الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دكتوراه منتقبة

ياسر العدل

2010 / 10 / 9
التربية والتعليم والبحث العلمي


البحث العلمى فى مصر يعانى من آثار تخلف حضاري، وأحد مظاهر التخلف الحضارى أن يكون الباحث العلمى غير قادر على إدراك العلاقة بين الشكل والجوهر، فالطالبة الجامعية التى ترتدى بنطلون غير التى ترتدى فستان غير التى ترتدى نقاب، هن مشتركات فى صفة التعلم، لكنهن مختلفات فى جوهر أداة التعلم وهى موضوعية العقل.

منذ أيام قامت لجنة علمية بمناقشة طالبة منتقبة فى جامعة المنصورة وأجازت منح الطالبة درجة الدكتوراه، المؤسف فى الأمر أن اللجنة سمحت للطالبة بالحضور والمناقشة وهى منتقبة، فالقواعد القانونية لإعطاء الدرجة العلمية تلزم لجنة المناقشة بتطبيق فحوى النص القائل بأن اللجنة ناقشت الطالبة مناقشة علنية، هكذا بارتداء الطالبة النقاب لم تستوف اللجنة شكل المناقشة، فكيف تيسر للجنة ومن بينها أعضاء من خارج الجامعة أن ترى ملامح الطالبة؟، فى الوقت الذى تلتزم فيه اللجنة نفسها بارتداء أرواب جامعية موسومة الشكل، أما عن مضمون المناقشة فالنقاب موقف ديني شخصى جدا لدى الطالبة يمنع إظهار هويتها الشخصية للجنة، والإصرار على ارتداء النقاب يتحول إلى موقف عقلى رافض للبحث العلمى الموضوعى، فالباحث العلمى يفترض فروضا علمية حول بحثه قد يكون من بينها وضع مسلمات دينية موضع الاختبار مما يوقع الباحث فى تناقض منهجى بين الدين والعلم، وبالتالى قد يصل الباحث إلى قبول أو رفض لنتائج غير مختبرة علميا وتصبح أبحاثه فاشلة غير صالحة للتداول العلمى.

حديثنا عن الفشل فى البحث العلمى هنا ليس فيه تجنى على لجنة المناقشة أو على الطالبة، فلو جمعنا لجان مناقشات علمية يتم تشكيلها بين أصحاب يحملون ألقابا علمية مضروبة ويعانون تخلفا حضاريا مع جمود عقلى لطلبة غير مبدعين، لوصلنا إلى نتائج منطقية تقضى بأن جامعاتنا تمنح بالتدليس مئات من شهادات الماجستير والدكتوراه لمرضى يزدادون تخلفا كل يوم.

ذات مرة سألت بعض طلبتى فى مرحلة الدراسات العليا، ما رأيكم فيمن تدرس للطلاب وهى مرتدية النقاب ولا يظهر منها غير عينيها؟ والمفترض من وجهة النظر الدينية للمنتقبة أن صوت المرأة عورة، وأن جلوسها فى المنزل أولى من مخالطة الغرباء فى الأسواق، فأجاب كثير من الطلاب الذين أنجبهم نظام تعليمنا الحالى، لا يهمنا أمر لباسها، نحن نهتم بما تقول فقط، فسألتهم مرة أخرى، ماذا لو دخلت امرأة أخرى لتدرس لكم وهى شبه عارية؟ فبهت كثير منهم وهاجوا حين ظهر لهم حجم الخديعة التى يمارسونها تجاه أنفسهم فلا يستطيعون الفصل بين الشكل والمضمون، لا يدركون أن العرى أو الاختباء عند المعلم كلاهما دعوة للطالب أن يقترب من شخص المعلم دون الاهتمام بمضمون ما يدرس.

هكذا نعيش تخلفا علميا مريعا، بسبب عجز جامعاتنا عن الاحتكام إلى لجان علمية لديها من المعرفة والثقافة ما يكفى للفهم الصحيح لكثير من القيم الدينية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السؤال لنا جميعا وليس فقط للطلبه
محمد البدري ( 2010 / 10 / 9 - 20:16 )
في المقال سؤال يكشف مدي القدرة علي خداع الذات لذاتها وكيف تنافق الذات محيطها الثقافي والبيئي وتراعيهما خوفا من الحقيقة. فاذا كان الانسان في احد التعريفات هو جهاز معرفي باحث عن المعرفة لادراك معني وجوده. فكيف يتحول في الثقافة الحالية وفي نظام سياسي مخادع وكذاب الي جهاز مخادع وكذاب مثله.
اليست هذه احدي نتائج التكييف الدارويني؟ اي بخداع الذات كما جاء بالمقال. لكن اليس البقاء والاستمرار - عند الانسان وليس الحيوان - مشروط بالقدرة علي تجاوز الواقع بعدم التماهي فيه اي بالتسامي فوقه وعليه وتغييره بعدم الوقوف عند شروط النقاب او الحجاب او حتي الايمان؟ ام سننقرض بسبب ايماننا وقبولنا ما تقوله نظمنا وثقافتنا الفاسدة الحالية؟ تحية وتقدير للاستاذ العدل للصدمة التي جابه بها طلبته. فالصدمة اسلوب علاجي معروف وناجع عندما يكون المرض مستعصيا علي الحل.


2 - السؤال لنا جميعا وليس فقط للطلبه
محمد البدري ( 2010 / 10 / 9 - 20:17 )
في المقال سؤال يكشف مدي القدرة علي خداع الذات لذاتها وكيف تنافق الذات محيطها الثقافي والبيئي وتراعيهما خوفا من الحقيقة. فاذا كان الانسان في احد التعريفات هو جهاز معرفي باحث عن المعرفة لادراك معني وجوده. فكيف يتحول في الثقافة الحالية وفي نظام سياسي مخادع وكذاب الي جهاز مخادع وكذاب مثله.
اليست هذه احدي نتائج التكييف الدارويني؟ اي بخداع الذات كما جاء بالمقال. لكن اليس البقاء والاستمرار - عند الانسان وليس الحيوان - مشروط بالقدرة علي تجاوز الواقع بعدم التماهي فيه اي بالتسامي فوقه وعليه وتغييره بعدم الوقوف عند شروط النقاب او الحجاب او حتي الايمان؟ ام سننقرض بسبب ايماننا وقبولنا ما تقوله نظمنا وثقافتنا الفاسدة الحالية؟ تحية وتقدير للاستاذ العدل للصدمة التي جابه بها طلبته. فالصدمة اسلوب علاجي معروف وناجع عندما يكون المرض مستعصيا علي الحل.


3 - النقاب جريمة
رعد الحافظ ( 2010 / 10 / 9 - 21:37 )
النقاب , جريمة ضدّ الإنسانية وضدّ العقل البشري وضدّ الجمال طبعاً
أنتظر مستقبلاً أن يصدر قانون دولي ضدّ النقاب بإعتباره جريمة شروع في القتل , كيف ؟
عندما يرتدي إرهابي غطاء الوجه الأسود ذي الثقوب مكان العيون , فهو في طريقهِ الى قتل مجموعة بشرية , لا نقاش في ذلك
كذلك عندما ترتدي المنتقبة ( نفس النموذج ) , فقد تكون سيدة أو ربّما رجل في طريقه لأقتراف جريمة بشعة ؟ إذن هو وسيلة ومظهر من مظاهر الجريمة , يجب سجن صاحبه على ذمّة التحقيق الى أن يثبت العكس ولا يخرج إلاّ بغرامة وتعهد شخصي بعدم التكرار
***
أمّا السماح لهم بدخول الجامعة ... وكما في هذه المقالة المحترمة الجلوس للمناقشة إطروحة دكتوراه , فتلكَ والله أسخف طريقة لتحقير العلم والعقل والإنسان عموماً
تحياتي للكاتب الكبير / د. ياسر العدل , وللأستاذ المعلق محمد البدري


4 - copy --- paste
زيد ميشو ( 2010 / 10 / 10 - 02:47 )
سؤال ذكي فعلاً لن يذهب سدى
أكيد سيكون على الأقل واحداً من بين الطلاب الذي أجابوا بأننا لانهتم باللباس بل بالمادة سيفكر ملياً بالسؤال العكسي ، وسيرفض واقعه التعيس كمتلقي فقط دون أي تحليل عقلاني
ذكرتني بأشخاص يقبلون أيادي أمهاتهم ويحتقرون نسائهم
ناس تدعي المثاليات فقط


5 - هيافة و خطورة
عدلي جندي ( 2010 / 10 / 10 - 12:13 )
الدكتورة ستحمل مستند _ورقي _ تثبت فيه حصولها علي الدرجة العلمية يا تري صورتهاالمثبتة في المستند ستكون بالنقاب؟ وهل عقل يقتنع بأن مجرد لبس النقاب ركن أساسي في معرفة أو معايشة أو إرضاء إله يمكنه توصيل معلومة مكتشفة تطلب عقلا متفتحا وواعيا وهل يمكن لعلماء بهذا الفكر والمظهر التواجد في مؤتمرات عالمية علمية لزوم التواصل البحثي والعلمي ما بين دول العالم؟أين المصداقية في إحترام علنية المناقشات حتي يحترموا معتقداتنا و.....!!!؟مظاهر تدل علي خراب المسحورة بالوهابية بعدما كانت محروسة بالوطنية

اخر الافلام

.. الألعاب الأولمبية باريس 2024: إشكالية مراقبة الجماهير عن طر


.. عواصف في فرنسا : ما هي ظاهرة -سوبرسيل- التي أغلقت مطارات و أ




.. غزة: هل بدأت احتجاجات الطلاب بالجامعات الأمريكية تخرج عن مسا


.. الفيضانات تدمر طرقا وجسورا وتقتل ما لا يقل عن 188 شخصا في كي




.. الجيش الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة ويوقع المزيد من القتلى و