الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اختلال وظائف الجسد والسلوك الإجرامي

صاحب الربيعي

2010 / 10 / 14
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يعود إختلال الوظائف العامة لآليات التحكم والضبط في الذات إلى أسباب كثيرة منها وجود خلل في الجينات الوراثية يؤدي إلى ضمور بعض أجهزة الجسد فتختل وظائفها، أو حدوث اضطراب في عمل وظائف الغدد الرئيسة المسؤولة عن إرسال الإيعازات إلى أجهزة الجسد للقيام بوظائفها على نحو دقيق، إو حدوث اضطرابات نفسية تسبب ضرراً بأجهزة الجسد فتختل آليات عملها وتؤثر سلباً في السلوك ليتعارض مع القيم العامة للمجتمع.
وبذلك فإن السلوك العدواني مردّه أما خلل جيني وأما خلل نفسي أو كلاهما معا يصيبا منظومة الجسد فيختل توازنها، فكلما زاد حجم اضطراب السلوك أصبح سلوكاً عدوانياً، وبتفاقم شدة الاضطراب يصبح سلوكاً إجرامياً مضاد للمجتمع حيث تنهار آليات التحكم والضبط للذات. ويتبعه حدوث صراع لإحكام السيطرة على الذات فيضطرب سلوك الفرد وينعكس سلباً على المحيط الاجتماعي، فكلما كان الصراع داخل الذات محتدماً اضطرب السلوك على نحو أكبر ليتحول من سلوك عدواني تحت السيطرة إلى سلوك إجرامي خارج السيطرة يجلب الضرر على الذات والمجتمع معا.
يشخص (( فرويد )) سبب السلوك الإجرامي قائلاً : " إنه صراعاً حاداً بين الذات غير العقلانية والأنا الأعلى أو الذات المثالية، فتنهزم الذات العقلانية ".
هناك آراء أخرى ترجع السلوك الإجرامي إلى خلل جيني سببه شذوذاً بمكونات السلسلة الجينية للفرد أما بسبب عامل وراثي وأما بسبب حدوث طفرة أو شذوذ جيني يتضاعف خلاله الجين عددياً داخل السلسلة الجينية ما يسبب خللاً في وظائف الجسد، ومن ثم يحدث اضطراباً في السلوك العام للفرد. وبينت تجارب سريرية كثيرة أن الشذوذ الكروموسمي ذي الصيغة الجينية xyy في الذات يكون ذا ميول عدوانية أكثر من حامل الصيغة الجينية xy في سلسلته الجينية الطبيعية. وتبين خلال بحوث جينية جرى رصدها سريراً أن أغلب المجرمين المنحدرين من بيئة إجرامية متخلفة يحملون الصيغة الجينية xyy ويعدّ ذلك مؤشراً لتحول سلوكهم العدواني الخاضع للسيطرة إلى سلوك إجرامي خارج السيطرة.
يعتقد (( محمد ربيع وآخرون )) " أن الاختلال الجيني غالباً ما يكون سبباً لظهور سلوكيات إجرامية في المجتمع حيث إن الفرد الذي يحمل الشذوذ الكروموسمي xyy لديه استعداد أكبر لممارسة سلوك عدواني أو سلوك إجرامي مضاد للمجتمع، كونه يعاني نقصاً في الذكاء وتخلف عقلي خاصة إن كان ينحدر من بيئة إجرامية متخلفة ".
تحفز البيئة الإجرامية الرواسب الشريرة الكامنة في الذات فتشغل مساحة أكبر على حساب الرواسب الخيرة وعند تضافر العوامل الذاتية الشاذة والمضطربة مع عوامل المحيط ذي البيئة الإجرامية يزيد اضطراب عوامل الشذوذ الوراثي في الذات فتفقد آليات الضبط الذاتي قدرتها التحكم بسلوك الفرد.
كما أن اختلال وظائف الغدد الرئيسة لمنظومة الجسد خاصة الغدة الصماء منها الناقلة لإيعازات العقل إلى أجهزة الجسد يؤدي إلى اضطراب عملها فيختل السلوك العام، وكلما كان اختلال وظائف الغدد كبيراً زاد الخلل في أجهزة الجسد الأخرى فيختل السلوك أكثر ليصبح خارجاً على السيطرة بعدّه سلوكاً إجرامياً.
يقول (( محمد ربيع وآخرون )) : " إن انعدام التوازن بين العمليات الفيزولوجية للفرد يؤدي إلى إفساد دوافعه وسلوكه فيرتكب الجرائم، ويؤدي اضطراب وظائف الغدد الصماء إلى انحرافات عقلية خطيرة تصيب شخصية الفرد وتخل بسلوكه فيتعرض للإنزلاق والإنحراف وإرتكاب الجرائم، كما يؤثر عجز الحواس سلباً في السلوك لأنه يعيق وصول المؤثرات البيئة الايجابية إلى الفرد فيشعر بالدونية والنقص واضطراب الشخصية ".
إن العوامل الوراثية واضطراب وظائف الغدد الرئيسة والعوامل النفسية تشكل في مجملها عوامل مضادة للذات تساهم بإحداث خلل في آليات الضبط والتحكم فيختل السلوك العام، ومع زيادة فعالية العوامل المضادة يزيد اختلال السلوك ليتحول من سلوك عدواني إلى سلوك إجرامي معادي للمجتمع.
على الرغم من أن الأسباب السابقة الذكر للسلوك الاجرامي تتحمل الدولة المسؤولية الكاملة لتنامي السلوك العدواني والإجرامي في المجتمع لأنها لا تولي اهتماماً كافياً في مكافحة البيئات الإجرامية والتخلف والعوز الشديد بعدّها توفر المناخ الملائم لتشجيع السلوكيات الإجرامية في المجتمع.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل قانون الجنسية الجديد في ألمانيا| الأخبار


.. صحيفة العرب: -المغرب، المسعف الصامت الذي يتحرك لمساعدة غزة ب




.. المغرب.. هل يمكن التنزه دون إشعال النار لطهو الطعام؟ • فرانس


.. ما طبيعة الأجسام الطائرة المجهولة التي تم رصدها في أجواء الي




.. فرنسا: مزدوجو جنسية يشغلون مناصب عليا في الدولة يردون على با