الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تلميذة أوشكت على الانتحار!

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2010 / 10 / 7
التربية والتعليم والبحث العلمي



الانتحار في بلادنا لا حدود له إذ يقع في أي منطقة سواء كان ذلك في الصعيد أو في أقصي الشمال.. وفي الواقع فإنه ليس بغريب أن تشهد البلاد حالات انتحار هنا وهناك لكن الغريب أن يقدم تلاميذ صغار علي هذا العمل المشين.. لقد شهدت محافظة المنيا في مارس الماضي حادث انتحار تلميذ بالمرحلة الابتدائية، حيث شنق نفسه بقطعة قماش علقها بنافذة غرفة نومه.. كما شهدت منطقة العامرية بغرب الإسكندرية حادثا مأساويا عندما أقدم تلميذ في الصف الأول الإعدادي علي شنق نفسه ولم يمض أسبوع علي حادث الإسكندرية حتي انتحر تلميذ آخر بمحافظة قنا مستخدما حجاب شقيقته والسبب: عدم رغبته في الذهاب إلي المدرسة.. السؤال ما الذي يدفع هؤلاء البراعم للتخلص من حياتهم؟

لعل جزءا من الإجابة علي هذا السؤال يقبع في ثنايا الشكوي التي وردت علي لسان أحد أولياء الأمور الذي يعبر بحق عن معاناة التلاميذ في مدارسنا، خاصة في المرحلة الأساسية: كانت ابنتي التي تبلغ من العمر 6 سنوات في غاية الفرحة والسعادة والحماس لأنها علي وشك الذهاب إلي المدرسة ولم تدخر الأسرة جهدا في تلبية كل طلبات الطفلة البريئة، فاشترينا لها مريلتين وأقلاما وكراريس وحقيبة وأحذية، أي دفعنا دم قلبنا لكي ندخل السعادة في قلبها الصغير ونحثها علي الدراسة.. وبالفعل ذهبت إلي المدرسة في أول يوم ورجعت سعيدة بعد أن استلمت الكتب المدرسية الجديدة وجلست طوال اليوم وهي تجلد الكراريس والكتب.. وأخذت أنا ووالدتها ندعو للوزير الحاسم الدكتور أحمد زكي وفكرنا في أن نرسل له خطابا نشكره علي الجهد الذي يبذله لإسعاد أبنائنا ولتذليل كل الصعاب والعراقيل التي شوهت التعليم في بلادنا حيث دخل في معارك شرسة مع أصحاب المصالح من ناشري الملخصات ومافيا الدروس الخصوصية.

ورغم أنني -والكلام ما زال لصاحب الشكوي- علي يقين أن القضاء علي هذه الآفات يحتاج وقتا وجهدا كبيرا، إلا أنني أتوسل إلي الوزير أن يتدخل فورا لمنع المدرسين والمدرسات من استخدام العصا والخرطوم ووقف السباب والشتائم خاصة في المراحل الأولي.. ففي مدرسة ابتدائية تابعة لمركز نصر النوبة التعليمية لا تتردد معلمة فصل عن استخدام «الخرطوم» لضرب تلاميذ الصف الأول أي حديثي العهد بالتعليم وفي الكثير من الأحيان يعود هؤلاء التلاميذ إلي منازلهم وبهم خدوش وتشوهات في الوجه من أثر الضرب.. لم أندهش عندما قالت ابنتي التلميذة أنها لا ترغب في الذهاب إلي المدرسة، حيث تستيقظ كل صباح وهي في حالة ذعر وتنطلق باكية وراجية أن تمكث بالمنزل.. أرجوكم إنقاذ ابنتي قبل أن تقدم علي الانتحار كما فعل تلميذ قنا والمنيا والعامرية.. انتهي حديث ولي الأمر.

ما يثير الأسي والحزن أن قرار الوزارة رقم 591 الذي صدر في نوفمبر 1998م الذي يمنع الضرب ما زال قابعا في أدراج مديري المدارس منذ عشر سنوات.. وهذا القرار الذي تغطيه الأتربة وتحاصره من كل مكان يحمل في طياته ما يمنع استخدام الضرب باليد أو أي أداة وفي أي مرحلة من المراحل الدراسية والمدرس الذي يقوم بهذا العمل تتم مساءلته إداريًا بشكل يصل إلي إعفائه من التدريس.

من المؤكد أن الوزير الذي يسهر لتصحيح مسار التعليم ويحرص علي اجتثاث السلبيات التي تلتف حول مدارسنا لن يسكت علي جريمة الضرب والإهانة، وهي جريمة لا تخرج سوي تلاميذ من ذوي النفوس المشوهة والقلوب الخربة والانتماء المنقوص أو المعدوم للوطن بل لعلهم يضمرون الشر للمجتمع. يقول الفيلسوف الايرلندي أدمون بورك: كل ما تحتاج إليه قوي الشر لتنتصر هو أن يلبث أنصار الخير مكتوفي الأيدي دون القيام بأي عمل.

ولمؤيدي الضرب في المدارس نقول: صحيح هؤلاء التلاميذ الصغار في المرحلة الابتدائية والإعدادية غير قادرين علي الدفاع عن أنفسهم حيث يتعرضون للإهانة والضرب، فمنهم من يتعرض لكسر الساق أو الذراع أو يفقد إحدى عينيه. وفي الحقيقة فإن هؤلاء التلاميذ يقتصون لأنفسهم عندما يشتد عودهم في المرحلة الثانوية وهذا يفسر العنف الذي يجتاح مدارسنا المختلفة في المرحلة الثانوية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظومة الصحة في غزة الأكثر تضررا جراء إقفال المعابر ومعارك


.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة في تصعيده مع إسرائيل




.. ما تداعيات استخدام الاحتلال الإسرائيلي الطائرات في قصف مخيم


.. عائلات جنود إسرائيليين: نحذر من وقوع أبنائنا بمصيدة موت في غ




.. أصوات من غزة| ظروف النزوح تزيد سوءا مع طول مدة الحرب وتكرر ا