الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أهمية الكتب في تطوير المدارك الفكرية

أمير الحلو

2010 / 10 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قد تتنوع الكتب التي يقرأها الشخص وحسب رغباته واهتماماته وقد تكون ضمن توجه فكري أو ثقافي أو اكاديمي واحد،ولكني وجدت من خلال تجربتي الخاصة وبعض الاصدقاء والزملاء ان بعض الكتب التي قد يطلع عليها الانسان في البداية قد تكون مدخلا لصقل اهتمامات الفرد في القراءة باتجاه معين وجعله يهتم بحقل قد يتخصص به او يجعل متابعته من هواياته الدائمة.
أجرت أحدى المحطات الفضائية لقاء معي تركز حول القراءة والكتب واهميتها في حياة القارئ والكاتب،وقد انتبهت وانا اتحدث الى حقيقة ان كتابا معيناً قد يكون المدخل و المشجع على متابعة المنهج الفكري الذي أعتمد عليه الكتاب المذكور سيجعلك تواصل القراءة في الموضوع وتتوصل الى عوالم جديدة في رحاب موضوعه.وقد ذهب ذهني الى بدايات قراءاتي المتعددة لكتاب(في الشعر الجاهلي)للدكتور طه حسين حيث ضم باقة كبيرة من المفاهيم والمدارك التي تجعل القارئ ينتبه الى الكثير من الامور التي كان يعتبرها بديهية فاذا هي قابلة للمناقشة والخروج باستنتاجات غير التي يعتقد بها سابقاً،وتلك حالة فكرية متقدمة تكسر الجمود والتمسك بالثوابت التي قد يكون الزمن قد عفا عليها،كما يثير الكتاب قضية اللغة واثرها في ايصال الثقافات المتنوعة والتي يجب ان لا تقتصر حتى ضمن الشعب الواحد على مجموعة او قبيلة وبحسب لغتها .
وقد شجعني كتاب الدكتور طه حسين الى العودة الى كتابات جمال الدين الافغاني ومحمد عبده وعلي عبد الرازق والكواكبي وغيرهم من(المتنورين)الذين رفضوا الجمود الفكري والتفسير الواحد واطلقوا العنان لافكارهم لتطرح الامور بحرية.
وقد اعجبني المفكر المتنور د.جمال البنا(شقيق حسن البنا مؤسس الاخوان المسلمين)وهو يختلف كليا عن اخيه،عندما قال في ندوة فكرية ان محمد عبده قد انتج سعد زغلول في مجال السياسة والوطنية،وقاسم امين في مجال التحرر الفكري ورفض الفكر الجامد،وبذلك يؤكد ان المفكر حتى لو كان صاحب اتجاه معين قد يؤثر بشكل مباشر او غير مباشر في فكر قياديين قد لا ينتمون الى منهجه او انتمائه السياسي ولكنهم يستفيدون من طريقة تحليله للامور التاريخية والحالية والخروج باستنتاجات متقدمة على ما طرحه غير المتنورين،اعود الى طه حسين ثانية لاقول ان كتابه بما تضمنه من فكر تقدمي قادني الى البحث عن امثاله في العهود الحديثة فوجدت كتابات د.محمد شحرور وسيد القمني والصادق النيهوم وفرج فوده ونصر ابو زيد وخليل عبد الكريم وغيرهم هي امتداد لكتابات من ذكرتهم من الكتاب الذين اعتبرتهم قد فتحوا بابا للفكر الحر كما فعل(ابن رشد) في الاندلس قبل قرون ،لذلك فقد نهلت من فكر هؤلاء الكتاب واستفدت كثيراً من منهجهم العلمي في التحليل ووصولهم من خلاله الى استنتاجات اثارت حولهم حفيظة الكتاب الرجعيين الذين كشروا عن أنيابهم الى حد طلب (الموت) للفكر المتنور واصحابه .
ولا استطيع المفاضلة بين كتابات هؤلاء المفكرين ولكني وجدت انهم قد حصلوا على شهرة كبيرة وخصوصاً المصريين،فاشقائنا لديهم قدرة عجيبة على تعظيم كتابهم ومفكريهم وفنانيهم وغيرهم،في حين اجد ان كتب الدكتور السوري محمد شحرور حول تفسيرات جديدة للقرآن الكريم من اهم واخطر الكتب التي قرأتها خلال عقود،وانه استطاع بذكاء كبير الحفاظ على منهجه العلمي في التحليل وهو استخدام الجدل الماركسي في الاستنتاج مع تمسكه بالفكر الديني المتنوع وما جاءت به الكتب السماوية،وجعلها منهجاً للدراسة الواعية للخروج بنتائج تسلط اضواء جديدة على مناحي الحياة وتفسيرها يختلف عن المنهج الجامد،ولكن د.شحرور لم يأخذ فرصته في الشهرة واعتقد ان العديد من المثقفين لم يقرأوا كتبه التي اعتبرها لا تقل (خطورة)عن كتابات طه حسين والقمني وابو زيد وغيرهم .
علينا الاقرار بان هذه هي سنّة الحياة ،فالتطور هو الذي يجعلها تتقدم نحو الافضل باستمرار بينما الجمود يجعلها عرضه لان(يلعب)بها الجهلة الذين لازالوا يبحثون عن امور لا تفيد البشر حتى في الحصول على قرص من الخبز النظيف .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نشاطرك ذات القول
صالحة صبري ( 2010 / 10 / 29 - 05:35 )
شكرا استاذ امير على هذا التنويه الرائع لهولاء المفكرين العظام الذين اصبحوا عماد الفكر التقدمي في الثقافة العربية الاسلاميه حيث اصبح على المثقف المرور بهم والأستزادة من من فكرهم والأنتهال من عطاءاتهم لكي يدعم ثقافته ويرسم ملامحها على قواعد وثوابت رصينه تجعل من بناءه الفكري راسخا وصامدا ومفتوحا على الأستزادة من الفكر الأنساني لكن علي ان اشير الى نقطة مهمة وهي ان المصوتين على مقالك يحاولون الايحاء للقاريء على ضحالة الموضوع كما يقصدون ايضا الفت في عضدك في الكف عن الكتابة في هكذا موضوعات وطبعاهي سياسة مقصودة وليس توافق تصادفي القصد منها خدمة الهجوم على الثقافة العربية والأسلامية حتى لو كانت تقدميه والنيل منها والتشكيك بالثوابت الفكرية خصوصا للقاريء الغر الذي لم يكتمل نموه الفكري والثقافي وتعويمه في سوق الفكر الذي لاتملك فيه الثقافة العربية اية نظم حماية ذاتية يمكن لها ان تحمي المنتمين لها بسبب حداثة الفكر التقدمي في ساحتنا كذلك عدم اتساع دائرة النشر للفكر التقدمي وضعف ادوات ايصاله الى القاريء

اخر الافلام

.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟


.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة




.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي