الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رحمك الله يا عبد الكريم قاسم

حامد كعيد الجبوري

2010 / 10 / 11
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات



بعد انتصار ثورة الفقراء بقيادة أبن الشعب الشهيد عبد الكريم قاسم ، صبيحة يوم 14 تموز 1958 م ، والتي يسمونها اليوم أي الثورة انقلاب 14 تموز ، وهم نفسهم من يسمي الاحتلال الأمريكي تحريرا ، بعد أن تحقق حلم الفقراء بالتغيير وقفت قوى التخلف والظلام ضد هذه الثورة البكر ، فأصطف الرجعيون والعروبيون ضد المنجز الشعبي الكبير ، وبما أن الزعيم الشهيد ضرب في الصميم الإقطاعيين وكبار التجار ممن يتاجرون بدماء الفقراء لذا وقف هؤلاء ضد مصلحة الفقراء عامة ، ويذكر أنهم اتفقوا على تغييب مادة (الرز) من الشارع العراقي ، والعملية بسيطة جدا حيث يُّخزن كبار الإقطاعيون مادة (الشلب) ولا يبيعونه في الأسواق وبالنتيجة فقد شح الرز من أسواق الناس ، وبذكاء الزعيم عبد الكريم قاسم أستورد الرز من مصادر مختلفة ، وتتذكر النسوة العراقيات ( التمن البسمتي ) وهو الأسهل بعملية الطبخ من الرز العراقي العنبر ، وشتان بين الصنفان من ناحية الجودة ، فالرز العراقي تصل شهرته لكل بلدان العالم ، وأنا شاهدت بنفسي عام 1969 م وحينما كنت ضابطا بالجيش العراقي إعلانا من تلفزيون دولة إسرائيل يقول ، وصلت للبلاد كمية من الرز العراقي – المشخاب – درجة أولى ، وتأخرت البواخر التي تحمل الرز المستورد للعراق قليلا مما حلا لبعض التجار من رفع سعر الرز المخزون لديه ليباع ب 500 فلسا للكيلو الواحد وهو مبلغ جد كبير ، وما أن وصل الرز المستورد ودخل الأسواق المحلية وسعِّر الكيلو الواحد ب 50 فلسا حتى ثارت ثائرة المخزنون - المتآمرون - للرز العراقي ، إذ أن محصولهم سيتلف أن لم يبع بوسمه ، لذا قرروا طرح رزهم المخزون في الأسواق المحلية ، وطبقا لنظرية العرض والطلب فقد وصل سعر الكيلو الواحد من العنبر تحت معدل 20 فلسا للكيلو الواحد ومن الدرجة الأولى ، وهكذا انتصرت إرادة الشعب على إرادة الظلمة .
بعد أن أطيح بالنظام الشعبي العراقي واستشهاد أبن العراق عبد الكريم قاسم ذلك الاستشهاد الرسالي البطولي الشريف عام 1963م الأسود ، وتناقل السلطة بيد الأشرار وصولا لعام 1968 م والانقلاب البعثي الجديد ، والمؤامرات التي حاكها قائد البعث المجتث – صدام - ضد ما يدعي رفقتهم من البعثيين ، وكذلك المؤامرات المتلاحقة ضد الشعب العراقي وصولا لغزو الجارة الكويت وفرض الحصار على الشعب العراقي المسكين ، وتقنيين ما يأكله العراقيون بما يسمى ( البطاقة التموينية ) ، أقول هنا وللإنصاف والحق فإن نظام الطاغية المقبور حرص على إيصال الحصة التموينية متنوعة المفردات الى الشعب العراقي ، مع ملاحظة عدم جودة مادة الطحين ، لأن الطاغية كان يضيف لها سعف النخيل ومخلفات الذرة الصفراء لتطحن سوية مع محصول الحنطة ، وفي مرات عديدة توزع حصتان بشهر واحد وذلك لعدم استيعاب مخازن وزارة التجارة لمحتويات الحصة التموينية الكثيرة ، علما أن العراق آنذاك يقع تحت طائلة الحصار ولا يحق له تصدير النفط إلا لغرض البطاقة التموينية وما يبيعه صدام سرا لدول الجوار كإيران والأردن وسوريا بأسعار مخفضة جدا .
بعد سقوط الصنم ونظامه هلل العراقيون للقادم الجديد ، وظهرت أكثر من قائمة تباع للسذج بمفردات الحصة التموينية الجديدة التي سيعتمدها النظام الجديد لتعويض صبر الفقراء لسنيين عجاف ، والغريب أن القادم الجديد بدأ يقلل تباعا الحصة التموينية ولا يريد الإفصاح عن إلغائها تماما ولربما حياءا ممن أنتخبهم على أمل تحسين ذلك ، ولا يوجد سياسي جرئ يعلن مباشرة للناس بأن شروط نادي باريس الدولي هو الذي فرض على صناعهم الجدد ذلك ، وزاد البنك الدولي شروطا أخرى غير البطاقة التموينية كرفع سعر المحروقات ، ورفع أسعار الوحدات الكهربائية لحد لا يطاق مع عدم توفرها ، وكأن القادم على الدبابات الأمريكية جاء لخدمة هؤلاء ولا علاقة له بشعبه المسكين الذي أوصله لكراسي موهومة سرعان ما تأخذ منهم شاءوا أم أبوا ، والأغرب بكثير أن الوزارة المعنية بالتجارة وصل بها مستوى الفساد حدا لا يطاق ، وظهرت نتائج دولية تضع العراق ثاني دولة عالمية بمسألة الفساد الإداري ، بل أصبح هم السراق الجدد تخطي هذه النسبة للوصول الى الدرجة الأولى ، فليس من المعقول بلاد كالعراق لا تحصل على المرتبة الأولى ، وحينما يتحدث الحزبيون الجدد عن رموزهم ويقولون بملأ أفواههم أن الممارسات الآن للقيادات السياسية لهم تصل بل فاقت التجربة القاسمية ، ونحن نقول لهم أين أنتم من تلك الشخصية التي أن قورنت فلا يمكن مقارنتها إلا بزهد وأمانة وعفة ذات اليد لإمام المتقين علي أبن أبي طالب ( ع ) ، فالشهيد الخالد عبد الكريم قاسم خرج من هذه الدنيا كما خرج منها أمير المؤمنين (ع) فكلاهما لم يترك أبيضا أو أصفرا أو أرضا أو بستانا أو بيتا ، رحمك الله أيها الخالد عبد الكريم قاسم ورحم الله من سار على نهجك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الزعيم ابناَ باراً لنهج الامام علي
سمير فاضل النجار ( 2010 / 10 / 11 - 03:41 )


الاخ حامد كعيد الجبوري المحترم،

من اجمل وابلغ ما قرأت ، فالعبره بالتطبيق وليس بالكلام وهذوله انفضحوا امام الشعب بزيفهم ودجلهم ، شوكت الله يخلصنا من هاي الشله الطائفيه و الحراميه


تحياتي وتقديري



2 - الحقيقة واضحة
حامد كعيد الجبوري ( 2010 / 10 / 11 - 10:28 )
أن الزعيم حالة فريدة لا يمكن تكراره وان ما يقال عنه يعد ضربا من الخيال

شكرا لمتابعتك مواضيعي


3 - الحقيقة واضحة
حامد كعيد الجبوري ( 2010 / 10 / 11 - 10:28 )
أن الزعيم حالة فريدة لا يمكن تكراره وان ما يقال عنه يعد ضربا من الخيال

شكرا لمتابعتك مواضيعي


4 - تللسقف
يوسف حنا بطرس ( 2010 / 10 / 11 - 16:14 )
الشهيد عبد الكريم كان العراق كله ولكن الشعب كان مقصرا بحقه اذ لم ينتفض في وقتها لردع الخبثاء الذين اغتالوه ..الجواهري يقول
عبد الكريم وفي العراق خصاصه ليد وقت كنت الكريم المحسنا
هذا اذا كان بيت الشعر صحيحالاني نسيته تحيه لكل من يكتب عظمه الاب الشهيد عبد لكريم قاسم لانه اب العراق والعراقيين لقد كان العراق يعيش في وجدانه ولم يدعوه الخبثاء لكي يكمل المسيره

اخر الافلام

.. في هذا الموعد.. اجتماع بين بايدن ونتنياهو في واشنطن


.. مسؤولون سابقون: تواطؤ أميركي لا يمكن إنكاره مع إسرائيل بغزة




.. نائب الأمين العام لحزب الله: لإسرائيل أن تقرر ما تريد لكن يج


.. لماذا تشكل العبوات الناسفة بالضفة خطرًا على جيش الاحتلال؟




.. شبان يعيدون ترميم منازلهم المدمرة في غزة