الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كتاب التربية المسيحية

جمان حلاّوي

2010 / 10 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وصل إلينا مؤخرا" أن دائرة تربية البصرة قد وزعت كتاب (التربية المسيحية ) على صفوف المدارس الابتدائية ، وهو كتاب أمر بطبعه وتوزيعه الحاكم المدني على العراق ( بول بريمر ) وقتها وتم خزنه في مخازن وزارة التربية العراقية ، لكن مؤخرا وبدون سابق إنذار تم توزيعه على مدارس البصرة الابتدائية ، ثم تم سحبه بعد اعتراضات من مجلس محافظة البصرة ،
والكتاب جاء على غرار كتاب التربية الإسلامية الذي يدرس في أغلب مراحل الدراسة الابتدائية والمتوسطة في العراق . أقول هو كم من المسيحيين المساكين قد بقى في جنوب العراق المتأزم والمتطرف طائفيا" حتى يراد تربية الطفل جنوبي العراقي على التعاليم المسيحية إضافة إلى الإسلامية ؟!
لمن سيدرس هذا الكتاب بعد أن أبيد المسيحيين إبادة شبه تامة جنوب العراق من قبل الفئات المتطرفة التي شاء لها أن ترتقي سدة الحكم بعد الإطاحة بالدكتاتورية السابقة ، وفي شمال العراق من قبل السلفيين ومتطرفي السنة ؟! أما من بقي منهم سليما" فقد ترك كل شيء خلفه وهاجر قسرا" إلى خارج العراق في دولة الطائفية الحالية كما هربنا نحن من بطش الدولة الدكتاتورية السابقة ؟
هو ليس دفاعا" عن المسيحية بقدر ما أؤكد أن هؤلاء الناس قد طردوا من بلادهم عزّلا" لا حول لهم بسبب مفاهيم تافهة يحملها كل من الطارد والمطرود .هذه الأفكار المدحوضة والتي هي في زوال في نهاية المطاف !

أما إذا ناقشنا مسألة تربية الطفل المسلم على التعاليم المسيحية فهذه هي الطامة الكبرى ، فالطفل ليس بحاجة لأن يضع حجرا" آخر في دماغه فوق حجارة التعاليم الإسلامية ، ليُخلـَق منه همجيا" آخر يذبح العلم والعلمانيين ويضرب قوانين الحياة الحقيقية عرض الحائط ، وان استفحل برأسه التطرف يقوم بقتل الواحد منهم الآخر على أساس هذا شيعي منزّه وذاك سني فاسق وهذا مسيحي كافر وذاك يهودي كذا ، انه خلق لإنسان همجي لا يعرف من الحقيقة شيء ، وآلة قتل لمن يعارضه الرأي ، و قنبلة إرهابية موقوتة وكما نرى يوميا" ما يحصل في أسواقنا من تفجيرات مهولة على يد مراهقي التطرف الإسلامي !!
المشكلة تكمن في التوجيه الحقيقي ودور الدولة المتماسكة الرصينة والمؤسسات المدنية في التوعية وعدم زج إشكاليات غير علمية في مناهج الطلبة التي تتعارض مع مناهجه الأخرى كعلم الفيزياء والكيمياء وعلم الحيوان الذي تتعارض أطروحاتها مع ما جاء في الكتب الدينية كما هي إشكالية (آدم وحواء ) مع ما جاء في نظرية التطور لداروين ، وان الشمس والقمر هما ثنائيان متعادلان في الحجم يسجدان للأرض إذ يظهران للناظر من الأرض هكذا بسبب تفاوت البعد يجعلهما كثنائي جميل احدهما ذهبي والآخر فضي يتلألآن فوق الرؤوس وليس احدهما نجما" والأخر كويكب تابع للأرض ، هذه ازدواجية الفكر داخل رأس الطفل الصغير والذي طالما سألنا آبائنا حين كنا صغارا" عن هذه الإشكالية المخيفة بين حقيقة الوجود والإنسان والذي يتعارض مع ما تطرحه الفلسفة الدينية واللذان يدّرسان جنبا إلى جنب في نفس الوقت وعلى نفس المقعد الدراسي !
هذه مشكلة كبيرة وجريمة مفروضة في مناهج مدارسنا وخصوصا " المرحلة الدراسية الابتدائية ، على المدارس أن تدرس العلم والنهج العلمي التجريبي من خلال المختبرات والنشاطات اللامدرسية في زيارات لأماكن الحدث والاطلاع على حقيقة الأمور وما يدور في فلك الوجود والاطلاع على الاحفوريات وحقيقة تطور الكائنات في متاحف التاريخ الطبيعي , وإلغاء جميع الفلسفات الأخرى ومن جميع المناهج الدراسية التي تلغي العلم، ووضعها في أماكن العبادة التي جاء وباؤها منها ( في الوقت الحاضر على الأقل قبل رميها في المستقبل في مزابلنا ) لأن أطفالنا لا يحملون في أدمغتهم أفكارا وآراء مسبقة ليستطيعوا المقارنة والنقاش ليحددوا الصح من الخطأ بل هم متلقـّون فقط لما يطرح عليهم وما ينقل إلى أدمغتهم العذراء التي لم تتطلع بعد على أي شيء .

المشكلة أن الشعوب العربية وشعوب الشرق الأوسط لم تتعظ ولا تحاول فهم التمدن ، فالتمدن ليس باللباس العصري وركب السيارات الفارهة وبناء أبراج وناطحات سحاب والتي صممت أصلا" في أماكن أخرى بعيدة عن استيعابهم ، التحضر هو دحض الجمود والتخلي عن قوانين الغيب التي تهدم العلم وقوانينه المدروسة القابلة للتغيير مع تغير المكونات الأساسية له، التحضر هو دحض الأفكار الدينية الجامدة أولا" وإنهاء المفهوم القومي ثانيا" والتخلي عن التاريخ وأمجاد الأجداد أخيرا" وهو ثلاثي مرتبط ببعض ويصب في مجرى واحد : مجرى التطرف ودكتاتورية القيادة وفرض الرأي بالقوة واستغلال الشعوب , فالشعوب التي نهضت وتطورت وأضحت طليعة العالم الحضارية لم يكن لها تاريخ أكثر من خمسمائة سنة أو اقل ، ومن لها تاريخ فقد تخلت عنه لأن التفكير بأمجاده يعيق التفكير في المستقبل وبالاعتماد على النفس. ثم أي تاريخ تتعكز ونتعكـّز عليه ، أهو تاريخ الكنيسة ومحاكم التفتيش سيئة الصيت التي لاحقت العلماء وأحرقتهم بتهمة الهرطقة والسحر أو أذلـّتهم ليتخلوا عن أفكارهم أمثال غاليليو وكوبرنيكوس وغيرهم الذين اثبتوا بالتجربة والتلسكوب أن الأرض ليست مسطـّحة كما تؤمن الكنيسة وليست مصدر الكون كما آمنوا وآمن أغبياؤنا وكما جاء في الكتب الدينية أن الشمس والقمر يسجدان لها ! بل هي كوكب صغير يدور حولها القمر التابع لها ليدوران مع كواكب أخرى ضمن مجموعتنا الشمسية حول شمس صغيرة قياسا" بمليارات الشموس التي تحتويها مجرتنا درب التبانة ، هذه المجرة من ضمن مليارات المجرات التي يحتويها كوننا ، هذا الكون هو من ضمن مليارات الأكوان التي يحتويها وجودنا ، أين الدين من هذا وأين الكنيسة ، وأفكار مثل الشمس والقمر آيتان ( هل يعني الشموس الأخرى ليست آيات ؟!) وان النجوم فوانيس معلقة تضيء الأرض ، وان الشهب هي رجوما" للشياطين ؟!!

إن أطفالنا لا يريدون التربية المسيحية ولن يقرأوا التربية الإسلامية ، إننا نريد لهم أن يطـّلعوا ويتعلموا الحقيقة من خلال التطبيق التجريبي للقوانين الطبيعية ومن خلال تجارب العلماء والمفكرين المتنورين الذين سبقونا ، وان نعلمهم أن يطوروا ما يقرأون بعد أن يطبـّقوا ما يقرأوه فأن جاء متوازنا كان ماديا" حقيقيا ، وان أخلّ بالتوازن الطبيعي ولا يحمل من المنطق بشيء فهو مغلوط ولن يؤخذ به ووجب ورميه في اقرب مزبلة لنبني جيلا" متنورا يستطيع الدخول إلى الحضارة من أوسع أبوابها والتحلي بروح النقاش السلمي ، والارتقاء المجتمعي من خلال الديمقراطية وحق الجميع بالتفكير وإبداء الرأي الحر وحق النشر ونقاش ما مطروح على الساحة ودحض الأفكار غير الموزونة والموتورة بكل علمية مدعومة بالأدلة والبراهين والقرائن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مشروعكم الحضاري دكته اسرائيل في ست ساعات
خالد النمري ( 2010 / 10 / 30 - 11:39 )
حنانيك حنانيك يا استاذه ان كتاب التربية العلمانية والالحادية قد تسبب في ابادة ملايين البشر بدون ان تطرف عين مثلا ستالين امر بإبادة عشرون مليونا من البشر وهدم كنائس وجوامع يمجد فيها الرب الله
لست انت من يقرر من يدرس للطفل المسلم والمسيحي والخير ان ينشأ الطفل على القيم المسيحية والاسلامية
والتي يستفيد منها الملحد والعلماني
لقد كانت لكم جولة ثم انتهت بفشل ذريع اسرائيل دكت مشروعكم العلماني في ست ساعات وعجزت عن دك مشروعنا الحضاري الاسلامي لمدة شهرين واعترفت بعجرها وفشلها


2 - تعرفون الحق(المسيح) ...والحق يحرركم
أشـورية أفـرام ( 2010 / 10 / 30 - 17:31 )
سلأم الأنسانية أخي كاتب المقالة + أن أفراغ البلد من أصلأئه هو كان حلم الكثيرين وتخطيطاتهم من زمن طويل العلنية منها والمخفية كلها كانت لأزاحتة من أرضه لكي لأ يذكر هؤلأء بأنهم غرباء ودخلأء وبالقوة والسيف ملكوا الأخضر واليابس...وسؤالي هو هل مثل هؤلأء البشر لأ يستحقوا للواحد أن يسألهم ما هي تعاليمكم ولماذا أنتم مختلفون عنا بعد كل الذي فعلناه بكم ولكنكم محبين ولكم سلأم وتسامح وغفران وكل ما بدر منا ضدكم ولم تردوا علينا الصاع صاعين..ألم يكن من الأجدر من الكثيرين ولو من باب التطفل دراسة التعاليم التي تربى عليها هذا الأنسان المشرقي المسيحي الأصيل الذي ظلم ولم يفتح فاه بل ترك أمره لصاحب الأمر...صدقني الخسارة العظمى للذي لأ يقرأ كتابهم لأن الربح الحقيقي ليس من أراضيهم وممتلكاتهم وبلدانهم لأنها كلها ماديات وستزول وتفنى وعن قريب جدا جدا. لأن في يوم الدينونة تحترق الأرض وتزول السماوات بضجيج..حينئذٍ يبتدئون يقولون الظالمين والأشرار والرافضين لخلأص الذي قدمه السيد المسيح تبارك أسمه مجانا ولكل واحد منا... ووقت مجيئه الثاني للدينونة هؤلأء سيقولون للجبال اسقطي علينا وللآكام غطينا - (لوقا 30:23


3 - حرامات
جوني موسى ( 2010 / 10 / 31 - 13:23 )
والله يااخي لو جئت لشمال العراق ونظرت كيف يتعلم الاطفال الطائفية من خلال عزلهم اثناء حصة التربية الدينية بحيث انهم لايعرفون دينهم ماهو فتراهم يدخلون صفوف غير دينهم وامور اخرى تشيب الراس واسفاه على وضعنا لقد جاؤا لتعلم القراءة والكتابه وليس من الكبير وهم صغارا وسابقا كان مسرحية باي باي لندن والان ( لايستطيع الفرد نطقها او تلفظها فكيف بكتابتها ) ...


4 - سمو التربية المسيحية
صباح ابراهيم ( 2010 / 10 / 31 - 16:36 )
الى كاتب المقال
اليس الاجدر بك ان تقول للقراء ماذا يحتوي كتاب التربية المسيحية الذي تنتقد تدريسه لطلاب الابتدائية ؟
الا تعلم ان التربية المسيحية تربي الانسان على المحبة والتسامح والمغفرة لمن اخطأ اليك واساء التصرف معك .الم يقل معلم المسيحية الاول ومؤسسها السيد المسيح :احبوا اعداءكم ، باركوا لاعنيكم وصلوا لاجل الذين يسيئون اليكم - طوبى لصانعي السلام - من ضربك على خدك الايمن فادر له الاخر ، - ان جاع عدوك فأطعمه وان عطش فاسقه .الم يقل من نظر الى امراءة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه . - احبوا بعضكم بعضا ،
هل في هذه التربية فيها ما يسئ لتربية واخلاق الطفل ان تعلمها ؟
هل تحث التربية المسيحية على الجهاد والقتال والغزو وقسمة الغنائم والانفال واغتصاب النساء وفرض الجزية وتكفير الاخر وتقطيع الايدي والارجل ورجم الزاني وقطع راس المرتد وجلد الناس . هل هناك تعاليم للكذب والتقية في المسيحية ؟
اليست هذه تعاليم سامية عليك ان تفتخر بها وتطالب بتعليمها للنشئ الجديد ليتربى بتربية صالحة بدلا من ان يتعلم مبادئ الارهاب والقتل والكراهية ويتربى على تعاليم الغزوات والنكاح والزواج من اربع نساء .


5 - على كل شكرا للكاتب
بشارة خليل ق ( 2010 / 10 / 31 - 22:18 )
لا اعتقد ان الحل هو في تنحية الله عن حياتنا ولكن يجب مداواة امراض التدين هذا صحيح بالاضافة الى تربية الاطفال تربية مدنية تحترم الاختلاف كمت تطلب لنفسها الاحترام
احد اهم مشكلاتنا هي التمسك بالحقوق والتغاضي عن الواجبات ومن هذه الاخيرة , واجب احترام حقوق المختلف عنا


6 - كل منا ير الصواب بجانبه
محمدين حسن حمودة ابو العينين ( 2010 / 11 / 1 - 00:47 )
التعاليم السماوية مفيدة كانت اسلامية او مسيحية لاكن المشكلة بالتطرف
حتي العلمانين متطرفين بافكارهم
والشيوعين

من يملك القوة يملك فرض الافكار هذه هو المنطق والواقع


7 - الرد لبعض التعاليق المسيحيه الكاذبة
عمر الجاف ( 2012 / 8 / 15 - 20:46 )
كيف يا استاذ صباح تسمح لنفسك بالكذب و الاعتداء على الدين الاسلامي ؟ هل نسينا ما فعل الدين المسيحي باسم الدين ؟ انت تعرف جيدا المجازر الصليبيه و جرائم الكنيسه الكاثوليكيه بحق ملايين الناس في القرون الوسطى في الحملات الصليبيه . هل تعرف كيف اجاز الانجيل دخول اسرائيل لفسطين و اجاز لهم قتل الاف المسلمين ؟ هل نسيت ما فعل بنا الاقوام المسيحيه في العراق و افغانستان ام حتلال بلدك هو داعيه فخر لك ؟ هل نسينا كيف قتل هتلر المسيحي 6 ملايين يهودي؟ هل نسينا كل هذا ؟ هل نسينا اختلال الدين المسيحي و قولهم على الله الاقاويل ؟ عيسى هو ابن الله , و عيسى هو الله و هناك ثلاثه ارباب ينجمعون في رب واحد و غيرها من الترهات ... هل نسينا كيف حرف لالنجيل و ضاع و لم تعودا تملكوا كلام عيسى الاصلي بس مقالات تاريخيه عنه ؟ هل نسينا انه لكل انجيل من اناجيلكم قصه تختلف عن الاخرى ؟ لا لم ننسى ولكن تزويفك للحقيقه و استغلالك لما يزعم انه مسلم ضد المسلمين اعمى عينك و جعلك انت الذي يبث الحقد و الكذب و التزوير . انضر في دينك الذي لا يعرف من هوة الله و من هوة عيسى قبل ان ترميه على اولادنا