الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا شيعة تمزق، ولا سنة تفرق

خالد إبراهيم المحجوبي

2010 / 10 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



يعلم الله أني أكتب هذا المقال ممزوجاً بشعورات من الألم والحسرة ، تُمِضُّ القلب ، وتعتصر اللب ، لما تعيشه أمتنا من محن ، وما يعروها من إحن، وما يغشاها من فتن.
قال النبي عليه الصلاة والسلام فيما ورد عنه مرفوعاً: ((...سألت ربي ثلاثا، فأعطاني ثنتين ومنعني واحدة . سألت ربي أن لا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها . وسألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها . وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها)) ( ).
وليس يغرُب عنا أن شدة البأس بين المسلمين قد بدأت تنخر تماسكهم منذ وقت مبكر من تاريخ ظهورهم على ساحة العالم ، ولا يزال ذلكم النخر مستمراً لا يهدأ ، إلا ليبدأ، انطلاقاً من انتهاء حقبة الخلافة الراشدة، وبدْء عهد المملكة الأموية ، ثم الانقلاب العباسي ، ثم التمرد الفاطمي ، ثم الانشقاق الأيوبي، وصولاً إلى حكم المماليك ،ثم العثمانيين، فكل تلكم المراحل تدثرت بأكسية الشدة ، وأردية البأس ،وتلطخت بالدماء ، وما شهدت تداولاً سلمياً ، ولا تبادلاً ودياً( )؛ حتى صارت أمتنا تنازع بني إسرائيل في إحدى صفاتها التي ذكرها الله تعالى في قوله: {بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعًا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون } .
البأس الشيعي – السني:
لقد عجزت المراجع الشيعية المتعقلة-وهي قليلة- عن ترشيد كثير من أندادها، وأتباعها الذين برز فيهم متهورون أساؤوا لطائفتهم قبل أن يسيؤوا إلى خصومهم ،فقد فجَروا في الخصومة ، وتعمقوا في الشقاق. وصاروا يقدمون خطاباً شيعياً قواعده من الخرافة ، وجدرانه من الخبال ، وطلاؤه من الغلو، وأرضيته من العبث.حتى كأنهم يبشرون بدين جديد ، على نحو لا يليق بمن يعلن محبة آل البيت عليهم السلام.
وفي المقابل عجز علماء السنة العقلاء عن ترشيد كثير من أتباعهم ، وتوجيههم تجاه ساحة الوفاق والاتزان ؛ فاشتط كثير منهم في المواجهة ، بعيداً عن التروي ، والتهادن، وبرز فيهم أغرار ،ومتنطعون ، شوهوا السنة ، قبل أن ينالوا من الشيعة ؛ فصاروا يقدمون خطاباً سنياً يلتزم التعميم، وينتهج التشويه ، ويعتمد الغلو ، بعيداً عن المنهجية التي أرشد إليها النبي –عليه الصلاة و السلام- في التعامل مع المخالفين .
لا يزال سجل العلاقة بين الطرفين يتعاظم ويتضخم ، بمزيد من الجرائم المتبادلة من طرف أدعياء التشيع، من جهة ، وبين أدعياء التسنن من جهة أخرى ، وبخاصة في العراق ،وباكستان، حيث يتفنن كل طرف في إيذاء الآخر تقتيلاً ، وتذبيحاً، وتفجيراً ،وتهجيراً . ولن يكون من الإنصاف هنا أن نحصر ذاك الأداء الإجرامي في طرف دون الآخر ، لثبوت أن كلاً منهما متورط ووالغ في دماء الآخر، على نحو لا يرضي غير الشيطان.

توحيد الانتماء:
صار من واجب كل مسلم صادق أن يحقق في نفسه توحيد الانتماء ، وتمحيض المرجعية ، فلا يكون الأصل الانتمائي له فرقة معينة ،أو طائفة محددة ، بل إلى دين واحد اسمه الإسلام ، ونبي واحد اسمه محمد ، وإله واحد اسمه الله . إننا لو نجحنا في إرساخ وتمكين هذا الثلاثي ؛ سنكون على بينة من أن ما يجمع المتخاصمين ،أكثر مما يفرقهم ، وسيميط اللثام عن الوجه الحسن للإسلام الذي تشوه بتنطعات ، وتشويهات الغلاة، والمتدابرين، والموتورين.
لقد سيطر الانشقاق، وتعددية الانتماء على المسلمين طوال 1390عاماً ؛ فلم يجنوا من ذلك غير مزيد من التنابذ ، والتباهز ؛ والتواهن، والتهاون ، بعد صدامات وخصومات استنـزفت طاقاتهم ، وأوهنت قواهم ، وأنهكت جهودهم، وأربكت غاياتهم، في الوقت الذي تقف فيه أمامهم تحديات كبرى في جبهات أخرى ، وجب عليهم أن ينشطوا فيها ؛ لخدمة الإسلام ، وليمَكَّن له في الأرض ، وليس تحت الأرض.
وقد آن الوقت للتركيز على دخول مرحلة جديدة، يرسخ فيها وسط المسلمين-خواصهم وعوامهم- أنهم مطالبون بالانتماء الموحد، وأن ينتبهوا فيها إلى أن دينهم لم يكلِّفهم بإلحاق أبنائهم بمدرسة الشيعة ،ولا مدرسة السنة ، ولا مدرسة الخوارج، ولا مدرسة الصوفية . إنما وجب عليهم أن يلحقوهم بمدرسة الإسلام الذي يدين وينتسب لمرشد واحـد، اسمه محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه.
واذكر هنا أن الشيخ أبا حفص بن شاهين(ت385هـ) صاحب كتاب (ناسخ الحديث ومنسوخه) ، كان إذا إذا ذُكرت المذاهب يقول: أنا محمدي المذهب( ) .
مسؤولية التنقية :
إن على مراجع الشيعة أن يعملوا إلى تنقية فرقتهم من ركام الخرافات المتزاحمة ، وأن ينظفوا خطابهم من زحام التفاهات المتلاطمة، التي أساءت لآل بيت النبي ، قبل كل شيء، وإلى كثير من عقلاء الشيعة ومعتدليهم –وهم الأقل –( ) أمام مد الغلاة الذين تتاح لهم مجالات الكلام والفعل ، ليوغلوا في مسخ منهج آل البيت النقي ، ويشوهوا تراثهم الزكي ، بفتح المجال لعدد من الغلاة المتهورين ، أمثال: ياسر الحبيب ، ومحمد باقر الفالي ، وحسن شحاتة.
وفي المقابل على أعلام علماء السنة أن يسعوا إلى إحلال و تثبيت نهج الاعتدال ، وكتم نزوعات الغلو ، وردات الفعل المتهورة-دون غيرها- التي تصدر بتواصل وتواثب، من طرف كثير من الأغرار الذين غفلوا عن قواعد الخلاف ،وضوابط المخالفة ، وآداب الخصومة ، سواء من جهة بعض الوعاظ والمشائخ ،ومن تبعهم من العوام المقلدين، أو من طرف قنوات فضائية تخصصت في النفخ في مَلَّ الفتنة ورمادها. وفي ذلك تأثير ضار على فرقة السنة ، وفتح لثغرات تُثلَب فيها، وفجوات تُثْلم منها، وهي في غُنية عن فتحها، وفتقها، ففي ذلك زعزعة لمتانتها ، وتهديد لمكانتها، بصفتها أوثق الفرق الإسلامية اتزاناً ، وأكثرها انضباطاً، واعتدالاً -على مستوى الطرح النظري- ، مقارنة بغيرها من الفرق التي يتكون بجموعها كيان الأمة الإسلامية .
ويْكأن الفتن المتتالية بين السنة والشيعة قد صارت فرصاً لتصفية حسابات خاصة ، بين بعض الأطراف على نحو مغرض ، ليس لله فيه نصيب ، بل النصيب لدول فاعلة وطامحة وطامعة أوضحها: أميركا ،وإيران ،والسعودية ، فهذا الثالوث لم يبرأ عن أن تكون له مسؤولية مباشرة عن حالة الفتنة الطائفية ، لا سيما في الساحة العراقية التي صارت تقتدي بها-بشكل غير رسمي-ساحات أخرى كالكويت، والبحرين ، ودولٍ أخرى انجرَّت لأتون الفتنة ، انجراراً مجّانياًَ، على غير هدى ولا بصيرة ، معْرضة عن نصائح العقلاء ، وتوجيهات الحكماء . وبدلاً من أن يكونوا لنار الفتنة ماءً ، صاروا لها حطباً .
وأختم بنصيحة غالية من نبينا وردت فيما خرجه الترمذي في سننه مرفوعاً(( أنه قال في الفتنة كسروا فيها قسيَّكم ، وقطِّعوا فيها أوتاركم ، والزموا فيها أجواف بيوتكم ، وكونوا كابن آدم ) ) ( ) . والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انا غدرنا في صفحتنا هذه !! ياللعيب
حميد الكركوكي ( 2010 / 10 / 4 - 07:58 )
قلتم الابحاث العلمانية !?wht is that in Arabic
ما هذه الهذرات الموارائية اذن ؟!! نعم للحرية ولكن هذه صفحة العلمانيون وليست صفحة الدينين، لهم الكثير من الشبكات و المال والپترولي،، دعونا مع صفحتنا لناليست لدينا مثل ما ليكم ،،!


2 - ضقنا ذرعا بهذا الكلام
مش مهم ( 2011 / 9 / 7 - 12:23 )
من غشنا فليس منّا و هذا في أمور الدنيا فما بالك بمن غشّنا في ديننا دنيانا،على ماذا سنتّفق أعلى
سبّ الصحابة أم على تحريف القرآن،ألا تقرأ في كتبهم عن حكم من فضل الصدّيق على عليّ
أما عن الجرائم فكلّما قرأت عن تاريخهم كلما علمت أنهم صناعة يهودية و أنهم خنجر مسموم في ظهورنا و كل الخيانات كانوا هم أبطالها بدءا من بن العلقمي الى النظام السوري في القضية الفلسطينية
رحم الله صلاح الدين الذي أزالهم و أعاد الوجه السني لمصر قبل تحرير الاقصى

اخر الافلام

.. قداس عيد القيامة المجيد بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية برئا


.. نبض أوروبا: تساؤلات في ألمانيا بعد مظاهرة للمطالبة بالشريعة




.. البابا تواضروس الثاني : المسيح طلب المغفرة لمن آذوه


.. عظة قداسة البابا تواضروس الثاني في قداس عيد القيامة المجيد ب




.. البابا تواضروس الثاني : نشكر الرئيس السيسي على تهنئته لكل أق