الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثوار البيشمركة يشعرون بالأغتراب في كوردستان

ئارام باله ته ي

2010 / 10 / 17
القضية الكردية


الثوار البيشمركة يشعرون بالأغتراب في كوردستان

كنت قد تطرقت الى ( فائض قيمة الثورة ) الذي حرم منه بعض من أعمامي البيشمركة ، في مقال سابق . ووعدت بتكملة الموضوع من ناحية شعورهم بالأغتراب في مقال لاحق . وها أنا أحاول الأنغماس في هذه الظاهرة والتقرب من هموم هذه الفئة المهمشة . حيث يترتب على ذلك مخاطر جمة . سنوضحها حسب رؤيتنا للموضوع .
أن تكون بوطن ليس بوطنك أو داخل منظومة غريبة عنك فمن الطبيعي أن تشعر بالأغتراب ، ولكن أن تكون في وطنك و داخل منظومة سعيت بكل جهد لبلورة شكلها النهائي . وعلاوة على ذلك تشعر بالأغتراب ، فهذا ما ليس بالطبيعي . ولابد من وجود خلل في مجموعة القيم المجتمعية داخل البيئة محل الدراسة . اذن أين هو الخلل بالنسبة لحالة كوردستان ؟ .
لماذا يشعر بعض الثوار البيشمركة بالأغتراب بعد انتصار الثورة الكوردستانية ؟ .
بحثت في هذا الموضوع الذي يستحق البحث ، عند العديد من الفلاسفة و علماء الأجتماع . لعلي على هديهم أصل الى نتيجة منطقية وأخترت من بين هؤلاء (ماركس ، هيغل ، ايميل دوركهايم) وحاولت الخروج بلوحة متكاملة على أثر أستمزاج ارائهم وقياس ما يجري في كوردستان للبيشمركة الثوار وفق ميزانهم .
عندما طرقت باب الماركيسية سائلا اياها عن الأغتراب أجابت بأن الاغتراب (هو ظاهرة اجتماعية يشعر فيها الانسان بأنه مغترب و بعيد عن الشئ الذي أوجده و خدمه و ضحى من أجله ، فالعامل يشعر بأنه مغترب عن رب العمل و يشعر بأن هناك حواجز نفسية و اجتماعية تفصله عنه) . ماذا نفهم من الأغتراب في الماركيسية بالنسبة لحالة البيشمركة في ظل حكم الثورة ؟. دعونا ولوا خلسة أن نغير كلمة (العامل) في النص أعلاه و نضع بدلا منها كلمة (البيشمركة) ، ونستبدل كلمة (رب العمل) بكلمة (حكومة الثورة) . حيث الحالة متشابهة ان لم تكن متطابقة بالنسبة للبيشمركة . ودعونا نسجل كملاحظة أولى مايلي على أن نعود اليها فيما بعد . أن البيشمركة بعد تضحياتهم الجسام يشعرون اليوم بوجود حواجز نفسية و أجتماعية تفصلهم عن سلطة الثوار .
أما هيغل فيعرف الأغتراب بأنه ( حالة اللاقدرة أو العجز التي يعاني منها الأنسان عندما يفقد سيطرته على مخلوقاته و منتجاته و ممتلكاته ، فتوظف لصالح غيره بدل أن يسطو هو عليها لصالحه الخاص) . في ضوء (هيغل) لوا سألنا هل يشعر البيشمركة بالعجز في السيطرة والأستفادة من (منتج الثورة) الذي تمخض عنه سلطة حاكمة ؟ وهل وظف ما أسميناه في مقال سابق (فائض قيمة الثورة) لمصلحة غيرهم دون مصلحتهم الخاصة ؟ . الجواب عند عدد غير قليل سيكون ب نعم . اذن ، لنسجل هنا ملاحظة ثانية مفادها . ان البشمركة لا يسطيرون على مقدرات الثورة و ممتلكاتها ، وأنها توظف لمصلحة غيرهم .
لا أخفي البتة اعجابي بكل من الفيلسوفين ماركس و هيغل . لكن تحليل عالم الأجتماع الفرنسي ( ايميل دوركهايم) هو الذي شدني أكثر و أحدث في نفسي القلق و الخوف . فهو ينظر الى الموضوع نظرة اجتماعية شاملة و يبين اثار (الأغتراب) داخل المجتمع . فلدى تطرقه للأغتراب يقول ايميل دوركهايم ، بأنها ( حالة تدهور المعايير التي تضبط العلاقات الأجتماعية ، فتنشأ عن ذلك أزمات حادة بين عدة فئات متنافسة أو متناحرة ، ما يهدد الأحساس بأهمية التضحية في سبيل المجموع ، اذ تستعمل الفئات القوية وسائل غير عادلة في فرض ارادتها على الفئات الصغيرة ، ما يهدد التماسك الأجتماعي بالوصول حتى الى درجة التفسخ و النزاع ) . ان هذا الطرح الذي يبديه (دوركهايم) خطير و حساس ، لوا أسقطناه على حالة اغتراب البيشمركة في المجتمع الكوردستاني ، لكن سنغظ الطرف عنه . لحين العودة و الأنتهاء من الملاحظتين المدونتين اللتين سجلناهما قبل قليل . ونربط فيما بعد التحليلات الثلاثة ببعض لعلنا نخرج بلوحة واضحة المعالم .
فحسب النظرية الماركيسية (يشعر الثوار البيشمركة اليوم بعد تضحياتهم الجسام أبان الثورة ، بوجود حواجز نفسية و اجتماعية تفصلهم عن السلطة الثوار) . لأنهم (حسب الطرح الهيغلي) (لا يسيطرون على مقدرات الثورة و ممتلكاتها ، وأنها توظف لمصلحة غيرهم ) . وأخيرا فأن هذا الوضع حسب تحليل (دوركهايم) سيؤدي الى وجود أزمة اجتماعية حادة تصل لدرجة انعدام الاحساس بأهمية ( التضحية في سبيل الوطن ) و سيخلق مجتمعا متصدعا متنافرا متنازعا متفسخا .
أرجو أن يكون المشهد واضحا الان ، ولايتهمني أحد بالتشاؤم والسوداوية ، فهذه تحليلات فلسفية علم أجتماعية معتبرة . فأي مجتمع تستأثر فيه فئة معينة بالمقدرات دون مراعاة العدالة الأجتماعية سينتج حالة من الأضطراب ، يهدد التماسك الأجتماعي ولن يجد المهمشون أنفسهم معنيين بالتضحية في سبيل وطن يشعرون فيه بالأغتراب . أنه تكوين لشعور اللاأنتماء .

هذا ما أحذر منه في كوردستان منذ فترة ليست بالقصيرة في جل كتاباتي ، و يعلم المقربون مني أن ليس لي وراء هذا المسعى سوى الخير (حسب أعتقادي) لوطني وأهلي . وعليه خرجت هذه المرة عن أسلوبي الغير مباشر نوعا ما وأحاول أيصال هذه الصرخة لمراكز صنع القرار. لأنني أقولها بحسرة ولكن بصراحة أيضا ، أسمع أحيانا بعض الشباب يقولون لاتهمنا عودة كركوك ، سنبقى مهمشين مع كركوك أو دونها ولن يستفيد من ذلك سوى المتنفذون . وقال بعضهم الاخر أثناء الأزمة مع تركيا ، فليذهب المستفيدون من الأموال والأملاك العامة الى جبهات القتال وليدافعوا عن وطنهم ، فهو وطنهم ، وهم مستفيدون منه . ان هذا من أشد وأخطر حالات الأغتراب حقا . اني كنت ألوم هؤلاء من منطلق عاطفي قومي ، لكني بعد التمعن في فلسفة الأغتراب ، أدركت أن الخلل ليس فيهم . انما الخلل كامن في مكان اخر يجب أصلاحه . ان هؤلاء الشبان يشعرون بالأغتراب في وطنهم ، حالهم حال أعمامي الثوار المهمشين . يجب أن نوجه المسؤولية الى من خلقوا هذه الوضعية الأجتماعية الكارثية التي توزع فيها (فائض قيمة الثورة) بين بعض المتنفذين في مواقع المسؤولية و الأرستقراطيين ، أعداء الثورة السابقين ، و بعض من وعاظ السلاطين . ما تمخض عن ذلك مجتمع طبقي .
لا أنكر أن حالة الأغتراب يعاني منها فئات كثيرة وشرائح واسعة من المجتمع الكوردستاني ، الا أنني فضلت التذكير بمعاناة البيشمركة الثوار ، معاناة من عانوا وضحوا من أجلنا ، معاناة من ساهموا في نجاح الثورة . أنهم يستحقون منا الوفاء والتبجيل والثناء .

# سندلوا بدلونا عن خطورة تكوين مجتمع طبقي في كوردستان ، في قادم المواعيد .

ئارام باله ته ي
ماجستير في القانون
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الأستاذ نارام المحترم
عبد الرضا حمد جاسم ( 2010 / 10 / 17 - 04:38 )
تحيه وتقدير
التفاته مهمه ودقيقه وفي وقتها...الخوف ان تتشظى بأتجاه اكل الثوره للثوار او ان تشمل الثوار موجات القمع التي ستعقب اي توجه للمطالبه بالحقوق عندها سيكون الأغتراب عميق وقاسي ومؤثر


2 - السيد ارام المحترم
دلدار فتاح محمدصالح ( 2010 / 10 / 17 - 10:02 )
شكرا لك على هذا المقال الذي اصبت فيه صميم العلاقة بين اكثر المواطنين و السلطة و حقا ارى اكثر الشباب يشعرون بالغتراب و انا منهم


3 - ثورتنا وما بعد الثورة الفيتنامية
موسى الكردي من دهوك بكردستان العراق ( 2010 / 10 / 17 - 19:58 )
السيد الكاتب:وماذا تتوقع حينما تتحول الاحزاب الثورية الى احزاب بيروقراطية والادهى والامر من ذلك ان تتحول تلك الاحزاب الى احزاب عشائرية بل وحتى طبقية ومناطقية رغما عن تاريخها العريق واخيرا اهمس في اذنك واقول ان بعض صناع القرار في هذه الاحزاب تنافس بل وتسبق القذافي تمسكا بالكراسي.ولتوقع المزيد عليك بقراءة تاريخ مابعد الثورة الفيتنامية


4 - نعم لصوت العقل والمنطق
ايار العراقي ( 2010 / 10 / 17 - 23:05 )
كاك ارام المحترم تحية ماؤها الود والمحبة وبعد
كنت لانه ليس بلبشمركة وحدهم يعيش الانسان
الاغتراب هو النتيجة المنطقية والنهائية لمجتمع تتبدل قيمه ومفاهيمه كل سنة واحيانا كل شهر انا لدي اتصال بلعديدين من الاخوة داخل وخارج الاقليم نعم هناك امان وهدؤ نسبي هذا لاينكم تجاوزه ولكن هناك غربة حقيقية تجتاح اوساط الشباب واتخوف(وهذا غير مبرر )ان تتحول تلك الزفرات وطول فترات الحرمان وتعطيل امال امال الناس ببناء مجتمع متقارب بشكل معقول اقول اخشى ان تتحول الى امور لاتحمد عقباها فتضيع نضالات العديد وتهدر دماء الشهداء هكذا وبكل بساطة بلاثمن
شكرا لابداعك الجميل ونعم لصوت العقل والمنطق


5 - السلام عليكم
مختار الكردي ( 2010 / 10 / 17 - 23:23 )
استاذ ارام بالتي المحترم عندما تكون قيادة الثورة في وادي والشعب المضحي في وادي فمن الطبيعي ان يتولد هذا الاغتراب بين القيادة وبين الشعب او بين البيشمركة وهذا هو الخطاء الذي يقع فيه الحكام والقياديين في دول الشرق الاوسط ومثالك على الشباب الذين يتكلمون عن كركوك وما يقولوه فمن وجهة نظري انهم على حق فاصحاب السيارات الفارهة والفلل الرنانة هم اولي بان يحملوا البندقية لكي يحافظوا اما على ثراوتهم او على كراسيهم التي جلسوا عليها بدون ان يستحقوها وهناك مثل يقال المفلس في القافلة امين فمن اي شي يخاف الشعب او البيشمركة من ثروته الطائلة او من كرسيه والله ان اشرقت الشمس من الشرق او من الغرب فهو لا يزال فقيرا


6 - اي ثورة؟؟؟
عصام المالح ( 2010 / 10 / 18 - 12:58 )
اولا شكرا لمقالك الرائع
الثورة مهما كانت عظيمة لا يمكن اعتبارها ناجحة عندما تفقد او تحيد عن الاهداف التي ناضلت من اجلها و ان اهم هدف من اهداف اي ثورة هو تحقيق العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروات بشكل عادل يؤمن للمواطن العيش الكريم، طالما انك اتخذت الحالة الكوردستانية كمثال فانا لم ارى اي خطط استراتيجة علمية مدروسة قد اتخذت في الاقليم منذ 18 عشر سنة وهي عمر الثورة فلا تتفائل بان يتغير الوضع ، ولربما من المفيد القول ان هكذا ثورة لا يمكن اصلاحها الا بثورة اخرى يكون قادتها من طبقة مثقفة وواعية وهذا ما تفتقده الثورة الحالية والتي انا شخصيا لا اعتبرها ثورة لانها كما قلت تفتقد لكل مقومات الثورة

اخر الافلام

.. كلمة أخيرة -ماذا سيحدث في الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم ا


.. تونس: ما أسباب توقيف سعدية مصباح رئيسة جمعية تدافع عن المهاج




.. هل تجهض أميركا عضوية فلسطين بالأمم المتحدة ؟ |.. سامويل وربي


.. عقبة قانونية جديدة أمام بريطانيا تعرقل نقل طالبي اللجوء لرون




.. نتنياهو عرقل الصفقة ومستعد للتضحية بالأسرى الإسرائـيليين.. ا