الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جهنم وأيامها

محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث

2010 / 10 / 24
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


في رحلة طويلة ساح بنا الأستاذ الفاضل زهير هادي الرميثي في أرجاء العراق الأشم باحثا منقبا في ذاكرته عن آثار لرجال كان لهم دورهم وتأثيرهم في تاريخ العراق الحديث،من خلال مؤلفه القيم (أيام في جهنم) الصادر عن مجلة الشرارة الزاهرة التي أسهمت في نشر الفكر العلمي والثقافة التقدمية ،وأبرزت قبسا من التاريخ النضالي لرادة النضال الوطني في العراق بعد أن تلكأ الآخرون في الإشارة إليهم أو استذكار تاريخهم ،وبذلك يكون للشرارة قصب السبق والدور الريادي في أحياء لذكر هم له حافظون،تماشيا مع سياستهم الرصينة في أبراز الجوانب المضيئة في تاريخ حزبنا الشيوعي العراقي.
وزهير هادي الرميثي متعدد المواهب فهو شاعر شعبي له صولات وجولات في عالم الشعر والأدب،وكاتبا رصينا وثق الكثير من الصفحات المنسية في تاريخنا الحديث،وأظهر ما للرميثة الشماء من آثار تاريخية تجاوزها الآخرون في سرقة كبرى لتاريخ حافل بالمآثر والأمجاد ،فهذه المدينة انطلقت منها الشرارة الأولى لثورة العشرين الخالدة وأسهم أبنائها في مكافحة العهد الملكي البغيض وأسهموا في تفكيك دعائمه وإرساء البناء الخالد لجمهورية تموز الفتيه،،وهو عضو اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين،وعضو الاتحاد العام للشعراء الشعبيين،ومراسل لطريق الشعب ومجلة الشرارة وعضو رابطة شعراء الفرات وحاصل على شهادة الإبداع في الفولكلور وأصدر كتب عدة منها:
صفحات من تاريخ الرميثه
رواد ألدب الشعبي في المثنى
سجه وحقيبة وسفر /ديوان شعر شعبي
قناديل أطفأها الفاشست
والكتاب الذي نتناوله الآن ،إضافة لمخطوطات معدة للطبع.
أستعرض في البداية محطات مهمة من تاريخ الرفيق الخالد فهد ،وسفراته الكثيرة لاستجلاء الواقع ودراسته تمهيدا للخروج بتصورات عن طبيعة المجتمع العراقي ليرسم الأفاق الكفيلة بإخراجه من واقعه معتمدا المسح الميداني والاحتكاك مع الجماهير طريقا لوضع السياسة الصائبة للانقلاب على الواقع وتغييره بالاتجاه السليم،وهذا ما أعطى لأرائه أصالتها ومقبوليتها في الأوساط الشعبية ومهد لها أن تأخذ طريقها في البناء الشامخ لحزب لم تكن له القاعدة الرصينة لولا الجهود الحثيثة لهذا القائد الفذ،فقد أستطاع بقدراته الخلاقة وضع اللبنات ألأولى لقاعدة فكرية لا زال لها محلها رغم مرور عقود من السنين ولا زالت أفكاره لها تأثيرها في أصلاح الأحوال لو قيض لمن بيدهم الأمر الرجوع إليها ففيها تجد الحلول للكثير من المعضلات التي تواجهنا هذه الأيام ومن هنا يكون لريادة فهد تأثيرها البعيد لمختلف العهود مما يعني أهليته الفكرية في استجلاء الواقع والعمل الجاد لتغييره.
وأبرز الكاتب السمات الأخلاقية لهذا الزعيم الشعبي في رفضه الهروب والخلاص من حبل المشنقة رغم توفر الظروف الملائمة لأنه أعطى كلمة شرف لسجانيه وهذا الخلق الثوري العظيم يندر وجوده إلا لدى القلة القليلة من أفذاذ القادة والزعماء التاريخيين.
ويشير المؤلف إلى أهمية الترابط الفكري والروحي بين قائد الشعب وشاعره فالعلاقة بين ألجواهري وفهد كانت علاقة نضالية ،وتعبير صارخ لما يجب أن تكون عليه العلاقة بين المثقف والسياسي وكلمة الخالد فهد ستبقى درسا ومنهجا لمن يريد أن يكون قائدا شعبيا وزعيما ملهما لحزب عظيم فقد قال ( أعطوا ألجواهري ثورات سيعطيكم قصائد ثورية) لذلك كان تفاعل ألجواهري معه أبعد أثرا وأكثر قوة جسده بقصيدته العصماء التي يقول فيها:
سلاما على مثقل بالحديد ويشمخ كالقائد الظافر
كان القيود على معصميه مفاتيح مستقبل زاهر
ويبحث أوجه التقارب بين الماركسية والدين ،مستشهدا بآراء الأئمة وأصحاب الرأي مفرقا بين دين أفسدته السياسة ودين يسعى لبناء الإنسان، ومبينا الترابط الجدلي بين العلمانية والدين من خلال المبدأ التوافقي في المأثور عن الكتاب المجيد (لا أكراه في الدين) مشيرا لالتزام الشيوعيين بعقائدهم الدينية الموروثة من خلال حادثة لسجناء أرهقهم الجلادون طلبا لاعتراف فصرخ أحدهم (وداحي باب خيبر ما أخون الأمانة) وهذا الأيمان الشفيف لم يكن حاجزا بين الانتماء الشيوعي والأيمان الديني في ترابط عضوي بين الدين والعقيدة السياسية.
ويستعرض في فصول تالية أشتاتا من مواقف رجال دين أعلام كان لهم دورهم الكبير في الحركة الوطنية وطليعتها الحزب الشيوعي فقد كان العلامة الشيخ عبد الكريم الماشطة في الرعيل الأول من قادة حركة السلم في العراق ومرشح الحزب في انتخابات الجبهة الوطنية أيام الحكم الملكي المباد ،ومؤسس جمعية علماء الدين ألأحرار التي رفضت التبعية الفكرية لجهات خارجية ودعت لتحرير الدين و والدراسات الفقهية مما علق بها من أوضار دخيلة بعيدة عن الدين وأهدافه السامية،ثم يستعرض شذرات من تاريخ شيخ العراقيين وخطيب العراق الأول الشيخ محمد الشبيبي ودوره الريادي في إرساء أسس الخطابة المنبرية وتسخيرها للنضال الوطني ومواجهة الاستعمار وقد فاته الإشارة إلى انتماء الشيخ للحزب وإسهامه في النضال ضمن قواعده وترشيحه للنيابة في قائمة الجبهة الوطنية وزجه لأبنائه في أتون النضال فقد كان أبنائه في طلائع المؤسسين للحركة الشيوعية وليس الشهيد الخالد حسين الشبيبي لوحده بل كان شقيقه الشيخ الأستاذ على الشبيبي في طلائع المناضلين وكان عضوا في اللجنة المركزية للحزب ونقيب المعلمين في كربلاء بعد ثورة تموز وأحفاد الشيخ الشبيبي كانوا ضمن رعائل التنظيم الشيوعي ولا زالوا ضمن مسيرته التي نتمنى أن تطول ومنهم الأستاذ الكاتب محمد علي الشبيبي وهو نزيل السويد الآن.
ثم يستذكر المفكر الماركسي حسين مروه والشاعر الكبير ألجواهري،ومناضلين فطريين منهم السيد محيسن الذي يردد دائما قول الرصافي:
للانكليز مطامع ببلادكم لا تنتهي إلا بأن تتبلشفوا
ويستعرض أقياسا من وصايا الشهداء الشيوعيين التي تبين الإصرار على مواصلة المسيرة والرسوخ في المبادئ رغم مرارة الموت، وفي استعراضه لحياة الشهيد المهداوي فاته الإشارة إلى الكثير من محطات الشهيد التي نشرتها في مواقع عديدة بعنوان (رجال حول الزعيم) وقد أخطأ في ذكر تاريخ إعدامه حيث ذكر أن تنفيذ حكم الإعدام كان يوم 8 شباط 1963 والصحيح يوم 9 شباط 1963 وأصدر قرار الحكم عبد الغني الراوي في محكمة صورية شكلت ساعتها ونطقت بالحكم وأوعزت بالتنفيذ وليس المجلس العرفي،مما يعني أن إعدامه ورفاقه ليس قانونيا وإنما جريمة قتل أرتكبها المجرمون أحمد حسن البكر والمحروق عبد السلام عارف وطاهر يحيى والمأبون عبد الكريم نصرت وعبد الغني الراوي وغيرهم من حثالات البعث والقوميين العرب.
ثم يستعرض أدوار من حياة الشهداء نضال حمزاوي ووضاح حسن وصباح السهل وبشار رشيد والشيوعية الرائدة أم موسى والدكتور أبو ظفر والدكتور ماجد كنون العلي والدكتورة نزيهة الدليمي وعبد الكريم قاسم والنهاية القذرة لجرذ ألعوجه وذكرياته عن أيام النضال ودور لينين في ثورة العشرين واثر السماوة في حياة المتنبي ودور الحزب في الإضرابات العمالية ويبرز النكتة الشيوعية رغم مرارة الأيام وقسوتها ثم يستعرض اقباسا من حياة الكثيرين ممن لهم آثار وآثار في تاريخ العراق منهم الدكتورة حياة شرارة والدكتور رحيم عجينة والفنانة المناضلة زكية خليفة والشاعر احمد فواد نجم والشاعرة لميعة عباس عمارة وشاعر الشعب عبد الحسين أبو شبع الذي زاوج بين القضية الحسينية والشيوعية فكان من طلائع الشيوعيين في النجف وشيخ شعراء المنبر الحسيني والشيخ ياسين الرميثي الذي مازج بين انتمائه الشيوعي وثورة الحسين التحررية ومشيرا للشاعر الكبير فاضل الرادود ودوره التحريضي ضد الحكم الفاسد في العراق أيام البعث وفي الزمن ألعارفي مؤكدا إن الانتماء الشيوعي لهؤلاء الأفذاذ أعطاهم زخما وطنيا ما كان له أن يظهر لولا سمو المبادئ الشيوعية التي امنوا بها وأضافت لهم حافزا ليكونوا في مقدمة المناضلين من اجل الغد الجميل البسام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأحزاب الانفصالية في كتالونيا تخسر الأغلبية في الانتخابات ا


.. بلينكن: الاجتياح الواسع لرفح سيزرع الفوضى ولن يؤدي إلى القضا




.. ترقب في إسرائيل لأمر جديد من محكمة العدل الدولية في قضية الإ


.. طائرتان مسيرتان عبرتا من لبنان إلى إسرائيل وانفجرتا في منطقة




.. الإعلام العبري يرصد التوتر المتصاعد بين إسرائيل والولايات ال