الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


امرأة غاضبة..رسالة من الجزائر إلى الأوروبيين التائبين عن عالميتهم

حميد زناز

2010 / 10 / 25
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


امرأة غاضبة
رسالة من الجزائر إلى الأوروبيين التائبين عن عالميتهم

وجهت مديرة قسم حقوق المرأة في منظمة اليونسكو سابقا نقدا ثقافيا وسياسيا صريحا لرفقاء نضالها اليساريين السابقين إذ راحت تتهمهم صراحة بأنهم عادوا إلى ذهنية الإستشراق.
كان الكتاب الصادر عن دار غاليمار الباريسية على شكل رسالة مفتوحة مطولة (148صفحة)توجهت فيها الناشطة النسوية والمحامية الجزائرية وسيلة تامزالي برسالة شديدة اللهجة إلى المثقفين في الغرب عموما والفرنسيين منهم على وجه الخصوص، متسائلة عن سبب ردتهم وتقاعسهم أمام صعود الحركات الإسلامية المتطرفة في أوروبا. ما دهاهم، هم الذين استماتوا في النضال والدفاع عن كونية حقوق الإنسان؟ لماذا أصبحوا اليوم عاجزين عن التفكير في هذه الكونية خارج أوروبا؟ لقد ذكّرتهم الجزائرية بتراثهم النضالي من أجل احترام المبادئ الديمقراطية الأساسية، فهل تنكروا لكفاحهم السابق ووقوفهم البطولي إلى جانب تحرر الشعوب ضد حكومات بلدانهم الاستعمارية؟
يفضح الكتاب بشيء من المرارة تراجع الفكر الأوروبي وارتباكه أمام تصاعد الانعزاليات الثقافية في الغرب. دون أن تخفي غيظها، ناقشت وسيلة تامزالي بروح عقلانية مسألة المرأة وكيف تغيرت نظرة الأوروبيين إلى حقوقها تحت تهديدات الأصوليين ومراوغاتهم. فبينما كانوا ينادون بعالمية تلك الحقوق لتشمل كل نساء الأرض،أصبحوا اليوم يروّجون لنسبية ثقافية تؤبد الظلم وعدم المساواة بين الرجل والمرأة خارج الغرب بل في عز الغرب حينما يتعلق الأمر بنساء ينحدرن من ثقافات غير أوروبية. ذكّرت تامزالي القوم بالأضرار الجسيمة التي قد تلحق النساء في البلدان غير الأوروبية جراء موقفهم المتخاذل .. فكل نسبية ثقافية ما هي إلا تكريسا للفكر المناهض لحقوق المرأة، تقول الكاتبة.

هي صرخة غضب عالمة بقضايا المرأة كما يستشف قارئ الكتاب/الرسالة، تهدف إلى إيقاظ مناضلين يساريين من سبات نسبية ثقافية صاعدة يعيث تحت ظلها المتشددون فسادا في الغرب إذ أصبحوا يُنصبون أنفسهم أوصياء على المسلمين أجمعين. والأدهى والأمر أنهم وصلوا إلى إقناع بعض الغربيين أن من ثقافة المسلمين اللامساواة بين المرأة والرجل وارتداء البوركة والانعزال وغيرها.. وحذّرت وسيلة تامزالي المثقفين الغربيين من مغبة تقلبات تكتيكية و منفعية قد تؤدي بهم إلى التحاور مع المتطرفين وتقديم لهم شرعية زائفة، بدل التعاون مع المناضلين والمناضلات الذين يخوضون صراعا مريرا ضد التطرف في البلدان العربية والإسلامية دفاعا عن الحرية والتقدم والمسواة. لم تكتب وسيلة تامزالي لتفضح فقط تراجع من رفعوا بالأمس لواء مناصرة النساء وترقية حقوقهن أو لتستفسر بل لتبين لهم العوائق المعرفية والمنهجية التي أضلتهم سواء السبيل وجعلتهم يعجزون عن إدراك ما يدور في العالم العربي من رهانات. ترى أن بعض زعيمات الحركة النسوية في الغرب يمارسن اليوم خطابا لا يبتعد كثيرا عن خطابات أعداء تحرر المرأة، فقد انخرطن في ذلك التيار من اليسار الذي وصل إلى القناعة بعدم إمكانية تغيير العالم فبدأ يطالب بضرورة قبوله كما هو والتحاور مع الجميع وغض الطرف عن المصاعب والحقائق المزعجة. و في غياب نظرة بعيدة المدى راح هذا اليسار ينشغل بالمسائل الهامشية وتاركا الأساسية منها معلقة طلبا للسلم الاجتماعي في أوروبا وبغية استمرار الاستثمار الاقتصادي في العالم العربي.
"في كل يوم، تكتب الحقوقية الجزائرية، يتحطم حلم العالمية على جدار التنوع، ذاك التنوع الذي كان أملا فغدا اليوم كابوسا".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا
نادين ناصر ( 2010 / 10 / 25 - 19:58 )
استاذ حميد
شكرا على المقال الرائع
نادين


2 - ليس فقط في الغرب
علي سهيل ( 2010 / 10 / 26 - 04:32 )
المثقفون والعلمانيون واليساريون في الوطن العربي الكبير تأقلموا بل اصبحوا ريادين يحملون لواء التخلف وغض البصر عن المواضيع الاجتماعية الملحة مثل المساوة وحرية المرأة، فاصبح التفكير السائد في الوطن العربي كما هو حاله في العصور الوسطى، فنرى ملامح الهوس الجماعي في طريقة ملبس المرأة من جلباب ونقاب اسود اللون كانه اصبح هو علم الدول العربية، والنظر إلى المرأة التي لا تلبس هذا اللباس او اللون امرأة خارجة عن الدين والتقاليد وينظر لها نظرة بها الاشمئزاز ومع اسفي الشديد أول من يجاري هذ المسلك هم المثقفين والعلمانين واليسارين خوفا على مكانتهم كما يدعون لكسب المزيد من الشعبية، حرية الانسان بشكل عام تنتهك كل يوم وابسط امور الحريات النقد من أجل البناء تنتهك وبدلا من الصمود والتصدي اصبح الملوم هو طالب الحرية، والمرأة التي ترفض لبس النقاب اصبحت تجبر ليس فقط من الشارع بل من قبل اهلها خوفا على؟؟؟ تباح كرامتنا كل يوم ليس فقط من اعدؤنا ولكن ايضا من اقرب الناس إلينا تحت عددة مسميات، واعدؤنا تنهب الارض وتنتهك العرض وتحرق الحجر والشجر والبشر، ونحن غارقون في سبات عميق لا يهمنا سوى النقاب وكيفية دخول الحمام!!!


3 - السيد حميد زناز المحترم
ليندا كبرييل ( 2010 / 10 / 26 - 08:02 )
تحية لمقالك , وبوركت السيدة وسيلة تامزالي على رؤيتها العقلانية , ما أشد حاجتنا للأصوات الجريئة من أمثال هذه المناضلة , عندما نسمع مثل هذه الأخبار يداخلنا الاطمئنان أننا ما زلنا بخير , كل الخشية من هؤلاء الذين يستغلون الديموقراطية ليعبثوا بها ويقولبوها على هواهم , وليشكلوا مجتمعاً داخل مجتمع , تحية لك ودمت بخير


4 - في الصميم
سهيل حيدر ( 2010 / 10 / 26 - 20:32 )
سيبقى صوت وسيله تامزالي ، يؤطره التميز ، وسط ضياع مؤسف لمجمل النشاط الانساني لليسار في العالم ، متأثرا بردة عنيفة مصدرها حملة الفكر المتخلف ، ممن عافوا اوطانهم يأكلها عفن التردي بسببهم ، لينشروا هذا العفن في بلاد التمدن .. والاكثر مدعاة للاسف ، هو ذلك الفزع الظاهر حتى على سياسة اكثر المراكز الثقافية اليسارية العربيه ، حينما تتردد في تعاملها مع الفكر الحر ، والمنطلق على سجيته متعمقا الى جذور الورم .. اننا حقا امام حالة خطرة من السقوط تنتاب اغلب نشاطات المثقفين اليساريين ، عندما راحوا ينتهجون مسارات تبالغ في امتهان ثقافة مبتورة النهايات ، لا تجدي مقابل هذا الكم الهائل من انتشار معاقل الارهاب والتخلف حتى في العالم المتحضر

اخر الافلام

.. موريتانيا.. دعوة لإقرار قوانين تحمي المرأة من العنف


.. القومى للمرأة يطالب شركات خدمات النقل بالتطبيقات بوضع معايير




.. العربية ويكند | استطلاع أميركي: الرجال أكثر سعادة بوظائفهم م


.. عضو نقابة الصحفيين أميرة محمد




.. توقيف سنية الدهماني يوحد صوت المحامينات في البلاد