الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القانون والمجتمع

صاحب الربيعي

2010 / 10 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يعدّ القانون سلسلة تعاقدات بين الدولة والمجتمع بموجبه تضمن الدولة عبر أجهزة الضبط والتحكم حفظ حقوق أفراد المجتمع مقابل إلتزامهم بالواجبات، فمعيار تطور الدولة وجود مؤسسات وهياكلها قانونية لعدّها دولة مؤسسات.
يُعرف القانون : " إنه مجموعة القواعد والتشريعات التي تضعها الدولة وتُلزم المواطنين بها ".
ولا يمكن عدّ النظام الاجتماعي نظاماً مستقراً من دون وجود قوانين ناظمة لشؤونه العامة شريطة وجود أجهزة ضبط وتحكم قوية وفعالة، قادرة على فرض النظام وتطبيق القانون على نحو عادل ومنصف. وعلى الرغم من ذلك ليس في مقدورها منع وقوع الجرائم، ولا يمكن لأي دولة في العالم ضمان خلو مجتمعها من الجريمة لأن مهام أجهزة الضبط والتحكم حفظ النظام وإعداد لائحة اتهام أصولية للمحكمة لتجريم المتهم على فعله المنافي للقانون.
على خلافه تراهن الدولة على نحو كبير على تفعيل نظام الردع الذاتي للفرد ليمتنع من ذاته انتهاك القانون والتعدي على حقوق الغير بإعتمادها برامج تربوية طويلة الآجل، فكلما كانت المنظومة الأخلاقية للمجتمع مصانة وتحظى بالاحترم والتقدير أمكن غرسها في لاوعي أفراد المجتمع بسهولة. وبعدّ القيم والأعراف الاجتماعية والدينية من مكونات الضمير الاجتماعي فإكتسابها يجعل الفرد يحظى بالاحترام التقدير، وحين يتجاوز عليها يرفضه المجتمع وبذلك تقل الحاجة إلى تشديد عقوبات القانون لمكافحة الجريمة.
ينصح (( بيسون )) مشرعو القانون قائلاً : " إن السبيل الوحيد لخفض معدل الجريمة تعزيز المنظومة الأخلاقية للمجتمع، أمنحوها قدسية خاصة في الضمير الاجتماعي حينها لن تكونوا مضطرين لإصدار الأحكام القاسية ضد المجرمين ".
إن تشديد أحكام القانون ضد المجرمين ليس حلاً لخفض معدل الجريمة، فعلى الرغم من أن عقوبة القانون تشكل رادعاً قوياً للمجرمين لكنها لا تخفض معدل الجريمة، فالمجرم يعي تماماً أنه يرتكب فعلاً مناهضاً للقانون ولربما يدرك حجم العقوبة التي سينالها عند وقوعه في قبضة العدالة على الرغم من ذلك يخالف القانون ليتحدى الدولة المسؤولة عن معاناته وبؤسه.
وبغض النظر عن دوافع ارتكاب الجريمة فإن القانون ليس أداةً للإصلاح وإنما أداةً لعقاب الخارجين عليه، فالنسبة العظمى من المجرمين الذين قضوا عقوبة السجن عادوا ثانية إليه لارتكابهم جرائم أخرى نتيجة إنهيار منظومة قيمهم الأخلاقية. كما أن القانون ليس معياراً للعدالة والإنصاف لإصدار الأحكام ضد الظواهر غير العادلة في المجتمع وإنما تقتصر مهمته على عدم مخالفة القانون.
تعزز منظومة القيم الأخلاقية ضوابط الفرد الذاتية، فيمتنع من ذاته ارتكارب فعل يتعارض مع القيم الاجتماعية خشية النبذ الاجتماعي لما تشكله الفضيحة من حط لقدره في المجتمع. لذلك التلويح بالفضيحة في الوسط الاجتماعي الملتزم بمنظومة قيمه الأخلاقية يعدّ عقوبة أشد من عقوبة القانون. وعلى الرغم من تعارضها مع مبادئ حقوق الإنسان يجب التلويح بها، ولربما في بعض الحالات الشروع بها للحط من قدر المجرمين في المجتمع ولردع الأخرين ارتكاب جرائم مماثلة خشية تعرضهم إلى نفس الفضيحة في الوسط الاجتماعي.
يعتقد (( ميشيل فوكو )) " أن تشديد القوانين والأحكام ضد المجرمين لن يخفض معدل الجريمة في المجتمع، لذلك يجب تفعيل منظومة القيم الأخلاقية للمجتمع بعدّها أكثر ردعاً والتلويح بالفضيحة على المستوى الاجتماعي ".
إن المظاهر غير العادلة مثل الفقر والجوع والفوارق الطبقية الكبيرة في المجتمع بمجملها تقوض النظام الاجتماعي مهما كان القانون رادعاً وأجهزة الضبط والتحكم قوية لشعور فقراء المجتمع أن الدولة غير عادلة. وبذلك فإنهم غير ملزمين بالعقد الاجتماعي لأنها لم تصن حقوقهم وتطالبهم بالواجبات على نحو غير عادل ومنصف. لذلك يجب عليها تقليل الفوارق الطبقية ومكافحة الفقر وغرس منظمومة القيم الأخلاقية في لاواعي أفراد المجتمع لتفعيل ضوابطهم الذاتية فيمتنعوا من ذاتهم ارتكارب أفعال مخلة بالقانون.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل قانون الجنسية الجديد في ألمانيا| الأخبار


.. صحيفة العرب: -المغرب، المسعف الصامت الذي يتحرك لمساعدة غزة ب




.. المغرب.. هل يمكن التنزه دون إشعال النار لطهو الطعام؟ • فرانس


.. ما طبيعة الأجسام الطائرة المجهولة التي تم رصدها في أجواء الي




.. فرنسا: مزدوجو جنسية يشغلون مناصب عليا في الدولة يردون على با