الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فضة الكلام وذهبُ السكون/ت، خوش/نعم..

فاضل الخطيب

2010 / 10 / 15
المجتمع المدني


فضة الكلام وذهبُ السكون/ت، خوش/نعم..

الهدوء وجدار الصم(و)ت، خيارنا الأبكم!..
هدوء كامل، سكون/ت بلا حركة، الكثير أو القليل –سيّان، امتداده بين جحور القصر وقصور الفقر، يحلم، بلا أمل، لا استقرار ولا ثقة في الخارج، وفي الداخل لا استقرار ولا ثقة، لا مشكلة أحياناً من الصمت، ذهبُ السكون/ت هو تجنب الذهاب للسجن، عدم الوضوح، عدم الضبابية، لون رماديّ أغبر، هدوء آخر يتكرر..
عملوا كل شيء نيابة عنه، حدث كل شيء فوق رأسه، بجانب الشعب، ذهب التاريخ مرات عديدة، بجانبه فقط.
تريد تغييراً جذرياً؟ لا؟ خوش، إذاً لماذا النحيب والشكوى؟. تريد ثورة؟ لا؟ خوش، إذاً لماذا التنظير وشرح فلسفة الثورات والحديث عن أورورا وسبارتاكوس، عن أبي ذر الغفاري وقاتله رضي الله عنهما؟. تريد حرية اقتصادية وفرص متساوية للجميع؟ لا؟ خوش، إذاً لماذا تقاطع جبنة الدانمارك وفينلاندا وتستخدم تليفونين نوكيا؟.
أنت يا شعبي، الطيب، قادر على كل شيء، والعكس صحيح، أي غير قادر على أيّ شيء، إلاّ 97% خوش نعم، نعم للفقر، للبطالة، للفساد، نعم لدزينة فرع مخابرات، نعم للذلّ للأبد، وقد لا تعرف أكثر من نعم. بيوت نَعَم -وليس نِعَم قد تعرف أكثر ماذا يريد قائلها. ولا أفضل من ممثلٍ لمجتمع الفئران إلاّ القط. وميزان قياس الضغط والحرارة يُشير إلى أحد أكثر الشخصيات شعبية ليس فقط في ديارنا، بل في دوارنا، وتشاطرها الإعجاب بعض صحف الأعداء، ولاء العاطلين عن العمل والذين يعيشون تحت خط الفقر، إعجاب أصدقاء وأقرباء عشرات ألاف الضحايا والمعتقلين وملايين المهجّرين –قسراً أو طوعاً... صنمية هُبَل القـ(ا)صر! قصورٌ متبادل؟!.
ذئاب وخرفان. مغتصب لواء اسكندرون هو الواسطة الأكثر نزاهة لإعادة الجولان! الحرامي الذي نشل الساعة من يدنا اليسرى يصبح فاعل خير ويتوسط لنا لاسترجاع الخاتم الذي سرقه حرامي آخر من يدنا اليمنى!
يستند وريثنا على نصف أردوغان(أردوغ) ويتقاسم مع فقيه لبنان على نصف إيران(أيـ...)! وبعد قطار القنيطرة السورية - القنيطرة المغربية، يُفتتح "كاريدور" اسكندرون - الجولان كترسيم للحدود مع ولاية فقيه لبنان! خوش!
يحلو الحديث عن الأندلس في أدبيات حزب العائلة وبنفس الوقت تقوم أجهزة أمنها بتسليم الأحوازيين العرب إلى أجهزة أمن ولاية الفقيه المركزي لإعدامهم..
قد لا يمكن شرح هدوء وسكون وصمت الشعب السوري، أو لا ينفع جدوى الشرح، هدوء المواطن الشريف وسلوكه الاجتماعي، وموقفه من حرامية المجتمع ومضطهديه في لقمة الخبز، هدوءه وهو يراقب قطرات عرقه وألمه وجوعه، هدوءه بعد أن تصادق مع الذلّ وعدم حاجته لقول شيء خوفاً من أن يكون غير محبباً من أحباء الحبيب، ما يُقلق هدوءه هو منعه من الصمت حتى، وهو لا يُتقن الخطابة ويخشى اللغة لأنها صارت سامة قاتلة كالعقرب إذا لم يعرف التعامل معها. الرئة التي لم تستنشق هواءً مشبعاً بالأوكسيجين تمرض إذا لامسته فوراً، كالمدمن يتأقلم مع "أفيونه" بسعادة أو بلا إرادة، والحرية مسئولية قبل أن تصبح هواءً وشمساً وإثبات وجود إنساني وشخصية مستقلة، الاستقلالية هي جناح طائر يُصفّق للريح في سكون -أو صخب الكون، أو ربما جناحين؟ هو الالتقاء الاختياري، هو العيش المشترك في "آهٍ" بكل تجلياتها، تجمُّع بدون خوف أو إنذار، في وقفة أمام العَلَم بدون التفكير بالبسطار، في غناء النشيد الوطني والوقوف صمتاً للتأمل فيه والاعتبار، يردده ملايين الأطفال الذين لن يخجلوا أو يندموا أنهم هنا وُلدوا، هنا لعبوا، هنا عبثوا، هنا عملوا، هنا صرخوا، هنا ضحكوا، هنا أبدعوا، هنا عاشوا، هنا... هنا ماتوا.
هدوء الحياة هذه، يُشغلني، هدوءها تحت –أم أنه جبل الجليد أو المظهر فقط يُوحي بالهدوء؟ وهدوء الحياة فوق –أم أنه هدوء الخوف من السقوط؟ أجيال الـ/تحت مازالت تعيش تحت، وتزداد تحتاً، وأجيال فوق مازالت تعيش فوق، وتزداد فوقاً، ولا يكسر هذا الهدوء إلاّ محطات التلفزيون الغربية، إلاّ هدوء أو هرولة سياسييها وأناقتهم بربطات عنقٍ تصلح للتعليق، وأنوفٍ كبيرة لا تصلها الرائحة الفاسدة من شرق أوسطهم إلاّ بعد أن تتلاشى فوق متوسطهم، ويبقى شعبي في الوسط بين البسطار ولحية سمسار وتواطئهم هناك -هنا، وقلائد النساء بينهم تلفّ رقاب نساء بلادي حفاظاً على "الشرف الرفيع جداً"، ومازلنا نبحث عنه، رفيعاً كان أم ثخيناً، عن الشرف بلا أبعاد، عن وقفة شرف بلا إبعاد، عن معنى تجريدي للشرف الذكريّ كامل العقل وكامل الدين، أيّ دين كان، وأكثرهم نعـ(ا)م!.
هل نستطيع ترتيب هذا الصمت المبعثر؟ أنتظره بصمت أيضاً، وأكثر، وأخشى أن يكون صمتي مبعثراً أيضاً ولا أستطيع ترتيبه، الترتيب يحتاج هدوء، وليس إلى وعود وكلام هادئ، يحتاج إلى عمل هادئ. الأطفال يسألون، ويُكثرون الأسئلة، وجوابي أن الصمت يكبر، والهدوء يكبر، والأطفال تكبر.
الأكثرية تضحك على القوانين، القوانين الموجودة بصمت، والقوانين الهاربة بصمت، عندنا قلّما يضحك الناس، أو هكذا يبدو؟ وإن ضحكوا يكون ضحكهم بوقار الصمت وهدوئه.
وضعوا تليفوناتهم/ن على الطاولة، وضعوا دفاترهم/ن مفاتيحهم/ن وذهبوا إلى بيوتهم أو عشوائياتهم للبكاء بصمت، بهدوء، أخذوا بالحسبان مصير أصدقاءهم، أقرباءهم، وإعادة النظر في كل شيء بصمت، وفي كل مكان، في المطار الهادئ إلاّ من جحور الفئران، وفي مضافات استقبال الضيوف، وأيّ ضيوف، وحتى في غرف النوم! عوّدوا أنفسهم، ليس بالصعب التعوّد على الهدوء، تعلموا "في العَجلة ندامة"، ولهذا تزحف /نعم بلا عجلات.
عوّدت قلبي على الهدوء، على السكون، ليس ذلك بالصعب، إلى أين هرب ذلك العسكر؟ من الجولان إلى لبنان؟ من الجبهة على الحدود إلى تمريغ الجباه داخل الحدود؟ ينخفض الرأس بهدوء، اليد تؤشّر مع الساعات بهدوء، الأيام تمضي مالئة الأسابيع، والصمت يكبر مع الأشهر، والسنوات تُفرّخ من جديد الفئران!.
هناك في مكان خارج مملكة الهدوء، هناك روزنامة الأخلاق والمشاعر، حيث مقياسها لا يتعلّق بدقات بندول الساعات الجدارية المثبتة على الحيطان الهادئة، بل قياسها هو دقات القلب في عالم لا يعرف معنى كلمة الهدوء، في عالم الأخلاق لا يعرفون السكون/ت والهدوء، هناك صخبٌ ونقاش، حججٌ واعترافات تكسر الحيطان السميكة، هناك، هذا الـ"هناك" كيف نستحضرها؟ أم نذهب إليها؟ وكيف نجمع الـ"هنا مع هناك" في انسجام يترافق وبندول الساعة؟
سكون/ت(ليست نون النسوة المتحركة المُلثمة ولا تاء التأنيث الساكنة السافرة)، الصمت مؤامرة، "إلى متى مؤامرة الصمت؟"، صرخة اخترقت جدار الصم(و)ت، قالتها واحدة من "براويظ" الوريث الوالي في جريدة قبل أيام! ونحن نستعير منها عنوانها الاستفهامي الصارخ، لم تقلها السيدة شعبان للشعب التعبان، بل أن صمته هو الصمود، هدوءه هو الممانعة، سكونه هو الاستقرار، حتى السيدة شعبان تتعامل بهدوء مع مسألة الصم(و)ت، وربما يأتي الرد المناسب، على مؤامرة تستدعي شحذ أسلحة مناسبة، طريق مناسب، زمن مناسب، هدوء مناسب، سكون/ت مناسب، وريثٌ مناسب لشعب مناسب، أو راعي وقطيع مناسب، ولا وجود لمن يُحاسب..
من يعيش بلا أجنحة في زمن رماديّ أغبر، في داخل عاصفة، لا يفعل شيئاً سوى الانتظار، الانتظار من أجل عالم أفضل، وضفة أجمل. هكذا نعيش فيه. جيد لأولئك الذين يستطيعون الانتظار للحصول على المزيد منه، لأن الكثير من الناس لم تعد تتوقع أي شيء. لا يكفي أن نتأسف على بعضنا، على أنفسنا، أم هذا هو عزاءنا وزادنا؟.
عندما يتصور ويُخطط الإنسان الكثير من الأمور فإنه يأمل، ماذا سيكون؟ كيف سيكون؟ أحياناً نحلم، من الصعب حلّ وصايا الأحلام، لأنها ليست فقط عن ماضينا وحاضرنا، بل غالباً تحمل الرسائل عن مستقبلنا! أحياناً ننظر إلى أجزاء "فيلمنا" التي لم نعِشها بعد، الانتظار لفترة قصيرة جيداً، لكن عندما ننتظر، ننتظر وبدون جدوى –هذا لم يعد بالجيد! كما لو كتبتُ الجُملة أعلاه هكذا "ننتظر، ننتظر، ننتظر... ننتظر وننتظر وننتظر..." فإنها تصبح مُملّة ومُزعجة، وتصبح عيننا عند "ننتظر" الثالثة بلا صبر، وتقفز عنها كما لو أنه شرخ في أسطوانة موسيقية. نفس الصوت والشعار نسمعه، وإذا لم يحصل شيء أو تقف الحياة، أو ينهار أمامنا سرّ المستقبل، هذا سيكون مُقلِقاً بالفعل، سيكون مُزعجاً بالفعل...
إذا مات الزمن، يموت الإيمان،
يموت الأمل أيضاً، وتظهر رائحة الموت القديمة، وما ننتظره لن يأتي أبداً!
بقاء نظام لا نظام له، بعد فوات أوانه،
هو مناجم وينابيع صبر،
هو خطيئة إلهية، هو استثناء لناموس البشر.
الانتظار صعبٌ،
الانتظار يطحن الأعصاب،
يُكسّر قرون المناطحة، يُبدد الثقة بالنفس.
أعطني يا إله السوريين صبراً، أملاً،
أعطنيه فوراً!
الطريق طويل، الشتاء طويل، الأيام طويلة..
رغم الهدوء سنكسر جدار الصم(و)ت، ونبني من أمواج تردداته صوت وطننا، خيارنا، وننشد مع الأحرار: "السجن ليس لنا نحن الأباة.. السجن للمجرمين الطغاة.!". يُرددها العبد الله والمالح والملوحي والمئات من الأسرى في زمن صار فيه حتى ملح السلطان فاسد!.

بودابست، 15 / 10 / 2010، فاضل الخطيب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - !وابيضتاه على الرجوله العربيه المفقوده
hani madi ( 2010 / 10 / 15 - 19:35 )
وابيضتاه على الرجوله العربيه المفقوده! ما من منقذ يخلصنا من المستنقع الغائصين فيه


2 - هدوء قبل العاصفة
ابراهيم الكبير ( 2010 / 10 / 15 - 20:05 )

رائعة هذه الصور عن واقع مجتمعنا وشعبنا وخنوعه وعدم وجود مساعد له على الاقل مساعدة تضامنية مثل التضامن مع كل الشعوب المحكومة من الديكتاتورية ، وعجز الشعب وعجز المعارضة هو قوة النظام الذي لا يردعه شيء في هذا العالم لكن لكل ظالم نهاية والهدوء هذا هو قبل العاصفة


3 - داء الصمت
فلورنس غزلان ( 2010 / 10 / 16 - 10:57 )
ياصديقي ..يابن البلد
إنه داء عضال وفيروس قاتل ببطء..حقنونا إياه منذ عقود وصلت بعددها إلى آخر إصبع في يدنا اليمنى أو اليسرى فقد خلطوا الحابل بالنابل ..ومن الصعب التفريق..كما أنه من الصعب التغريد وأنت داخل قفص دهنت جدرانه بطلاء من السخام..حتى العطس ممنوع ..لأنه يخرق جدار القفص الصمتي..هل من علاج لداء مزمن؟ بعد كل ولولات الألم الساكت...وعض الأصابع حتى تدمى..تخرج عن صمتك ..وتأتي صرختك نافذة..تكسر جدران السكوت الطويل...فتأتي الصرخة عويلا...يبحث عمن ينهض الميت ويعيد له بعضاً من حياة افتقدها كإنسان...أين يسوع من أبواب قفصنا؟. وأين نحن من تلك الأبواب التي أدمنت الأقفال.؟!..أتضامن مع أملك..عله يصيبني بضربة صراخية وعدوى انتفاضية...تستنهض أو توقظ أمواتاً يشكلون شعباً شرقياً يعيش المنفى في أرضه
أن أحييك فهذا لايكفي...فقد أجدت تصوير الحالة وتحديد مكان الوجع...ننتظر من أطباء السياسة دواء ناجعاً
مودتي


4 - مهما تأخر جايي
فاضل الخطيب ( 2010 / 10 / 16 - 13:01 )
الأصدقاء الأعزاء فلورنس، إبراهيم، هاني.. أحييكم وأشكركم على إغنائكم الموضوع بما كتبتموه.. لأن مجتمعنا يُغني ما نقوله، أو ما نقوله هو ردّ فعلٍ لواقع مجتمعنا، حيث مجتمع العبودية يُزهر في عصرنا هذا، ومحاولة الانعتاق صارت نادرة وتحتاج إلى بطولة وشخصية سبارتاكوس، وسبارتاكوس وحده لم يقضِ على العبودية، وكما يُقال في مثل مجري -سنونو واحدة لا تعمل –لا تعكس- صيفاً!-، وأكثر إذلالاً للعبودية هو حمل أغلال الروح والمشاعر، أي فقدان القِيَم أو التآمر عليها من خلال الاستهتار والحيادية! أو الغِيرة من تلك الأغلال.. نادراً ما يوجد طيرٌ يستلطف قفصه.. ورغم ذلك ستنهار الجدران، ستتكسر الأصفاد ، وستبطئ حركة الأرض، لتنفض عنها براغيثها وطفيلييها، وستزداد حركة دقات قلوب ملايين البعض، لأن هذا البعض سيصبح كل هذا الطول والعرض، وينفض الغبار ويُكنّس الرماد، وترجع سورية وطناً...
مع الأمل بشمس وقمر، وقهقهة صبايا بلادي بلا حذر، مهما تأخر جايي

اخر الافلام

.. شبكات | طرد جندي إسرائيلي شارك في حرب غزة من اعتصام تضامني ب


.. مع مطالبات الجيش الإسرائيلي سكاناً في رفح بالتوجه إليها. منط




.. لبنان: موجة -عنصرية- ضد اللاجئين السوريين • فرانس 24


.. أزمة المهاجرين في تونس.. بين مخاوف التوطين واحترام حقوق الإن




.. استمرار الاحتجاجات في جامعات أميركية عدة رغم اعتقال المئات م