الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيناريو الخراب المحتمل -إتهام جديد لحزب الله!-

أحمد عثمان

2010 / 10 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



بعدد مجلة "الوطن العربي" رقم 1756 الصادر بتاريخ 27/10/2010م بالصفحة الثامنة، إستوقفني خبر صغير في محتواه ، كبير في معناه ، جاء نصه كما يلي: " علمت "الوطن العربي" من مصدر أمريكي يراقب المشهد اللبناني أن زعيم حزب الله حسن نصر الله لجأ إلى إعدام عدد من كوادره سراُ، بتهمة التجسس لإسرائيل، خوفاُ من تقديمهم إلى القضاء اللبناني علناُ، واحتمال إعترافهم بمشاركتهم في إغتيال الحريري" إنتهى الخبر.

القارئ للخبر بتأني ، يستطيع دون جهد كبير أن يرى بأن هذا الخبر الأمريكي المصدر، يحمل في ثناياه تداعيات معقدة وخطيرة فيما إذا ماتم تبنيه كسيناريو أمريكي جديد وثيق الصلة بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي تواصل عملها بشأن إغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري. وذلك لأنه يقود لنتائج مزعجة إن لم تكن مدمرة على المستوى السياسي بالساحة اللبنانية التي شبعت إستقطاباُ وتعبئة بالأساس. ومن ضمن تلك التداعيات، نستطيع أن نرصد مايلي:-

1. الزعم بأن حزب الله قد قام بتصفيةالمشتبه بهم أو المتهمين الذين شاركوا في إغتيال الشهيد/ رفيق الحريري، يعني أن تقف إجراءات المحاكمة في مواجهتهم عند محطة القرار الظني، إذ لا يتوقع أن يقوم المدعي العام للمحكمة بإحالة أموات على المحاكمة ، وفقاُ للقواعد الأصولية في القانون الجنائي، حيث لاتتم محاكمة الأموات جنائياُ في أي نظام قانوني بالعالم، بإعتبار أن المحاكمة الجنائية تقود بالأساس للعقوبة الشخصية الطابع والتي يستحيل تنفيذها في حالة الأموات مما يعني أن أي إجراءات تتخذ هي مجرد إهدار للوقت والجهد، وتقليل من مردود العدالة الجنائية. وبالطبع إن توقف الإجراءات بحق منسوبي حزب الله المزعوم تصفيتهم عند حد إتهامهم بالقرار الظني، يعني دمغهم بهذه التهمة لمرة وإلى الأبد ، مع إستحالة إتخاذ إجراءات لاحقة لتفادي هذا الأمر، مما يجعل الحزب في دائرة الإتهام بصفة مستدامة، ويكرس هذا الإتهام "القانوني" كعامل ثابت في السياسة اللبنانية ويأتي خصماً على الحزب ويجرمه بصورة يستحيل معها عليه إبطال مفعول هذه الإجراءات "القانونية".

2. الزعم بأن الحزب قد قام بتصفية المشتبه بهم أو المتهمين، يعفي المدعي العام من إحالة نتيجة ماتوصل إليه من نتائج إلى المحكمة، بحيث تستكمل الإجراءات في مواجهة المتهمين وفي حضور دفاعهم في حالة موافقتهم على الظهور أمام المحكمة أو جلبهم بقوة القانون، وحينها سوف يتعين على الإدعاء تقديم بينات تثبت إرتكاب المذكورين للجريمة خلف مرحلة الشك المعقول وتكفي لإدانتهم، وهو أمر تقول جميع وقائع التحقيق الدولي أنه مستحيل إن لم يكن من سابع المستحيلات. فثبوت إعتماد لجنة التحقيق على إفادات كاذبة في مجمل إجراءاتها السابقة بالإضافة إلى إعتمادها على إتصالات مسيطر عليها إسرائيلياُ دون منازعة وبإعتراف إسرئيل، يشكل تشكيكاً كبيراً في طبيعة أدائها ويضرب مصداقيتها في مقتل. ولسنا في حاجة للقول بأن ماسيتوفر لها من قرائن لتوجيه إتهام في مرحلة القرار الظني، لن يكون كافياُ بذاته للإدانة لإختلاف معايير وزن البينة في المرحلتين.


3. الزعم بأن الحزب قد قام بعملية التصفية المنوه عنها، يعني أن قيادة الحزب قد إرتكبت جرائم قتل يعاقب عليها القانون البناني، إذ أنه ليس لكائن من كان في لبنان أو غيره أن يقوم بتصفية أي شخص خارج نطاق القانون وأحكام القضاء التي تصدر من محاكم مختصة تتبع الإجراءات المنصوص عليها قانوناً، وهذا بالطبع يجعل من قيادة الحزب المذكور مجرد عصابة خارجة عن القانون ، ويسمح بتوجيه الإتهام لها بإرتكاب جرائم قتل. ولن يكون الغرض حتماً هو توقيف هذه القيادة ومحاكمتها أمام محكمة لبنانية بتهمة القتل لإستحالة ذلك، ولكن الغرض سيكون إستخدام الإتهام لمحاربتها سياسياً وحشرها في الزاوية ووضعها في وضع الدفاع عن نفسها بدلاً من مصارعتها حول سياستها وبرنامجها السياسي.

4. الزعم المنوه عنه، يشكك سياسياً في مقدرة حزب الله الأمنية ويؤكد إختراق إسرائيل لبنيته التنظيمية ويدخل في إطار التقليل من مقدرات الحزب والتشكيك في برنامجه السياسي ومقدراته التنظيمية والأمنية وبالتالي يساعد في الخصم من الهالة الموضوعة حول الحزب وربما يخذل بعض من كانوا يرغبون في الإنضمام إليه. والقول بأن من تم إعدامهم كانوا جواسيساً لإسرائيل، يعطي إنطباعاً بأن إسرائيل تستطيع أن توظف الحزب أو على الأقل بعض أعضائه لخدمة أغراضها وتنفيذ أهدافها ومهامها بلبنان، مما يؤكد خطورة الحزب على الوضع البناني، ويكرسه كخطر مستدام على إستقرار لبنان والمنطقة.

5. الزعم المشار إليه آنفاً، يعني أن حزب الله يشكل دولة داخل دولة، وأنه غير معني بالمؤسسات القضائية والدستورية، وهو مصر على تجاوزها بمحاكمة مواطنين لبنانيين وتصفيتهم خارج نطاق القضاء، وأنه بالرغم من تواجده في الحكومة ومجلس النواب، إلا أنه يتصرف وكأنه لاتوجد مؤسسات بالبلاد، فبدلاً من الإكتفاء بوجوده المسلح خارج نطاق الجيش البناني والقوى الأمنية، والذي فشل خصومه السياسيين في تجريمه لأسباب تتعلق بالمقاومة ووجود الدولة الوظيفية المسماة إسرائيل، يصبح الحزب متجاوزاً لإختصاصات الدولة القضائية أيضاً وهو أمر من المستعصي الدفاع عنه بالحديث عن المقاومة. ولا يفوتنا هنا أن نشير للتلميح إلى عدم ثقة الحزب في المؤسسة القضائية وإن تم تبريره بالخوف من إعتراف المعنيين بالتصفية بالمشاركة في إغتيال الحريري.

مفاد ماتقدم من ملاحظات، هو أن ماورد بالخبر المنوه عنه أعلاه على محدوديته، فإن تداعياته مهولة، وتوظيفه السياسي سوف يكون مدمراً للبنان ومنهياً لعيشه المشترك الهش بصورة شاملة، مما يحتم إنتباه جميع الحادبين على مصلحة لبنان للأمر، والدفع بإتجاه عدم تبني هذا السناريو الأمريكي المتوقع، والتعامل مع الملف القضائي لإستشهاد رفيق الحريري بمهنية أكبر، دون توظيف سياسي وخلط للأوراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا


.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم




.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا


.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است




.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب