الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الواقعة و المعنى

ميس اومازيغ

2010 / 10 / 26
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


الواقعة والمعنى
بمناسبة اول مقالة لي بالحوار المتمدن, اثار انتباهي مضمن تعليق صديقة عزيزة اوردت فيه على الخصوص ما يلي*بناء الأنسان هو المعول عليه ولا معنى لأي مجهود نحو الأصلاح ان لم نشعر بمسؤوليتنا تجاه ما نفعل...*

نعم البناء, دلك ان محاولات الأصلاح كما لاحظت لم تؤتي أكلها وبالتالي فان الأعتماد على عملية البناء قد تحقق المبتغى.
بناء انسان مجتمعاتنا المتخلفة, كلمة بناء خفيفة في اللسان ثقيلة في الميزان, سيما ان تعلق الأمر بالأنسان هدا الكائن المعقد التكوين.لن اخفيكم سرا ان قلت بان راي الصديقة اخد من وقتي كثيرا وانا بصدد التفكير فيه. فارتايت ان اساهم في لوازم البناء بطريقتي الخاصة منطلقا من الواقع المعاش دلك انه كلما انطلقنا من الواقع الا و كانت النتائج واقعية. فليكن الواقع هو الحكم.
لن اكون مبالغا ان قلت بان ليس فينا من لا يتدكر واقعة او وقائع , حادثة او احداث عاشها وهو في عمر الزهور. يتدكرها حتى وهو في اردل العمر. و يعيشها شعورا واحساسا بمآسيها و احزانها بافراحها و مسراتها, حتى يخال له انها بنت الأمس القريب.وكثير من هده الأحداث و الوقائع قد يغادر الدنيا و هو لم يحل الغازها, او ادرك كنهها. بينما كثير منها دات دلالات ومعان لكل لبيب يحسن تشريحها وتقصي حقائقها.
وحتى تتظح الفكرة ارتايت بعد وضع الطابوهات وما قد يعتبر نرجسية جانبا و اسرد حادثا معاشا ما بين السابعة و الحادية عشر من العمر في قريتي باحد سفوح الأطلس المتوسط. صادف ان تهاطلت عليها الأمطار الغزيرة لمدة فاقت ثلاثة ايام متتالية. انسابت خلالها جداول المياه الرمادية اللون المحملة بالأتربة. كما تفجرت الينابيع بالحقول بعد ان امتلأ جوفها ماءا. و استحال قضاء الحاجيات من الخارج حتى من اقرب الجوار. بحيث اغلق على الماشية في الأسطبلات, و تعدر على النسوة الخروج لجمع الحطب لمواقدهن. في قرية مقصية مهمشة ادخلت قسرا فيما سبق و سمي من قبل دوي الضمائر الحيوانية و النفوس الضعيفة بالمغرب غير النافع. في الوقت الدي تعتبر فيه درة واحدة من التراب, بمثابة زمردة نفيسة عند الوطني الغيور.
قرية محرومة من الكهرباء و الماء الصالح للشرب. يحقق سكانها الفلاحون الصغار الأكتفاء الداتي بالكاد.خلال تلكم الأيام المطيرة, و بعد ظهور انفراج مؤقت اثار انتباهي تجمع كوكبة من ألأطفال. فتيانا وفتيات بباب منزلنا. حفاة شبه عراة وهي الحالة المالوفة في قريتي, المنهوبة آنداك خيرات ارضها من قبل المستعمر الفرنسي الغاشم. اعتبارا لكون الواقعة ترجع لستينا ت القرن الماضي ثم العصابة التي تولت كراسي المسؤولية فيما بعد.
انتابني شعور غريب.حيرة واندهاش, عندما سمعتهم ينشدون بالأمازيغية// كر آتزدمث آثييديت ثاغ ثمارا لال نم// و معناها=قومي ياكلبة لتجمعي الحطب لقد نال الشقاء من ربتك= ثم يكررون الأنشودة و تتقدمه كلبة وضعت على رأسها قطعة ثوب, من تلك التي تغطي بها النساء شعور رؤوسهن و تسمى عندنا –سبنية- كما تم كحل رموش عينيها. و علمت ان الأطفال سبق وطافوا بها على منازل اخرى من قبل. فما كان مني الا ان شاركتهم في كل ما يقومون به فسرنا ننشد مادكر وكلنا مرح وفرح الى انتهى بنا المطاف بمسكن عجوز شمطاء, تعيش بمفردها لسبب لم اكن اعرفه. ثم دلف احدنا الى موقدها خفية وسرق لها اثفية و رجع بها, وكأنه حقق انجازا عظيما .انتهى بدلك الطواف بالكلبة على منازل المدشر, وقصدنا مزبلة حيث تجمع نفايات الماشية. من روث وبقايا علف. فبادر زعيمنا الطفل الى دفن الأثفية بها. وتولى اقتسام الهدايا المحصل عليها من قبل النسوة , التي هي عبارة عن قطع سكر و بعض قطع النقود. ثم انفظ الجمع بعد ان افرج على الكلبة.
مرت الأيام بل السنون. وكلما تدكرت الحدث الا ودهب بي تفكيري بعيدا يغوص في اعماق حمولتها. وماكان الا ان توضع للتشريح و التحليل والتقصي. فمادا ارادت نسوة المدشر تبليغه لنا نحن الأطفال الصغار الأبرياء؟ام هن انفسهن لا يعلمن؟ نعم لا يعلمن وانما نقلا عن ثم عن الى ان وصلتنا الواقعة المسرحية.
في ستينات القرن الماضي يا ناس, كان ألأسلام قد بلغ سكان شمال افريقيا بالسيف. في الوقت الدي يقول عنه خدامه انه استقبل بالدفوف و الزغاريد. في ستينات القرن الما ضي كان سكان بلدتي ما يزالون يحنون الى غيبياتهم القديمة. و اوثانهم المعبودة. سيما النار. فنسوة بلدتي ارجعن استرسال تهاطل الأمطار لدرجة منعهم من قضاء حاجيات مواقدهن من حطب. الى عدم الأهتمام بالنار. هده التي كان واجب الأعتناء بها و ايقادها و تقديم مراسمها و شعائرها. انما يقع على اكبرهن سنا و بالتالي فان احتقارهن لأنفسهن .واعلانهن الأحتجاج على الكاهنة.شبهن انفسهن بالكلبة لأثارة اهتمامها. و بالتالي دفعا للقيام بالواجب. فسرقت اثفيتها اد لو كانت قد اوقدت نارها, ما استطاع الفتية سرقتها لسخونتها. ثم اضافة لأهانة الكاهنة المتمثلة في العجوزتم دفن اثفيتها, رمز النار في المزبلة. لكي تعتبر وتعتني بالنار معبودتهن التي تخلت عنهن. ولم تفعل شيئا لأيقلف المطرو بالتالي قيامهن باعمالهن.
كثير من مثل هده الأقصوصة المسرحية ما تزال تعيش بين ضهرانينا. ولا يكلف احد منا عناء نفسه
التمعن فما يراد اواريد منها. هدا ما دفعني لأن اوضح في احد تعاليقي بشان عدد المسلمين, الدي قيل بانه يفوق مليار نسمة بانه عدد لا يمت الى الواقع بصلة. فالأسلام المدكور اسلام مهزوز خليط من الماضي السحيق وعادات وتقاليد بدوعرب صحراء الخليج الفرسي. غيبيات الأمس هي غيبيات اليوم. وطقوس الأمس هي طقوس اليوم. مع تغيرات طفيفة, لن تخفى على كل دي عقل نيرمنير. فالخرافة والأسطورة عاشت معنا وما تزال. والعلم وحده هو الممسحة التي قد نمحي بها الطاولة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مقال لطيف ولقد استمتعت بقرأته
تي خوري ( 2010 / 10 / 27 - 00:30 )
مقال لطيف ولقد استمتعت بقرأته

تحياتي لك

اخر الافلام

.. فيضانات عارمة تتسبب بفوضى كبيرة في جنوب ألمانيا


.. سرايا القدس: أبرز العمليات العسكرية التي نفذت خلال توغل قوات




.. ارتقاء زوجين وطفلهما من عائلة النبيه في غارة إسرائيلية على ش


.. اندلاع مواجهات بين أهالي قرية مادما ومستوطنين جنوبي نابلس




.. مراسل الجزيرة أنس الشريف يرصد جانبا من الدمار في شمال غزة