الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الله في القرن الواحد و العشرين

عمرو اسماعيل

2010 / 10 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كتبت سابقا عن مفهوم الدين في القرن الواحد والعشرين وضربت مثلا بالغرب الذي يقود الحضارة الانسانية الآن شئنا آم أبينا .. وهو لم يصل الي هذا التقدم وقيادة الحضارة الا بفضل مفهوم الدين الذي وصل اليه بعد قرون من معاناة فهم الدين كما نفهمه نحن الآن في الشرق التعيس المسمي الشرق الاوسط ..

والدين في الغرب لم يفقد أهميته علي المستوي الفردي أو الجماعي ولكنه تحول خلال القرنين التاسع عشر والعشرين الي اختيار شخصي ليس فيه فرض لا من الكنيسة أو الدولة أو حتي المجتمع لا في الأعتقاد الديني و لا حتي في ممارسة شعائر الدين نفسه .. وهذا التحول لم يحدث بسهولة ولكنه حدث بعد قرون طويلة من القهر و الاستبداد والحروب الدينية.. و لعل محاكم التفتيش في اسبانيا و باقي دول أوروبا والتي راح ضحيتها الكثير كانت خير مثال .. ولكن أوروبا و من خلال التجربة و فلاسفة التنوير اكتشفت انه مهما أهدرت من دماء فلن يغير شخص أو تغير جماعة عقيدتها الدينية و أن الحل الامثل يكمن في التعايش وفلسفة تقبل الاخر بناء علي اتفاق غير مكتوب في معظم الأحيان وهو دعني أومن بما أشاء لكي أدعك أنت أيضا تؤمن بما تشاء ولنختلف بالكلمة بدلا من السيف .. وهكذا تدريجيا انفصل الدين عن الدولة و السياسة وتحولت العلاقة بين الإنسان والله الي علاقة علي المستوي الفردي دون أن يفقد الدين قيمته كحاجة إنسانية ضرورية . 

ولعل أكثر فلاسفة الغرب الذين كان لهم أكبر الأثر في ذلك هو الفيلسوف الأنجليزي جون لوك وكتابه القيم رسائل في التسامح والذي استقي الدستور الأمريكي منه الكثير من بنوده .. والذي ادعو ان يكون من ضمن مواد الدراسة الاساسية في مدارسنا .. ولكنه حلم اعرف انه بعيد المنال ..
نأتي الي الله .. هل تغير مفهوم البشر له في العالم مثلما تغير مفهومهم للدين .. في رأيي آن مفهوم البشر لله في العالم الآن شرقا و غربا من آسيا الي اوروبا وأمريكا .. بين اتباع الديانات التي نطلق عليها ارضية او بين من نطلق عليها سماوية الا قلة سلفية او اصولية بين اتباع الديانات السماوية .. اصبح او تحول الي مفهوم ممكن ان نطلق عليه مفهوما صوفيا ..
الله اصبح تلك القوة الروحية التي تمثل الخير في الانسان والتي يلجأ اليها وقت الفرح شكرا ووقت الشدة أملا .. وتحولت طقوس العبادة ببساطة الي تعبير عن الشكر و الدعاء ..
وبهذا المفهوم تحول الله الي قوة دافعة للتقدم وليس الي قوة مانعة لهذا التقدم ..
الله في هذا المفهوم يمثل قيم الحب و التسامح والعدل ومساعدة الضعيف والمحتاج ..
ولم يعد ممثلا للقوة والبطش و العنصرية تجاه المخالف في الدين ..
لم يعد له شعبا مختارا ولا أمة يعتبرها خير أمة أخرجت للناس ..
لا يشغل المؤمنين به انفسهم في اثبات وجوده عقلا .. لأنه موجود في القلب .. مع كل احساس خير .. ومع كل دعاء وقت الضعف ..
مع هذا المفهوم .. تحول رجال الدين الي مجرد مرشدين روحيين .. و تحولت المؤسسات الدينية التي تتبني هذا هذا المفهوم الروحي لله الي مؤسسات اجتماعية ترعي الضعيف والمريض والمشرد ..
أتباع هذا المفهوم يفقدون حياتهم في مناطقنا التعيسة المنكوبة بالعنف والتعصب الديني والمذهبي وهم يقدمون مساعدتهم للضعفاء و المحتاجين .. منهم تتكون منظمات مثل اطباء بلا حدود .. ومن اغنياءهم تأتي التبرعات بالمليارات ..
ان أي انسان يقدم يد المساعدة لانسان محتاج هو في الحقيقة مؤمن بالله حتي لو قال عن نفسه ملحدا .. وأي انسان يقتل ويضطهد اخيه الانسان مهما علي صوته مسبحا باسم الله هو في الحقيقة كافرا بما يمثله الله من قيم حقيقية ..
إن فهم المؤمنون الله بهذه الطريقة البسيطة السلسة .. لن يكون هناك اي مبرر ولن تكون هناك حاجة لنقد الأديان .. فمهما كتب العلماء ومهما كتب رجال الدين فلن يمكن نفي او اثبات وجود الله عقلا او علما .. انه مجهود ضائع .. ولكن المجهود الغير ضائع هو الدعوة الي احترام حقوق الانسان .
كل النصوص الدينية بها ما يؤكد هذا الفهم البسيط والخير لله ،، ولكن بسبب الاطماع الدنيوية تم تفعيل نصوص أخري كانت خاصة بزمن وجغرافيا كان السيف والفزو والقوة هي وسيلة البقاء ..
انها دعوة لكل المسلمين .. فلتفهموا الدين ولتعبدوا الله بقيم القرن العشرين أو سيضطر العالم الي فرض الحجر السياسي عليكم ..
فقد انتهي عهد فرض الدين والايمان .. وانتهي عهد استعمال العنف باسم الله ..
قد يفهم الانسان اطماع السياسة وقد يمارسها باسم الانسان ولكن غالبية شعوب الارض ترفض استخدام اسم الله في مثل هذه الممارسات ..
لا توجد مرجعية سياسية في العالم الآن الا مرجعية الانسان .. آما الله فعمله خاص بالقيم الروحية ونشر الخير ..
فلنفصل الدين عن السياسة و العلم عن الله ..
وليكن الله داخلنا قوة خير وحب وتسامح ..
قد أكون حالما أو مخرفا .. ولكنني لن أفقد الأمل .. فالأمل هو هبة من الله ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هناك بوادر للدين المتسامح عزيزى عمرو .
سامى لبيب ( 2010 / 10 / 23 - 21:16 )
تحياتى عزيزى عمرو
لاشك أن دعوتك نبيلة لا تخلو من العقل والمنطق ..هى دعوة رائعة كونها تعبر عن مفهوم حضارى إنسانى لن يقبل أن تقهر حرية وكرامة إنسان أو طائفة أو مذهب بإسم الإله .
أجد رؤيتك فى فكرة الإله المتسامح هى متواجدة فى كثير من المعتقدات والأديان وكانت متواجدة فى شرقنا الأوسط فى فترة ما عندما كان هناك مشروع تحررى .

أجد ظاهرة جيدة بدأت فى الإنتشار وهى فئة الدعاة المسلمين الجدد مثل عمرو خالد وآخرين فهم بدأوا يتبنوا فكرة الإله المحب والراعى للإنسان .
لقد إستمعت لبعضهم وعذرا ً عن تذكر أسمائهم ..إلا أننى وجدت نفس أسلوب المبشرين المسيحيين ولكن برداء إسلامى .
أعتقد أن هذا الأسلوب اللين المترفق الذى يتبعوه هو سبب إستقطاب الكثير من الشباب لدعوتهم .
أرى أن الإنسان العربى بعد تشربه من ينابيع الحضارة وتسلل مفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان يميل إلى السلام وقبول التعدد .
تكون المشكلة فى تأثير الجماعات السلفية والمتزمتة على الخطاب الدينى ليلقى رواجا أيضا فى وسط جماهير محبطة وتبحث عن أى طوق نجاة أو تفريغ طاقة غضبها ضد المذاهب والأديان الأخرى .

مودتى ..


2 - هل الله مجسدا ؟
أحمد الجاويش ( 2010 / 10 / 23 - 21:59 )
الأستاذ العزيز عمرو إسماعيل إشكالية مفهوم لفظ الله بحق هي إشكالية كبيرة عند المسلمين و حتى في الغرب أو عند الملحدين وحل إشكالية هذا المفهوم لن يأتي إلا من خلال دراسة هذا المفهوم في القرآن دون التأثر بأي عوامل خارجية عقائدية كانت أو طائفية أو إلحادية وفي محاولة لتقريب الفكرة وبعد تجميع و بحث لفظ الله في كل الآيات التى ورد بها في القرآن يتبين أن هذا المفهوم متعلق بالسنن الكونية أي أنه عنوان للسنن الكونية ولذالك تجد علماء الفزياء يطلقون على الله هو الطبيعة فهو أقرب للمفهوم الصحيح أكثر منه عند أصحاب العقائد لكن إشكاليتهم أقصد الملحدين في إنكار وجود فاطر للكون تنبع من خلفيتهم العقائدية رغم إلحادهم وهذه الإشكالية تكمن في بحثهم عن مجسد فطر الكون وهو جالس في مكان ما أما من فطر السموات والأرض فهو ليس كمثله شىء وكل من تظن أنه هو فليس هو وعموما الدين في مفهومه في القرآن هو الإلتزام بمجموعة من الشروط والدين عند الله هو الإسلام ومفهوم الإسلام في القرآن ليس عقائديا إنما هو أن تضع السلاح إبتداءا و تدخل في ميثاق السلم الإجتماعي وتسالم غيرك أي كان عقيدته . تحياتي


3 - حقيقة
سالم الحر ( 2010 / 10 / 24 - 18:59 )
لطالما راودتني نفس هذه الافكار وحلمت مثلك اخي عمرو و انا اوافقك في كل ما طرحت. حقيقة انه لا يمكن البتة اثبات او نفي وجود اله مهما حاول كل فريق وفي الاخير سلام ولا تحرمنا من هكذا مقالات

اخر الافلام

.. -هجمات منسقة- على كنيس لليهود وكنيسة في داغستان


.. هجمات دامية على كنائس ودور عبادة يهودية في داغستان




.. روسيا: مقتل 15 شرطيا وكاهن إثر هجمات على كنائس أرثوذكسية وكن


.. القوات الروسية تستعد لاقتحام الكنيسة حيث جرى الهجوم الإرهابي




.. قتلى وجرحى بهجمات على كنيستين وكنيس يهودي ونقطة شرطة في داغس