الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الممرض.. طبيب بجميع الاختصاصات!!

سعد تركي

2010 / 10 / 24
المجتمع المدني


حلاق المحلة أو القرية، لم يكن فيما مضى من زمن، حلاقاً فقط، فقد كان طبيباً يشخص الأمراض والعلل ويعالجها ويقلع الأسنان والضروس ويمارس الحجامة والختان أيضاً، لكن التطور والتقدم السريعين اللذين دهما ـ على حين غفلة ـ جميع مفاصل الحياة أفضيا إلى التخصص وأحياناً إلى التخصص الدقيق، فانحسر عمل الحلاق بالحلاقة فقط ولم نعد نرى ـ إلا فيما ندر ـ شخصاً بإمكانه أن يلم بكل صنوف العلم والمعرفة والأدب، وأصبح التخصص واحداً من سمات القرن الماضي والحالي وبصمته التي طبعت الحياة.
الطب بصفته أحد العلوم والمعارف ليس استثناءً، ولم يسبق أن شوهدت لافتة طبيب تشير إلى نيله شهادة بكل صنوف الطب، ولو صدف ورأى أحدنا ذلك فإنه سيحكم لا محالة إن هذا الطبيب ليس أكثر من دجال.
منذ فُرض حصار اقتصادي شامل على العراق لم يعد بوسع فئة واسعة من أبنائه تحمّل أجور الفحص لدى الأطباء في عياداتهم مثلما لم يكونوا يطيقون أسعار الدواء التي تصرفها الصيدليات الأهلية، وتزامن كل هذا مع تراجع سريع وخطير جداً في مستوى ونوعية الخدمة الطبية التي تقدمها المستشفيات الحكومية، فالطبيب يفحص المرضى بعجالة و(من وره خشمة)، أما الدواء الذي يصفه فلم يكن أكثر من (جصات) على حد تعبير المرضى، وغالباً ما ينصحك الصيدلي بصرفه من الصيدليات الأهلية لأنه غير موجود. كل هذا أدى إلى لجوء المرضى إلى عيادات الممرضين الذين كانوا جاهزين تماماً وعلى أهبة الاستعداد، فصاروا فجأة أطباء يفحصون ويشخصون كل الأمراض والعلل فضلاُ عن وصف العلاج وصرفه!! وتحولت عياداتهم الصغيرة الضيقة ـ بعضها تحت سلم عمارة ـ إلى شبيه بمجمع طبي.. وكثيراً ما تجد إن هؤلاء الممرضين يسخرون من وصفة طبيب ويتندرون من جهله ويقرّعون المريض لأنه أهدر ماله عبثاً، إذ لو أنه ـ المريض ـ راجعهم قبلاً لتعافى بسرعة ووفر ماله أيضاً!!
شيوع فوضى هذه الظاهرة ـ بعد تغيير 2003 ـ صار أكبر وأصبح يحتل مساحة أوسع وتناسلت هذه (المجمعات الطبية) مع غياب تام للرقابة الحكومية وللوعي لدى المرضى وذويهم، حتى أن كثيراً منهم لم يحصلوا شهادة تجيز لهم ممارسة التمريض فضلاً عن الجمع بين ممارسة مهنة الطب بكل اختصاصاتها( ومنها الجراحة) والصيدلة معاً.
يبدو أن دور الطبيب في حياتنا يتلاشى شيئاً فشيئاً، وعلى الحكومة التي لا تستطيع ( أو لا ترغب) منع هذا الأذى والخطر والاستهتار بصحة الناس أن تلغي كليات الطب والصيدلة لأنها ستكون في المستقبل القريب بلا جدوى أو نفع خصوصاً أن هناك نجماً جديداً بدأ يسطع بشدة وينافس الممرضين بقوة.
يا إخوتنا الممرضين، لا تخشوا من الأطباء فلقد أوشكوا على الانقراض، ولا تخافوا أو تذعروا من الحكومة فهي مشغولة عنكم وعنا، لكن حذار حذار من العشّابين!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ذكرتني با للذي مضى وكان
ايار العراقي ( 2010 / 10 / 24 - 23:21 )
هههههههههههههههههه ذكرتني باللذي مضى وكان
سيدي الكريم انا واحد من هؤلاء كنت معاون طبي في الناحية (امرلي قرب طوز خرماتو)ولانني اسكن في المركز الصحي كوني من اهالي بغداد (الكلام في الثمانينات)فكنت اتحول وبقدرة قادر الى طبيب بعد الساعة السابعة مساء مرة احضروا لي حالة مصاب بطلق ناري فلما طلبت ورقة الشرطة هددوني بسلاح كان معهم وانا اعزل ووحدي وغريب تخيل
على اية حال كانت ايام وولت ولكن صدقني الامر هين وياتي بلممارسة طبعا لااقصد الحالات الصعبة والحرجة ولكن الحالات البسيطة فقط المسالة مسالة ممارسة وحسب
تقبل محبتي

اخر الافلام

.. لحظة اعتقال مسلحين اثنين ومقتل آخرين من منفذي هجوم داغستان


.. شبكات | اعتقال عارضة أزياء يمنية بعد جدل أثارته صور زفافها




.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - الأونروا: 69% من مدارس النازحين ف


.. الأونروا: 69% من المباني المدرسية التي كانت تؤوي نازحين في غ




.. مشاهد للحظات الأولى بعد قصف مقر تابع للأمم المتحدة في غزة