية الذكورية والمتأثرة بالوهابية السلفية التي تدعيه أن المرأة عورة، والتي كان لها انعكاس على السينما ذاتها فقد رأينا فنانات تائبات وكأن عملهن فى السينما كان نوعا من أنواع الخطيئة، وفنانات معتزلات كلاعبي الكرة، لكن بدون فيلم اعتزال، وفنانات محجبات وكأن الحجاب صار كالحج لقبا.
ملاحظة ثانية: البطل فى الفيلم الأول مثل البطل فى الفيلم الثاني كلا منهما يغير اسمه الحقيقي، بيد أن الأول يغير اسمه من اجل الرفاهية والمتعة دون أن يضطره إلى تغير حياته الاجتماعية بما يشبه الطوفان، أما الثاني فإنه يضطر إلى تغير اسمه بالرغم من أن " عادل" كان " قس"، و" الشريف كان " شيخ"، فجأة وخوفا على حياته – الأول والثاني معا- يضطر الشيخ أن يصبح " قس"، والقس يصبح " شيخا" وكلا منهم فعل هذا من اجل الحفاظ على حياته وحياة أسرته وليس من اجل الترف والمتعة .
ملحوظة ثالثة: مجتمع 1949م، هو المجتمع الذي شهد قمة الاغتيالات السياسة المرتبطة بالايدولوجيا العقائدية، فقد قتل فى هذه الفترة أحمد ماهر رئيس الوزراء بأيد جماعة الإخوان المسلمين وسليم زكى حكمدار القاهرة وتم تفجير محال اليهود التجارية والاعتداء على رجالات الوفد وأنصاره من قبل الجماعة، وذلك من أجل إثبات ولائهم للملك الذي كانوا يحاولون الإجهاز عليه هو الأخر ولكن ضربت الملك كانت أسرع هذه المرة من ضربت الجماعة فقد قتل حسن البنا بعد أن حاصره ونزع منه كل شيء ومات موتت أمثاله .
بيد انه خلف وراءه آلاف من المتعصبين السلفيين ومنهج وهابي بدأ يتغلغل مع الوقت، بلغ مداها فى فترة الرئيس السادات 1970- 1981، بحادثة الفنية العسكرية الفاشلة التي نجحت يوم 6 أكتوبر 1981 وكانت نتيجتها مقتل الرئيس السادات، وفى الطريق قتل الشيخ الذهبي، وتم الاعتداء على الطلاب فى الجامعات ، وأحداث الزاوية الحمراء، والتي كانت مفتتح الحوادث الطائفية التي نفذت بيد جماعات العنف الديني " الجماعات الإسلامية"، وبأمر مباشر من السلطة السياسية للتغطية على جرائم النظام فى حق مصر وحق العرب وحق المسلمين والتي كانت أكبرها جريمة " كامب ديفيد" ومقدماتها.
المهم أن جماعة العنف الديني هذه كانت وما تزال خادم أصيل فى خدمة البلاط والسلطة، خادم ذليل مهان، وهو من فجر بالمقابل عنف الأقباط فى النهاية لأنه بدأ بالاعتداء عليهم متمترس بالسلطة من وراءه هذه السلطة التي لا تكترث بالمسلم أو المسيحي، ولكنها تكترث فقط ببقاء سلطتها على البلاد والعباد حتى ولو تحول الشيخ حسن إلى مرقص وتحول القس مرقص الى الشيخ حسن حتى ينعم بالعيش فى وطن أصبح ثمن كيلو الطماطم عشر جنيهات، هذا بدون الحديث عن صلاحيتها للاستهلاك الآدمي من عدمه، وأصبحنا مهددين بندرة المياه وتسحر ما بقى من الأرض الزراعية بعد أن ابتلعتها الحوائط الأسمنتية فى غفلة من القائمين على القانون ..... الفرق بين مصر 1949 ومصر 2008، هو الفرق بين طنطا وفرنسا ......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ما بين الفيلم الأصلي والمعدل
صلاح الجوهري ( 2010 / 10 / 3 - 13:36 )
في بدايات القرن ظهر فيلم (حسن ومرقص وكوهين)، الفيلم كان بطولة شرفنطح في دور المسيحي وعبد الفتاح القصري في دور المسلم واستفان روستي في دور اليهودي، وجميعهم كانت تربطهم شراكة في صيدلية ولديهم مستخدم يدعى عباس (حسن فايق) يحاولون إستغلاله بشتى الطرق..

بعد أن نجح الإمتداد الوهابي والتطرفي الساعي لطرد اليهود من البلاد أختفى كوهين من عنوان الفيلم. وأصبح الفيلم أسمه (حسن ومرقص) فقط.

هل بعد 50 عاما أخرى سنقرأ عنوان الفيلم الجديد وسيكون أسمه (حسن) فقط؟؟؟

سؤال يطرح نفسه في ظل التطرف ومعاداة المسيحيين والأقباط وإستحلال دمهم وعرضهم وأموالهم وتشجيعهم على الهجرة خارج وطنهم الأصل؟؟؟


2 - رجاء النشر وعدم الحذف
محمود جابر ( 2010 / 10 / 3 - 23:34 )
المجتمع المصرى كان له القدرة عن التمييز بين ما فعلته إسرائيل سنة 48 و بين اليهود المصريين. فتوقيت هذا الفيلم 1949 يؤكد على ثقافة التسامح و النضج الفكرى الذى كان يعيشة المجتمع المصرى. أما الفكر الإقصائى القادم من الصحراء لبس غطاء الدين ليدمر التسامح و النضج و يحوله إلى كراهية و قبلية و عنصرية. والأغرب سعيه لإحتلال مصر و إحلال كل ما هو جيد بها بحجج دينية وقد نجح بتغيير ملبس الفلاح المصرى والفلاحة المصرية و إستبداله بالجلباب البدوى و الحجاب. فكان أى شيئ مصرى يكون مستهدف من الغزو الوهابى. كما أن مفهوم الوطن و حب مصر الذى كان يجمع كل المصريين أصبح هدف واضح فتم إحلال مفهوم الوطن ومصر إلى دولة الإسلام المزعومة ليتكون صراع بداخل قلوب المسلمين و تكفير مصر لصالح الخلافة.الفرق أنه كان يوجد مصر سنة 49 و الآن -طظ- فى مصر على رأى كبيرهم. فالمصرى الآن ليس ولائه لمصر بل لدولة الدين لأن الإسلام دين و دولة. فهل عرفتم لماذا الإحتلال الوهابى لمصر هو أسوء إحتلال عرفته المحروسة؟ وهل علمتم لماذا عقمت مصر من أنجاب فطاحل الفكر كطه حسين و العقاد و توفيق الحكيم و غيرهم؟ أتمنى أن تكون الصور واضحة.


3 - الى صلاح الجوهر
محمود جابر ( 2010 / 10 / 3 - 23:40 )
الى المحترم صلاح الجوهرى
اولا ملاحظتك جيدة جدا وفى محلها، بيد ان حذف اسم - كوهين- من قاموس مصر لم يكن أحد فى مصر مسئول عن ذلك، ولكن المسئول الاول الاستعمار الذى حاول ان يصنع احزمة من العقائد او التعصب العقائدى يستطيع بها ان يفتت الامم والجماعات الوطنية ، وهذا ما فعلته بريطانيا فى الهند حينما استطاعت ان تخلف الهند وباكستان وبنجلادش ، وتترك مصير كشمير معلق لتبقى المسألة معلقة ومضطرة وتخلق حالة من عدم الاستقرار بين هذه الاقطار بعضها البعض، وها ما فعلته حينما حولت - اليهودية- الدين الى حركة سياسية لها مطالب احلاليه استيطانية على الارض وساعدها اليهود حينما تماهت اليهودية مع الصهيونية حتى اصبحا شىء واحدا.
اما مسألة المسيحية فانا معك واتفق اتفاقا كامل فى مسألة المخاوف وشكرا لتعقيبكم الرائع .


4 - ملاحظة هامة
محمود جابر ( 2010 / 10 / 4 - 00:05 )
ملاحظة هامة التعليق رقم (3) ليس تعليقى انا ولكن هو تعليق تم منع نشره ربما لان صاحب التعليق خالف قواعد النشر (القواعد الشكلية) وهو عدم ذكر الاسم او غير ذلك، ولكنى نشرته حرصا على حرية الرأى والتعبير .


5 - كأنه انزلاق
بشارة خليل ق ( 2010 / 10 / 4 - 00:28 )
انزلاق مصر الابداع مصر النهضة مصر مهد الحلم العربي الى هاوية التطرف الوهابي ظاهرة غريبة ؛ فكلما زادت البينات بارهاب التوجه الاخواني الوهابي , ازداد المصريين التصاقا وحماسا لهذا التوجه وكأنها حفرة حوافها منزلقات , كلما زادت الهزات الاتية من اعماق الحفرة انزلق المصريين الى الداخل اكثر فاكثر
وغريب ايضا سرعة التحول وعمقه , فان نظرت الي احدى حفلات ام كلثوم او احد البرامج الوثائقية عن فترة الضباط الاحرار تكاد ان لا تصدق ان هؤلاء هم المصريين قبل اربعين سنة.
اتمنى لمصر التعافي بنفس سرعة تغلغل المرض في كيانها


6 - مبادى الإستعمار واحدة
Amir Baky ( 2010 / 10 / 4 - 14:38 )
ما ذكره الكاتب فى تعليقة رقم 4 وما ذكره فى التعليق رقم 3 يؤكد أن كلا من الإستعمار البريطانى و الإستعمار الوهابى لهما نفس النهج بتدمير الشعب الواحد و إفتعال مفهوم طائفى يقسم البلد الواحدة لعدة دويلات صغيرة. أو إشعال حروب طائفية كأقل تقدير. فما يحدث فى العراق و أفغانستان و باكستان و الصومال يؤكد أن النموذج التحريضى للوهابية متشابه لحد كبير للتحريض البريطانى الذى تسبب فى وجود 3 دول (الهند - باكستان - بنجلادش


7 - من وراء الانزلاق ؟
محمود جابر ( 2010 / 10 / 5 - 22:07 )
هذا الانزلاق عزيزى بشارة لم يكن سببه على الاطلاق قدرة هذا التيار او التنظيم الخارقة بل كان تواطىء السلطة واتفاقها على ان تتمم هذا التحول بكل اشكاله بدأ من انفتاح السادات واتفاقية كامب ديفيد الى جعل المسألة الطائفية قنابل دخان يختبىء ورائها ليفعل ما يريد ، ثم قيامه بارسال شبابنا الى افغانستان بدلا من فلسطين او المصانع ، ثم عودتهم محملين بعقائد الموت والارهاب ، انها سلطة خائنة ضد الوطن وضميره وعقائده وثقافته ...

اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تلزم اليهود المتدينين بأداء الخدم


.. عبد الباسط حمودة: ثورة 30 يونيو هدية من الله للخلاص من كابوس




.. اليهود المتشددون يشعلون إسرائيل ونتنياهو يهرب للجبهة الشمالي


.. بعد قرار المحكمة العليا تجنيد الحريديم .. يهودي متشدد: إذا س




.. غانتس يشيد بقرار المحكمة العليا بتجنيد طلاب المدارس الدينية