الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الغرباء فى الوجدان الشعبى المصرى

محمود جابر

2010 / 10 / 11
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الذاكرة المصرية مشحونة بأولياء الله الصالحين ومقاماتهم وبركاتهم التي يطلبها الناس ، ويلتمسون فيها البركة ، هذه الصورة المركبة والمتداخلة ببعدها الروحي والفلكلوري اثارة حفيظة وذهنية الأدباء والشعراء والفنانون ، وكان أهم الذين صور هذا المزيج الشعبي والديني المبدع الراحل صلاح جاهين فى " أوبريت الليلة الكبيرة " الذي وصف فيه ساحة المولد وما يجرى فيها من حضور شعبي سواء كان هذا المولد فى الأرياف أو البنادر- مفرد بندر- وسواء جرى هذا المولد فى الوجه البحري أو فى الصعيد ، والاوبريت هو وصف دقيق لساحة المولد فى الليلة الكبيرة ، ولا أغالى إذا قلت أن هذا الاوبريت هو الأشهر فى كل أعمال جاهين كلها رغم انه قام بتأليف مئات الأغنيات التي غناها كبار مطربي عصره كالفنان عبد الحليم حافظ والفنانة القديرة المرحومة شادية ، وكذلك سيدريلا السينما المصرية المرحومة سعاد حسنى ، الليلة الكبيرة هو العمل ذائع الصيت الذي يحفظه الكبير والصغير وقد خلده الراحل الشيخ سيد مكاوي تلحينا وغناء يبدأ الاوبريت : قبة سيدنا الولي دول نوروها / محلا البيارق والناس بيزوروها / قبة سيدنا الولي في الجو عالية / محلا البيارق لما نوروها.
ويختم جاهين المشهد المشحون بالمفردات الحياتية والموزيك الإنساني الشعبي وسط زحام شديد والشوارع مكتظة بالناس والطقوس والفرحة بقوله : شفت فى منام صاحب المقام ده أبهة / ويمامة حايمة عليه بتسبح ربها/ مليت فوق يده أحبها/ صحونى من النوم خدت بعضي / وتني جاى / وبعوده/ حي ...
إن عظمت القدير صلاح جاهين تكمن فى انه كثف المشهد الشعبي المصري من خلال الذاكرة الاجتماعية التي تعنى :"التذكر بأحداث التاريخ بما يسمح للجماعة أن تتألف وتكتمل عبر ادوار من الروايات والقصص الشعبية ولأبعاد الدينية والروابط المنفعية لمجموع السكان فى قطر أو إقليم بعينه".
ولست أعني هنا أن الذاكرة الاجتماعية ظاهرة سلبية نظرا لانتقائها وعدم علميتها بالمطلق، فكل جماعة دينية أو وطنية أو عرقية تحتاج إلى ذاكرة اجتماعية في شكل قصص وملاحم بطولية تكون أساسا لوجودها الجماعي وعملها المشترك، إنما السلبي أن تكون هذه الذاكرة الاجتماعية مبنية على الأوهام لا على الحقائق، أو أن تتحدد تلك الذاكرة الاجتماعية سلبا عبر احتقار الآخر، بدلا من أن تتحدد إيجابا عبر احترام الذات .
العجيب أن الاوبريت لم يتحدث عن مقام بعينه ولا ولى بشخصه ولكنها صورة عامة تصور سلوك أهل مصر الشعبي والديني المسلم والمسيحي فى آن واحد .
فالإسلام فى الوجدان الشعبي المصري بتجلياته فى النبي والولي ، يأتي خلافا لثقافات شعوب أخرى اعتنقت الإسلام قبلهم أو بعدهم، فقد بلور المصريون بمر الزمان صورة بالغة الخصوصية للنبي محمد ، رسمت ملامح شخصيته كنموذج إنساني فريد، وتجاوزت علاقتهم به فى الواقع لتصبح "حقيقة روحية ووجدانية"، يجري عبرها التواصل الدائم بعيدًا عن قوانين الزمان والمكان، وتستلهم من تراثه ما يفي بحاجاتهم الروحية، ويطمئنهم، ويرد على تساؤلاتهم الكونية، وتدعم تعايشهم المشترك مع شركائهم في الوطن من اليهود والمسيحيين، خاصة أن الجميع من طمي النيل.
ولعل في ملامح تلك الصورة ما يفسر أسرار التعايش التاريخي بين كافة المصريين لقرون طويلة، بغض النظر عن أديانهم، فضلاً عن التسامح بل والترحيب المصري بالآخر "شرقيًا كان أم غربيًا"، واحترام معتقداته وثقافته، وإن كان ذلك قبل أن تهب على وادي النيل الطيب "ريح السموم"، على النحو المعروف للكافة أسبابه ومظاهره ونتائجه الوخيمة.
وبقليل من التأمل سنضع أيدينا على حقيقة بالغة البساطة والأهمية، مفادها أن المسافة بين المقدس والإنساني في المخيلة الشعبية المصرية للنبي الأكرم، ليست مجرد توهيمات تستعصي على الفهم، بل هي حالة اشتباك حضارية حقيقة، يتداخل فيها الرمز بالواقع، وتجعل المقدس الغيبي حاضرًا في الواقع اليومي، عبر صفاته الإنسانية التي حرص الوجدان الشعبي، على تأكيد قيمها الجمالية والإنسانية والروحية معًا.
من هنا فقد كان "التصوف" هو الإضافة المصرية الروحية للحياة الدينية في الإسلام، تمامًا كما كانت "الرهبنة" هي الإضافة المصرية للمسيحية، والتي لم تأت بدورها من فراغ، فكلاهما (التصوف والرهبنة) ليسا ببعيدين عن الروح التي يمكن للمرء أن يلامسها بين ثنايا سطور ومعاني "بردية آني" ، الشهيرة باسم "كتاب الموتى"، كما أن كليهما (الرهبنة والتصوف) يشكلان استجابة إبداعية للحاجات الروحية للبشر، ويمثلان استلهامًا خلاقًا لتراث روحي أصيل، يضرب بجذوره على ضفاف النهر منذ فجر الضمير الإنساني.
ولم يكن غريبًا أيضًا أن يكون مؤلف أشهر قصيدة في مدح النبي على الإطلاق، مصريًا وهو الإمام البوصيري صاحب "نهج البردة"، التي ألهمت آلاف الكتاب والشعراء والخطاطين والفنانين إبداعات لا حصر لها، والتي يرسم بأبياتها صورة شعرية فذة للنبي (صلوات الله وسلامه عليه)، كمثل أعلى أخلاقي للتسامح، وسعة الصدر والبعد عن الغلظة في القول والفعل .
كما لم يكن غريبًا أيضًا أن تكون أرض مصر مقصدًا ومستقرًا لأعلام التصوف من شتى بقاع العالم الإسلامي، وأن يكون ترابها مأواهم وأضرحتهم بعد رحلتهم الأبدية، بداية من الإمام الحسين، وعلي زين العابدين، وصولاً إلى السيدة نفيسة بنت الحسن المنحدرة من صلب الإمام علي ابن أبي طالب عليه السلام، والتي مازال المصريون يطلقون عليها حتى اليوم : "نفيسة العلم، وحامية مصر"، إلى الإمام الشعراني القطب الصوفي الذي جابت شهرته الآفاق في القرن العاشر الهجري، مرورًا بالعديد من أولياء الله الصالحين الذين تكاد لا تخلو من أضرحتهم قرية مصرية واحدة.
وليس من الغريب أيضا أن اغلب هؤلاء الأولياء الصالحين، الذين تملأ أضرحتهم مدن وقرى مصر… إنهم جميعاً ما عدا استثناءات قليلة من المغاربة، وهذا يفتح الآفاق لمدى التلاقي الصوفي المصري مع الفاطمية … فالسيد البدوي في طنطا،و إبراهيم الدسوقي في كفر الشيخ، الذي يتم التفكير في تغيير اسم المحافظة إلى كفر الشيخ إبراهيم الدسوقي… بدلاً من ذكر الشيخ وترك الباقي مجهولاً! والمرسى أبو العباس في الإسكندرية… وعبد الرحيم القنائي في قنا… إنهم جميعاً من المغرب، أتوا على الدواب أحياناً… والبعض مات وهو في طريق العودة من رحلة الحج، ولكي ندرك أهمية هذه الرموز، لابد أن تعرف أن مولد السيد البدوي وحده يحضره في الليلة الكبيرة، وهي آخر ليالي المولد، نحو خمسة ملايين مصري… يرددون مواويل شعبية، تمجد بطولات السيد البدوي… خلال حروب مصر ضد الصليبيين.
يقولون: الله الله يا بدوي جاب اليسرى… واليسرى هو التطوير الطبيعي لكلمة الأسرى… الذين كان يعود بهم السيد البدوي من ميادين القتال، هذا على الرغم من أن الشك على هذه البطولات، إن أولياء الله الصالحين موضوع لدراسة مهمة، تقع في منتصف المسافة بين التاريخ والفلكلور وعلم الاجتماع والأدب، تضع أيدينا على تلاقي الوجدان الشعبي المصري والمغربي والمشرقي بما يجعل من هذا الوجدان موسوعة وجدانية للمنطقة العربية بشكل اشمل .
ويبدأ الوجدان من الرمزي والرمزي هو النبي أو الولي أو الشهيد أو الغريب ، والغريب هو غريب كربلاء .. غريب المدائن .. غريب طرابلس ... غريب المغرب .. وغريب السويس .. سيدي أبو يوسف الفاطمي " الغريب" .
والحكاية يوثقها شيخ المقاومة البطل حافظ سلامة ومعه غريب آخر وهو المناضل والبطل والفنان محمد أحمد غزال ... كابتن " غزال" .
فالتراث الشعبي بوجدانه المشحون بالذكريات عن الحرب والحب والتاريخ والذي يحمل معهم وجدا صوفيا ومشروعا إنسانيا حضاريا مقاوما لكل معتد أثيم يتداخل فيها الرمزي مع الواقع، و جعل الغيبي نمط غير مستعصي على الواقع لكن يمكن أن يفهم ويحاكى ويتجلى من خلال النبي والولي والشهيد والغريب ، أو كلهم معا .
سويس الغريب :
منطقة القلزم أو خليج القلزم ( السويس) هي منطقة حدودية ومنطقة من أهم المناطق المصرية الحدودية ، وقد سكنها حكام مصر القدامى والمحدثين وكانت طوال الوقت لها أهمية متجددة نظرا لموقعها الاستراتيجي ، بيد أن تاريخها ما قبل الميلاد وحتى قرابة المائة الأولى لم يتسرب إلى الوجدان الشعبي نظرا لعدم وجود بطولة على أرضها أو شخصية تستطيع أن تتسرب إلى الوجدان الشعبي من جيل إلى جيل، وأظن أن هذا الوجدان تجلى مع بداية الدولة الفاطمية حين تغير اسم المنطقة من القلزم وأسماء أخرى إلى " سويس" أو " السويس "، أو بلد الغريب ، فحينما نقول السويس نقول : السويس بلد الغريب .
فما هو اصل الكلمة ومن هو الغريب ؟
وسوف نبدأ الحكاية من الغريب أو " سيدي عبد الله الغريب".
واسمه الحقيقي أبو يوسف بن محمد بن يعقوب بن إبراهيم بن عماد ، وبما أننا كلنا عبيد الله فقد أطلق عليه عبد الله وبما أنه غريب عن السويس وليس من أهلها – فقد كان مغربيا – فأطلق عليه لقب الغريب ... فأصبح عبد الله الغريب.
وهنا يبرز سؤال آخر ما الذي جاء به إلى هذه المنطقة ؟ جاء أبو يوسف ( سيدي الغريب ) على رأس جيش من أجل مواجهة القرامطة الذين جاءوا من أجل قطع طريق الحج ومنع الناس من الفريضة.
وتتحدث الرواية الشعبية على النحو التالي أن عبد الله المهدي ( مؤسس الدولة الفاطمية ) عندما علم بنبأ مهاجمة القرامطة لمصر وللحجاج أرسل أبا يوسف على رأس حملة عسكرية إلى مصر عام 320 هـ ، فتقدمت الحملة من القاهرة حتى بلبيس ومنها إلى القلزم وكان ذلك فى عام 320هـ ، والتقى مع القرامطة فى معركة حاسمة عند القلزم واستشهد فى المعركة ليلة الجمعة 17 من ذي الحجة عام 320هـ، ودفن معه باقي شهداء المعركة فى نفس المكان .
ويطلق على الحي المدفون فيه والذي يوجد فيه ضريحه حي " الغريب" ، وهو أقدم واشهر الأحياء فى هذه المدينة الباسلة، ويتبارك أهل السويس بهذا الولي الصالح ويطلقون عليه حامى السويس ، وقد تجلى ذلك حديثا حين دخل جيش العدو الصهيوني أثناء معركة أكتوبر/ رمضان 1973،إلى مدينة السويس فكان الناس تنادى عليه بصوت جهور يا غريب ، وهذا الذي يفعله الناس أثناء مباريات كرة القدم حديثا حين يروحون إلى ضريحه الشريف تبركا به .
أما اسم "السويس " فيعتقد البعض أنه جاء من نداء القائد الشهيد أبو يوسف ( عبد الله الغريب) الذي كان ينادى الناس فى المعركة : " أقدموا سواسية ترهبون أعداء الله ". فكانوا الناس سواسية ، ثم تحركت الكلمة إلى سوسية ، وبلدهم التي يسكنوها " السويس".
وفى غرفة الضريح الخاصة بقبر القائد الفاطمي – كما تقول المصادر- عبد الله الغريب يوجد مقابر المشايخ الأربعة وهم من رجال الصوفية الذين كانوا معه فى المعركة وهم : الشيخ عمر والشيخ أبو النور والشيخ حسين والشيخ الجنيد.
كان ضريح سيدي عبد الله الغريب مزارا لحجاج بيت الله الحرام – حين كانت رحلة الحج برية – وبه بئر للسقاية ، كان الناس جميعا يشربون منه طوال العام قبل أن تشق ترعة الإسماعيلية التي تمد السويس بالمياه العذبة ، ومن الحكايات الشعبية لبركات هذا الولي أنه بعد حصار السويس فى 22اكتوبر 1973إبان حرب رمضان حاصرت قوات الاحتلال الصهيوني ترعة الإسماعيلية وقطعت المياة عن أهالي السويس فإذا ببئر سيدي الغريب يتفجر ليسقى كل اهالى السويس .
وقد قام الخديوي عباس بتجديد مسجد وضريح سيدي الغريب، ثم قامت حكومة الثورة بعد ذلك بتجديد آخر ... وقتها كانت الوهابية قد بدأت فى الظهور فى مصر بشكل أكثر وضوحا ، فحين تم التجديد فى عهد حكومة الثورة فى الفترة من 1965- 1966م، وساعتئذ لم يجدوا أي اثر لجثمان الولي الشهيد سيدي عبد الله الغريب الفاطمي ، فانطلقت الألسنة الخبيثة تشير إلى خرافة قصة هذا الولي وهى الخرافات التي زرعتها الدولة الفاطمية ، بيد أن الولي الصالح سيدي عبد الله الغريب زار المجاهد البطل الحاج حافظ سلامة فدله على المكان الصحيح للجثمان الطاهر، فلما لاح الصباح ذهب الحاج حافظ إلى القائمين على التجديد وأمرهم بالحفر فى المكان الذي دله عليه فوجدوه - كما تحكى الرواية- رجل نائم لم يتغير جسده وجواره رجله التي قطعت فى المعركة ويفوح من الجثمان الطاهر رائحة المسك .
ما يضع الحكاية كلها على مائدة البحث التاريخي هي تلك اللوحة الجدارية التي وجدت فى قبر الغريب وقت توسعته وقد كتب عليها : ( بسم الله الرحمن الرحيم الله لا اله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السموات وما في الأرض من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء وسع كرسيه السموات والأرض ولا يؤد حفظهما وهو العلي العظيم).
قبر أبي يوسف يعقوب بن محمد بن إبراهيم بن عماد وكانت وفاته - رضي الله عنه- ليلة الجمعة سبعة عشر بقيت من ذي القعدة سنة عشرون وثلثمائه هجرية .
فمن المعروف أن الدولة الفاطمية تأسست فى مصر 358هـ/969م، واستشهاد الشيخ أبو يوسف كان فى 320هـ أي قبل دخول جوهر الصقلي مصر بنحو ثمانية وثلاثون عاما ، وهنا يمكن أن نفسر الأمر وفق احتمالين لا ثالث لهما :
الأول : أن الحشد السياسي والمعنوي والديني الذي مارسته الدولة الفاطمية فى شمال أفريقيا حول أهمية الدفاع عن ديار المسلمين والجهاد فى سبيل الله هو ما دفع أبو يوسف أن يهاجر من شمال أفريقيا إلى مصر للدفاع عن ارض الإسلام هناك وان كانت البلاد تحت أيد ظالمة ومستبدة فيكون الدور الذي قام به أبو يوسف دورا فرديا .
الثاني: من الممكن أن أبو يوسف هو احد القادة العسكريين للفاطميين وقد تم تكليفه وبعض من مساعديه وهم الموجدين معه فى نفس الضريح بالقيام بمساعدة المصريين ضد أعدائهم ويكون ذلك مقدمة ليتعرف الناس على أخلاق الفاطميين ويترك فى أنفسهم ذكرى طيبة تترك أثرا فى نفوس الناس يمكن التعويل عليه مستقبلا .
حكاية الغريب :
ولعل حكاية الغريب لم تتوقف يوما عن التجدد فى العقل الجمعي المصري ولا فى التراث الشعبي والروايات وكانت كلمة السر المقاومة والجهاد من هذه الروايات حكاية سيدي الأربعين ..
وسيدنا الولي الشريف سيدي الأربعين حضر إلى مصر قادما من شمال أفريقيا ، والرواية الشعبية تقول : حين بدأ حفر قناة السويس قدم من شمال أفريقيا أربعون وليا صالحا لمساعدة العمال ومقاومة نظام السخرة وكان سيدي الأربعين هو ختام هؤلاء الأولياء الصالحين الذين جاءوا على هذا النحو مطلعين بهذا الدور بالإضافة إلى تعليم العمال أمور دينهم ،فلما توفى بنى العمال له قبرا ومقاما ومسجدا صغيرا ،حتى جاءت الثورة لتحول المسجد والمقام الصغير إلى مسجدا جامعا على هذا النحو . هنا يتداخل التصوف بالفاطمية والمغربي بالمصري يمتزجا فى كيان واحد يدورا فى فلك الوجد والعرفان ليتحول هذا الغريب إلى علامة فارقة فى نفوس الناس بالمعنى الصوفي الفاطمي .
وحكايات الغرباء لا تتوقف فى الشدائد مطلقا سواء فى مصر عامة أو السويس خاصة ، فالمبدع والروائي جمال الغيطانى فى روايته " حكايات الغريب" يصور حكاية لعامل أو سائق سيارة الصحافة الذي دخل السويس قبيل حرب 1967وكيف تحول هذا السائق إلى أسطورة مجتمعية بسبب دوره فى مقاومة العدو الصهيوني فيصبح رسما بألف اسم ،يجمع كل الناس على وجوده حقيقة وان اختلفوا فى اسمه ومن أي البلاد هو لكن الكلمة الجامعة فى الرواية بطل مقاوم، والغيطانى هنا يبرز من خلال دراما الأسطورة الشعبية شخصية غريب آخر جاء من أقصى صعيد مصر من اجل حشد طاقات المجتمع السويسى حتى يكونوا " سويسية" فى قتالهم العدو الصهيوني من خلال فرقة " أبناء الأرض" التي أسسها المناضل والفنان الصعيدي المتشرب بروح الفاطمية والتصوف والنضال وهو " الكابتن غزال" ومن خلال أجمل أغنيات المقاومة التي تصدح بها السمسمية : غنى ياسمسمية / لرصاص البندقية / ولكل أيد قوية ..
ولعل المعنى الكامن فى قصة الغريب أو قصص الغرباء يوحى بمدلول واحد ووحيد مهما كان جنسك أو اعتقادك أو رؤيتك أو مسقط رأسك فحضورك إلى مصر يكفى أن تكون مصريا ومن أهل البلد الشرط الوحيد الذي يتوقف على منحك هذه الجنسية هو أن تكون مجاهدا ومقاوما بوجدان صوفي وعرفان فاطمي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدم المنازل الفلسطينية وتوسيع المستوطنات.. استراتيجية إسرائي


.. مجدي شطة وا?غانيه ضمن قاي?مة ا?سوء فيديو كليبات ????




.. قتلى واقتحام للبرلمان.. ما أسباب الغضب والاحتجاجات في كينيا؟


.. الجنائية الدولية تدين إسلامياً متشدداً بارتكاب فظائع في تمبك




.. فرنسا.. أتال لبارديلا حول مزدوجي الجنسية: -أنت تقول نعم لتما