الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأنترنت كتب مرثيتكم الأخيرة

كريم الهزاع

2010 / 10 / 13
المجتمع المدني


إلى جموع البصاصين ومفتشوا العقول والأفكار ..

الكتب الممنوعة تهرب من الرقابات العربية إلى الفضاء حيث يراهن الكاتب العربي على فعل التقنية الجديدة في الوصول للمتلقي ، وبعد تصفحنا لقائمة الممنوعات من الكتب في الوطن العربي عبر موقع أو محرك البحث " غوغل " وجدنا أن كتب المفكر د . سيد القمني تتسيد الممنوعات ، لأنه لم يسلم دماغه للمسلمات بسهولة ، بل ينبش عن المعلومة وعن صحتها والبحث عنها في كل المصادر ، وحاسة الشك لديه قوية ، « واليقين وحده الذي يقتل إما الشك فلا » كما يقول نيتشه ، لذا تجده يبحث كثيراً عن المسكوت عنه ، متجاوزاً «اللادرية» في خطابنا العربي السياسي والديني والاجتماعي ، ولم يستكن للأمثال العربية الخاملة ، مثل « حطها برقبة عالم وأطلع منها سالم » و« لا تسألوا عن أشياء إن بدت لكم تسؤكم »، وغيرها من العبارات التي تنفي العقل ، هذا العقل الذي هو بمثابة خليفة لله على الأرض.
ومن كتب د.القمني الممنوعة: « مدخل إلى فهم دور الميثولوجيا التوراتية »، وكتاب « الحزب الهاشمي وتأسيس الدولة الإسلامية »، وكتاب « قصة الخلق – منابع سفر التكوين»، وكتاب «الفاشيون والوطن»، وكتاب «النبي موسى وآخر أيام تل العمارنة»، وكتاب «رب الزمان» – الكتاب وملف القضية ، وكثير من الكتب التي جرجرت الكاتب للمحاكم بسبب قانون الحسبة وبسبب ذهنية الإسلام السلفي المتشدد الذي حاول هدر دمه، مثلما أهدر دم الكاتب فرج فودة ، وحاول اغتيال الكاتب العالمي الراحل نجيب محفوظ ، والكاتب الدكتور نصر حامد أبوزيد والقائمة تطول ، وهنا لنا أن نتساءل : ألهذه الدرجة تشكل الكلمة رعبا لدى الآخرين؟ ولماذا يخاف الآخر الكلمة إذا كان يمتلك الحقيقة والمقدس كما يعتقد؟ أم أن الهشاشة لا تستطيع أن تدافع عن ذاتها إلا بالعنف ، متناسية معنى وجوهر: « ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ »، و«إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ » وغيرها من الآيات الكريمة التي تدعو لحرية المعتقد والرأي والجدل ، ومن الكتب الممنوعة « لماذا أنا ملحد» ؟! للكاتب إسماعيل أحمد أدهم وهو عبارة عن رد ، كُتب هذا الرد بعد مطالعة الكاتب للرسالة التي كتبها الشاعر أحمد زكي أبو شادي بعنوان « عقيدة الألوهية »، فلم تكن إذن دراسة معدة لبحث موضوع الإلحاد والعقيدة الدينية ، فلا نتوقع رسالة مليئة بالبراهين والدلائل لإثبات وجهة نظر صاحبها ، بل هي مجرد خواطر كتبت على إثر مطالعته رسالة أبو شادي ، أو بالأحرى هي مزيج من الذكريات والانطباعات وفي جزء منها تعرض فقط للبرهان «العلمي» أو «الرياضي».
« إن الأسباب التي دعتني للتخلي عن الإيمان بالله كثيرة منها ما هو علمي بحت ومنها ما هو فلسفي صرف ومنها ما هو بين بين ومنها ما يرجع لبيئتي وظروفي ومنها ما يرجع لأسباب سيكولوجية ، وليس من شأني في هذا البحث أن أستفيض في ذكر هذه الأسباب ».
والنص مقسوم لجزأين ، الجزء الأول منها يتكلم الكاتب فيه عن بعض ذكرياته وأحداث حياته التي كان لها تأثير في تكوين عقيدته ، والجزء الثاني نرى فيه غلبة العقلية الرياضية العلمية على تفكيره ومحاولته البرهنة على دور المصادفة في تكوين العالم . وكما نلاحظ شجاعة إسماعيل أدهم في إبداء رأيه ، نلاحظ أيضا السلوك الحضاري لمن ردوا عليه أمثال محمد فريد وجدي وأبو شادي فكانوا إعفاء اللسان ، ولم يطالبوا بمصادرة ما كتب أو محاكمته كما نرى الآن حين يبدي أحد المفكرين رأيا مخالفا ، وهنا لنا أن نتساءل لماذا تراجعت لغة الحوار في هذا الزمن عن الماضي رغم كل ما نراه من التطور البشري؟ وهذا الكم من المعلومات؟.
ومن الكتب الممنوعة نجد «المعرفنجي» و«حصاد مسافة في عقل رجل» لعلاء حامد ، وكتاب «القوادون والسياسة » للكاتب عبدالله كمال ، ومن الكتب الممنوعة «الخليل أخناتون في القرآن الكريم » و«أخناتون أبو الأنبياء» للكاتب والباحث سعد عبدالمطلب العدل ، وكتاب « حدائق المتعة » ، وكتاب «الإسلام المصري» وكتاب « شيوخ مصر من نفاق الحاكم .. إلى نفاق الله » للكاتب محمد الباز، وكتاب « مذكرات معتقل سياسي » للكاتب صالح الورداني وغيرها الكثير من الكتب ، مثل كتاب « تفنيد دعوى حد الردة – لا إكراه في الدين » للكاتب جمال البنا ، وكتاب « جريمة العصر الجنسية في مدينة نصر » للدكتور هاني إسماعيل ، وكتاب « التاريخ الإجرامي للجنس البشري» لكولن ولسون ، وكتاب « إي إسلام »؟ لجاك بيرك ، وكتاب " نقد الخطاب السلفي – أبن تيمية نموذجاً " لرائد السمهوري ، " جنازة المؤخرة " ابراهيم محمود ، و " هرطقات " لجورج طرابيشي ، وكتب زكريا أوزون ومحمد حسنين هيكل وأبكار السقاف وفرج فودة ، وأعمال هنري ميللر ، وروايات سليم بركات وعبدالرحمن منيف و سلمان رشدي ، و " العار " لتسليمة نسرين ، و " أولاد حارتنا " لنجيب محفوظ ، و " وليمة لأعشاب البحر " لحيدر حيدر ، و" افروديت " ايزابيلا الليندي ، و رواية " تمر الأصابع " لمحسن الرملي ، وإصدارات دار الجمل مثل " تاريخ القرآن " لنولدكه و " الشخصية المحمدية " للرصافي ، و " مسلمة الحنفي " لجمال علي الحلاق ، و " العقيدة والشريعة في الإسلام " لغولدتسيهر ، و " مسلمون واحرار " ارشاد منجي ، ورواية " الولي الطاهر " للطاهر وطار ، والخبز الحافي والشطار لمحمد شكري ، ومؤلفات أبن قرناس ، وكتب عن هيجل وابن رشد وكونفوشيوس … وآخرين .
وأقول في ظل الرقابة الموجعة لروح الإنسان ولقارئ الكتاب منه بخاصة ، نتساءل : إلى أين سينتهي مصير الكتاب الذي ينام في ذاكرة المثقف ، رائحة وملمس ورق ، ودفء حالة ؟ شخصية الأمكنة ، مثل معارض الكتب ، وأماكن بيع الكتب الشعبية ، مثل سور الأزبكية في مصر، وفي العراق شارع المتنبي ، وفي الكويت - كان لدينا - بعض الباعة في سوق الجمعة ، وتم طردهم بسبب شكوى من « لحية طويلة » عن كتاب لم تعجبه أفكاره.
ولم يتوقف الأمر عند الكتاب ، إذ إن كل ذاكرة الوطن باتت بدعة بنظر صاحب « اللحية الطويلة » ، من الموروث الشعبي إلى الدولة ، إلى الدستور ، والعلم والسلام الوطني ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار. فما الذي فعله هذا الشعب لكي تتحوّل لقمته إلى زقوم ؟ وابتسامته إلى منكر؟ ولماذا كل خطاب هو كافر وفاجر إذا لم ينتم للخطاب الديني أو لمسطرة في الخطاب الديني ؟ وكل كتاب هو مصادر إذا لم يعجب رقيب وزارة الأوقاف؟ ولماذا يقف المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب مكتوف الأيدي؟ ومتى يعرف الرقيب ، ومن يؤمن بالوصاية على العقول بأن سوق الكتب لم تعد تقتصر على المكتبات والأرصفة والمعارض وإنما دخلت حيز الفضاء الإلكتروني من خلال مواقع بيع الكتب عابرة للحدود وبعضها تخصص في الكتب العربية ؟ وأنه حتى المكتبات التقليدية قد أصبح لها مواقع لبيع الكتب على الإنترنت التي تتيح لزوار موقعها شراء الكتب عن طريق بطاقات الائتمان « فيزا وماستر كارد» ، فمثلاً، موقع مكتبة مدبولي يتيح شراء الكتب من خلال خدمة الدفع عند التسلم ، فبعد كتابة الاستمارة الخاصة بشراء الكتاب عبر الموقع، يصلك الكتاب على عنوانك مضافاً لسعره ثمن الشحن. وهناك مواقع عربية إقليمية قد تخصصت في بيع الكتب أشهرها موقع النيل والفرات ، والذي يتيح شراء الكتب من خلال بطاقات الائتمان ويعتبر نفسه أول مكتبة تجارية عربية على الإنترنت .. وتضم أكثر من 50 ألف كتاب في كل الفروع. وكذلك موقع أدب وفن، على رغم افتقاد مواقع بيع الكتب الحميمية التي يخلقها جو البيع والشراء المباشر، فإنها تتيح خدمات نوعية مختلفة لزوارها من القراء منها : إمكانية البحث باسم الكاتب للوصول لقائمة بكل ما كتبه، أو البحث باسم الموضوع لتنتهي بقائمة كل ما كتب في الموضوع، أو أنك تبحث بعنوان مؤلف لتصل للمعلومات الببلوجرافية الكاملة عن صاحب العنوان وتاريخ صدوره وفي أي دار نشر، لكن مازالت مواقع بيع الكتب تواجه مشكلة سائر مواقع التجارة الإلكترونية من قلة عدد المستخدمين مقارنة بسوق الكتاب في الواقع، والخوف من عدم الحفاظ على سرية المعلومات. إن مشروعا بهذا الشكل يعتبر نقلة تجاه مستقبل أفضل للنشر في العالم العربي ، حيث يعتمد على سرعة وحرية نقل المعلومات والعلاقة التفاعلية بين القارئ والناشر، ما قد يترتب عليه الوصول بصناعة النشر العربية إلى آفاق جديدة غير مسبوقة.
إلى جانب كل ذلك بإمكانك شراء كتاب إليكتروني بصيغة " بي دي أف – pdf " أو تحميله مجاناً من مواقع الكتب والمنتديات ، وتستطيع تحميل 10,000 كتاب نصفها ممنوع ومصادر في معظم الدول العربية ، وتتبادر إلى الذهن أسئلة منها ، في ظل كل تلك الوسائل لماذا تحدث عندنا أزمة بسبب الرقابة ؟ وهل هي مفتعلة ومقصودة ؟ أم أنها الوصاية ؟ ولماذا نلفت الأنظار للكتاب الممنوع والذي ربما لن يباع منه أكثر من خمسين نسخة نصفها تذهب ديكوراً لمكتبات البيوت ؟ وإذا أدركنا بأن من يقرئون هم من العقلاء والمثقفين فإذاً لماذا الخوف ؟ لماذا نطيح بسمعة الكويت بعد أن كانت منارة الخليج والوطن العربي بعد بيروت ؟ ويتبقى لنا سؤال أخير : هل سيكتب الكتاب الإليكتروني مرثية الرقيب ويتحقق مستقبل أفضل للكتاب العربي ولحرية الرأي والمثاقفة بعيداً عن الوصاية وسيفها المصلت على عقول البشرية أم أن تلك الخطوة وحدها لا تكفي للخلاص من الوصاية؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مبادرة لمحاربة الحشرات بين خيام النازحين في رفح


.. تونس.. معارضون يطالبون باطلاق سراح المعتقلين السياسيين




.. منظمات حقوقية في الجزاي?ر تتهم السلطات بالتضييق على الصحفيين


.. موريتانيا تتصدر الدول العربية والا?فريقية في مجال حرية الصحا




.. بعد منح اليونسكو جائزة حرية الصحافة إلى الصحفيين الفلسطينيين