الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رحلة اللاعودة

ديمة كرادشة

2010 / 10 / 28
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


رحلة اللاعودة
بالرغم من حصول العديد من النساء على فرص التعليم العالي وتقلد أعلى المناصب إلا أن نظرة البعض منهن لأمور الحياة ما زالت في دائرة الحيز الخاص ، فمرحلة إكتشاف الذات لدى المرأة – وهذا المصطلح الذي أستخدمه للتعبير عن مطالبة المرأة بالحرية ، جاء في مرحلة متقدمة من الحركة النسوية - هي رحلة بدأت مع نضال الحركة النسوية في الخمسينات أو حتى ما قبل ذلك محاولة منها في الخروج من الحيز الخاص إلى الحيز العام كما أسمته" آن كوديت ؛كل ما هو شخصي هو سياسي ايضاً ".حيث بدأت بمواقف دفاعية ومطالب إجتماعية وسياسية ثم تحولت إلى مواجهة القمع الذي تعيشه من خلال تحدي حتمية السلطة الأبوية الى أن وصلت الى المرحلة الأهم في تاريخ الحركة النسوية ،حسب رأيي ، ألا وهي البحث عن "الهوية الانثوية" والتي مكنتها من مواجهة التحديات بخارطة طريق واضحة المعالم لما تريده النساء ،وذلك من خلال حشد الجهود والعمل على مستوى جماعي وليس فردي والانتقال من معرفة "الأنا" إلى ال" نحن" هذه الرحلة لم تكن باليسيرة بل كانت تواجهها التحديات والصعوبات من قبل المجتمع الأبوي المتمثل بالأعراف والتقاليد أولاً أو من قبل النساء أنفسهن اللواتي لم يستطعن التفكير بأفق أبعد من الحيز الخاص بسبب تأثير الرجل عبر التاريخ على تشكيل عقلية الأنثى وبأنها أقل منزلة ومحدودة القدرات والإمكانيات لتعيش حياة أفضل مما هي عليه.
وبهذه المساحة الضيقة التي أتاحها الرجل للمرأة في التعلم والعمل والتفكيرالحر!! لن تتمكن من مواجهة حقائق الحياة بعقلانية وشمولية ومعرفة حقيقية للخروج الى الحيز العام . لذا واجهت هذه المرأة في سعيها إلى المطالبة بحقوقها الإنسانية وإتاحة الفرصة للعمل في النطاق الأوسع والأشمل واجهت العناء والمشقة في حياتها ، ودفعت وما زال تدفع الثمن الباهض من خلال التشهير بخروجها عن التقاليد والاعراف او بانكارها للأديان او بأنها تدعو الى الإنحراف والخروج عن المألوف وغيرها من الإتهامات الأمر الذي دفع بالبعض من اللواتي يسلكن طريق اللاعودة الى التقوقع في بوتقة " منطقة محايدة" تعطيها الشعور بالأمان والإستقرار _ وان كان مؤقت – وتعمل من خلالها بخيارات وحريات محدودة لحين تمكنها من الخروج ومواجهة التحديات ولا نعرف الى متى وهو حال الكثير من النساء في المنطقة العربية اللواتي يدعين او يدعون بالمطالبة لحقوق المرأة .
ان رحلة اللاعودة هي في سبيل المطالبة بأن يكون الحيز الخاص والعام هو متاح للجميع نساء ورجال وليس حكراً على أحد وهنا نجد أن البعض قد يختار الحيز الخاص والبعض الاخر قد يختار الحيز العام او كلاهما وفي جميع الأحوال ، الخيارات مقبولة ومتاحة لذا نستطيع القول أن المرأة تطالب بحقوقها على وعي وفهم وتفكير عقلاني وليس بشعارات وخطابات فارغة تجعل بنات جيلها يتخبطن ويذهبن عبر مسارات فرعية لا توصلهن الى نهاية المطاف الذي نسعى جميعنا الى الوصول اليه وهو العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات .
ما اريد التأكيد عليه أن المرأة قبل أن تطالب بخروجها للتعليم والعمل وممارسة حقوقها الاجتماعية والسياسية وغيرها لابد لها من جلسة خاصة مع ذاتها وقد أسميها ب"جلسة كرسي الاعتراف" ولابد للمرأة من أن تتحرر من كافة القيود والسلاسل التي بداخلها وذلك من خلال القبول الغير مشروط لصفاتها الشخصية الحقيقية والتي تقبع في داخل عقلها وقلبها وفي الحجرات الخلفية من ذاتها ثم يأتي تحقيق التصالح مع الذات ؛والذي برأيي ؛ هو الخطوة الأولى لتحرر النساء والتي تمكنهم فيما بعد من تحقيق أهدافهم بالعدالة والمساواة.....فأي عدالة يريدون وأي مساواة يريدون ؟! ونحن ما زلنا نتخبط نحن الداعيات الى الحرية ما دام عملية المصالحة لم تتم مع انفسنا.
ان رحلة اللاعودة هي رحلة بدأتها المرأة – بالوعي والمعرفة - مع ذاتها ، ومع العالم الخارجي – بالتعليم والعمل - ولن تستطيع التراجع مهما كان الثمن لان العودة تعني الفناء والموت داخل كينونتها والتي سجنتها لعصور طويلة ،أما الاستمرار فيعني الحرية والعدالة والتشارك في الحياة مع الاخر مهما كانت التضحيات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - التصالح مع الذات
بيان صالح ( 2010 / 10 / 28 - 13:49 )
العزيزة ديمة

موضوع رائع تطرقتي اليه و نحن في الشرق نميل ونضطرالى التصالح مع الاخرين بدل
التصالح مع الذات ,اي ارضاء الاخرين و راي الاخرين حول ما يخصنا له دور كبير
والمراة عليها التصرف داخل القيود المالوفة الذي يفرضه عليها المجتمع
متفقة معك بان اهم خطوة لتحرر الانسان سواء كان امراة او ارجل هو التصالح مع ذاته
عندما نتصالح مع ذاتنا يكون سهلا علينا التصالح مع الاخرين .

مع كل الحب والمودة
بيان صالح


2 - في اللاعودة
من هيفاء حيدر ( 2010 / 10 / 28 - 19:41 )
شكراً أيتها الزميلة العزيزة لقد أثرتي موضوع ذو شجون وهو الثمن الذي على المرأة دفعه متكرراً كي تستطيع أن تكمل مسيرة حياتها وتكون راضية عن نفسها وهذ بالتحديد يشكل تحدي يومي أمامها وخاصة في ظل مجتمع غير عادل وغير منصف لها وأتفق معك أن البداية تكون بالتصميم والإرادة أن لا عودة الى الوراء حتى لو إضطرت المرأة وقوف لفترة في مكانها فهذا ضروري أحياناً من أجل التقييم والمراجعة فالصعاب والعقبات تكون كبيرة لكن المهم هو الإرادة بالتقدم الى الأمام فالحقوق تؤخذ وتنتزع ولا تعطى
أشكرك على إثارة هذا الموضوع من جديد


3 - الاخت وفاء الحسن
ديمة كرادشة ( 2010 / 10 / 28 - 21:00 )
اشكر لكي هذه المداخله وأتفق معك أن التصالح مع الذات أولوية ولكن بعدها لن تكون العلاقة مع الرجل مستحيلة ، بل سوف تمتلك المرأة الحرية في وضع قواعد ونوع العلاقة التي تريد مع الشخص الذي يستطيع فهم معنى أن المرأة يجب أن تعيش حره وملتزمة بنفس الوقت معه.


4 - التصالح مع الذات
ديمة كرادشة ( 2010 / 10 / 28 - 21:08 )
العزيزة بيان ....كل ما اردته هو ابراز فكرة التخبط الذي تعيشه بعض منا (نحن النساء)عند المطالبة بالحرية ونقوم احيانا بدون وعي بالخلط بين الخاص والعام ، ولكن اعتبرها مرحلة طبيعية لابد وان تتبعها مراحل متطورة للحركة النسوية واكثر وعي وادراك لحاجاتنا وعلى كافة المستويات ابتدءاً من حاجاتنا الاساسية وانتهاءاً بحاجات تحقيق الذات والتي تعد الخطوة الاولى وهي ليست بالامر السهل بل قد تجلب لنا تحديات قد تحبط البعض وقد تدفع بالبعض الى المضي قدماً الى الامام....وشكراً .


5 - اللاعودة
ديمة كرادشة ( 2010 / 10 / 28 - 21:12 )
اختي هيفاء.....لا عودة مطلقاً وانا اتفق معك ....فالمرأة التي تصل الى مرحلة الوعي بذاتها وبإنسانيتها ....لن تقبل بأن تفاوض عليهما من جديد....فلذة الشعور بالنصر هي عندما يجد الانسان ذاته ولن يقبل بفقدانها ...مهما كان الثمن ...وشكرا...


6 - لابد من الغوص الى القاع
سهيل حيدر ( 2010 / 10 / 29 - 12:01 )
سيدتي مع فائق الاحترام
من يطلع على واقع المرأة في عالمنا العربي الموبوء بكل ملامح الظلم الاجتماعي ، ويدخل الى عمق وتفاصيل ما تعانيه المرأه في حقيقة واقعها وليس ما يعرض في صالونات الحوارات من فوق .. من يهبط الى قاع المرجل الذي تتلاطم في داخله ابخرة ما نعانيه من تخلف مريع ، سببه الفقر والجهل وتسلط رجال الدين ، وسيادة الاعراف المناصرة للذكورة وقيمومة الرجل غير الشرعية على المرأه ، من يفعل ذلك ، سيجد بان كافة النشاطات التي قامت بها الاتحادات النسوية العربيه مع خالص الاعتزاز بها ، لا زالت بعيدة كل البعد عن اقامة العلاقه الحقيقية بشرائح واسعة من النساء ، لا زلن يعانين من التعسف باعلى درجاته ، وتتفرد بهن القوانين والاعراف مدعومة من قبل جلاوزة المد الديني وبشكل سافر .. لا بديل عن التحرك وبقوة مؤثره من قبلكن لتغيير هذا الواقع المزري .. وليس من حلول يمكن ان تكون مجديه عدا ان تشركن من هن في القاع ، وتطرحن مشاكلهن على اساس ما يجري فعلا ، وليس من خلال طروحات تعتمد على الثقافة المترفه .. تقبلي خالص تحياتي


7 - الاخ سهيل حيدر
ديمة كرادشة ( 2010 / 10 / 29 - 12:32 )
أوافقك الرأي بأن كافة النشاطات التي تقوم بها الاتحادات النسوية العربية ما زالت بعيدة كل البعد عن الهدف الذي نرجو تحقيقه والسبب هو انها ما زالت شعارات جوفاء ولا تنبع من تجارب ومعاناة القاعدة الشعبية من النساء وذلك لأننا انفسنا لم نؤمن بقدراتنا بعد!ولكن لابد وأن تتطور هذه المرحلة الى مراحل لاحقة يكون فيها الوعي والمعرفة والحقيقة هما اساس الحراك النسوي في منطقتنا وسوف يتم مواجهة التحديات من ظلم وتهميش وغيرها بالعقل والمنطق وليس بالعاطفة واستجداء الحق....وشكراً .


8 - السيدة المحترمة ديمة كرادشة
ليندا كبرييل ( 2010 / 10 / 29 - 16:56 )
أهنئك بخطوتك الثانية متمنية لك الاستمرار والنجاح , يسعدني أن أقرأ أفكارك المنفتحة ’ اسمحي لي أن أن أبدي رأيي فيما جاء بالفقرة الأخيرة قولك :المرأة قبل أن تطالب بخروجها للتعليم والعمل وممارسة حقوقهاالاجتماعية والسياسية لا بد لها من أن تتحرر من كافة القيود بداخلها ثم يأتي التصالح مع الذات . أعتقد سيدة ديمة أن المرأة على طول القهر صمت داخلها وفقدت القدرة على التمييز لتحقيق خطوة التصالح مع الذات , أظن دعوتك بهذا الشكل معكوسة , إن التعليم وممارسة العمل سيعملان على انفتاح أفقها والوعي على النواقص بداخلها فتجهد لأن تتداركها وتحقق التصالح مع ذاتها, فقد تمت برمجة عقلها وتدجينه بحيث أنها ترى الوقائع في ضوء تجاربها السابقة لا كما يجب أن تراها , المرأة ستظل أسيرة النظرة الدونية ولن تتحرر منها إلى طريق اللاعودة إلا بالتعليم والتثقيف والوعي على خصالها الشخصية التي ستساهم في مطالبتها بحقوقها . يسعدني أن تنضم سيدة منفتحة إلى قائمة المنيرات وتفضلي بقبول احترامي


9 - الى الاخت ليندا
ديمة كرادشة ( 2010 / 10 / 29 - 18:22 )
أشكرك بداية على تمنياتك الجميلة والتي بالتأكيد ستمدني بالدعم للاستمرار في تجربة الكتابة التي طالما حلمت بها ومارستها بصورة شخصية وعلى شكل خواطر ومذكرات .أما بخصوص الخطوة الاولى في تحرر المرأة هل هي بالتعليم والعمل ثم الوعي للتصالح مع الذات أو العكس ؟ فأنا عند قرآأتي لتطور الحركة النسوية والتي بدأت بالمطالبة بالتعليم والعمل ومن ثم تلتها مطالبات سياسية واجتماعية والى هذه اللحظه.إن ما ألاحظه في مجتمعاتنا العربية أن النساء بالرغم من حصولهن على أعلى المناصب وأصبحن ناشطات في حقوق المرأة إلا أنني وجدت منهن من ما زالت تعاني من النظرة الدونية لذاتها ولم تستطع التخلص منها وبالتالي فالحرية الحقيقية لم تتحقق والتي تأتي من الداخل ،و افترضت أن الخطوة الاولى تأتي من انفسنا وليس من الخارج .والتي قد تعتبر مدخل للدعوة بضرورة توعية المرأة بأهميتها كإنسان وايمانها بذاتها قبل البدء بالعمل على المستوى المجتمعي المحيط بها
وشكرا

اخر الافلام

.. مشاهد تدمير منطقة الزيتون وحي الصبرة بعد انسحاب القوات الإسر


.. رائدة في علم المحيطات حققت نقلة نوعية في علوم الأرض




.. موريتانيا.. دعوة لإقرار قوانين تحمي المرأة من العنف


.. القومى للمرأة يطالب شركات خدمات النقل بالتطبيقات بوضع معايير




.. العربية ويكند | استطلاع أميركي: الرجال أكثر سعادة بوظائفهم م