الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العقل من ثقافة الخمول الى ثقافة التنوير

محمد نضال دروزه

2010 / 10 / 14
المجتمع المدني


العقل في اللغة هو فهم الشيء وتدبيره، والعاقل هو المدرك الفاهم للأمور. وعقل فلان عرف الخطأ الذي كان عليه.
تعلمت أوروبا من العرب طريقة جديدة للبحث، بحيث وضعت العقل Reason فوق السلطة Authority، السلطة التي اعتبرها الباحث الإنجليزي (أدلارد) كاللجام الذي تقاد به الحيوانات الضارية، حيث يشاء الإنسان، من حيث لا تدري لماذا تقاد؟ ولا إلى أين تقاد؟ وأضاف:"لقد تعلمت من أساتذتي العرب أن قائدي ودليلي هو العقل". وهذا التمجيد للعقل، يواصل به تمجيد العرب للعقل.
فقد قال الرازي:" بالعقل فضلنا عن الحيوان، وبالعقل أدركنا جميع ما يرفعنا ويحسن ويطيب به عيشنا، ونصل به إلى بغيتنا ومرادنا، ولولاه كانت حالتنا كحالة البهائم والأطفال والمجانين". وابن طفيل بلغ إيمانه بالعقل بأن يقول:" إن العقل يستطيع الاستقراء والتأمل أن يدرك الحقائق إدراكا تاما، وأن هذا العقل لا يحتاج إلى الشريعة في تثقيفه وتوجيهه". وقال الجاحظ:" لا تذهب إلى ما تريك العين، واذهب إلى ما يريك العقل".
وقد أحدث ابن رشد ثورة عقلية عندما دعا إلى تأويل الإجماع، إذا كان الإجماع يخالف العقل.
وكان للعقل عند إخوان الصفا مقاما رفيعا. كانوا يطلبون من أتباعهم. " أن لا يعادوا علما من العلوم، وأن لا يهجروا كتابا من الكتب، وأن لا يتعصبوا على مذهب من المذاهب. وقد نظروا إلى القوى المفكرة بأنها أفضل قوى النفس لأنها تؤدي إلى المعرفة". فالمعرفة أساس الثقافة، والثقافة أساس الحضارة.
إن العقل المتعافي الحر يصنع المعرفة والثقافة الحية المتجددة، ويصنع الحرية والتطور والبناء. يقول قيرقز:" الثقافة هي آليات الهيمنة من خطط وقوانين وتعليمات، كالطبخة الجاهزة التي تشبه ما يسمى بالبرامج في علم الحاسوب، مهمتها التحكم في التفكير والسلوك". فإذا لم تكن منظومات هذه الثقافة حية متجانسة، تكون هذه الثقافة خاملة.
نحن العرب منذ ألف عام مازلنا عاجزين عن العمل في صناعة التاريخ، لأن من تولى أمرنا عمل كل جهده لتغييب عقولنا وتجهيلنا، خدمة لاستمرار مصالحه وسيطرته وهيمنته واستغلالنا الأمر الذي أدى إلى إفقارنا وإفسادنا. ففقدنا القدرات العقلية السليمة الضرورية لإنتاج المعرفة، والثقافة الحية المتجددة. فأمسينا شعوبا مستهلكة، تعيد إنتاج ما تعودت عليه، بكيفيات رديئة وسيئة، من رحم ثقافتنا الخاملة.
الآن ونحن في مطلع القرن الحادي والعشرين، أصبحت الثقافة والحضارة متجانسة وعالمية. ونحن الشعوب العربية، في التخلف مرمية، خلف شوارع التاريخ منفية، بحجة الخصوصية الثقافية، لا نملك حتى النية في الأعمال الوطنية، والأعمال العقلية.
فإذا أردنا المشاركة في صناعة التاريخ، فلا بد لنا من أن نستنير بمنجزات هذا العصر الثقافية المتجانسة القائمة على العقل الحر المبدع للإنجازات العلمية، بذهنيات عقلية مبنية على التفكير العلمي، وثورة المعلومات، وحرية التفكير، وحرية الاعتقاد وحرية التعبير، وحرية الاختيار، والإقرار الطوعي بحق الاختلاف بين أفراد المجتمع، وتبادل المحبة والاحترام والمحافظة على الكرامة الفردية. بهذا يستطيع العقل العربي المعاصر، الانتقال من ثقافة الخمول والتخلف، إلى ثقافة التنوير والتقدم والتغيير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العقل
منذر الخليلي ( 2010 / 10 / 14 - 06:43 )
العقل زينه و الي بلاه حزينه


2 - عقل عربي مقيد بأغلال لا تعد ولا تحصى
لينة محمد ( 2013 / 3 / 10 - 11:59 )
الأستاذ الفاضل محمد نضال
تحية طيبة وبعد
كلمات على الوجع الموغل في أعماق اعماق ذاكرة مرهقة تحتفظ بكل ما هو مصاب جلل لهذه الأمة التي تآبي الأنعتاق وأستساغت العبودية القبيحة بكافة أشكالها وأساليها الى درجة ان الحلم بالتغيير يصادر ويقتل عند بني يعرب
العقل المغيب بكثيرمن المورثات والمرويات والخرافات لن يتحرر بسهولة كما يعتقد البعض .
يلزمنا جهود جبارة وعلى جميع المستويات للتتحرر العقلية العربية والمشوار شاق وطويل جدا لان هنالك أعلام ممنهج لتحييد العقل وهنالك سياسات في ما يخص التعليم تخضع الطالب للتلقين والحشو الغير مبرر .. ولن تقوم لنا قائمة الا بثورة فكرية عارمة تحارب كل من أدى الى رضوخ هذه العقلية هذا الشكل المخيف لدرجة الأنهزام الداخلي .
خالص احترامي وتقديري لجهودك النيرة .

اخر الافلام

.. بريطانيا.. تفاصيل خطة حكومة سوناك للتخلص من أزمة المهاجرين


.. مبادرة شبابية لتخفيف الحر على النازحين في الشمال السوري




.. رغم النزوح والا?عاقة.. فلسطيني في غزة يعلم الأطفال النازحين


.. ألمانيا.. تشديد في سياسة الهجرة وإجراءات لتنفير المهاجرين!




.. ”قرار تاريخي“.. القضاء الفرنسي يصادق على مذكرة اعتقال بشار ا