الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين والسياسة في عصر الديمقراطية

عمرو اسماعيل

2004 / 9 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تموج الساحة السياسية والثقافية في مصر والعالم العربي بنقاش حاد بين انصار الديمقراطية من خلال مبادرات الاصلاح الديمقراطي وبين انصار التوجه الاسلامي للأصلاح حول علاقة الدين بالسياسة والدور الواجب ان يلعبه الاسلام في حياتنا السياسية .. خاصة ونحن نمر بمرحلة حرجة من تاريخنا نواجه فيها تحديات خارجية كثيرة متمثلة في العدو الصهيوني وممارساته اللاانسانية ضد الشعب الفلسطيني والهجمة الامريكية علي الشرق الاوسط بحجة مكافحة الارهاب ..ونواجه تحديات داخلية في نفس الوقت أهمها تحدي التنمية الاقتصادية والبطالة واعادة توزيع الثروة بما يضمن العدالة الاجتماعية و تحدي الاصلاح السياسي الذي يضمن المشاركة الشعبية في الحكم واختيار حكامه .
وهذا النقاش الحاد يؤدي الي تبادل الاتهامات احيانا بين التيار الاسلامي وتيار الاحزاب التي اصطلح علي تسميتها بالعلمانية او الليبرالية رغم ان الهدف النهائي للجميع واحد وهو الخروج من عنق الزجاجة حتي نستطيع مواجهة التحدي الخارجي وكسب معركة التنمية والحضارة .
والي الجميع اتوجه بكلامي هذا كمشاركة بسيطة من مواطن مصري غلبان يحب الله ورسوله ويحب وطنه في نفس الوقت ..مواطن مصري غلبان يري انه لا تعارض اطلاقا بين الاسلام وبين الديمقراطية ..فالاسلام كدين هو المكون الاخلاقي والثقافي الاول في مجتمعاتنا وسيظل الحفاظ عليه متوهجا في عقول وقلوب الشعوب العربية هدفا للأغلبية الكاسحة لهذه الشعوب .. سواء رضي البعض ام لم يرضوا ..وأي محاولة لاقصاء الدين والاسلام خاصة من حياتنا مصيرها الفشل .
ان الاساس للديمقراطية والتي لا يستطيع الا مكابر انكار نجاحها في كثير من دول العالم هو الفصل التام بين السلطات الثلاث ..السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية ..هذا هو الاساس رغم انه هناك مفاهيم مختلفة لتطبيق الديمقراطية كنظام للحكم مثل النظام البرلماني كما هو مطبق في بريطانيا والنظام الرئاسي كما هو مطبق في امريكا ..ولكن يظل العامل المشترك هو الفصل بين السلطات .
فهل يتعارض هذا المفهوم في بلد مثل مصر مثلا مع الاسلام او الدين ..انا لا اري اي تعارض

ولنبدأ من الدستور الحالي وكيف يمكن البناء عليه للوصول الي النتيجة التي يرضاها الجميع .. حيث انني أومن أن مصر تملك من المؤسسات الدستورية ما يجعل التحول الديمقراطي الكامل فيها سهلا وسلسا .
فالدستور الحالي ينص علي أن الدين الرسمي للدولة هو الاسلام باعتبار ان الاغلبية مسلمين .. مع الاحترام الكامل لحقوق الاقلية القبطية في حرية العقيدة وممارسة شعائرها وحقوق المواطنة الكاملة مثلهم مثل المسلمين تماما . وهنا لا أعتقد انه لأي حزب سياسي او مواطن مصري سواء كان مسلما أو قبطيا اعتراض علي هذا البند من الدستور اذا تم تطبيقه بنصه وروحه .
ثم نأتي الي بند الدستور الذي ينص ان المصدر الاساسي للتشريع هو الشريعة الاسلامية واحكامها ..مما يعني انه هناك مصادر أخري اذا لم تكن تتعارض مع الشريعة الاسلامية وان قوانين الاحوال الشخصية التي تتطبق علي الاخوة المسيحيين هي مستمدة من شريعتهم .. وأعتقد ان هذا هو المعمول به حاليا فلا أدري ما هي المشكلة.
والسلطة التشريعية الممثلة في مجلسي الشعب والشوري تنتخب انتخابا حرا من مرشحي جميع الاحزاب الموجودة علي الساحة والتي اعتقد ان الاختلاف الرئيسي بينها هو في السياسة الاقتصادية التي يدعو اليها كل حزب .. وليس في نظام الحكم وليس في الموقف من الدين .. فالجميع قد اتفق علي ان الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة هو الحل الامثل لمصر واي شعب في العالم .
وهذه السلطة التشريعية هي التي تسن القوانين التي لا تتعارض مع الاسلام وروحه ومع الدستور في نفس الوقت الذي يضمن حقوق الاقليات وحقوق المواطنة الكاملة لكل المصريين بصرف النظر عن الدين او الجنس او اللون.
لا أعتقد انه هناك اختلاف بين جميع الاحزاب والتيارات السياسية في مصر علي هذه النقطة
وهذه السلطة التشريعية لها طبعا مستشارين من الازهر ومن البطريركية مما يضمن عدم اصدار قوانين مخالفة للدستور وبالتالي مخالفة لروح الاسلام واصوله او مخالفة للدستور في نصه الصريح علي حقوق المواطنة الكاملة للأقليات .
والمحكمة الدستورية العليا هي التي تفصل في دستورية القوانين كما تفصل محكمة النقض في تطبيق القوانين بصورة صحيحة والسلطة القضائية لها استقلالها التام وترشح اعضائها السلطة التنفيذية علي ان يوافق علي هذا الترشيح السلطة الرقابية الممثلة في مجلسي الشعب والشوري .
وطبعا سيسأل سائل ان هناك الكثير من الاحكام الدينية والقانونية قد تحتاج للأجتهاد فيما ليس فيه نص واضح وتفرضه ظروف عصرنا المعقد ..فما العمل ؟ ولهم أقول ان مصر هي بلد الازهر الشريف و دار الافتاء وتملك من العلماء الاجلاء الذين يؤمنون بوسطية الاسلام واعتداله وفي نفس الوقت مطلعين علي ظروف العصر وتعقيداته مما يضمن لنا عدم تسرب الافراط او التفريط في الاحكام خاصة مع وجود مجلس شعب قوي و منتخب انتخابا حرا .
نأتي الآن الي السلطة التنفيذية وهو الجزء الذي يحتاج تعديلا في الدستور والذي قد يكون فيه اختلاف بين التيار العلماني و الاحزاب و بين التيار الاسلامي وصراع حاد مع الحزب الحاكم الذي يسمي نفسه ديمقراطيا ووطنيا!! .
لقد استقر في المفهوم الديمقراطي ان السلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية او رئيس الوزراء حسب النظام الديمقراطي الذي يستقر عليه اختيارنا يجب ان تكون منتخبة انتخابا حرا ومباشرا من الشعب وان تتغير دوريا وسلميا وهذا ما نطالب جميعا بتغييره في الدستور الحالي وهو ان يتم انتخاب رئيس الجمهورية ونائبه انتخابا حرا ومباشرا من بين عدة مرشحين وان تحدد مدة ولايته بمدتين علي الاكثر ..وأن يكون الترشح لمنصب رئيس الجمهورية هو حق لكل مواطن او مواطنة مصريه بصرف النظر عن الدين او الجنس او اللون لان هذا حق من حقوق المواطنه مثل الواجبات المفروضة علي الجميع من دفع الضرائب والدفاع عن الوطن . كما اتمني ان ينص الدستور علي أن اختيار رئيس الجمهورية لاي مناصب عليا في الدولة لا بد ان يحظي بموافقة مجلس الشعب ويكون تحت رقابته وأولها منصب رئيس الوزراء.
وهذا ما يجعل بعضنا يتخوف من التيار الاسلامي . حيث يتم اختيار رئيس اي حزب وجماعة منتمية الي هذا التيار من قبل نخبة ضيقة اصطلح علي تسميتها اهل الحل والعقد وهو في الغالب منصب مدي الحياة مثل منصب المرشد العام للأخوان المسلمين .فأن وافقت جماعة الاخوان أو اي تيار ديني او حتي مسيحي علي آليات الديمقراطية السابقة التي اتفقت عليها قوي المجتمع المدني فيصبح عندها التخويف من وصولها للسلطة كحجة لعدم منحنا الديمقراطية الكاملة تماما مثل حجة البليد في مسح التختة .
هذا هو مفهومي عن علاقة الدين بالسياسة في عصر الديمقراطية في مصر وأعتقد انه مفهوم يمكن تطبيقه في اي بلد عربي آخر .
مفهوم يكون فيه رجال الدين دورهم ينحصر في تهذيب الناس وتعريف المسلمين باصول الدين وهيئة استشارية للسلطة الشعبية الحقيقية وهو المجلس التشريعي فيما يقترحه الاعضاء او الحكومة من مشروعات قوانين .
أما ان يفتي كل من هب ودب بفتاوي ما أنزل الله بها من سلطان مثل فتاوي القتل من شيوخ الفضائيات وفتاوي الخنوع لكل حاكم فهذا ما يجب ان نقف ضده بكل حزم .. فرجال الدين هم مثل باقي المواطنين خاضعين للقانون والدستور والعنف والتحريض عليه يجب ان يكون فيه نص واضح في الدستور والقانون يجرمه ويعاقب عليه بشدة.
فأذا اعتبر البعض ان هذا مفهوم علماني فانا اعلن انني علماني رغم ايماني ان العلمانية ليس لها اي علاقة بهذا المفهوم ولكنها الديمقراطية التي أومن أنها الامل في مستقبل أفضل لمصر والتي أدافع عنها وسأظل مهما كلفني ذلك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. #جوردان_بارديلا يعلن عزمه حظر الإخوان المسلمين في حال وصوله


.. رأس السنة الهجرية.. دار الإفتاء تستطلع هلال المحرم لعام 1446




.. 162-An-Nisa


.. موجز أخبار الواحدة ظهرًا - رئيس الوزراء يهنئ الرئيس السيسي و




.. وادي الرافدين وتراثه القديم محاضرة استذكارية وحوارفي الذكرى