الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جدوى التغيير

سعد تركي

2010 / 10 / 27
المجتمع المدني


ننشد التغيير دوماً ونتطلع إليه، فالتغيير ضرورة يفرضها منطق الأشياء مثلما هو أحد صفات النفس البشرية التي تميل ـ بحسب علماء النفس ـ إلى التغيير والتنويع.. فلا عجب إذ يغير الناس سيارات كانت رغبتهم شديدة في اقتنائها أو أثاث بيت بذلوا وقتاً وجهداً ومالاً كبيراً في الحصول عليه أو يستبدل أحدهم هاتفه النقال بين يوم وآخر لا لعيب أو عدم كفاءة الأول إنما لأن هناك ولعاً يستبد به يدفعه دوماً إلى هذا التغيير الذي يشمل في حياة بعضنا (المقتدرين اقتصادياً أو شديدي الولع) كل تفصيل دقيق في حياتهم.
التغيير والاستبدال في المناصب الحكومية تحكمه عوامل مختلفة أخرى ليس لها علاقة بولع نفسي ما أو رغبة جامحة في تغيير شكل أو لون الشيء الذي ينبغي تغييره، لكن التقدم في السن حيناً ووجود من هو أكفأ من المُستبدَل حيناً آخر هو من يحكم هذه العملية.. هذا طبعاً في حكومات ودول تمتعت باستقرار أمني وسياسي ورسخ فيها القانون وتنفس أفرادها ـ مواطنون ومسؤولون ـ حس المواطنة العالي والشعور بالمسؤولية. أما في بلد لم تمر في تاريخه لحظة من استقرار فإن التغيير والاستبدال في هذه المناصب تحكمه انقلابات وثورات وغزوات، فكثيراً ما نمسي على حكومة ونصحو على أخرى يتبدل في إثرها الرجال وتتغير الأسماء من أعلى سلم هرم السلطة إلى أدنى مسؤول.
بعد الغزو الأميركي رأينا مئات الوجوه والأسماء التي تسلمت وتسنمت مناصب غادرتها ـ حيناً ـ بعد امتلاء الحقائب بسحت حرام، أو انتقلت إلى غيرها أكثر نفعاً ووجاهةً حيناً آخر.. بعد الاحتلال صار التغيير آنياً من دون مقدمات ولا تمحيص فما أن تفوح رائحة الفساد وتنتشر حتى يُستبدل المسؤول بآخر من دون أن تتغير رائحة أو يقل انتشار، بحيث علق في أذهاننا أن السبب في التغيير تغيّر هو الآخر أيضاً، السبب الأهم هو في إتاحة الفرصة لجميع الأحباب والأقارب والأعزاء كي يرتبوا أحوالهم و(يتريشوا) مستفيدين من امتيازات المنصب وأموال مشاريع المؤسسة السائبة بتعمد وإصرار.
قيل لأحد وجوه بغداد ورجالها المصرفيين في عهود سابقة، بعد أن سمع ورأى مقربوه ومن يحرصون عليه وعلى ماله، إن محاسبه المؤتمن على أمواله يخونه ويثرى بسرعة كبيرة لا تتناسب مع مقدار راتبه وأجره المعروف للقاصي والداني، فقد اشترى المحاسب ـ وكان فقيراً معدماً ـ سيارة حديثة وبيتاً فارهاً وتزوج من كريمة أحد الأعيان وقضى شهر عسل باذخ في عاصمة أوربية.. أخبرهم المصرفي أنه يعلم عنه كلّ ذلك، وقبل أن يدع لصيحات الدهشة والاستغراب والاستهجان لتعلو فسر الأمر ببساطة شديدة: لو أني طردته وجئت بغيره فإن اللاحق سيكرر ما فعل السابق ويشتري بيتاً وسيارة ويتزوج، الاحتفاظ بالسابق أجدى وأنفع أملاً أنه يكون قد اكتفى وشبع وامتلأت عينه!!
سادتنا وأولي أمرنا، نسألكم الله الواحد الأحد، نسألكم بكل معتقد تعتقدون، بكل مبدأ تلتزمون.. إن لم تكن لديكم القدرة وقبلها الرغبة في الإصلاح الحقيقي، فدعوا كل فاسد ومرتش في مكانه ومنصبه علّه يشبع ويكتفي ذات يوم لأننا نخشى إن استمر هذا الحال قد لا نجد في وزاراتنا ومؤسساتنا غير موظفين وعاملين فقدوا ـ فضلا عن رواتبهم ومعاشاتهم ـ البنايات والمكاتب التي يعملون فيها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة اعتقال مسلحين اثنين ومقتل آخرين من منفذي هجوم داغستان


.. شبكات | اعتقال عارضة أزياء يمنية بعد جدل أثارته صور زفافها




.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - الأونروا: 69% من مدارس النازحين ف


.. الأونروا: 69% من المباني المدرسية التي كانت تؤوي نازحين في غ




.. مشاهد للحظات الأولى بعد قصف مقر تابع للأمم المتحدة في غزة