الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القانون والسياسة

صاحب الربيعي

2010 / 10 / 6
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


لا يضاهي ارتكاب مئات الجرائم والجنح يومياً في المجتمع، انتهاكاً صارخاً للقانون يرتكبه سياسي معتوه في السلطة. لأن دوافع الأولى غالباً تكون غير مباشرة تشجع المجرمين على مخالفة القانون بعدّها دوافعاً غير قصدية على نحو عام في الدول المتخلفة وعدد المتضررين منها ليس كبيراً، لكن دوافع الثانية قصدية ترتكب مع سبق الإصرار وبوعي كامل لتحقيق مصلحة أو هدف ما فيتضرر المجتمع بالكامل منها.
حين يتخذ سياسي معتوه في السلطة قرار الحرب يدفع ثمنها الباهض المجتمع وتستنزف موارد الدولة بالكامل من دون أن يخسر شيئاً، ومحاكمته على سوء استخدامه السلطة لا تجدي نفعاً خاصة حين تؤدي السلطة القضائية دور العاهرة المرتمية في أحضان السلطة التنفيذية فيتحمل كلاهما قرار الحرب وانتهاك القانون لأن القاضي غير النزيه لا يقل سوءاً عن السياسي المعتوه.
يقول (( رادها بينود )) : " إنه حين يجري المقارنة بين ممارسات السلطة غير القانونية وإجمالي الجرائم المرتكبة في المجتمع يخسر القانون سمعته، فالقتل العشوائي للمدنيين في الحروب يعدَ انتهاكاً للقانون الدولي لكن قرار استخدام القنبلة الذرية ضد اليابان لا يعدّ خرقاً للقانون وحسب، بل سلوكاً همجياً للسياسي لا يقل شراً عن سلوك النازيين في أبادة الشعوب ".
إن السياسي المعتوه المنتهك للقانون لا يقتصر خطره على نفسه أو سلطته وإنما يؤثر سلباً على المجتمع بكامله ولأجيال قادمة، فحجم الانتهاك القانوني يقاس بنفوذ الفرد في السلطة والمجتمع. وكلما زاد نفوذ السياسي في السلطة زاد خرقه للقانون، وبزيادة نفوذ الفرد المالي في المجتمع يزيد انتهاكه للقانون.
متنفذو السلطة السياسية والمالية مستعدون لارتكاب جرائم كبرى تنتهك القانون على نحو صارخ إن كانت تحقق مصالحهم الشخصية بعدّهم منفذين لأجندة سياسية خارجية تنتهك الثوابت الوطنية لضمان بقاءهم في السلطة أطول فترة ممكنة أو لتحقيق مصلحة مالية عن طريق كسب غير مشروع لتحقيق أرباحاً فاحشة على حساب مصالح الدولة والمجتمع، فكلما كسب المتنفذ السياسي والمالي أكثر زاد جشعه على نحو أكبر ليتضاعف حجم ضرره على مستوى الوطن بكامله.
إن خرق الفرد للقانون يسبب ضرراً لنفسه والمحيطين به لكن ضرر السياسي لا يقتصر على المجتمع بالكامل وحسب، بل يضر دول ومجتمعات أخرى لأنه عديم الضمير ولا يقر بالقيم الاجتماعية والدينية وإن تستر خلفها لكسب سمعة حسنة لذلك يكون خطره مضاعف.
يعتقد (( كوفي عنّان )) " أنه حين تقوض الدولة حكم القانون بخرقها حقوق مواطنيها كأفراد لا تشكل تهديداً خطيراً لشعبها وحسب، بل إلى جيرانها وبالطبع إلى العالم بأسره ".
يعود الفضل الكبير إلى الرواد الأوائل في صياغة المبادئ القانونية لبناء مؤسسات الدولة بعدّها صيغة للتعاقدات بين الدولة والمجتمع خلالها تضمن الدولة حقوق الأفراد والجماعات وتؤمن الحماية لهم مقابل تعهدهم الالتزام بالواجبات.
لذلك لا يمكن تصور دولة من دون تشريع قانوني ينظم شؤونها الخاصة والعامة، فحتى المجتمعات البدائية غير الخاضعة لسلطة الدولة وقوانينها تحكمها تقاليد وأعراف تعدّ بمثابة مبادئ قانونية غير مدونة تنظم شؤونها العامة. إن حصانة السياسي أو المستبد المنتهك للقانون قد تعفيه المساءلة القانونية، لكن ذلك لا يسقط حق القانون في مقاضاته مهما طال الزمن، بدليل خضوع الكثير من الحكام المستبدين للمحاكمة على جرئم ارتكبوها لسوء استخدمهم السلطة. وفي المقابل هناك الكثير من السياسيين لم يطالهم القانون لقدرتهم إخفاء الأدلة المادية التي تثبت إدانتهم وخرقهم للقانون.
يعتقد (( توماس فرديدمان )) " أن الميراث العظيم للنظام الديمقراطي والمؤسساتي والقانوني الأمريكي صممه عباقرة، لكن منّ يديره مجموعة من الأغبياء ".
حين تضعف السلطة القضائية يصبح القاضي حارساً غير أمين على القانون وشريك السلطة التنفيذية لانتهاك القانون، فيؤدي دور القواد إلى السياسي في انتهاك ستر القانون. وفي معظم الدول المتخلفة أغلب القضاة وسلطتهم القضائية ليسوا أكثر من قوادين مهذبين إلى السلطة التنفيذية لانتهاك ستر القانون، لأنهم يكسبون مالاً وجاهاً يضاهي بنظرهم احترام الذات والسمعة الحسنة للحفاظ على سمعة القضاء واحترام القانون. ومع ذلك على المجتمع التمسك بالقانون لأنه سلاحهم الوحيد لمقاضاة السياسي وإن كان بعد حين.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي الشجاعة داخل الفلج.. مغامرة مثيرة لمصعب الكيومي - نقطة


.. رائحة غريبة تسبب مرضًا شديدًا على متن رحلة جوية




.. روسيا تتوقع «اتفاقية تعاون شامل» جديدة مع إيران «قريباً جداً


.. -الشباب والهجرة والبطالة- تهيمن على انتخابات موريتانيا | #مر




.. فرنسا.. إنها الحرب الأهلية!