الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى متى سيظل الأقباط عبيدا لسلطة الكنيسة؟

نادية عيلبوني

2010 / 10 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ما أعلنه البابا شنودة مؤخرا بأن الأقباط ضيوف على المسلمين في مصر ، لا يمكن تفسيره بمحاولة رؤساء الكنيسة القبطية وأد الفتنة بين المسلمين والأقباط، بعد التصريح العرمري الذي أدلى به الأنبا بيشوي بأن المسلمين هم ضيوف على الأقباط في مصر.
رؤساء الكنيسة القبطية على ما يبدو ما زالون يغطون في سباتهم العميق، ولا زالوا يعيشون عيشة أهل الكهف ، بحيث لم يسمعوا عن دولة المواطنة ، أو هم بالأحرى مثلهم مثل الأخوان المسلمين ،سمعوا بها ولكنهم يصرون على مناصبتها العداء كونها تجعل من الدين شأنا فرديا خاصا وتهمش دور رجال الدين الذين اعتادوا واستمرؤوا استباحة كافة الحريات المدنية والفردية باسم السماء. وتحولوا إلى سلطة وعصا غليظة تساعد السلطة السياسية في القهر والاستبداد.
الأصوليون المسلمون وأمثالهم من الأصوليين الأقباط ، هم في الحقيقة من الطينة ذاتها التي جبلت في عهود الاستبداد، ولا تزال تمارس استبدادها حتى الآن.وهؤلاء جميعا يصرون على التمسك بمفهوم الدولة الثيقراطية القائمة على الغلبة الدينية ، وهم يصرون على إبعاد رعاياهم من الاقتراب لمفهوم الدولة الحديثة التي تمثل جميع مواطنيها بالتساوي ودون تمييز بحسب معتقداتهم الدينية أو أصولهم القومية.
ليس غريبا على البابا شنودة كسلطة كنسية لا تزال تنتمي في مفاهيمها للقرونه الوسطى، أن يمارس دورا تجهيليا مغرقا في رجعيته واحتقاره لكرامة رعيته ، شأنه في ذلك شأن قيادات الأخوان المسلمين الذين احتكروا المجتمع وأعادوا صياغته وفق مفاهيمهم القروسطية عن العالم ، تلك المفاهيم التي تحتقر الفرد ،كما تحتقر كافة أنواع الحريات الاجتماعية والفكرية، وترفع سوط المقدس في مواجهة كل من تسول له نفسه الخروج من آفة القهر والاستبداد.إلى آفاق الحرية الأوسع، فهؤلاء جميعا لهم مصلحة في استمرار الوضع على ما هو عليه.هؤلاء يعتاشون على جهل الناس بحقوقها ومصالحها،وهم جادون في إبعاد الناس عن الاهتمام بشؤونها الأرضية ، عملا بوصايا دينية أكل عليها الدهر وشرب وما عادت تقنع سوى السذج والقائلة أن الحياة على الأرض غير ذات أهمية، وأن واجبهم يحتم عليهم إعداد الناس للانتقال إلى الآخرة حيث جنان النعيم وحيث الحوريات وحيث المزايا الكثيرة التي لا يجدونها على الأرض.
وإذا كان الكثير من المسلمين في مصر قد بدأ منذ زمن، بالانتقال إلى مرحلة أرقى من الوعي ، التي تجعلهم يخرجون شيئا فشيئا من هذا الفكر الأصولي المغرق في علله وآفاته ، فإننا لا نجد لدى الطرف الآخر من الأقباط ، ما يوازي وعي المسلمين. فلا زال معظم الأقباط متشبثين بسلطتهم الدينية التي اتضح أنها تجرهم وبقوة لا إلى الخلف فحسب ، بل على الهلاك أيضا. صمت الحملان الذي يتميز فيه الأقباط لا يمكن تفسيره بالخوف من الأصولية الإسلامية التي تستهدف مكون رئيس من مكونات الوطن.هذه الغالبية لا تزال تعتقد، أن البابا شنودة بعلاقته المتميزة مع سلطة الاستبداد في مصر قادرة على إبعاد شبح ما ينتظر الأقباط من ويلات بسبب عزلتهم. وهم لا يدركون ربما، أن أحد أهم الأسباب لسوء أوضاعهم تعود في أسبابها إلى عزلتهم الناتجة عن ارتمائهم الكامل في حضن الكنيسة.
لقد آن الأوان للأقباط أن يدركوا ، أن دولة المواطنة هي وحدها القادرة على إنصافهم كمواطنين لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات دون تمييز . وأن الكنيسة القبطية لا مصلحة لها في رؤية دولة كهذه. فالبابا شنودة أعلنها صراحة ومنذ أكثر من أربع سنوات ، أنه ضد فصل الدين عن الدولة في مصر ، وهولا يكف عن الإعلان بمناسبة وبدون مناسبة ، دعمه وتأييده لسلطة الاستبداد ممثلة برئيسها الحالي، وهو يمارس نشاطا سياسيا لا يليق برجل دين مسيحي ولا بجوهر المسيحية التي نادت بإعطاء ما لله لله وما لقيصر لقيصر،عندما يجر الأقباط إلى مثل هذا التأييد. وهو إضافة إلى كل هذا وذاك لا يتوانى عن نزع صفة المواطنة عن الأقباط واصفا إياهم بالأقلية أو الضيوف في مصر.
واهم كل الوهم، من يعتقد أن البابا شنودة وفريقه الكهنوتي قادران على إلغاء سياسة التمييز التي يعاني منها الأقباط.فهؤلاء جل ما يعنيهم هو تجهيل الأقباط وإبعادهم ما أمكنهم ذلك،عن خوض المعترك السياسي الحقيقي على الأرض وجنبا إلى جنب مع كافة المتضررين من فساد السلطة وديكتاتوريتها سواء أكانوا مسلمين أو مسيحيين ، من أجل دولة المواطنة التي تفض هذا الاشتباك بين الدين والدولة. هؤلاء في النهاية، لا يبحثون سوى عن هيبتهم ومصالحهم ونفوذهم الذي لا يمكن أن يتحقق إلا في دولة الاستبداد.
فهل يتعظ الأقباط من كل الدروس والمحن التي مروا بها؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما سبب الاختلاف بين الطوائف المسيحية في الاحتفال بعيد الفصح؟


.. نشطاء يهود يهتفون ضد إسرائيل خلال مظاهرة بنيويورك في أمريكا




.. قبل الاحتفال بعيد القيامة المجيد.. تعرف على تاريخ الطائفة ال


.. رئيس الطائفة الإنجيلية يوضح إيجابيات قانون بناء الكنائس في ن




.. مراسلة الجزيرة ترصد توافد الفلسطينيين المسيحيين إلى كنيسة ال