الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل ممارسات الوهابية تدل على إيغالهم في الدين برفق؟!

حسن الهاشمي

2010 / 10 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « إنّ هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق، ولا تُكرِّهوا عبادة الله إلى عباد الله فتكونوا كالراكب المُنْبَتِّ الذي لا سفراً قطع ولا ظهراً أبقى». ( كنز العمال : خبر 5350).
نعم إنّ هذا الدين متين، لاَنّه دين لكلِّ زمان ولكلِّ مكان، وكتابه تبيان لكلِّ شيء.. فمن لم يدخل إلى حريمه برفق، وفق منهجية حكيمة، ينبهر بجماله، أو يصطدم بجلاله، ومن يتكلّف العبادة دفعة واحدة دون التدرج المرحلي المناسب للداخل في هذا الدين يصعب عليه تحمل هذا الدين، فيتركه، وبتركه والعياذ بالله يترك سعادته الدنيوية والأخروية، وعلى المسلم الرسالي أن يتصرف بحكمة متناهية في الدقة مع من يكسبه إلى الإسلام، ولا يحمله ما لا يطيق فيكره الإسلام والدين وعبادة ربِّ العالمين والله يقبل اليسير.
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: « إنَّ النفس ملولة وإنّ أحدكم لا يدري ما قدر المدة ، فلينظر من العبادة ما يطيق ، ثم ليداوم عليه ، فإنّ أحبَّ الأعمال إلى الله ما دِيم عليه وإن قلّ ». (كنز العمال : خبر 5312).
فالنبي الأكرم في هذا الحديث وغيره يؤكد لنا حقيقة أنّ النفوس تملُّ، وعلينا أن نرفق بها في أن لا نكلفها ما لا تطيق، وأن نستديم على اليسير من المسنونات التي لا تنفر منها نفوسنا، وذاك أحبّ عند الله.
عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: « اجتهدت في العبادة وأنا شاب فقال لي أبي: يا بني دون ما أراك تصنع، فأنّ الله عزّ وجلّ إذا أحب عبداً رضي عنه باليسير».( الكافي 2 : 87 | 5 باب الاقتصاد في العبادة).
ومما ينقل عن الإمام الصادق عليه السلام إنه قال: كان لرجل مسلم جار كافر، فكانا يتحدثان حول الإسلام أحيانا، ولم يزل المسلم يزين الإسلام في نظر جاره الكافر حتى أسلم، كان الوقت سحرا حينما سمع النصراني الحديث الإسلام قرعا على الباب، فتساءل: من الطارق؟
أنا فلان، وعرف نفسه ، فكان جاره المسلم.
قال: ما حاجتك في وقت كهذا؟
فناداه أن توضأ بسرعة وارتد ثيابك حتى نذهب إلى المسجد لأداء الصلاة، توضأ الرجل النصراني الذي دخل الإسلام حديثا وخرج مع رفيقه المسلم، ولأول مرة في حياته ذهب إلى المسجد، كان الوقت يقترب من الفجر فصليا كثيرا حتى حان وقت صلاة الصبح فأديا الفريضة وانشغلا بالدعاء حتى أضاء الصباح العالم بنوره، فأراد المسلم الجديد أن يذهب إلى منزله فقال له رفيقه المسلم:
إلى أين؟
أريد أن أعود إلى منزلي، لقد أدينا فريضة الصلاة ولم يعد لنا من عمل.
فيم العجلة، لنقرأ تعقيبات الصلاة حتى بزوغ الشمس.
فاستجاب المسلم الجديد ومكث مكانه وانشغل بذكر الله حتى بزغت الشمس، فنهض ليذهب فطلب صاحبه منه أن يقرأ القرآن حتى يرتفع النهار وأوصاه أن ينوي نية الصوم لذلك اليوم وقال له، أنت تعلم كم هو ثواب الصوم وفضيلته؟!
ولما حان وقت الظهر قال المسلم: أصبر قليلا، إذ لم يبق بينك وبين الظهر إلا قليل، ثم أدى فريضة الظهر بعد دخول وقتها، وبعد أن أنهيا صلاة الظهر قال المسلم لرفيقه إن صلاة العصر على وشك أن يحين وقتها وفضيلتها أن تؤدى على وقتها.
وبعد صلاة العصر قال المسلم: لم يبق من النهار شيء فأجبر رفيقه على البقاء حتى صلاة المغرب أراد المسلم الجديد لأن يغادر المسجد إلى بيته فلم يوافق رفيقه المسلم حيث قال له: لم يبق أمامنا غير فريضة واحدة وهي فريضة العشاء فصلاها وذهب إلى منزله.
وفي سحر الليلة الثانية سمع بابه تقرع فسأل: من الطارق؟
أنا جارك فلان، توظأ بسرعة والبس ثيابك حتى نذهب معا إلى المسجد.
أنا من دينك هذا قد استغنيت، اذهب وفتش عن شخص أكثر بطالة مني، يستطيع أن يقضي وقته في المسجد، أنا إنسان فقير وصاحب عيال ويجب أن أعمل طلبا للرزق.
بعد أن نقل الإمام الصادق عليه السلام هذه الحكاية إلى أصحابه قال: وهكذا فإن هذا العابد الذي أدخل هذا المسكين في الإسلام هو الذي أخرجه منه.
فلتكن لكم في ذلك عبرة فلا تضيعوا على الناس، فللناس طاقات وقابليات متفاوتة فيجب معاملتهم على ضوئها، أما علمتم إن إمارة بني أمية قامت بالسيف والعسف، وإن إمامتنا تقوم بالرفق والألفة والوقار وحسن الخلطة والورع والاجتهاد، فرغبوا الناس في دينكم وما أنتم فيه.
إمارة الوهابية الأموية في زماننا الحاضر قامت على الذبح والتقتيل والإجرام والتطهير العرقي كما حدث بالعراق بعيد سقوط الصنم من قبل القاعدة وأزلام البعث المباد، نعم إنهم يمارسون الإرهاب في أية بقعة يدنسوها وينفرون الناس من العبادات والطقوس الدينية في الديار المقدسة وبالأخص في مكة المكرمة والمدينة المنورة، عندما تجوب دوريات ما يسمى بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الأسواق والشوارع والأزقة تجبر الباعة لغلق محلاتهم وفي خمسة أوقات بذريعة إقامة صلاة الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء جماعة، وتقوم باعتقال كل من لم يمتثل أوامرهم بعدم إغلاق محله في أوقات الصلاة، وحال الكثير من الباعة ولاسيما الوافدين يرثى له، وباستطاعتك مشاهدة علامات التذمر البادية على وجوههم بسهولة ولكنها مكتومة خوفا من بطش الهيئة وخوفا من إلغاء الإقامة والطرد أو السجن والغرامة!!، وهل إن هذه التصرفات تشوق الإنسان المؤمن للعبادات أم تذمره منها، والحال إن القرآن يؤكد (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي).
ثمة فوارق شاسعة بين من يقابل المؤمنين في الديار المقدسة بحزمة من الممنوعات واصفا ممارسيها بالشرك والبدعة والكفر والزندقة وبين من يقابلهم في بقية المزارات خارج الجزيرة العربية بالبشر والترحاب والمودة بغض النظر عن نوعية وكيفية العبادة التي يؤديها، والعاقل الحصيف والمراقب المنصف هو الذي يميز أيهما على باطل وأيهما على حق، أيهما في خانة الإكراه على عبادة الله وما يتبعها من نفور الخلق من الدين وطقوسه، وأيهما في خانة الوغول في الدين بكل رفق وقناعة وإرادة وما يتبعها من تفاعل المؤمن مع شعائر الله التي هي من تقوى القلوب، وأيهما الأقرب إلى روح الإسلام، الإكراه في ممارسة العبادات والعسر فيها أم ممارستها بشغف وانشراح من دون إكراه وبكل يسر وسهولة ووداعة...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سعادة
حمورابي سعيد ( 2010 / 10 / 14 - 18:20 )
يا سيد حسن...حقا ان هذا الدين يبعث على السعادة عند اداء الصلوات الخمس ,فترى المسلم الذي ادى الصلاة وقد احاطت راسه هالة من النور الرباني وبانت الابتسامة على شفتيه وجعلت ريحه اطيب من عطور شانيل .نحباني للو


2 - قراءة التاريخ بتجرد
ابو علاء العراقي ( 2010 / 10 / 14 - 20:04 )
يا اخ حسن..... هل قرأت التاريخ الاسلامي حقا ... وهل قرات التفاصيل التاريخيه وحكمت عقلك فيها بموضوعيه واكرر بموضوعيه... دون تعصب اعمى...... عندئذ ستكتشف ان الذي حصل معظمه يعتبر من الجرائم الكبرى اذا قارنتها مع العصر الحديث فأي رحمه واي محبه واي اخلاق واي انسانيه ............. مع تحياتي


3 - رد على تعليقي الأخوين حمورابي وأبو علاء
حسن الهاشمي ( 2010 / 10 / 15 - 09:30 )
الأخ رقم 1 مثلما لأهل الهوى الحق في الذهاب إلى النوادي الليلية والإحتفالات المختلطة بوجه نوراني ملمع بأدهان النيفيا ومعطر بعطور الشانيل، أعط الحق للآخر النوعي للإعتقاد بالأمور الغيبية مثلما لهم الحق في الأمور المادية أليست الديمقراطية تقتضي ذلك؟!
الأخ رقم 2 الموضوع الذي ذكرته أعتقد إنه موضوعي جدا ودوافعه من دون تعصب أعمى، ولا أفهم هل إنك مع الجرائم الكبرى التي يقترفها التكفيريون مع العزل الأبرياء أم ضدها، لاسيما إنني أقر واعترف وكما هو واضح إن الدين الإسلامي دين محبة وأخلاق وانسانية بعيدا عن الإكراه والإجبار والتعسف أليس كذلك ياأبو علاء العراقي يامن قرأت التاريخ الأموي الدموي ويبدو أنك تأثرت به أيما ثأثير ويبدو أنك قرأت تاريخهم بموضوعية أكرر بموضوعية

اخر الافلام

.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان


.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_




.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال


.. فوق السلطة 387 – نجوى كرم تدّعي أن المسيح زارها وصوفيون يتوس




.. الميدانية | المقاومة الإسلامية في البحرين تنضمّ إلى جبهات ال