الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفكرة الخلاقة والعقل اللاواعي

صاحب الربيعي

2010 / 10 / 22
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


إن طريقة التفكير وآلياته تحدد قيمة الفكرة الخلاقة المنتجة لارتباطها بحجم المكتسبات المعرفية للفرد وخبراته فكلما كانت عالية زادت قيمة الفكرة وإن كانت المكتسبات متدنية قلت قيمة الفكرة، لكن لآلية التفكير أهميتها فإن كانت من خاصة العقل الواعي ومكتسباته المعرفية فقط كانت الفكرة المنتجة عادية لاحتكامها إلى عقلانية المجتمع التي تفرض قيودها على العقل الواعي. على خلافه إن كانت آلية التفكير من خاصة العقل اللاواعي ومكتسباته المعرفية زادت قيمة الفكرة المنتجة، لأنها غير محكومة بقيود العقل الواعي.
تشتغل آليات التفكير للعقل الواعي واللاواعي في مزاوجة مكتسباتهما المعرفية مرة في ذاكرتي العقلين ومرة أخرى من محصلة مزاوجة كلا العقلين لإنتاج الفكرة الخلاقة. إن آلية التفكير في العقل الواعي منصاعة إلى أحكام عقلانية المجتمع بعدّها من خاصة الجسد على نحو عام، لكن آلية التفكير في العقل اللاواعي يمكن عدّها رغبة ذاتية حرة كونها من خاصة الروح فإن مرت من مرشحات العقل الواعي أصبحت أقرب إلى التحقيق وإن لم تمر تصبح رغبة كامنة تنتظر فرصتها للتحقيق. بتعبير أكثر دقة أن رغبات العقل اللاواعي من خاصة الروح بعدّها قوة كامنة في الذات تسعى إلى الاستحواذ على شيء من المحيط يلتقطه العقل الواعي فإن كانت متفقة مع أحكامه سعى إلى تحقيقها وإن كانت متقاطعة مع أحكامه أهملها.
يعتقد (( سمير شيخاني )) " أن الإنسان يتمتع بقوة خلاقة لا قدرة عقلية لها، تحمل إليه كل ما يتصوره ذهنياً فإذا تخيل أموراً حسنة تحدث فإن هذه القوة الخلاقة تسعى إلى تحقيقها وإن تخيل أموراً سيئة تفهم القوة الخلاقة ضمناً يراد تحقيقها فتسعى إليها ".
إن ما يتصوره العقل اللاواعي يمكن عدّه بمثابة منعكس شرطي لرغبة كامنة في الذات لم يستوعبها ذهنياً العقل الواعي أو يعدّها غير عقلانية يصعب تحقيقها في الحاضر لكنه يحفظها في ذاكرته وحالما تتاح الفرصة الملائمة لتحقيقها يستحضرها بقوة ويقرر إنجازها بعدّها من نتاج العقل اللاواعي من دون إخضاعها إلى مرشحاته الأساس لتحقق من فائدتها للذات وضررها.
إن قبول مرشحات العقل الواعي لرغبة العقل اللاواعي بعدّها رغبة كامنة يعوزها إتخاذ القرار للتنفيذ تعدّ بمثابة أداة إتخاذ القرار والتحقق من صوابه فإن كانت فعالة كان القرار صائباً وإن شابها الخلل يصبح القرار غير صحيح لأن التصورات والرغبات العامة غير خاضعة للتفكير العميق على نحو عام فليس كل رغبة قابلة للتحقيق في الواقع تبعاً لقدرات ومكتسبات الفرد وخبراته ومعارفه فكلما زادت أصبحت آليات التفكير أكثر قدرة على اعتماد أساليب ناجحة لتمرير الفكرة إلى العقل الواعي بآليات مستجيبة لمرشحاته لذلك يخضعها العقل الواعي إلى مزيد من التفكير قبل إتخاذ قراره بتنفيذها شريطة أن تكون آليات العقل الواعي لا يشوبها خلل ما.
يقول (( سمير شيخاني )) : " إن العقل اللاواعي أشبه بقطعة المغناطيس التي تجتذب إليها الأشياء التي تتصورها، ونزع مغناطيسيته يعدم فرصة إتخاذ القرار أو يحدث عجزاً في تفكير العقل الواعي للوصول إلى غاية أو هدف ما ".
يعود إنتاج الفكرة الخلاقة على نحو كلي إلى آليات التفكير في العقل الواعي واللاواعي اللذان يرتبطان بمكتسبات الفرد المعرفية خلال كامل محطات حياته فكلما زادت الخبرات المكتسبة زادت القدرة على إنتاج الفكرة الخلاقة القابلة للتحقيق، أي إنها أكتسبت قبول آليات العقل الواعي واللاواعي وأتخذ قراراً بتنفيذها بعد أن مرت من مرشحات العقل الواعي. على خلافه لا يمكن إنتاج فكرة خلاقة قابلة للتنفيذ على صعيد الواقع لأن مكتسبات وخبرات ذاكرة العقل الواعي واللاواعي ليست كافية لجعل الرغبة، الفكرة ، الكامنة قابلة للتطبيق ومكتسبة درجة القطيعة لتحقيقها.
يعتقد (( بيكون )) " أن اليد والعقل الفارغان لا يساويان شيئاً، من دون وسائل وآليات استخدامهما ".
هناك علاقة جدلية بين آليات التفكير في العقل الواعي واللاواعي ومكتسباتهما المعرفية وإنتاج الفكرة الخلاقة وتطبيقها، فالتصورات والرغبات الذاتية الكامنة في الذات لا يمكن عدّها أفكاراً قابلة للتطبيق وصالحة للاستخدام من دون مرورها خلال مرشحات العقل الواعي لإتخاذ القرار لكن المنعكسات الشرطية للعقل اللاواعي قد تفرض حضورها لقبول الفكرة من دون مرورها خلال مرشحات العقل الواعي.
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل قانون الجنسية الجديد في ألمانيا| الأخبار


.. صحيفة العرب: -المغرب، المسعف الصامت الذي يتحرك لمساعدة غزة ب




.. المغرب.. هل يمكن التنزه دون إشعال النار لطهو الطعام؟ • فرانس


.. ما طبيعة الأجسام الطائرة المجهولة التي تم رصدها في أجواء الي




.. فرنسا: مزدوجو جنسية يشغلون مناصب عليا في الدولة يردون على با