الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
مسلك العقلية الشرقية فى تحليل الوقائع التاريخية
محمد عبد الفتاح السرورى
2010 / 10 / 7دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
يكثر الحديث من حين لآخر حول أحد الاحداث التاريخية الهامة التى وقعت فيما مضى فى زمننا التاريخى أو واقعنا الجغرافى فمن إنتصارات الإسلام الأولى إلى الفتوحات التى اعقبت وفاة الرسول من سيطرة الأسر الإسلامية الحاكمة على إختلاف مسمياتها إلى الحروب الصليبية وهى الحروب التى كانت علامة فارقة فى علاقة الشرق والغرب ومن قيام دولة الخلافة العثمانية إلى سقوطها ومن تفتيت الدول الإسلامية الى دويلات واخيرا من الإقتتال الداخلى بين مواطنى الدولة الواحدة الى دعوات الإنفصال العلنية والتى ترعاها الدول الكبرى بين كل ما سبق كان مسلك العقلية الشرقية فى التعاطى مع كل هذه الوقائع مسلكا لا يخرج عن كونه مسلك تفسيرى اكثر منه مسلكا تحليليلا وهو يعد أيضا مسلك ظاهرى قشرى الإسباب اكثر منه مسلك باطنى جوهرى المسببات
يقول المشخصون أن مجتمعاتنا الشرقية فى مجملها تميل لكونها مجتمعات إجابات اكثر من ميلها لكى تكون مجتمعات أسئله وهذا التشخيص فى تقديرى صحيح الى حد كبير فعملية طرح السؤال عملية شاقة لا ينوء بها إلا أولى العزم من الناس وفى سبيل طرح الأسئله قد يغامرون بما يملكون من عمل ومتاع وقد يغامرون بأعمارهم ذاتها فى مجتمعات اخرى هذا غير المغامرة بالحرية وهى الثمن الشهير المدفوع لمحاولة الكثيريين لطرح اسئله لم يعتاد عليها المجتمع الذى يفضل دائما الإرتكان الى الموروث الآمن المستقر وذلك على عكس المجتمعات الغربية والتى إختارت ومنذ أمد بعيد من عملية (الإستفهام ) دربا من دروب الحياة اليومية حتى أمست عملية التساؤل الدائم تتم بصورة تلقائية فى ذهنية الغربيين ويظهر هذا واضحا فى مقدار العنت الذى يواجهه بعض الساسة الغربيين عندما يكونوا بصدد مهمة إقناع شعوبهم ببعضالإجراءات اوالسياسات غير المتعارف عليها
والفرق بين العقلية الممنهجة على كيفية تأسيس السؤال وبين العقلية الملقنة على تلقى الإجابات المقولبة يتجلى أشد ما يتجلى فى التعامل النفسى والفكرى مع التاريخ وأحداثة والماضى ووقائعة فعندما نكون بصدد حدث تاريخى معين مثل الإنتصارات الأولى للإسلام نكون أمام احد تفسيرين أولهما التفسير الشهير أن ذلك يرجع الى قوة إيمان المسلمين الإوائل (وهو التفسير الذى ينتمى لعالم الإجابات) والتفسير الثانى هو التفسير الذى يجعل من هذه الإنتصارات خاضعة لجميه مسببات الإنتصارات أيا كان عرق او دين المنتصرون
صحيح أن قوة الأيمان تلعب دورا هاما فى الحوب والمعارك ولكن من الموكد أيضا أن الطرف الخصم كان يملك من الإيمان بصدق موقفة ما حفزه لخوض الحرب التى إنهزم فيها أى اى قوة الإيمان هنا متوفرة لدى الطرفين ولكن العقلية الشرقية دائما ما تنحو نحو التفسير العلوى للأحداث التاريخية وتسلك مسلك عاطفى فى تفسيرها لهذه الاحداث ولكن هذه العقليات لو نحت منحى آخر تجاه المنهج التحليلى لوجدت نفسها امام أسباب أخرى للنصر أو للهزيمة أسباب أخرى لقيام الدول وزوالها أسباب مختلفة تبين مسببات دعوات الإنفصال فى مجتمعات غالبا ماتكون مجتمعات لم تنل حظ وافر من المدنية والحضارة ومسببات الوحدة والتعاضد فى المجتماع التى نالت حظا وافرا من إستيعاب دروس التاريخ
تميل العقلية الشرقية دوما فى تفسيرها لوقائع ما حدث إلى أسباب قدريه وغالبا ما تتجسد هذه الأسباب فى سبب واحد ألا وهو مدى قرب أو إبتعاد شعوب المجتمع عن الإلتزان بالأوامر والنواهى الدينية وقد يكون هذا صحيح فى احد جوانبة ولكن لا يصح إضغام كل الاسباب فى سبب واحد وحيد تؤول إليه تفسير احداث التاريخ وتبيان وقائع الواقع
إن المجتمعات العربية والإسلامية اليوم تحتاج وبشدة إلى إعادة النظر فى فى طبيعة منهجها الحياتى العام هذا المنهج البعيد كل البعد عن الأسلوب العلمى فى التحليل والتشخيص
والمشكله تتبلور أكثر عندما يجد جديد على هذه المجتمعات من أحداث ومتغيرات تستلزم منها الإستبصار التاريخى بما (حدث) حتى تستطيع أن تتعامل تعاملا ناضجا مع ما (يحدث ) وهنا يبدو متجسدا مرامنا فى مقامنا هذا, صحيح أن التاريخ لا يعود للوراء ولكن من المؤكد ان المسببات التاريخية متشابهة فى بعض منها وإن لم تكن متطابقة بطبيعة الحال وهذه المسببات التاريخية هى ما تفتقد العقلية الشرقية الإلتفات إليه وأعنى بالمسببات التاريخية ذلك الكل المتكامل من العوامل الإجتماعية والسياسية والإقتصادية والدينية القائمة أثناء حدوث الحدث محل الدراسة سواء كانت هزيمة أو إنتصار فلا يمكن إغفال جانب دون جانب قد يتقدم عامل ويتأخر آخر ولكن لا يمكن فهم سبب حدوث الحدث التاريخى بمعزل عن نسق الحياة والفكر إبان حدوثة قبل ورغم أن ما نقوله قد يندرج تحت بند البديهيات إلا أننا نؤكد أنه يتراءى لنا كثيرا أننا لازلنا نعيش فى مجتمع ما قبل البديهيات وتلك -لعمرى - واحدة من ملامح الواقع الشرقى ومسلكه فى الفكر والفعل
من المعروف أن عالم الإجتماع الشهير إبن خلدون قد أوجز نظريته فى علم العمران فى مبدأ (أسباب ماحدث) أى أنه من السهل معرفة ما حدث ولكن يجب أن نلتفت إلى الأسباب التى سببت ما تم حدوثة
والسؤال الذى يطرح نفسه الآن وبقوة ترى هل وعينا منهج وفكر إبن خلدون أم أننا لازلنا فى مرحلة ما قبل البديهيات نتعامل مع الاحداث وكأنها أقدار لامفر منها على الرغم من أن هذه الأحداث قد لا تكون جديدة على التاريخ ولكن من المؤكد أنها جديدة علينا
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - شكرا
غوستاف ماهلر
(
2010 / 10 / 7 - 13:54
)
اشكرك على هذه المقالة
.. 9 شهداء بينهم 4 أطفال في قصف إسرائيلي على منزل في حي التنور
.. الدفاع المدني اللبناني: استشهاد 4 وإصابة 2 في غارة إسرائيلية
.. عائلات المحتجزين في الشوارع تمنع الوزراء من الوصول إلى اجتما
.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه إلى الدوحة وهنية يؤكد حرص الم
.. ليفربول يستعيد انتصاراته بفوز عريض على توتنهام